مخرقع |1|

714 70 235
                                    


" لا جدوى من إدخاله الثّانوية مجدداً بالمقام الأول .. سأخسر أموالا على ابنٍ عاقٍّ لا فائدة منه .. صامتٌ كالأبكم فإذا فتح فمه للنّقاش نطق كفراً وزندقة .. يا حسرةً على جهدي في تربيته "

قالها والده بغضبٍٍ وضجر يردُّ على أمِّه التي ألحَّت لتُقنِعه بدفعِ رُسوم عامه الثّاني في الثانوية

هو .. من كان يقف أمام الباب صدفةً .. عائداً من العمل في المخزن .. نَفِذ الهواء من حوله فجأة .. احتقَن صدرهُ واختنقت عبراته .. ألمٌ حاد ضخّه أيسره بِأطرافه فارتجفت ولم يقوى على الوقوف

كان يريد تسليم مِفتاح المخزن الذي عمل على تنظيفه طوال اليوم .. لكنه تلقّى بدل الشّكر هديّةً أروع

تفاجأ لدرجة أنّه رغِب بالضّحك غير مصدّقٍ لما سمِعه للتّو من فمِ والده المُحافظِ الخلوق

تراجع عن باب غرفة المعيشة وولج المطبخ بدلاً من ذلك .. رمى المِفتاح على الطّاولة واتّجه ليفتح صنبور المياة .. تسرّب سيل المياهِ الخافتِ من الحنفيّة فاغترف منه بيدهِ وغسل وجهه ..

كان يدري أن بياض عينيه أصبح أحمراً كالدّم تماما الآن .. لسع وجهه المنفعل المشتعل برودة الماء الصّاقعة .. لكم كره سرعة تأثُّره بكلمات والده ..

" يزن هل عُدت ؟"

إنطلق صوت أمّه من خلفه .. تنفّس هو الصُّعداءَ وحاول حكَّ عينيهِ بالماء ليَبدوا وكأنّ الماء أذَى عينيه

" نعم .. ها هو المفتاح .. أنا في غرفتي "

خرَج صوته خافتاً بينما يشير للمفتاح لا يزال يحكُّ عينيه متصنِّعا ..

" هل نظّفته كلّه جنابك ؟ .. أم أنّك تركت نِصفه وجأت لتعلِف ؟ "

صوت والده السّاخر انطلق من أمام الباب يتّكأ عليه .. نبض قلبه بقوة وارتجفت أوصاله ألما .. أشاح ببصره عنه متقدما يريد الهرب

" نظّفتُه .. أنا في غرفتي .. لا أريد العشاء "

" إجلس لتأكل ثمَّ تعفَّن في غُرفتك ليوم الدِّين "

والدهُ قال مجددا متجاوزاً إياه يرتصُّ على رأس الطاولة
تصاعد الغضب في عروق يزن .. قال كل ذلك عنه بلا رمشة لكنه لازال يتصنّع الإهتمامَ بعشائه ؟ .. لهجته السّفيهة في مخاطبته وكأنه حيوان بل أدنى قيمة.. ألا فليمت جوعا على أن يَطعم من طبقه

" لستُ جائعا "

ردّ بها يزن يُسرع الخطى مغادرا قبل أن تتلف أعصابه ويقول أمرا لن يحمد عقباه

اِبْنُ المُلْحِدَةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن