الفصل الثاني والأخير

8 1 0
                                    



بعدها جلست افكر كثير واسأل نفسي أي طريق راح امشي عليه عندي طريقين الأول طريق الكفاح والصبر والأمل البعيد أو طريق الكسب السريع ابيع انوثتي للي راغبين في بنت جميله ووحيدة لكن من دون اي تفكير اخترت الطريق الأول لأنه اول شي حصلت عليه خلال رحلتي المؤلمة هي الحريه مو اعطي نفسي للي راح يحبسوني

 وأول شيء سويته رحت وبعت آخر قطعه ذهب كانت عندي بمبلغ لا بأس به وطلعت من البيت الكريه الي دمرني ونقلت أنا وعيالي لمدينة بعيدة واستأجرت غرفه صغيره مع حمامها-اكرمكم الله- واشتريت موقد صغير وسرير مستعمل يضمني انا وعيالي وبعض المواعين المستعملة اعترف انها أحقر غرفه حتى بالنسبة للفقراء لكن كانت مثل الحلم لي صرت لحالي انا وعيالي و لانه من اليوم ورايح محد راح يحدد مصيري إلا انا بعد الله طبعاً.... 

بديت ادور لي على شغل نظيف اعيش عليه انا وعيالي ورزقني الله بجيران طيبين جداً كانوا يتصدقون علينا بالملابس المستعمله والأكل وجزاهم الله خير الجزاء ولقيت لي شغل كـ(مستعملة) في مدرسة ثانوية قريبه من بيتنا

 وما انسى أول راتب اخذته بيدي صحيح كان المبلغ بسيط لكن بمجرد ما اخذته نزلت دموعي بكيت كثير وحمدت ربي على انه فتح لي باب رزقي و جازاني على صبري لقيت لقمه عيشي

 رحت واشتريت لعيالي من الألعاب والأكل الي ما قد ذاقوه و راح يحبونه وهذي اول مره من اربعه شهور اطبخ لحم دجاجة لاطفالي اشتريت لهم بسكويت و شوكولاتة وكنت اشوفهم طايرين من السعاده وبريق الحياة لمع في عينيهم خاصة بعد ما انتهينا من الخوف و العذاب النفسي والجسدي من هذاك الرجال الي كان يضربنا كاننا كلاب جو يتسولون لبابه 

مرت سنه على وظيفتي ومن خلالها اكتسبت احترام وتعاطف مديرة المدرسة والمعلمات والطالبات

 وفي يوم من الايام سألت نفسي ليه ما اكمل دراستي خاصةً اني في مدرسة ثانوية وكلمت المديرة عن الموضوع وشجعتني كثير وقدمت اوراق انتسابي وكانت صدفه ان ولدي الكبير في الصف الأول الابتدائي وانا الصف الأول ثانوي 

اجتهدت بدراستي رغم الحمل الي على ظهري كـ أم وموظفه وطالبة وبعد ثلاث سنوات اخذت شهادتي بنسبه ٩٧ بالميه وكانت هذي النسبه مفاجأة لي ولكل الي من حولي وبكيت كثير وانا اشوف ثمار جهدي بدأت تنبت...

 نقلت من عملي كمستخدمة وقدمت على وظيفة كاتبه في احد الدوائر الحكومية براتب جديد بالإضافة إلى تقدم اوارق انتسابي للجامعة قسم التربية الإسلامية... 

استاجرت شقه صغيره مكونه من غرفتين وصاله ومطبخ مستقل وحمام - أكرمكم الله - ولأول مرة يدخل ببيتنا التلفزيون اخذت سلفه من البنك واثثت الشقة صحيح ان الأثاث كان بسيط لكن كان جديد وبدأت ارتاح نوعاً ما في حياتي خاصتاً ان اطفالي كلهم دخلوا المدرسة وصاروا من المتفوقين دراسياً واخلاقياً واشتريت لهم الي كان بخاطرهم من العاب رخيصه وملابس رخيصة وحاولت قدر الإمكان اني اعوضهم عن حاجتهم لعائلة كبيرة 

وكونت صداقات عميقه مع زميلات واخوات في الله وكانوا نعم الأخوات والصديقات وكنا نروح نتمشى ونرفه عن عيالنا والشيء الي كان يثلج صدري ويعطيني الأمل نظرة الحب من عيالي

 ومرت أربع سنوات اخذت بعدها شهادة البكالوريوس بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف الأولى وبعدها استقلت من شغلي ككاتبه وعينوني معلمه في مدرسة ثانوية كان ولدي الكبير عمره ثلاث عشر سنه ويوم توظفت كمعلمه حضني بقوة وهو مو قادر يمسك دموع الفرح وقال لي (انا فخور فيك يا ماما أنتِ أعظم أم في العالم) وحضنتهم كلهم وبدينا نبكي لا شعورياً لساعات طويله....

 ولأول مرة اخذ راتب ضخم في حياتي تصدقت بنصفه كشكر لله والباقي اشتريت لأطفالي كل الي يحتاجونه وبديت ادخر جزء كبير منه عشان ابني لنا بيت مستقل خاص فينا وقدمت على الماجستير وخلال سنتين بس اخذتها بتقدير امتياز مع مرتبه شرف... 

وبديت ابني بيتنا الجديد الي كان عبارة عن دورين وعشر غرف وصالتين ومطبخ ومستودع وحديقة كبيرة مع مسبح جميل 

بعدها قدمت على الدكتوراه وكان مشوارها صعب جداً خاصتاً ان عيالي بدأوا يكبرون ويتقدمون في فصولهم كان الإرهاق شوي ويقتلني احيانا اشتت نفسي بين الشغل كمعلمة ودراسه الدكتوراة وتدريس عيالي وبين متابعة بناء البيت والتأثيث والي كان أثاث فخم مرة

 اخذت بعدها ولله الحمد والمنة درجة الدكتوراة وبإمتياز بعد و مرتبة الشرف وتم تعييني دكتوره في الجامعة وانا كان عمري سبعة وثلاثين

 تدرون وش الي فكرت فيه أول ما استلمت شهادتي؟ فكرت بأمي مثلاً لو شافتني بهالموقف وش راح تسوي هل راح تبكي من شدة الفرح أو راح تسألني عن العائد المادي الي راح اخذه من ورا شهادتي لكن لا تحسبون اني وحدة عاقه بأمي او اني ما كنت اسأل عنها أبداً بالعكس كنت اروح عندها كثير خلال مشوار حياتي ولكن مع الاسف الاقيها على نفس حالتها تمشي وتتسول بين بيوت الناس حتى انها ما تسأل اخواتي من وين يجيبون الفلوس لكن اهم شي يعطونها منه اما ابوي توفى بعد زوحي بسنه وصرت اقطع جزء بسيط من راتبي وارسله لأمي شهرياً بإنتظام إلى ان توفاها الله.....

اما اخواني واخواتي فما كان يشرفني اني اسأل عنهم أو حتى انهم يتواجدون بحياتي فـ ابتعدت عنهم عشان سلامة عيالي 

وأخيراً ابتسمت لي الحياه وصار لي مركز اجتماعي بين الناس واعيش في بيت ضخم وعندي خدم وسواقين وعيالي كلهم تخرجوا من جامعاتهم العلميه ولدي الكبير صار طبيب جراح والثاني مهندس معماري والعنقود صارت طبيبة أطفال وزوجتهم كلهم...

 اصر ولدي الكبير أنه يسكن هو وزوجته معي في البيت فصار البيت مليان حياه وبريق سعادة من احفادي الصغار اشوفهم يلعبون وينبسطون وأنا الحين صار عمري خمسة وخمسين سنه وما زلت احتفظ بمسحة من جمالي رغم الصعوبات الي مريت فيها....

قصتي هذي أهديها لكل بائس ومحبط لعله يكون فيها بصيص من الأمل الي راح يبدد لحظات اليأس في حياته وصدقوني لو اني استسلمت لليأس ما كنت راح اوصل لهذي الحياة الي انا عايشه فيها بفضل الله ورحمته ثم بتمسكي للأمل فصدقوني و من تجربة عشتها وقدرت انجح فيها ما فيه أجمل من التفاؤل والتمسك بالأمل ولو كان صغير <<والأهم هو عدم اليأس من رحمة الله>>

..... انتهى.....

الأمل البعيد..... قصة واقعيةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن