المقدمة
صدحت موسيقى دخول العروس من أورغ كاتدرائية سانت باتريك العريقة وهيرا تقفز من نافذة الحجرة الجانبية لتقع على ركبتيها فتأوهت بصمت وانتفضت واقفة تنظف الأعشاب الملتصقة بملابسها.. ثم تحركت بخطوات مسرعة نحو شارع جانبي وهي تشير لسيارة أجرة بينما تتلفت حولها ببعض التوجس من أن يرصدها أحدهم.
لم تكن تتخيل أن تشعر بسعادة لرؤيتها اللون الأصفر الذي تكرهه كسعادتها لرؤية سيارة الأجرة النيويوركية التي توقفت أمامها.. فأسرعت تصعد وهي تقول:
"مطار جى أف كى من فضلك وبسرعة"
ثم ركزت نظراتها على مدخل الكنيسة الذي بدأت السيارة بتجاوزه وهي تتابع بصوت خفيض:
"اعذريني سيلي لقد ورطتك بهذه المصيبة"
وتابعت وهي تسترخي في مقعدها بابتسامة شريرة على جانب شفتيها الحمراوين:
"ولكني لست آسفة لكي أعود.. سأظل ممتنة لكِ مدى الحياة"
واتسعت ابتسامتها أكثر وهي تفكر
"أوه جيف حبي.. أنا في طريقي إليك"
***********
-:"الأمر ليس كما تتخيل.. إنها أنا و..."
قاطعها بسخرية واضحة وهو يرفع يديه عالياً:
"أووه بالله عليكِ.. لا تقولي جملة (الخطأ بي وليس بك) اعتقد إنني استحق أكثر من مجرد جملة مكررة سخيفة"
عندها وقفت تلملم حاجياتها وهي تقول بانفجار:
"حسنا إذاً.. العيب فيك أنت.. أنا مللت وسئمت من طريقتك المثالية الصحيحة.. كل تصرفاتك.. كل لمحة منك.. تربيتك الرائعة.. عائلتك المثالية.. كل شيء كل شيء.. هذا كثير حقاً.. الفتاة تحتاج من وقت لآخر لشيء من الجنون التهور الـ..."
-:"فذهبتِ لتنامي مع رجل آخر؟!"
-:"انتهى الأمر ثيون.. فقط انتهى.. وداعاً!"
ووضعت خاتمها على طاولة القهوة أمامه وغادرت.. وهو فاغر الفم يحاول تشكيل جملة ما ولم يستطع!
لم يستطع إلا الشعور بتلك الشياطين التي بدأت تتقافز أمامه مكررة كل جملة وكل كلمة قالتها شيانا!!
******************************
الفصل الأول
بعد يومين
اقتحمت هيرا حانة (وايلد أوكس) وهي تشعر كما لو أنها على وشك ارتكاب جريمة.. إنها ترى الأحمر حرفيا كما يقول سكان الغرب.. وهل هناك غرب أكثر من حانة معتمة في أوستن تكساس واسمها يعني حرفياً(الثور الهائج)؟
وقفت أمام البار وطرقت بيدها على الإطار الخشبي العريض فاقترب منها نادل شاب مبتسم بطريقة تثير الغيظ حقا وهو يقول:
"مرحبا سيدتي هل..."
أمسكته من ياقته وهي تقترب لتنحني فوق البار وقالت من بين أسنانها:
"استمع الي جيداً..."
وقطعت كلامها لتحدق في بطاقة الاسم المعلقة على قميص الشاب وأكملت:
"استمع إلي جيداً مايك.. كل شيء يجري عكس ما خططت له.. صديقتي عالقة في زواج مع صديقي المقرب والذي ربما سيقتلني حين يراني مجدداً.. والدي يبحث عني وقد أغلق حساباتي البنكية كلها.. والمغفل الذي أحبه أعلن خطبته للتو من فتاة حقيرة مثالية.. خططي كلها بائت بالفشل.. أنا مجروحة عاطفياً.. مفلسة وغاااضبة كالجحيم.. أترى هذه العيون؟"
وأشارت لعينيها الحمراوين من الغضب فأومأ الشاب المسكين بسرعة فتابعت:
"جدتي تطلق عليها عيون الشيطان.. وماذا برأيك يطفئ عيون الشيطان؟"
ازدرد مايك المسكين لعابه وهو يحرك برأسه بـ لا.. فابتسمت بوحشية:
"الكحول مايك.. الكحول القوية اللاذعة.. لهذا وحتى ينطفئ اللون الأحمر في عينيّ أريدك أن تستمر في صب الكؤوس!"
أومأ بسرعة قائلا:
"حاضر سيدتي!!"
فأكملت مهددة:
"إن رأيت يدي فارغة فلا تلم إلا نفسك مايك.. صدقني لن تعيش لتخبر أحداً حتى!!"
أومأ مجددا فربتت بخشونة على كتفه وعدلت ياقته وهي تقول بابتسامة وديعة بريئة:
"أحسنت مايك"
وجلست على المقعد الطويل تحدق به بعينيها الخضراوين البريئتين.. فابتلع لعابه مجدداً وهو يتمتم ويرسم الصليب فوق صدره فرفعت يدها وقالت بابتسامة عذبة:
"يدي فارغة مايك"
فأسرع ليصب كوب من الويسكي المعتق ويضعه أمامها ويهرب لخدمة بقية الزبائن ولكن أبقى عينه عليها كي لا تقتله.. يا لها من امرأة مخيفة!!
أما هيرا.. فقد أمسكت بالكوب تنظر إليه وعقلها يعود لتلك اللحظة التي اتفقت بها مع سيلي على الهرب وكيف أخذت تقنعها.. تلك اللعينة مدمنة التسوق ترى ماذا تفعل الآن مع دايمون؟.. لقد علمت من مراقبتها لحساب صديقها إنه أتم الزواج.. اللعنة دايمون يا لك من شيطان!.. هل بدأ بصب اللعنات فوق رأسها؟!
رفعت كوبها وهمست:
"في صحة زواج الموسم.. الشيطان والإرهابية!!"
وأخذت جرعة كبيرة من الكوب حرقت طريقها وصولاً لمعدتها.. ولكن لا يهم فليذهب كل شيء للجحيم!
لم يبقى شيء لتهتم لأجله سوى تلك الوظيفة التي ولحسن حظها لم تفسد بعد.
يبدو أن جيف يحمل بعض الإحساس بالمسؤولية على كل حال.. جيف.. هه..
ثم أخذت جرعة أخرى..
الوغد الذي ظل لوقت طويل يوهمها إنه ينتظرها وإنه يعد الأيام ليستطيع لقاءها.. وكم كان رقيقا ومثاليا وهو يعذر ظروفها العائلية التي منعتها من أن تكون بقربه.. كيف خططا سويا لأن تهرب من عائلتها وتأتي له.. وكيف سيوفر لها وظيفة في نفس الجامعة التي يعمل بها لكي يستطيعا أن يكونا سوياً.. وكم و كم!!
ثم جرعة أخرى.. انتهى الكوب وبسرعة كان مايك أمامها يملأه لها فابتسمت بعذوبة تختلف كلياً عن ما يدور بداخلها.. وقالت بطريقتها المهذبة التي اعتادتها بكل برود:
"شكراً مايك"
وعادت لـ...
عليك اللعنة جيف.. هل كنت ساذجة لهذه الدرجة؟!
هل هكذا رأيتني.. بل الكارثة.. هل هكذا يراني الكل؟.. فتاة غبية مطيعة لن تخرج عن طوع والدها المتشدد الصارم.. فتاة مجتمع جليدية مهذبة بشكل غبي.. ألهذا اختارتها عائلة بافيت؟
أهكذا يراها دايمون ولهذا وافق بكل سهولة.. فتاة مطيعة يسهل تشكيلها.. صامتة.. غبية؟!
بالطبع.. ولهذا كانت لقمة سهلة لمن هم مثل جيف.. البروفيسور الجامعي الذي تعرفت عليه أثناء توقيع كتاب لأحد كاتبيها المفضلين.. تبادلا الحوار والنقاشات لوقت طويل وممتع.. على الأقل هكذا اعتقدت.. تبادلا أرقام الهاتف والحسابات الإلكترونية لكي يبقيا على تواصل.. وهكذا بدأت علاقتها.
علاقة حب أفلاطونية بين فتاة مجتمع نيويوركية وبروفيسور تكساسي يفصل بينهما آلاف الكيلومترات.. أخبرها عن أحلامه وطموحاته.. اللعنة لقد مولت أبحاثه حين حدثها في أحد المرات بعد أن اختفى لفترة طويلة لم يهاتفها بها.. ثم ظهر ليخبرها بأنه حزين ومكتئب لأن البنك رفض تمويل بحوثه العلمية!
وهي المغفلة.. هي الغبية المثالية.. صدقته!
وجرعة أخرى..
لم يكن يظن أنها ستقدر على ترك ملاذ عائلتها الآمن.. لم يكن ضمن خططه لاستغلالها أنها ستقدر على كسر حاجز الخوف من والدها وأن تهرب إليه..
وحين فعلتها بكل سذاجة.. وجدته قد أعلن خطبته على امرأة أخرى.
وها هي...
جرعة ثانية..
بدون حبيب.. بدون خطط.. عالقة بوظيفة تقدمت لها في لحظة تهور.. هاربة من والدها إمبراطور الإعلام بنديكت اندرسون الشهير.. وغارقة في حانة كئيبة تتنمر على نادل مسكين!
جرعة ثالثة.. وبسرعة اقترب مايك يريد صب المزيد ولكنها همست بصوت مبحوح:
"تيكيلا.. أريد جرعات من التيكيلا البيضاء"
أومأ موافقاً والتفت يحضر كوباً صغيراً وملأه فتجرعته دفعة واحدة وهي تشير بيدها فأعاد ملأه.. ولكن وقبل أن تشربه سمعت صوتاً خشناً بجوارها يقول:
"اشربيه بنفس السرعة وستستيقظين غداً في الطوارئ"
التفتت نحو محدثها الذي لم يكن ينظر إليها حتى.. بل يسند رأسه بيده ويعبث بكوب شراب سارح النظرات به.. فتجاهلته وأدارت وجهها لمايك ورفعت حاجبها تحدجه بنظرات باردة فابتعد مسرعاً.. شربت كوبها ووضعته بصوت عالٍ على النضد الخشبي وهي تزفر وتحرك رأسها بقوة.. ثم التفت مبتسمة نحو الممل بجوارها وسخرت:
"هه.. ماذا قلت قبل قليل؟"
فالتفت نحوها فكتمت أنفاسها للحظة.. تباً كم هو وسيم!!
تلك العينان الزرقاوان والشعر المتناثر الناعم وحاجبيه.. يا إلهي.. هل أثيرت من حاجبين؟!
رمقها بنظرات قاتمة ورد عليها:
"قلت إن شربته بنفس السرعة ستستيقظين غداً في الطوارئ"
أشارت بيدها للكوب الفارغ الذي كان مايك يملأه بسرعة وهي ترفع حاجبها وكأنها تقول له ها أنا قد شربته.. فالتوت شفتيه بابتسامة جانبية قاتلة.. اللعنة على الجحيم.. هذا المستوى من الوسامة يجب أن يكون مُحرما دولياً!
استدار بالكامل نحوها فأعارته اهتمامها وهو يرفع إصبعه الطويل الرشيق.. ركزي هيرا!
-:"كوب تيكيلا واحد سريع يمكنك التوقف بعده"
رفع إصبعين.. يا للهول هل الجو حار هنا؟!
-:"كوبان سريعان ولن يمكنك السيطرة بعدها مما سيؤدي لليلة من الشراب المتهور.. وبما أنكِ وحيدة هنا فأراهن أنكِ ستفقدين وعيك ويضطر المسكين الذي تتنمرين عليه أن يتصل بالإسعاف"
ورفع كوبه للأعلى في تحيه صامتة وشرب منه.. فاستدارت تواجه البار وحملت شرابها وعادت تواجهه وهي تقول بتحدي وقد التمعت عيناها بشرارة جديدة كليا عليها:
"أراهنك أنني أملك قدرة رهيبة على تحمل الشراب.. ربما أنت لا تتحملها حتى"
ابتسم مجدداً تلك الابتسامة وهو يحدق بها ويضع يده على فمه يفكر قليلاً فشعرت برفرفة أعلى فخذيها تريد تلك اليد هناك!
ولكنها ركزت حين قال:
" لدينا قول هنا أن لا رجل يحترم نفسه يهرب من تحدي الشراب.. لهذا..."
وأشار لمايك وهو يقول:
"صينية القرار مايك"
عبست متسائلة:
"ماذا قلت؟"
"صينية القرار.. هي صينية معدنية عليها عشرون كوبا من التيكيلا البيضاء.. لكل متحدي عشر أكواب.. ومن ينتهي بسرعة يفوز"
تحفز جسدها بأكمله ورائحة عطره الغريبة تنافس الشراب في جعل جسدها يرتعش وقالت:
"موافقة"
وضع مايك صينية الأكواب بينهما فقال الغريب الجذاب:
"فليفز الرجل الأفضل"
فأسرعت لتقول:
"أو المرأة"
وأمسكت الكوب الأول وشربته بسرعة وحاولت السيطرة على النيران التي اندلعت في جوفها.. فضربت على البار بقوة.. ما جعل الغريب يبتسم وهو يراقص كوبه الفارغ أمامها ويقول:
"لا تتحدي رجلا من الغرب المتوحش سيدتي"
حملت كوبها الثاني وقالت رافعة حاجبها الناري:
"على الرجل فعل ما على الرجل فعله"
(وهي جملة مشهورة في الغرب الأمريكي بين رعاة البقر)
اتسعت ابتسامته فشتمت في سرها وهي تشعر أن صدرها يتشدد أسفل فستانها الرقيق وأملت ألا يلاحظ تأثيره عليها.. ولهذا أسرعت لتأخذ الكوب الثاني وشربته وقالت من بين سعالها:
"اللعنة.. لماذا تشرب؟!"
كان قد أنهى كوبه وزفر بقوة وأجابها:
"لدىّ خاتم زفاف مرفوض في جيبي"
أومأت بتفهم ورفعت الكوب الثالث:
"اللعنة على الخطيبات!!"
فشاركها النخب.. وسأل بعدها:
"لماذا تشربين؟"
الكوب الرابع..
-:"حبيب نذل خائن"
الكوب الخامس..
-:"أفكر بفعل شيء جنوني"
-:"أنا كذلك.. تباً هل الجو حار هنا؟!"
وفكت زرين من قميصه فارتفعت ضحكته وهو يقول:
"أنتِ تلعبين بالنار سيدتي"
الكوب السادس..
-:"أحب اللعب"
اقترب بمقعده حتى أصبحت ساقيها بين ساقيه وقال بخفوت مميت:
"إذاً.. فلتلعبي بعدل"
ومد يده ليحل ربطة مقدمة فستانها التي تشبك جانبي الفستان فتهدل طرفيه ليكشف عن عنقها الغض وبشرتها حتى أعلى صدرها الذي كان يعلو ويهبط بجنون.
الكوب السابع..
-:"دعك من اللعب بعدل.. ما رأيك باللعب بجنون؟"
-:"ممم.. ماذا تقترحين سيدتي؟"
الكوب الثامن..
-:"لاقيني في حمام السيدات بعد خمس دقائق"
-:"اللعنة!!"
الكوب التاسع..
ووقفت متجهة نحو الممر المعتم الذي يؤدي للحمام.. ولكن ذراعاً قوية سحبتها لترتطم بجسد ضخم طويل.. شهقت وهي تحدق بالعينين الزرقاوين والرائحة المألوفة اللعينة.. رائحة عطر وشيء آخر تجعل الدماء تجري بعروقها المتجمدة عمرا بأكمله.. وسمعته يهمهم:
"ليس الحمام سيدتي.. بل شقتي في الطابق العلوي"
رطبت شفتيها بلسانها وهي تحدق به بانبهار وعينين متسعتين وقالت:
"هذا أفضل شيء سمعته هذه الليلة!!"
وخلال دقائق كانت هيرا تتأوه بصوت عالٍ وذلك الوسيم الغريب يضغط على جسدها في الممر الضيق فوق الحانة حيث تقع شقته كما قال سابقا.. فهمست وهي تتحسس صدره بكلتا يديها:
" اممم أنت سريع للغاية"
توقف عن التهام بشرة عنقها بشفتيه المثيرة ورفع رأسه بتوتر وهو يسأل :
"هل تريدين أن أبطيء؟"
ابتسمت لنظرة الضياع في عينيه وشعرت وكأنها ستترنح واقعة لو أبعد يديه عن خصرها فقالت بابتسامة عابثة:
"بل أريدك وبكل طريقة ممكنة"
أنارت ابتسامته الممر المعتم حرفيا فأذهبت بالبقية الباقية من عقلها الذي عبثت الكحول به.. فأمسكت بخصلات شعره بين أصابعها وخفضت رأسه لتأخذ شفتيه بقبلة نهمة وهي تهمهم بشيء غير مفهوم.. وبسرعة جاراها وحملها بين ذراعيه وهي تتشبث أكثر برأسه وتعمق قبلتهما ولم تدرك متى وكيف استطاع أن يفتح باب شقته وكيف أغلقه.. ولكنها انتبهت حين رماها على فراشه الوثير فانبعثت من حولها رائحته الرجولية المسكرة.. ابتسمت ببلاهة وهي تحدق به ينزع بقية أزرار قميصه ويلحق به سرواله فهمست بانبهار لمشهد جسده الثائر العضلي أمامها:
"أووه يا الهي"
فابتسم بشيء من الخجل وهو يهبط ليجثم فوقها وبكل بطء رفع طرف فستانها للأعلى حتى كومه أعلى صدرها فرفعت ذراعيها لتساعده في نزعه.. ولكنه مرره من رأسها وأبقاه حول ذراعيها كعقدة وساعدته نعومة الفستان.. ورغم أنها شعرت بالتوتر في البداية إلا أنه أبقى يديه متشابكات مع أصابع يديها وحدق في عينيها وهو يهمس لها بصوت أبح من الإثارة ولكنها لمست صدقه:
"أريدك أن تثقي أنني لن اؤذيكِ.. أنا فقط أحتاج بعض الجنون.. وإذا لم ترغبي فكلمة واحدة ستوقفني صدقيني"
قال كلمته الأخيرة بنبرته الجنوبية اللذيذة كأحد رجال أفلام رعاة البقر الوسيمين الرجوليين.. فابتسمت وهي تشعر وكأن جسدها بأكمله يشتعل إثارة وقالت بثقة:
"وأنا أحتاج بعض الجنون أيضا.. ماذا تنتظر؟"
فترك راحتيها وهو يرتفع قليلا ليرسم جسدها بأنامله الطويلة الذكورية الملمس فوق بشرتها الناعمة .. بدأ من ذراعيها الممددين فوقها.. ثم هبط ليحدد جانبي صدرها فتأوهت تقوس جسدها تريده أن يلمسها فازدادت ابتسامته عبثا وهو يقول:
"ششش اهدئي أيتها القطة الحمراء"
لعقت شفتيها بجنون وهي تقول:
"اللعنة لا يمكنني هذا!!"
وحلت الفستان من حول يديها واعتدلت بحركة مفاجئة فأصبحت تعتليه ثم أضافت:
"إياك أن تخبرني بماذا يجب أن أفعل.. أنا هنا من سأحدد ماذا أحب.. وماذا أريد"
كان يستند على مرفقيه وابتسامة متهكمة ترتسم على شفتيه وهو يسألها:
"حسنا سيدتي المتحكمة.. ماذا تريدين؟"
عادت لتمرر أصابعها في شعره وهي تتمتم بهوس:
"أريدك!!"
وهبطت تأخذ شفتيه بقوة وشغف بادلها إياهم ويديه تلمسانها بجنون وتنزع بقية ملابسها.. ثم شعرت بيده تداعب أعلا ساقيها وجسدها فارتعشت بقوة.. واستغل هو لحظة الضعف هذه فأحاط بخصرها وأعادها لتتمدد أسفل منه وهو يهمس من بين قبلاته التي يوزعها بجنون على عنقها وصدرها وبطنها:
"إياكِ ولعب دور الرئيسة على رجل جنوبي سيدتي!"
ثم هبط بشفتيه أكثر وهو يضيف بشقاوة:
"وإلا كان العقاب رهيبا!"
وأخذ يداعب جسدها بشفتيه ولسانه وهي تصرخ بقوة من المشاعر الساخنة التي اجتاحتها دفعة واحدة.. كانت كموجة قوية أطاحت بها.. موجة من الادرينالين الخام الذي عبث بكل عصب حسي في جسدها وجعلها مجنونة تماما.. فمن هي تلك التي تصرخ وتتأوه
"أووه.. أجل.. أجل!!"
هذه ليست هي.. ليست هيرا اندرسون الجليدية.. العذراء الأبدية!
تلك التي وضعها والدها في قفص من الزجاج وكأنه يقول ابنتي الرائعة المثالية.. انظر ولا تلمس.. وكأنها قطعة من الخزف النادر!!
حسناً.. سيحترق أجدادها الشماليون في قبورهم وهم ينظرون إليها تتلوى أسفل جنوبي راعي بقر فظ لدرجة الجحيم.. ثملة حتى النخاع.. ومثارة حد الجحيم!
و...
موجة أخرى ذهبت بكل أفكارها فصرخت وهي تقوس جسدها نحو فمه أكثر.. فأسرع واعتلاها يمسك بساقيها ويهمس بصوت أجش أشعلها:
"أحيطي خصري بساقيك"
أطاعته بسرعة وبدون أن تمتلك فرصة لتتحكم بمشاعرها.. كان قد اقتحم جسدها فصرخت وهي ترتفع لتغرز أظافرها في كتفيه وشعرها الأحمر يغطي وجهها وتلهث مقابل صدره الذي تجمدت حركته وهو يتمتم:
"اللعنة!"
