بداية اللعنة

251 1 0
                                    


هذا المساء يبدوا مختلفا إلى حد ما، كأنه ينبئ بحقبة جديدة من حياتي ... بل إن كل شيء في هذه الأيام ينبئ بحقبة جديدة وبتحولات هائلة ستعيشها البشرية جمعاء وهي الآن تمر عبر مقدماتها دونما اكتراث أو انتباه لذلك، أشياء كثيرة تجول بخاطري جيئة وذهابا كالتائه أو الضائع الذي لا يدرك بعد ما وجهته ولا ما تفعله به الأيام، أستسلم وأرفع الشارة البيضاء حين أيأس وأعجز عن الإحاطة بالأمر علها كل تلك الهواجس التي تجول بخاطري تتركني للحظة فقط وتسمح لي بنفس عميق أو ببعض الهدوء الخال من الحذر..

أقصد الانتباه، فلا شيء لأفعله في هاته اللحظة وقد أنهكتني محاولة فعل شيء ما، لا أكف أو أحجم عن محاولة الفعل وكأنني بحاجة للإلهاء؛ فأبدأ أراقب مغيب الشمس من جلستي المطلة على شاطئ عين الذياب، أمد بصري بعيدا، لا بل أبعد من ذلك...

أجل هنالك ولكن أكثر من ذلك بقليل...، أسمح لامتداد بصري بأن يغريني ويلهيني أكثر بأشعة الشمسالمنكسرة على المحيط وكأنني أنشغل بانكسارها عن انكساري لحظتها.. علني أشفى أدرك بعد برهة أني قد وقعت في المصيدة فأعود للمكان الذي أنتمي إليه في هاته اللحظة لأعود من جديد للهرب من خواطري وأنا أتأمل زخرفات الفندق الجميل وتصميماته التي عشقتها نفسي...

وبينما أنا كذلك أترصد بين الفينة والأخرى نزيلان أجنبيان وهما يقارعان كأسي نبيذهما بجانب مسبح فال دانفا، يصل صدى كأسيهما وهما يتقارعان أذناي وكأنهما يغريانني لأفر أكثر، عشقتهما وهما يتصرفان وكأن لا أحد هناك سواهما، يحتفلان بوجودهما في لحظتهما المخلدة تلك معا وكأن الحياة جعلت لأجلهما ولا لأحد آخر غيرهما....

أجل إنها كذلك، أقول في نفسي وأنا الغارق في وحدتي المقيتة والهارب منها باتجاه ما تبقى من نور الشمس المتسلل بين النخلات العالية في حديقة الفندق ..... أواصل المسير تائها هناك في مكان ما من الخيال، وكأنني فقدت بوصلتي مرة أخرى أو لعلني كنت أعاقب نفسي فرارا وحسرة على خسارة جوهرتي الثمينة.....

فجأة حملت حقيبتي وغادرت الفندق مسرعا كالهارب من متاهات الخيال... أحمد الله أني قد دفعت الحساب قبل ذلك، لكني وأنا أسير باتجاه ساحة سيارات الأجرة تتراءى لي من جديد مساراتنا معا فتذكرني بخطواتنا ونحن نمشي معا والكل ينظر عشيقين يفعلان الكثير من الأشياء معا إلا أن يقولا كليهما أحبك أو لعلهما قد قالاها بكل اللغات الملغزة إلا لغتهما الصريحة ...

أجدني من جديد في متاهة أخرى... فكل شيء في هاته المدينة يذكرني بها... ما عساني أفعل؟ هل أعود للفندق وأشرب كأسا للنسيان فلعل الأجنبيان كانا يعلمانني كيف أنسى ليس إلا وهما يقارعان كأسيهما!

هل أنت حزين لرحيلها أم لأنك لم تكن شهما حينها بما يكفي لتتقبل ذلك أيها المعتوه؟ كلاهما معا....... كلاهما معا إذا ماذا بعد؟

موكب الملاعينWhere stories live. Discover now