الفصل الأول

2 0 0
                                    

لطالما أمنت أن الحب يسبقه طريقا به فصول أربع، لربما كنت أنت الشتاء بدفئه أحيانا وزخات المطر التي تلامس قلوبنا به، ولكنك لم تخل من العواصف والرعود، لربما أنت الشتاء الذي كان يجب أن أمر به لبداية فصل آخر من الربيع، فصل جديد من حياتي، فصلا آخر في الطريق إلى الحب.
قرأت مرة في كتاب مقولة استوقفتني حيث قال الكاتب الآتي: غير شاكر لكل الأعباء التي هاجمتني ، غير شاكر لكل الأثقال التي هاجمتني لأصبح أقوى ولأختبر الحياة لم اشأان أحارب بل وددت فقط أن أحيا، لم أتفق معه أبدا فكيف لنا أن نسمى الحياة بالمثالية دون الخوض بها، كيف لنا أن نستشعر حلاوة النجاح، لذا فأما عني فشاكرة لكل ثقل مررت به وعبء حملته على كاهلي؛ فلولاه لما صعدت قمة واحدة من القمم التي أعتليها الآن.
فلا تظن أنك كنت ثقلا عجزني، دعني أخبرك وأطرب أذنيك أنك كنت الثقل المحبب لقلبي.
ورغم ذلك لا أظن بل ولا أجده ناصفا أن أمنحك فضل مما أنا عليه الآن، فلقد كنت ولا زلت أنثى فاقت كل التوقعات ولن تتكرر بحياتك.
[v]
لم يكن لقاؤنا كلقاء إلا حبه، لم نلتق في ناد أو رحلة لم نتبادل النظرات ونشعر بالحب، كانت مثل حادثة، ظاهرة استثنائية لكلينا أو هذا ما ظننته، خروجا عن المألوف لى، ورغبه فى المغامرة أو التجديد لك، فلطالما أحببت التغيير، محادثة مر عليها عام حتى تبدأ، حوار لا يتعدى الكلمتين في البداية ووقفات مؤقتة غير معتادة ولكن يعود بعدها الحديث مسترسل وكأنه لم يتوقف قط، ربما يكون هذا مبتذل للبعض ولكن ربما كان هذا هو الشئ الساحر الذى ميز ذلك اللقاء عن غيره، عذرا لم يكن لقاء لنقل تلك الطفره بحياة كلينا.
دعونى أعرفكم بنفسي أكره تلك البدايات وهذه الكلمات الباردة، لذا دعونى أدخلكم إلى القصة مباشرة واسمحوا لى بذلك شاكرين.
يوم الثالث عشر من شهر مارس لعام ٢٠٠٩، ربما لا يكن هذا تاريخ لافت للبعض او حادثه سياسيه بارزه او ظاهره طبيعيه نادره، ربما كان من ان استيقظ ككل صباح واعد الفطور، فلم اكن اتجاوز وقتها الخامسة عشرة من عمرى واكمل يومى كالمعتاد ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن فلقد كان هذا التاريخ الذى صنع منى منى رشاد الباسل الماثله امامكم ولم لأكن لأتلبس هذه الشخصيه ابدا...
كعاده والدى رشاد الباسل كان رجلا كثير السفر والمشاغل، صحيح أنه من عائلة الباسل العريقه ولكنه بنى نفسه من الصفر وجاهد في ذلك فبدأ كموظف صغير حتى صار رجل الأعمال المشهور والمهندس البارع الذى يطلبه الوزراء بالاسم، ولم ينكر أبى ولو للحظه أن لأحد فضل فى ذلك من بعد الله سوى أمى رنا الباسل ابنه عم ابى وزوجت وحبه منذ الصغر، فقد رفضت الكثير من الخطاب واختارت أن تبنى حياتها معه. كان أبى ذاهبا لحفلة عقد قران ابن أحد رجال الأعمال ولم تخل تلك المناسبات رغم حساسيتها من العمل، ولكنها لم تكن كسائر الرحلات...
رشاد: يا رنا أنتى عارفة أن المناسبات اللى زى دي لازم أحضرها عشان الشغل مش هقولك على علاقاتى مع الناس يعنى.