ولكنها لم تعطه الفرصة فهزت رأسها تزيح خصلاتها الناعمة وهمست تحدق مباشرة في عينيه المتسعتين
"اللعنة خذني الآن!!"
ورمت بنفسها تأخذ شفته السفلى الممتلئة المثيرة بين شفتيها وتعضها بخفة.. فأمسك بظهرها وأخذ يتحرك ببطء متابعا ومراقبا صوت أنفاسها.. تبا إنه جيد!
كان يزداد قوة كلما ارتخى جسدها حوله وكلما شعر بها تزداد ارتعاشا.. حتى أصبحت أنفاسها تأوهات.. فأنين.. فصراخ يعلو كلما علت نشوتهما التي تصاعدت وتصاعدت حتى انفجرت مطيحة بهما فصرخت هي:
"اووه.. يا إلهي!"
وهو بصوته الأجش:
"أجل.. اللعنة!"
وارتميا على الفراش مغيبان تماما عن كل ما حولهما!
************************
الفصل الثاني
بعد مرور شهر
وقفت هيرا أمام المرآة في حجرة نومها الصغيرة تضع بعض خافي العيوب أسفل عينيها وهي تهمس بسخرية:
"قليلا بعد وسأتحول لمهرج"
لقد فقدت كثيرا من وزنها هذا مؤكد ولكن الهالات السوداء أسفل عينيها كانت من الإرهاق والأرق الذي عانته طوال الفترة الماضية.
شهر كامل مضى منذ أن تحطمت حياتها كليا.. خسرت عائلتها وحبيبها ورصيدها وبحق السماء خسرت حتى عذريتها!
يا للهول.. كلما تذكرتها كلما شعرت بالحرارة تجتاح جسدها و الاحمرار يغزو وجنتيها.. هي المرأة الباردة تخجل!!
حسنا.. لن تنكر أن تلك الليلة كانت نارية بكل معنى الكلمة.. لقد نسيت من تكون بحق السماء.. الكحول والاحباط الذي كانت تعانيه أصبحا مزيجين خطرين وساعدا في زيادة تهورها.. أما ذلك الغريب المثير فقد كان الشعلة التي أحرقت كل شيء.. شهر كامل قضت لياليه بجسد يتوق لإعادة ما شعرت به معه.. يا إلهي لقد خسرت عذريتها معه بحق الجحيم!
حسناً لن تندم.. لقد جلست مع نفسها مطولا وفكرت كثيرا منذ أن تسللت من جوار ذلك المثير فجر اليوم التالي وقررت أن هذه مرحلة جديدة في حياتها..
لقد أصبحت امرأة مستقلة.. بكل ما تعنيه الكلمة.. امرأة عاملة وأخيرا أصبحت لديها وظيفة وستبدأ من الصفر.. لأنها ولتساعدها الآلهة لن تركض باكية لوالدها كي ينظر إليها بخيبة أمل وببعض الشماتة أنني كنت محقا.
لا.. ستعود بالطبع لهم فهم عائلتها بعد كل شيء.. ولكن فلتمتلك بعض السيطرة على حياتها أولا.. ولهذا قضت الشهر الماضي بأكمله تخطط وتنظم أمور حياتها في مدينة أوستن حيث استقرت.. ومن حسن حظها أنها كانت تحتفظ بحساب بنكي مستقل عن أموال عائلتها.. صحيح أنه ليس بحجم الذي أغلقه والدها.. لكنه على الأقل ساعدها في شراء هذه الشقة وتأثيثها والتكيف مع الحياة في جنوب الولايات.. حيث كل شيء يختلف كليا عما اعتادته.
وها هي تستعد لأول يوم لها في وظيفتها الجديدة كأستاذة مساعدة في جامعة أوستن.. وستحضر كمهرج وهي تحاول إخفاء العلامات عن عنقها.. كانت ترتدي قميص حريري بدون أكمام لؤلؤي اللون من شانيل وتنورة خضراء ضيقة قصيرة ولكن محتشمة.. ابتسمت تتخيل غضب سيلي لو علمت أنها سترتدي مزيج من شانيل و بوربيري لأجل وظيفة أستاذة في جامعة.. اللعنة ستفقد صوابها فقط وهي تتخيل ارتداء هذه الماركات في مكان كمدينة أوستن الجنوبية الحارة.. إن سيلي نيويوركية حتى النخاع.. فتاة مجتمع وعارضة من الطراز الأول تعيش لتتسوق.. إرهابية الأزياء!
هزت رأسها وهي تحرك خصلات شعرها الناعمة لتمنحه بعض الكثافة وهي تفكر أن كل هذا أصبح بعيدا الآن.. يجب أن تفكر في وظيفتها وبناء حياتها الجديدة.. على الأقل حتى تعلم ماذا ستفعل لاحقا.
***
بعد نصف ساعة كانت تقف أمام طاولة صغيرة تضع عليها بعض الأوراق وتحدق في المدرج الذي أخذ يمتلئ بالطلاب الجامعيين.. هذا صفها الأول.. لطالما أرادت امتهان التدريس ولكن والدها كان يعتقد أنها مهنة مهينة لفتاة في مثل وضعها الاجتماعي.. حسنا بن اندرسون ليس هنا ليشاهدها.. حتى أنها تستخدم اسم عائلة جدتها (مورغان) من والدتها كي لا يستطيع تعقبها.. أغلق الباب الضخم في آخر القاعة فأمسكت بالقلم الاسود وكتبت:
"الآنسة مورغان"
واستدارت وهي ترسم أكثر ابتساماتها عملية وبدأت الحديث:
"مرحبا بكم.. أنا هيرا مورغان وسأكون أستاذتكم لهذا الفصل الدراسي لمقرر تاريخ الحضارات القديمة.. أتمنى لكم فصلا دراسيا ممتعا.. والآن لنبدأ بالقسم الأول في كتابنا"
واستدارت تخط بقلمها عنوان القسم وهي تتحدث عن أكثر ما يهم دراسته في هذا القسم.. ولكن صوت الباب العالي وهو يفتح بقوة قاطعها فتنهدت وقالت ببرودتها الصارمة:
"أرجو ألا تكون هذه عادة لديك أيا كنت.. فأنا لا اتساهل مع المتأخرين.. كررها وس..."
-:"أرجو المعذرة سيدتي.. لن يتكرر هذا"
تجمدت يدها التي تكتب على اللوح وارتعش جسدها وهي تستمع لتلك النبرة المميزة الجنوبية لكلمة (سيدتي) لا... لا يمكن!
استدارت ببطء لتحدق في الشاب الذي كان يقف بكسل في الممر ينزع حقيبة من حول عنقه ويبتسم لبعض رفاقه.. فكتمت شهقتها وهي تتعرف عليه.. بعد أن تعرف جسدها على صوته الذي كان يتردد فوق بشرتها كنغمة برية متوحشة!
تمالكي نفسك هيرا.. تمالكي نفسك.. ارتدي قناعك الجليدي بسرعة.. تذكري تدريبات والدك الصارمة.. تذكري تربية جدتك وتعليماتها:
"الآنسة الراقية لا تشهق.. لا تتفاجأ لا تتوتر"
اذا ماذا تفعل بحق الجحيم؟!
تكسو وجهها بقناع الثلج المعتاد؟
وهكذا كان..
خلال لحظاته التي استغرقها في نزع حقيبته وتحيته لرفاقه وجلوسه.. كانت هي قد أخفت كل وأي مشاعر عن وجهها وعادت دمية الخزف المعروفة.. وحين جلس ورفع رأسه ليحدق بها واتسعت عيناه الزرقاوان المذهلتان بدهشة.. كانت هي تحدق في جميع طلاب الفصل وتتابع وكأنها لم تقاطع بكارثة على كل المستويات.. كارثة قد تدمر كل ما كانت تخطط له منذ الصباح..
فالغريب الذي فقدت عذريتها معه.. وعاشت برفقته ليلة من أكثر لياليها جنوناً.. يكون أحد طلابها!
أما ثيون.. فقد فاق ذهوله كل ما تخيله وسيتخيله في كل حياته.. لقد استيقظ ذلك الصباح متوقعا أن يجد تلك النارية التي أشعلت ليلته بين ذراعيها فيحتضنها ويقربها منه ويقبلها ولتذهب مخططاته الصيفية للجحيم.. ولكنه استيقظ على مفاجأتين لعينتين.. أولهما أنها اختفت تماما ولولا عطر جسدها لاعتقد أن الكحول لعبت بعقله فتخيل كل شيء.. والمفاجأة الثانية كانت بقعة الدماء الصغيرة من الدماء تلك التي جعلته يضرب رأسه بيده حرفياً لغبائه.. ثم بدأ يتذكر كل أحداث ليلة أمس واكتشف أن النارية كنت عذراء بالفعل.. رغم جرأتها وردود فعلها.. ولكن عندما اقتحم جسدها شعر بها ترتجف وتتألم.. يا الهي لقد كان ثملا!!
هل أعتدى عليه.. هل رفضته أم صدته؟
أسئلة كثيرة عبثت بعقله.. وقد بحث عنها كثيرا وانتظرها أكثر.. انتظر حضورها للحانة وحاول التحقيق مع مايك النادل ولكن بلا أي فائدة.. حتى أنه حاول التحقق من بطاقة ائتمانها لكي يعرف اسمها ولكنه اكتشف أنها دفعت ثمن مشروباتها نقدا.. لقد كان شهرا مجهدا للغاية.. أن تعلم أن هناك امرأة.. بل من أصبحت امرأة بين يديك ومن أشعلتك وأطفأتك ونزعتك من كل هذه الدنيا هي مجرد سراب واختفى!
شهرا كاملا انتهى بدون أن يجد لها أثرا حتى قرر الخروج من شقته اليوم والذهاب للجامعة.. وها هي المفاجأة الثالثة تضربه بقوة توازي قوة التيكيلا.. الأستاذة التي ستعلمهم هذا الفصل هي نفسها النارية بالأمس.
أستاذته؟!.. ولماذا يبدو عليها الجمود هكذا.. ألا تتذكره؟ حسنا ستكون هذه ضربة رهيبة لكبريائه.. فالمرأة التي اشعلت جسده ومشاعره بطريقة لم يتخيلها من قبل قد نسيته.. لا.. لا يمكن!!
لقد كانت معه بكل جوارحها لقد تأكد من ذلك اللعنة.. كان جسدها يرتعش بين ذراعيه كان... يا للهول.. كان شيء لم يشعر به حتى برفقة شيانا!!
سعل بقوة محاولا إخفاء توتره فحدقت به بجمود رافعة حاجبها الرائع الأنيق.. فشعر بوجنتيه تحترقان وهو يتذكر تلك الشفاه المزمومة بغضب كيف كانت تداعبه وكأنه الأمس.
لم يعلم كيف أمضى بقية الوقت في المحاضرة.. ولكن كل ما هو متأكد منه أن عقله كان يعيد تشغيل مشاهد ليلتهما مرارا وتكرارا حتى أصبح مجرد الجلوس أمامها مستحيل.. وحين كاد أن ينهض خارجا أعلنت بهدوء وهي تحدق بساعتها التي تحيط بمعصمها الرقيق:
"حسنا.. انتهى وقتنا لهذا اليوم.. أرجوا أن تعيدوا قراءة الكتاب جيدا وإلى اللقاء في الغد"
واستدارت تلملم أوراقها والكل من حوله ينهض ويخرج من الباب الخارجي أو يتجه نحوها ليسألها.. أما هو فقد تباطأ في حركته حتى أصبحا وحيدين في القاعة فاتجه نحوها مسرعا وهو يقول:
"أنتِ؟!"
ولذهوله حملت أشياءها وخرجت فتبعها بسرعة.. ولكن زحام الممرات الداخلية للجامعة أعاقته فظل صامتا يحدق بها ويمشي خلفها بخطوات سريعة حتى وصلت لمكتبها وأشارت له لكي يدخل ففعل..
أغلقت الباب خلفهما فسأل:
"لماذا غادرت بذلك الشكل؟"
حدقت به وكأنما نما له قرنان:
"هل تمازحني؟!"
كتف ذراعيه ورد:
"لا.. بل اسألك لماذا غادرت شقتي بدون أن تخبريني؟"
رفعت يديها بيأس وهي تتلفت حولها.. ثم شهقت وهي تضعهما على فمها فهتف:
"ماذا بك بحق الجحيم.. هل جننت؟!"
أخذت تدور بالمكتب وتقول وكأنما بدأت تستوعب المفاجأة:
"يا إلهي.. لقد نمت مع طالب جامعي.. يا للهول.. لقد نمت مع طالب لدي.. أووه يا إلهي!!"
وتوقفت فجأة وحدقت به بعينين متسعتان بخوف:
"كم عمرك؟!"
عبس بغضب وهتف بها:
"اللعنة.. أنا طالب دراسات عليا ولست طفلاً!"
تنهدت وهي مستمرة في حديثها مع نفسها:
"أجل.. أجل.. يا للهول!"
"هلا توقفت عن هذا المشهد الدرامي بحق الجحيم"
تجمدت وحدقت به فاستمر وهو يقترب منها:
"لا تهلعي.. ما حدث كان شيئا عابرا و..".
هزت رأسها بموافقة سريعة فاستدرك:
"لا.. لا ليس عابرا ولكن..."
قاطعته
"بلى .. إنه عابر.. علاقة ليلة واحدة لامعنى لها.. أجل هذه هي!"
وتنهدت وهي تربت فوق صدرها وكأنما تهدئ روعها:
"أجل.. شخصان غريبان كليا لا يعرفان بعضهما البعض.. حصلا على بعض المرح سويا وانتهى الأمر.. أجل!"
صفق بكفيه أمام وجهها وهو يهتف:
"هااي يا آنسة.. لقد نسيت شيئاً.. لقد كنت عذراء بحق الجحيم.. كيف يمكنك نسيان شيء بهذه الأهمية؟!"
اقتربت منه بسرعة وهي تهمس:
"شش أخفض صوتك بحق الرب.. وأجل لم يكن له أهمية هل ارتحت؟"
استعر غضبه:
"اسمعيني.."
-:"بل أنت اسمعني جيدا.. أنا أستاذتك أتفهم؟"
ابتسم بسخرية:
-:"وهل أنا قاصر لتقولي هذا بحق السماء.. أنا في الثانية والعشرون من عمري!"
شهقت وهي تحدق به برعب وغمغمت:
"بهذا الجسد!!"
ابتسم بتفاخر
"نحن رجال تكساس ننمو أقوياء "
ولكنها تابعت بنفس الرعب:
"أصغر مني بعامين.. يا إلهي سيغمى علي!"
وترنحت فأسرع ليسندها.. وبسرعة استعرت النيران بينهما ما أن أمسك ببشرة ذراعها العارية البيضاء ضد يده الضخمة السمراء.. كان سارح بالتضاد بين لوني بشرتيهما حين انتبه لتسارع أنفاسها.. فرفع نظراته ليجدها تلهث ووجنتيها محمرتين وصدرها يعلو ويهبط بعنف.. فانتبه أنه قريب للغاية.. قريب لدرجة إنه عمليا يحتضنها.. فاشتعلت النيران بجسده وشعر بإثارته ترتفع فهمس أمام وجهها المحتقن:
"لا تشعري بالذعر.. إن ما حدث بيننا كان شيئا رائعا واللعنة أبدا لم يكن عابراً.. بل كان شيئا لم أشعر به من قبل.. شيء... اللعنة! "
وقطع كلماته ولم يشعر بنفسه إلا وهو يمتلك شفتيها يقبلهما بقوة وعنف كعادته المندفعة حين يتعلق الأمر بعواطفه.. وعلى الفور شعر بتجاوبها فأنت وهي تتمسك بقميصه.. فتسللت يده على طول ساقها حتى وصل لحافة تنورتها وأخذ يرفعها ببطء.. بينما يقتحم فمها معمقا قبلته بلسانه الذي أخذ يتذوق عبيرها العذب.. وأصابعه تتحسس بهوس بشرتها الناعمة الحارة حتى وصل لحافة سروالها الداخلي.. فشهقت بعنف ودفعته بعيدا فاختل توازنه من صدمة الدفعة وهي تقول بصرامة:
"لا.. لا توقف.. هذا لا يمكن.. ألا تفهم؟.. الجامعة تمنع أي علاقة بين الأساتذة والطلاب.. يا إلهي ماذا سأفعل؟.. استمع إلي جيدا يا... أووه أنا حتى لا أعرف اسمك!"
واتجهت لمقعدها تجلس عليه بانهيار وهي تتمتم:
"لا أعرف ما اسمه.. الى أي درجة وصلت؟!!"
شعر بغضبه يشتعل فهي تعامله بفوقية لعينة:
"هاي استمعي لي سيدتي.. أنا أدعى ثيون إريكسون.. وإن كنت لا تريدين أي علاقة بي وتفضلين نسيان أفضل ليلة في حياة كلينا..."
وقطع كلامه حين رفعت وجهها تريد أن تعترض فحذرها بيده:
"أجل.. أفضل ليلة حصل عليها كلانا لا تنكري فلم أكن أنا بعديم الخبرة.. لقد شعرت بكل عصب مستثار بك آنسة مورغان والتي لا أعلم حتى اسمك الأول.. ولهذا إن كنت تفضلين نسيانها فانسيها ولكن لا تتظاهري وكأن كارثة العالم حلت فوق رأسك.. كنا مخمورين صحيح ولكننا ناضجان ومسؤولان وخاليان من الأمراض و..."
قطع كلامه بذعر وهو يدرك ما الذي تفوه به وتراجع خطوة للخلف.. ففسرت ذعره خطأ خاصة حين سألها بخفوت:
"هل أنت آمنة؟"
حدقت به للحظة ثم لوحت بيدها وردت:
"أجل.. أجل.. أنا خالية من الأمراض.. بحق الرب لقد كنت أول رجل في..."
-:"اللعنة!"
استهجنت:
"هااي.. ألا تستطيع التفوه بكلمة واحدة بدون أن تلعن.. لقد أكدت لك للتو أنني نظيفة!"
ابتسم بسخرية وانخفض يستند بيديه على ذراعي المقعد ويحدق بها وهو يقول ببطء:
"يا ذكية أعني هل تتناولين أي مانع للحمل؟"
بدون فهم عبست:
"ولماذا سأخذ مانع للـ... أوووه"
كتمت فمها فهز رأسه وهو يعتدل:
"أجل.. هذه الأوووه.. أنا لم استخدم واقي تلك الليلة وأنت كنت عذراء و..."
وقفت بسرعة وفتحت باب مكتبها:
"اخرج"!
ماذا؟!
حدق بها باستفهام:
"ماذا تعنين؟.. أتفهمين ما أقوله قد..."
ولكنها شددت على حروف كلماتها بغضب وعيناها الخضراوان تشتعلان وهمست
"قلت أخرج"!!
تجمد للحظة يحدق بها.. فرفعت رأسها بغرور وأضافت:
"من فضلك سيد إريكسون"
مط شفتيه ورفع راحته بتحية شبه عسكرية وهو يقترب منها ويهمس بجوار أذنها:
"أخبرتك ألا تتحدي رجلا من تكساس يا نارية.. سنرى من سيقول من فضلك قريبا!"
وخرج وهو يشعر بنيران التحدي تشتعل بداخله.. نيران ممزوجة بأمنية وقرار..
قرار أن يجعلها ملكه.. واللعنة هي ملكه وله وامرأته.. وأمنية مؤجلة للآن فقط فهي ستكون امرأته قريبا
*****
الفصل الثالث
أغلقت هيرا الباب خلف ثيون.. وما كادت تفعل حتى انهارت تماما فوق أقرب مقعد لها وهي تفكر فيما حدث للتو.. لقد بدأت يومها متفائلة ببدء حياة جديدة وقرارات حازمة للوقوف على قدميها ومواجهة عائلتها امرأة شابة قوية.. والآن ماذا؟.. أقصى ما تفكر به هو إنها أقامت علاقة مع طالبها.. ماذا لو علمت إدارة الجامعة.. يا إلهي ماذا لو علم جيف كيف سيفكر بها؟ إنها انهارت بسبب تركه لها لدرجة أنها نامت مع أول غريب قابلته!!
و يا للهول ماذا لو فعلا كانت حامل؟.. يا إلهي.. يا إلهي!!
أخذت تتنفس بصعوبة وهي تضع يدها على بطنها وتشعر كما لو أنها ستفقد وعيها.. لقد كانت تعاني من بعض الاضطرابات في شهيتها في الشهر الماضي ولكنها لم تفكر بهذا الاحتمال.. وحتى موعد دورتها الشهرية لم تهتم لتفحصه.. فقد كان أول قرار فعّلته في حياتها أن لا أطباء.
لطالما كرهتهم وكرهت اهتمام والدها الزائد بها.. فكلما سعلت حتى كان يعرضها على أكبر الأطباء.. لقد كرهتهم وكرهت رائحتهم.
يا إلهي إنها تشعر كما لو أنها ستتقيأ لمجرد التفكير بهم.. ماذا يحدث معها بحق السماء؟!
كل هذا بسبب اللعين ثيون.. هو من زرع الوهم في مخيلتها.. لا.. لا هي ليست حامل بالتأكيد..
فكرت بقلق.. ثم تساءلت بذعر
ولكن هيرا ماذا لو؟!