رنا: يووه يا رشاد، بقولك قلبى مش مرتاح للسفريه دى وبعدين أنت طول الوقت شغل شغل، أعتذر وقولهم أى حاجه، قول أنك تعبان مهو أنت كمان لازم ترتاح شويه مش معقوله كدا عشان خاطرى يا رشاد لو سمحت
لطالما عشق رشاد نظرات رنا الطفوليه البريئه التى لا زالت تتحلى بها حتى بعد ان اصبحا ام واب لخمسة أولاد، كان رشاد يعتبرها مدللته وطفلته الأولى وحبيبته ورفيقه دربه، جاهد لكى تصبح تلك العيون من نصيبه واجتمعا فى النهاية، على الرغم من تمرده الشديد على تقاليد العائلة ورغببته فى بناء نفسه من الصفر، قبلت أن تشاركه ذلك الطريق ليكونا أجمل أسره وأول حلم له
رشاد قائلا وهو يحاوط رنا بذراعيه كطفل صغير: رنا حبيبتى... أوعدك والله أخر سفرية، أخلص بس من ورق المشروع ده وهقعد شهر بحاله حلو كدا...
رنا بتكشيره بسيطة: طيب بس فكر تانى عشان خاطري يا رشاد
رڜاد: يا ساتر يا شيخه بلاش التكشيرة دى، شكلك قمر من غيرها، ورينى ضحكتك يلا
رنا ضاحكة: أنا بقولك كده عشان خايفة عليك
رشاد وهو يقبل رأسها: والله عارف... ربنا يخليكى ليا يا أم العيال
لكم أن تتخيلوا كيف لطفله ترعرعت فى عائلة يسودها هذا الحب والألفه أن تشعر وإن اختلت الموازين ولو قليلا من حولها!
منى ضاحكه: على فكرة أنا كده هغير
رشاد: تعالى حبيبه بابا فى حضنى
منى وهى تعانق ابيها: وحشتنىىاووى يا بابا، على فكره زعلانه منك ولا جيت معايا الاسطبل ولا نشنا زى ما قولتلى.
كنت الفتاه الوحيده بين أربعة اولاد وعلى الرغم ان سلسال عائلتنا ينحدر من أصول صعيدية وتلك الأصول معروفه بحبهم للذكور إلا أننى كنت المفضلة لدى أبى وصديقته رغم سنى الصغير ورغم أنى الكبيره على أخوتى أيضا، ففرحته بى لم تقارن بهم أبدا... لقد ساوى فى حبنا ولكنى حصلت على مكانه مميزه بقلبه، كنت قريبه منه للغايه انتظره حين يعود ويقبلنى بحنو ويقول لى (ألن تعانقيني؟) أصبحتى أقوى قليلا وإزداد طولك أيضًا وأحيانا يقول لى بأنى سأكبر وأخذ حقى من أمى عندما تشكينى إليه فيمازحنى لتضحك هى بدلا من عبوسها... لم تتوقف العلاقه بينى وبين أبى عن كوننا أب وابنته فقط بل كنا أصدقاء نتشارك الهوايات، فلقفد ورثت عن أبى ولعه بشيئين... أولهما حب للخيل فكنت أذهب معه دائما للاصطبل الخاص بالخيول وأتعلم منه كيف ارعاها وامتطيها وكيف أن الفرس يكتسب ثقته مني وإن لم تكن كافية يلقى بى على الفور... كنت مدللة أبى وكان أبى فارسي الوحيد والأمثل، لم أتخيل يومًا أن أفقده أو الأسوأ من ذلك عدم مقدرتي على معرفة إن كنت فقدته أو لا،قد يكون صادما للبعض أن نجد فتاه تتحدث عن الكرة وتهواها. فما بالكم إن تحدثت عن الصيد ولا أعنى السمك بل صيد العصافير فهواية أبى الثانية كانت التصويب أو النشان كمان يسمونه وقد علمنى وصرت ابرع به وبمعرفه انواع البنادق والمسدسات وكيفية تنظيفها والاعطال التى يمكن أن تصيب أجزاءاها كالسمبطانة والمسددتان والأخمص، فكما ذكرت ننتمى لعائلة عريقة.

يوم التقيناحيث تعيش القصص. اكتشف الآن