****
خرج ثيون من مكتب هيرا وقد امتلأ عقله بتصميم رهيب.. لقد وجدها أخيرا.. وسيكون ملعونا لو تركها تفلت من بين يديه.. لطالما كان رجلا مباشرا في كل شيء.. لقد تربى بهذه الطريقة وتعلم من والده أن الرجل الحق يعرف ماذا يريد ويكرس كل طاقته لإنجاحه والحفاظ عليه.
لقد ظن مع شيانا أنه وجد الشيء الحقيقي الذي يبحث عنه فهي صديقة طفولته وحبيبته.. وحين تخرج من الكلية تقدم لها ووافقت.. وقد كان سعيدا ومستقرا حتى انقلب عالمه حين قررت أن تخونه.. لقد ظن حينها أن قلبه تحطم وانطفأ شيء ما بداخله.. ولكن ليلته مع النارية أعادت اشعال كل الشيء اللعين بأكمله.. وليس فقط جسده.. لا.. بل هناك شيء آخر.. شيء بداخله بدائي يائس تتغلغل به مشاعر أجداده رعاة البقر الثائرون.. شيء يعلم أنه رجلها وأنها امرأته.. وحتى يكتشف ماهية هذا الشيء لن يتركها.
قابل في طريقه أحد المدرسين المساعدين فأوقفه:
"عفوا سيدي.. هلا دليتني على مكتب المدرس الجديد لمادة الحضارات القديمة.. مممم لقد نسيت اسمه"
ابتسم الاستاذ وقال:
"الأستاذة هيرا مورغان.. أجل إنه خلفك في آخر هذا الممر "
تظاهر بالامتنان:
"اااه شكرا لك لقد ساعدتني"
وانتظر حتى غادر الأستاذ فرفع هاتفه وحادث صديقه المقرب ميك:
"هااي ميك.. اسمعني جيدا.. أريدك أن تعرف لي أي معلومات عن استاذة في كليتي.. أجل أجل إنها المسؤولة عن أطروحة التخرج خاصتي اسمها هيرا مورغان"
وأغلق الهاتف وهو يثق بقدرات صديقه على الثرثرة والنميمة فلا شيء يخفى عليه في هذه الجامعة.
إذا هي هيرا.. إلهة الخيال عند القدماء مم.. اسم يليق بناريته فعلا.. هيرا أنت هدفي الجديد.. واللعنة علي إن لم أفز بك مجددا.
وفكر قليلا بعبوس.. وماذا لو كان هناك طفل؟.. يا إلهي مجرد الفكرة تثيره للغاية.. أن تحمل هيرا طفل من ليلتهما معا.. وهو الذي لم يفكر حتى بأبعد من أن يشتري لشيانا خاتم خطبة أصبح يتخيل هيرا بطفله؟!
لقد سحرته ناريته!
*****
نزعت حذاءها ذو الكعب العالي وارتمت فوق سريرها تحدق في السقف وتفكر.. وببطء أخذت يدها تتحسس بطنها المسطحة.. هل يعقل أن تكون حامل.. ألهذه الدرجة سيعبث بها القدر..
ما أن تقرر فرد جناحيها والتحرر حتى يكبلها طفل ما؟
لا.. لا يمكن.. لقد عانت من قبل من اضطراب مواعيدها الشهرية وهذا بسبب التوتر والانتقال من مكان لآخر مؤكد.. فلا يمكن أن تتسبب ليلة واحدة بالحمل.. إنها تعرف أشخاصا يجربون عشرات المرات لكي يحصلوا على طفل حتى ولا يستطيعون.
مؤكد ليست حامل من ليلة واحدة.. ليلة رائعة. فاقت كل تخيلاتها عن العلاقة.. حتى حين أخبرها والدها أنها ستتزوج دايمون لم تشعر بالإثارة للتفكير بهما معا كعلاقة جسدية.. مؤكد هو وسيم وجذاب.. ويعلم الرب كم جرحها أنها اضطرت للهروب منه بهذا الشكل ولم تصارحه.. ولكنها أبدا لم تفكر به من خلال منظور جسدي.. أما جيف.. حسنا.. جيف كان علاقة أكثر مثالية من أن تفكر بها كعلاقة جنسية بين رجل وامرأة.
حتى أتى الغريب ـــ يجب أن تتوقف عن مناداته بالغريب ـــ ثيون اريكسون.. اسم متناغم مألوف.. ونسف كل خططها وحصونها يا إلهي لقد استسلمت له هكذا بفرقعة إصبع.. وهذا الصباح في المكتب حين أحاطها بين ذراعيه وضمها لذلك الصدر المليء برائحة الصندل المغوية ورجولته القوية.. شعرت بعقلها يغيب كليا في غيمة وردية ناعمة لا يهمها إلا لمساته وقبلات شفتيه لها.. يا إلهي.. أفاقت من تأملاتها لتجد أنها حلت أزرار قميصها ووضعت يدها على شفتيها حيث كان فمه يعبث بكل تعقلها.. فهزت رأسها وأبعدت يدها وهي تهتف بغضب:
"توقفي هيرا.. إنها حتى قبلة سريعة اللعنة!!"
نهضت بسرعة كي تبدل ملابسها ولكن جرس الباب الأمامي ارتفع فجأة.. ترى من سيزورها؟.. لا أحد يعرف عنوانها الجديد سوى إدارة الجامعة.
هبطت بسرعة وهي حافية حتى وصلت للباب.. وحين حدقت من العين السحرية وجدت فارس أفكارها يقف بابتسامة لعينة جذابة.. فهتفت من خلف الباب:
"ماذا تريد؟!"
كانت ما تزال تراقبه.. ولكنه وبحركة صبيانية وضع إصبعه فوق العين السحرية بعد أن غمز لها بعينه وقال:
"يجب أن نتحدث.. افتحي الباب"
-:" لا.. لا يوجد شيء لنتحدث عنه"
كانت تعبس وصوتها غاضب.. ولكن ارتعاشة إثارة غريبة تسري في جسدها بطريقة رائعة ولذيذة.. إنها تتصرف بشكل خاطئ.. واللعنة كم يعجبها هذا!
وصلها صوته يهمس وكأنما اقترب من الباب فألصقت جسدها تستشعر ذبذبات صوته:
"ممم بلى آنسة هيرا مورغان.. هناك شيء مهم جدا على الأقل بالنسبة لي.. فأنت تعلمين أن الرجل يجب أن يحافظ على احترامه"
عقدت حاجبيها بعدم فهم:
"و ما دخل احترامك بي.. لقد أخبرتك كل شيء انتهى!"
-:"احترامي وسمعتي في خطر هيرا.. ماذا ستقول أمي حين تأتي لزيارتي وتجد هذا؟"
شبت على قدميها مجددا لتنظر ولكنه مازال يسد العين:
"ماذا تعني بهذا؟!"
صوته كان ممزوج بنغمة خطيرة:
"هذا آنستي هو شيء صغير قماشي.. اعذري جهل راعي بقر مثلي ولكن أعتقد أن هذا دانتيل.. أجل هو دانتيل.. ممم دانتيل وردي كحلوى غزل البنات وناعم كجسد نارية الشعر التي غزت أحلامي طوال شهر كامل"!
اتسعت عيناها بذهول وبسرعة فتحت الباب.. لتجده يلوح بسروالها الداخلي الذي لابد أنها غادرت بدونه تلك الليلة.. فابتسم بغرور وشيء صبيانية يلتمع بعينيه تبا كم هو وسيم !
مدت يدها وتظاهرت برباطة الجأش وكأنها تفقد سروالها الداخلي ثلاث مرات في اليوم:
"شكرا لك.. والآن من فضلك"
حدق بيدها الممدودة ثم مد يده وسلم عليها:
"مرحبا بك أيضا عزيزتي"
وتجاوزها بكل وقاحة ليدخل المنزل وهو يضع السروال في جيب سرواله الجينز الضيق.. فهتفت بحنق
"ماذا تظن أنك تفعل؟!"
التفت اليها وأشار للباب:
"اغلقي الباب هيرا.. لا تريدين لأي شخص أن يراني هنا معك"
أغلقت الباب بسرعة وذلك الشعور اللعين بالعبث والمتعة يسري ككهرباء بداخلها.. ماذا يحدث معها؟!
تقدمت نحوه وهو يجلس بكل استرخاء على أريكتها:
"استمع إلي ثيون..."
ربت على الأريكة بجواره وهو يقاطعها:
"اجلسي بداية.. ثم سنتحدث"
تأوهت بياس وجلست.. ولكن وزنه فوق الأريكة أجبرها على أن تكون ملتصقة به فبدأت تتحدث بسرعة تحاول إخفاء احمرار وجهها:
"اسمعني جيدا ثيون.. يجب أن تتوقف عن..."
كتمت كلماتها حين مد يده يلمس وجنتها وهو يقول ونظراته تتركز فوق شفتيها بطريقة جعلتها تلهث.. إنه يحدق بها وكأنها وليمة وهو لم يذق الطعم لمدة طويلة:
"لماذا وجنتيك حمراوين.. هل أنت خجلة مني؟"
هزت رأسها بلا:
"بالطبع لا"
ابتسم بمكر وهو يهبط بنظراته للأسفل ويقول:
"مؤكد لا تخجلين مني فقد فتحت لي الباب شبه عارية عزيزتي.. هذا إغواء لطالب مسكين وسيعاقبك عليه القانون"
شهقت وهي تنظر لقميصها الذي حلت ازراره منذ قليل ونسيته مفتوحا مظهرا حمالة صدرها المخرمة البيضاء.. فأسرعت لتضم طرفي القميص وهو مازال يقول بصوته الخشن:
"هذه تهمتان عزيزتي الاستاذة"
كان ينحني فوقها وهي تتراجع للخلف حتى شعرت وكأنها ستتمدد إذا اقترب أكثر.. وسألته متجمدة غير قادرة على الحراك:
"م... ماذا تعني بتهمتين؟"
متى وضع يده عليها؟.. فقد ارتعشت وانتفض جسدها حين شعرت براحته فوق خصرها العاري وقد تسللت من بين طرفي القميص وهو يقول وبيده الحرة رفع إصبعه ليحدد شفتها السفلى ويركز نظراته في نظراتها فجمدها تماما:
"أولا أنت أقمت علاقة مع طالب تدرسينه.. ثانيا عذبته شهر كامل وهو يبحث عنك.. أووه هناك ثالثا.. لقد قضى فترة المحاضرة المهمة للغاية يفكر ما هو نوع الملابس الداخلية العلوية التي ترتدينها أسفل هذا القميص الرقيق.. هل هي مطابقة للمسكين الوحيد في شقتي.. رفيقي خلال الشهر.. وآها.. رابعا تفتحين لي الباب وتدعينني للدخول وأنت شبه عارية"
ثم اقترب أكثر وهمس أمام شفتيها:
"هذه تهم خطيرة للغاية لو علمت بها إدارة الجامعة...مممم لا عليك لن اخبر أحدا"!
اللعنة لماذا يبدو كلامه بهذا الشكل المثير.. ولماذا تريد بكل جوارحها أن تشاركه عبثه.. فمدت يديها لتمسك بقميصه وتتحسس صدره وهي تعتدل وتترك قميصها ليعود يكشف عن جسدها وبالفعل تحقق ما كانت تريد.. فقد اتسعت عيناه وتشتت انتباهه للحظة.. فاستغلت الموقف وأسرعت لتخرج من حصاره ووقفت هاربة وهي تهتف به:
"أنت تهددني؟.. أيها الوقح عديم الأخلاق!!"
ورفعت يدها تعد:
"أولا أنا لم أكن أعلم أنك طالب لدي حين نمت معك.. ثانيا لا ذنب لي بخيالاتك المريضة في الفصل بل هذا ذنبك انت وعقلك المنحرف.. ثالثا كيف عرفت عنوان منزلي؟.. وأنا لم أفتح لك الباب بل أنت ابتززتني!"
لدهشتها استرخى بظهره على الأريكة وفرد ذراعيه الطويلين بجواره فبدا خطيرا للغاية وضخما للغاية وشهيا للغاية.. ثم قال ببرود:
"ابتززتك بماذا؟"
أشارت نحو جيب سرواله الذي يحدد كل تفاصيل جسده والذي تعلمه جيدا.. فقد كان بطل أحلامها طوال شهر لعين بأكمله:
"هناك.. في جيبك لديك شيء يخصني"
رفع حاجبه وهو يهز رأسه بإيماءة معينة:
"تعالى و خذيه إذا"
رقصت الشياطين بداخل رأسها:
"وهل تظن أنني لن أفعلها؟"
ابتسم بغرور:
"بل أراهنك أنك لن تفعليها"
أووه لقد استفزها بالفعل.. ولو كان يقصد هذا فهي والسماء تعلم تريد بالفعل رد استفزازه.. فاقتربت منه ببطء حتى أصبحت تقف بين ساقيه المنفرجتين وهي ترفع تنورتها قليلا وحاجبها أيضا و تقابل نظراته بتحدي.. فانفرجت شفتاه قليلا وبصره يحيد للأسفل للحظة فابتسمت لانتصارها ورفعت تنورتها أكثر.. ثم وضعت ركبتها اليمنى بين ساقيه تسندها على الأريكة فتراجع للخلف وهو يلهث وتبعتها الركبة اليسرى حتى أصبحت تجلس فوق ساقه بجسدها كله.. وبسرعة شعرت بجسده يشتعل أسفل منها.. ثم أمسكت بطرفي قميصها و نزعته ورمت به بجواره ومازالت نظراتهما معلقة ببعضهما البعض.. ولكن وما أن نزعت القميص حتى انحدرت نظراته للأسفل ما جعلها تشعر بغرور أثملها.. والإحساس بالسيطرة والعبث والرغبة جعلاها مجنونة حتما لتتصرف بهذه الطريقة.. ولكن تبا كم هي تحتاج لبعض الجنون.
انحنت فوقه وهمست أمام شفتيه
"هل تريد التحدي فعلا؟"
وكانت يدها تمشي ببطء تتحسس ساقه وهي تشعر بعضلاته تنقبض وترتعش أسفل لمستها حتى وصلت لحافة جيبه.. فعضت على شفتيها بينما تحدق بشفتيه المنفرجتين و وكأنها على حافة الثمالة وهي تدس يدها في جيبه و...
لحظة.. أين السروال؟!
رفعت عينيها عن شفتيه لتجده يحدق بها وابتسامة سخرية تلتمع في عينيه.. فهتفت بغضب تحاول سحب يدها والوقوف:
"أيها الوغد!!"
ولكنه كبل جسدها بذراع واحدة فأصبحت ملتصقة به.. بينما يده الأخرى تمر صعودا وهبوطا فوق ظهرها مرسلة رعشات من اللذة على كل بشرتها.. ثم قال بصوته الذي يذيب أعصابها وهي مستمرة في قتاله كي تتخلص من قبضته عليها:
"قطتي النارية.. هل ظننت أنك ستخدعينني بادعائك الاغواء؟.. بالله عليك حركاتك ساذجة عديمة الخبرة مثلك تماما"
شتمته وهي تقاتله بلا فائدة:
"وأنت وغد عديم الاحترام!!"
ضحك بصخب:
"إذا لماذا تحمرين خجلا بين ذراعي عديم الاحترام؟"
استهجنت:
"أنا لا أحمر خجلا!"
اقترب منها وتمتم بجوار وجنتها الدافئة:
"بلى.. هنا"
وطبع قبلة رقيقة فوق وجنتها ثم انخفض نحو عنقها وتابع همسه:
"وهنا.."
شعرت بجسدها ينتفض أسفل لمسة شفتيه وهو يهبط ليقبل أعلى صدرها:
"ممم وهنا"
تأوهت بدون وعي منها فرفع رأسه وأخذ شفتيها بين شفتيه يقبلها وهو يضغطها إليه بقوة فأحاطت عنقه بذراعيها و أمالت رأسها كي يستطيع تعميق قبلته وقد فعل.. فانسل لسانه برقة لداخل فمها متذوقا وعابثا وزمجرة تخرج من صدره لتذيبها كليا.. وقطع قبلته ليهمس أمام فمها بينما تئن اعتراضا:
"لا تقاتلي هذا هيرا.. إننا رائعين معا"
-:"ممم"
غمغمت بدون وعي وهي تقبله فاستجاب لها وأخذها مجددا بفمه يداعبها ويقضم شفتيها ويراقص لسانه بلسانها بينما يديه تفعل الأعاجيب فوق جذعها العاري حتى ارتفعت يدها لتتحسس صدرها الناهد المتصلب إثارة فشهقت وابتعد يسند جبينه على جبينها:
"تشعرين بهذا أليس كذلك.. أخبريني.. أتريدنني؟"
وضغط بيده وأصابعه تداعب قمم صدرها فأنت كقطة تريد المزيد فازدادت مداعباته حدة وهو يسأل ملحا بينما يأخذ شفتها السفلى بين أسنانه ويمتصها:
"أخبريني هيرا.. أخبريني كم تريدينني.. قولي إنك ترغبين بي وبما يجمعنا وليذهب كل شيء آخر للجحيم!"
بدون وعي وهي ثملة من تأثير لمساته التي ازدادت جرأة بيد أسفل تنورتها ويد فوق صدرها شهقت:
"أجل.. أجل.. تبا أريدك.. أريدك.. لم أرد رجلا آخرا كما أرغب بك الآن.. قبلني ثيون!!"
انقض يقبل شفتيها بقوة وشهوة جامحة ويديه تحيطان بها بينما يرفعها ليمددها فوق الأريكة ويشرف عليها يداعبها ويعذبها ويرفعها نحو سماء النشوة الناعمة فتشهق وتئن وتتوسل وهو يسأل:
"أنت لي؟"
فترد:
"أنا لك"
ويلح:
"ستجرين اختبار الحمل"
همهمت بلهفة وهي تمرر يدها أسفل قميصه:
"أجل.. أجل.. سأجريه!!"
قضمة هنا ولعقة هناك وصراخ نشوة وتابع اصراره:
"عديني"
ارتفع أنينها المعترض حين ابتعد بشفتيه المعذبتين من فوق جسدها المشتعل وصرخت به:
"أعدك.. ثيون"
فعاد ليطبع قبلة رقيقة فوق شفتيها وصعد ليقبل جبينها بحركة غريبة ثم وبكل هدوء نهض من فوقها وأخذ يصفف شعره بأصابعه وهو يلهث بقوة وكأنه يصارع نفسه.. وهي تحدق به بذهول وسألته
"ماذا تفعل؟"
ابتسم لها بمكر:
"أستعد للخروج"
هل يمازحها؟.. اعتدلت وهي تدرك مدى عريها أكثر كلما وضب ملابسه ورتبها:
"هل تمزح؟!"
اقترب منها وانحنى فوقها وابتسم بإدراك واثق وغرور حين لاحظ لهاثها الراغب وقال بكل ثقة:
"لا علاقة.. إلا حين تجري اختبار الحمل"
اتسعت عيناها بذهول:
"ماذا؟!"
اقترب أكثر واللعنة على جسدها الخائن تفاعل معه بكل سهولة:
"أنت تعلمين جيدا أن ما يحدث بيننا لن يتوقف.. لا بقوانين الجامعة ولا بأي شيء.. وتعلمين تماما إنك ملكي كما أنا ملكك فلا تغضبي وتثوري.. ولكن لن أنام معك إلا حين تجرين اختبار الحمل"
دفعته بكلتا ذراعيها ونهضت تصرخ به:
"يا لك من بغيض مغرور عديم الاخلاق منحرف التفكير و..."
اقترب منها بسرعة وبدون أن يلمسها بيديه حتى فقط أخذ شفتيها بين شفتيه فأنت بسرعة ثم شتمت وهي تدفعه:
"اللعنة عليك!!"
ارتفعت ضحكاته وهو يقول بينما يستدير مغادرا:
"كما قلت عزيزتي.. كلما أسرعت بإجراء ذلك الاختبار كلما أسرعنا بإطفاء ظمئنا لبعض"
هتفت به بحنق وغيظ:
"وإن لم أكن حامل؟!"
استدار لها
"بل أراهن أنك كذلك.. فتيان اريكسون سريعي المفعول عزيزتي النارية.. وأيضا.. لقد ازداد وزنك"
شهقت بقوة وهي تضع يدها على بطنها وأردافها تتحسسهم بهوس.. فضحك وهو يغلق الباب خلفه بكل هدوء تاركا عاصفة نارية اسمها هيرا تفكر بكيفية أخذ ثأرها مما فعله للتو..
أتريد أن تمثل دور المنيع تجاهي.. حسناً.. سنرى سيد اريكسون إلى متى سيصمد جسدك أمام ما سأفعله بك"
والتمعت عينا الشيطان التي تصفها بها جدتها دائما وهي تخطط لقلب الطاولة عليه بطريقة لذيذة ومثيرة.
لقد بدأت لعبة الإغواء واللعنة إن لم تكن فائزة بها.
***************
الفصل الرابع
ابتسم ثيون باستمتاع وهو يحدق بهيرا بينما تحدث الفصل بطريقتها المتكلفة وحركاتها الأنيقة.. تستطيع معرفة مدى عراقة أصلها ونشأتها فقط من طريقتها في الحديث والحركة.. ومؤكد هي شمالية.. نيويورك أو واشنطن ولكن بكل تأكيد شمالية.. سيتقلب أجداده الجنوبيين في قبورهم حين يعلموا أن الحرب بين الجنوب والشمال عادت ولكن بطريقة لذيذة ممتعة.
فها هي ناريته تعلن الحرب عليه بأكثر الوسائل خبثاً.. ولكنه ورغم صغر سنه محنك في أساليب النساء ــــ لا يوجد راعي بقر جنوبي يحترم نفسه لا يفعل ـــ كانت تتعمد إغوائه وإثارته بكل الطرق وهي تتصنع البراءة والهدوء.. بل إن كل حركاتها التي تظنها مغوية هي في غاية السذاجة والبراءة ورغم هذا جسده يشتعل تفاعلا معها.. ألهذه الدرجة هي تسيطر عليه.. ألهذه الدرجة يريدها حد اليأس؟.. ولكنه يعلم أنه لو جاراها فيما تريد لاكتفت بمجرد علاقات عابرة هنا وهناك وتباعدت بالكامل عنه.. إنه يعرف نظرة الهروب حين يراها.. لقد شاهدها كثيرا في نظرات شقيقه الأكبر بلايك.. ولن يسمح لها بالهروب منه أبدا.
وها هو يراقب محاولاتها الرائعة في اغواءه والتظاهر بأنها تتصرف بشكل طبيعي.. ورغم معرفته بما تنويه إلا أنه لا يستطيع السيطرة على ردة فعل جسده الثائرة.. كان يجلس في الصف الأول كعادته منذ عرف أنها المشرفة على أطروحة تخرجه.. وقد مر يومان منذ مواجهتهما في منزلها وقد قرر أن يتركها تفكر.. ولكن ما لاحظه على تصرفاتها جعله يعرف ما تنويه.
لقد قضت اليومين السابقين في محاولات يائسة لإغوائه وجعله يخضع لشروطها.. فهو لن ينسى كيف أتت لمنزله بالأمس.. لقد كان قد طلب بيتزا للعشاء ويستعد لإنهاء أطروحة تخرجه حين سمع جرس الباب وحين فتحه وجدها تقف بصندوق البيتزا وقد أخذت قطعة منه وبدأت بتناولها فاستند على إطار الباب وابتسم لها:
"لم أكن أعلم أن فتى التوصيل جذاب بهذا الشكل"
تجاوزته ودخلت للشقة التي شهدت جموح ليلتهما سويا وهي تقول:
"أتعلم ثيون.. أنا أحب البيتزا ولكني كنت ممنوعة من تناولها.. فقد كان والدي يعتقد أنها سوقية وشعبية بشكل زاد عن الحد"
وانحنت بطريقة مبالغ بها فانحسر فستانها الضيق الأزرق عن ساقيها ما جعل جسده يتفاعل بسرعة مع ما يراه.
-:"يبدو لي أن والدك رجل صارم"
وتمتم بداخله: "شمالي متكبر!"
استدارت وتابعت وكأنها لم تسمع ما قاله:
"أتعلم ما أسوأ شيء في تناول البيتزا؟"
كتف ذراعيه وهو يحدق بها بتسلية:
"لا.. ولكن حدسي يخبرني أنه شيء ممتع"
ابتسمت ببراءة:
" إنها فوضوية"
رفع حاجبيه يجاريها
"ما هي الفوضوية؟"
بكل براءة:
"البيتزا!"
كبت ابتسامته بيده وسأل باستمتاع وعيناه تلتمعان:
"حقا؟ لم أكن أعلم هذا"
بدأت تحل زر الفستان الأول وقد كانت أزراره على طوله ما أثار مخيلته بشتى الطرق المنحرفة وردت:
"أجل.. إنها تثير الفوضى على الملابس وأنت تعلم أن الفتاة المهذبة لا تلطخ ملابسها"
رفع حاجبه:
"وأنت فتاة مهذبة؟"
تابعت حل الأزرار حتى وصلت لمنتصف الفستان:
"أجل.. إنها البيتزا! "
"آها.. البيتزا الشقية المشاغبة!"
رطبت شفتيها وهي تنزع الفستان بالكامل حتى أصبحت بملابسها الداخلية السوداء المخرمة وبكل هدوء جلست فوق الطاولة وأخذت قطعة البيتزا:
"ممم إنها لذيذة.. ألا تريد قطعة؟"
اقترب منها وقد قرر سقيها من نفس دواءها.. فأخذ ينزع قميصه وراقبها وهي تتبع بنظراتها حركة يديه حتى أصبح عاري الجذع أمامها.. واقترب منها حتى أصبح أمامها وأخذ ينحني بكل هدوء حتى أصبح في مواجهة وجهها فافترقت شفتيها بتوق فابتسم وهو ويحدق بشفتيها وهمس:
"أتعلمين.. أنا جائع للغاية و أتعرفين لأي شيء؟"
همهمت:
"مممم"
كانت تقترب منه تريد تقبيله وقد أسدلت جفنيها برقة تترقب قبلته فهمس وهو يمس شفتيها مسا
"جائع للغاية هيرا"
أنت بلهفة فتابع:
"لهذا شكرا على البيتزا"
فتحت عينياها بدهشة وهي تراه يضع قطعة كبيرة من البيتزا في فمه ويغمز لها.. فافتر ثغرها بذهول وهو يقول والطعام يملأ فمه:
"هيا تناولي طعامك صغيرتي"
وراقبها وهي تتلون خجلا وهو يفكر اااه يا نارية لو تعلمين فقط كم السيطرة التي أمارسها على نفسي كي لا آخذك هنا والان.
أمسكت فستانها وغمغمت:
"يبدو أنك مشغول.. سأغادر"
وحاولت ارتداءه بتوتر فاقترب منها بهدوء وأمسك بيديها المرتعشتين ورفعهما يقبلهما وهو يقول:
"هيرا أنت تعلمين تماما أنني أريدك والرب يعمل كم"
وأخذ يغلق أزرار الفستان وعند كل زر كان يطبع قبلة فوق شفتيها ويتمتم:
"ولكن يجب علينا حسم هذا الأمر هيرا"
قبلة أخرى عميقة كاد أن يفقد سيطرته معها خاصة بطريقتها في التعلق به وجذبها له ولكنه ابتعد مجبرا:
"هيرا.. أنا ما زلت عند كلمتي.. لا علاقة إلا باختبار الحمل"
دفعته بيديها وهي تزمجر بغضب:
"أيها البغيض!!"
واندفعت تخرج من الباب.. ولكنه أمسك بها بسرعة وسحبها نحوه بقوة فشهقت وهو يمسك بمؤخرتها ويضغط جسدها فوق جسده:
"أنا لست بغيضا.. أنا مثار للغاية وجائع لك لأقصى حد.. ولكني لا أريد أن أكون مغامرة هيرا.. لا أريد أن أكون مجرد لعبة تتسلين بها كي تثبتي لنفسك أنك طائشة وشقية!"
اتسعت عيناها بذهول فقال:
"قد أكون راعي بقر في ثياب طالب جامعي ولكن لا تستهيني بذكائي.. الحياة القاسية في الصحراء علمتنا الفراسة.. وأنت صغيرتي ككتاب مفتوح لي"
دفعته وهي تهتف:
"لا تقل صغيرتي!!"
وخرجت مسرعة فتنهد بيأس وهو يحاول تهدئة جسده المثار وهو يعلم أن حربه طويلة معها.
وها هي تتحرك بطريقتها الأنيقة الرشيقة أمام الجميع وتتحدث.. ولكنها بين الحين والآخر ترمي بنظراتها إليه وهي تعبث بمقدمة قميصها فيبتسم بمشاكسة وهو يحدق فيه.. تلك القمصان اللعينة.. كلها حريرية رقيقة بأزرار لؤلؤية وألوان رائعة.. وكلها بلا أكمام كالذي كانت ترتديه ذلك اليوم.. في اليومين السابقين ارتدت مثله ولكن بألوان وأنواع مختلفة.. وتنانير ضيقة للغاية وقصيرة بطريقة معقولة.. ولكن على جسدها الذي ينحني بشكل مغوي بدأ يعتقد أنه يجب على إدارة الجامعة منع هذه التنانير.. لقد كاد أن يضرب فتى من الطلاب الصغار فقط لتحديقه بها.
-:"من فضلك سيد اريكسون هلا ساعدتني قليلا"
قطعت جملتها الرقيقة أفكاره حول التنورة والمنحنيات فارتبك للحظة وسأل بشك:
"ماذا؟"
فأشارت له نحو لوحة الإضاءة وقالت:
"هلا أطفأت الضوء كي أشغل عارض الصور"
وقف وهو يحلل خطوتها هذه فلابد أن لها هدف.. وأطفأ الضوء فاعتمت القاعة ماعدا اللوح الأبيض الذي كان ينعكس عليه عارض الصور وعاد لمقعده ولكنها اعترضت:
"من فضلك سيد اريكسون هلا وقفت هنا للحظة.. فالتحكم عن بعد بالجهاز لا يعمل وسأضطر لأن اعتمد عليك كي تغير الصور"
أهاا.. إنها تلعب لعبة ما ابتسم ببراءة وقال:
"حسنا آنسة مورغان"
وجلس على مقعد خلف طاولتها وهي تتابع شرحها على اللوح بينما تخبره متى يغير الصور.. ثم فجأة اقتربت من المكتب وهي تقول:
"هذه كانت صور بعض المعابد القديمة في شمال أوروبا حيث عرف الفايكنج معنى الآلهة المنوعة.. ولكن الان سأريكم صورا أخرى لحضارة أخرى ولكن في الشرق"
وانحنت فوق المكتب تضع إحدى يديها فوق الحاسوب المحمول خاصتها وهي تقلب بالصور ويدها الأخرى استندت من خلف الطاولة حيث لا يراها بقية الطلاب على ساقه.. فرفع حاجبه وهو يكتم ابتسامة عابثة ولعق شفتيه واستند براحته على فمه.. أما هي فأخذت تقلب في الصور بينما تستمر يدها بالحركة لأعلى ساقه وهي تخاطب الفصل:
"كما نرى في شرق آسيا معابد الآلهة اختلفت باختلاف البيئة و..."
وتابعت حديثها بينما تصعد يدها حتى وصلت لحافة سرواله.. فشعر بجسده يستجيب للمستها ولكنه تظاهر بالبرود وبكل هدوء حدق بها وقال:
"يمكنك الحديث للفصل آنسة مورغان سأتولى انا مسؤولية الصور"
تجمدت يدها وشعر بها تبتلع لعابها.. وبكل هدوء مصطنع ابتسمت له وتراجعت تقبض يدها وهو يحاول كبت ابتسامته وكذلك السيطرة على جسده الذي استجاب بكل سهولة للمستها.. اااه يا نارية لو تعلمين!
****
انتهت المحاضرة وخرجت مسرعة نحو مكتبها فلحق بها بعد خروج الجميع.. وما أن طرق باب المكتب وسمع إجابتها حتى دخل وأغلق الباب خلفه.. وتجمد مكانه مصدوما من المشهد الذي يطالعه.. لقد كانت تقف فوق مقعد تحاول تناول أحد الكتب في الرفوف العلوية للمكتبة الملحقة بالحجرة فهتف بها بغضب:
"بحق السماء ماذا تفعلين؟!"
التفتت بسرعة فتمايل المقعد فأسرع ليسنده وما أن رفع رأسه حتى اصطدم بمشهد ساقيها العاريتين.. وفكر هل قصرت التنورة؟!.. فقد كانت تكشف حتى وسط فخذيها وقد كان وجهه قريب جدا من بشرتها الناعمة الرقيقة وتلك الرائحة المدوخة لعطرها الناعم اللذيذ وسمعها تهمس:
"آسفة لقد اضطررت لرفع تنورتي كي استطيع الصعود.. ممم هلا توقفت عن النظر إلي من فضلك.. هذا ليس تصرفا مهذبا"
اكتشف أن عيناه لما تكن تحدق بوجهها فاحمرت وجنته بسرعة.. ما استدعى ابتسامة منتصرة من هيرا التي كانت تعلم تماما أنه سيلحق بها حتى مكتبها فافتعلت هذا المشهد.
تنحنح ثيون ورد بعصبية:
"لا يمكنك فعل هذا فقد تسقطين وتؤذين نفسك!!"
ثم تابع وهو يرفع رأسه:
"ولماذا لا أحدق وأنت تعطين أي شخص يدخل مكتبك مشهدا مثيرا؟!"
تبا له!!.. تظاهرت بالترنح وهي تهمس
"أووه ثيون أشعر بالدوار"
بسرعة كان يحملها ويمددها على الأريكة وهم يتمتم بغيظ:
"ربما التنورة الضيقة هي السبب"!
كان يجثم فوقها فاعتدلت حتى أصبح وجهه مقابلها مباشرة وعبست قائلة:
"أتقصد أنني ازددت وزنا؟!"
"متى قلت هذا؟"
لوت شفتيها بحزن:
"في منزلي والان"
لم يتمالك نفسه فمرر يده على طول ساقيها وهو يقول:
"أنت مثالية هيرا.. لم اعني إنك ازددت وزنا بشكل عام.. بل هناك أماكن معينة"
بغباء سألت:
"ماذا تعني أماكن معينة؟"
هبط بنظراته نحو صدرها فابتسمت وهي تمسك بقميصه وتقربه منها أكثر:
"اعتقد إذا إنك ستحب هذه الزيادة"
ورمت بنفسها عليه تقبله ويديها تتلمس صدره العريض وعضلاته الرائعة المثيرة.. وخلال ثانية شعرت بتجاوبه معها فانحنى أكثر نحوها يقبلها ويده تتسلل أسفل قميصها وتداعب صدرها الممتلئ بالفعل فأنت برغبة أشعلته تماما.. اللعنة إنها تنتصر عليه!
همس من بين قبلاتهما:
"هيرا يجب أن نتحدث"
كانت تمرر يديها بين خصلات شعره:
"أجل.. أجل سنتحدث ولكن بعد هذا"
أمسك بيديها التي تتجه نحو سرواله ورفعهما للأعلى وهو يتابع تقبيلها:
"لا... ليس هنا..."
وابتعد يلهث ويحدق بها:
"ليس هنا هيرا.. لن أعرضك للخطر"
لعقت شفتيها وهي تتأمله بشوق.. يا إلهي لقد اشتاقت له!!
-: "حسنا في منزلي الليلة"
أومأ:
"اتفقنا"
ووقف يحاول ضبط أنفاسه وهو يمد يده لها لتقف مستطردا بسخرية:
"أرى أن الدوار قد ذهب"
ابتسمت له بانتصار:
"على الأقل حصلت على الجائزة"
قربها منه وسأل
"وهل أنا جائزة؟"
حدقت بشفتيه:
"ممم أوه أجل"
أحاط خصرها بذراعيه وهو ينحني ويهمس بجوار أذنها:
"لا تعتمدي على انتصارك يا نارية"
وقبل بشرة عنقها أسفل أذنها وبطرف لسانه رطب جلدها ونفث قليلا من الهواء من بين شفتيه.. فشهقت وارتعشت بين ذراعيه فابتسم بغرور:
"ناريتي.. ناريتي"
وابتعد عنها مغادرا:
"موعدنا الليلة هيرا انتظريني"
فحدقت بالباب المغلق وهي تهمس لنفسها والشر يلتمع بداخل عينيها
"أووه سأنتظرك!"
فقد قررت أنها ستأخذ كل ما تستطيع أخذه منه الليلة وستنبذه صباحا.. ستخرج منتصرة في هذه الحرب!
******
في التاسعة مساء أخذت خيرا تذرع بهو منزلها وهي ترتدي أكثر قميص نوم مغري لديها ولكن البغيض ثيون تأخر تبا له.. كان يعبث بها لقد أدركت هذا الآن خاصة وقد دقت العاشرة فأيقنت وعرفت أنه لن يأتي فجلست قليلا تحاول ترتيب أفكارها.. لقد فكرت بكل شيء.. الإغراء واللمسات والتلميحات.. اللعنة لقد ذهبت لمنزله حتى.. إنها تتصرف بطريقة مناقضة تماما لما هي عليه.. لو أن هيرا القديمة تشاهدها الآن لماتت رعبا من تصرفاتها.
ولكن هيرا القديمة لم تكن تتنفس وتعيش.. بل كانت دمية في يد والدها التقليدي الصارم ولهذا لن تفكر كهيرا القديمة.. لا بل هي هيرا النارية.. ناريته كما يقول وستتصرف كما يليق اسمها بها.
أمسكت هاتفها بتصميم وعيناها تلتمعان وطلبت رقمه ومجرد أن أجاب:
"ثيووووون!!"
وصرخت برعب جعله يهتف:
"هيراا ماذا يحدث؟!"
تابعت صرخاتها وهي تبعد الهاتف عنها كي تظهر وكأنها تركض أو تعاني أيهما أكثر افزاعا له وسمعته يشتم:
"اللعنة هيرا أجيبي!!"
طرقت على المنضدة بفوضى وصرخت: "
أسرع ثيون إنه هناااا أسرع!! "
وأغلقت الهاتف وهي تبتسم بمرح وموجة الإثارة والمشاكسة تجتاحها كنوبة سكر مثملة.. وانتظرت وهي تكاد لا تطيق صبرا.. وما هي إلا لحظات حتى سمعت صوت جرس الباب ففتحت هيرا الباب لتجد ثيون يقف متأهبا ويلهث.. فابتسمت له وجذبته للداخل وأغلقت الباب خلفهما ثم دفعته ليستند بظهره على الجدار وهي ترمي بنفسها عليه وتمسك بخصلات شعره وتقبله.. فاستجاب لها بسرعة وأمسك بها يحملها فأحاطت خصره بساقيها تعمق قبلتهما وشعرت به يتحرك نحو الطابق العلوي بها فأخذت تنزع قميصه بلهفة مازالت قبلاتهما ساخنة ملتهبة حتى رماها فوق السرير.. فتمددت تحدق به وهو ينزع سترته وقميصه ثم يقف أمامها عاري الجذع وهي تبتسم باستمتاع لعرضه الرائع.. وحين جثى فوقها شاهدت في يده علبة صغيرة فعبست باستغراب:
"ما هذا؟"
قبل بطنها وصعد حتى عنقها يمطر جسدها قبلات وهو يقول:
"اختبار الحمل هيرا.. هل ظننت أن خدعتك قد انطلت علي؟.. لقد اتفقنا لا علاقة إلا حين تجري الاختبار"
أمسكت بشعره تشده وتبعده عنها فابتسم بعبث صبياني:
"هل تمازحني؟!"
"ماذا.. هل ظننت أن ذلك العرض التمثيلي في مكتبك سيخدعني.. وصراخك على الهاتف.. اووه ثيون!"
قلدها فشددت من إمساكها لشعره وهي تهتف بحنق:
"لن أجري اختبار الحمل!!"
تحدى قبضتها القوية وهو يعض شفتها السفلى فاسترخت قليلا فعمق قبلته حنى شعر باستجابتها وهمس:
"هيرا.. يجب أن نعرف"
وابتعد عنها فصرخت باعتراض:
"أوووه أنت بغيض!!"
وأمسكت بالعلبة وانتفضت واقفة وهي تقول:
"إياك أن تتحرك من هنا.. وسأثبت لك أنني لست حامل!"
استدار يتمدد على ظهره وهو يقول بكل ثقة:
"أنا هنا لن أتحرك أبدا"
رفست بساقها وهي تندفع نحو الحمام فابتسم ثيون:
"يا إلهي كم سيستمتع راعي البقر هذا بترويضك ناريتي!"
****
تجمدت هيرا.. يا إلهي إنها تشعر بالبرد.. تشعر بالمرض.. يا للسماء.. يا للسماء.. خطان حمراوان!
أحاطت جسدها بذراعيها وهي تحاول كبت ارتعاشها ولكن بلا فائدة.. يا إلهي إنها تشعر بالبرد الشديد ماذا ستفعل؟!
بأسنان مصطكة حاولت الهمس:
"ث... ث... ثيون"
تمالكت نفسها ورفعت صوتها
"ثيون!"
وخلال لحظة كان يفتح باب الحمام ويحدق بها.. وحينها شعرت كما لو أنه فتح بابا على كل مشاعرها فانفجرت تبكي وتجهش بنحيب عالٍ وهي تشير بإصبع مرتعش نحو العصا البلاستيكية الصغيرة التي تظهر فوقها نتيجة الاختبار.. فلم يحدق به حتى بل اندفع يركع أمامها وأحاطها بذراعيه يحتضنها وهو يتمتم لها:
"ششش.. اهدئي صغيرتي!"
وحملها بين ذراعيه وأسرع يضعها على السرير وهو يجلس بجوارها ويتابع بينما يشدد من احتضانه لها ولكنها كانت في عالم آخر:
"لا تقلقي.. كل شيء سيكون على ما يرام"
وهنا انفجرت فدفعته ووقفت تصرخ بانهيار:
"لا تقل هذا.. أي شيء هذا الذي سيكون على ما يرام.. لم تعد هذه لعبة محرمة نلعبها سويا.. أنا حامل أتفهم.. هناك طفل بداخلي.. يا إلهي يا للسماء.. كيف سأتصرف.. سأطرد من عملي ولن أستطيع الانفاق عليه.. يا إلهي هل سأعود لعائلتي.. هل سيقبلونني؟!"
وقف بسرعة وعبس وهو يحاول تهدئتها:
"هيرا صغيرتي..."
نفضت جسدها وصرخت:
"لست صغيرتك أتفهم.. اللعنة ثيون أنت أصغر مني بعامين.. أنا حامل من طالب في الكلية أصغر مني وقريبا سيطرد كلانا"
كانت تتحدث وهي تتحرك بهيستيريا وتشد خصلات شعرها وتبكي ما دفع ثيون لمحاصرتها وإحاطتها بذراعيه وهو يهتف بها:
"هيرا توقفي!"
تجمدت تحدق به بعينيها الخضراوين المليئتين بالدموع.. فتابع وهو يركز نظراته عليها كي تفهمه وتهدأ:
"هيرا أنا أعلم أن الخبر صادم ولكننا سنكون مسؤولين تجاه ما حدث.. وانا سأتحمل كل المسؤولية فلم أكن ثملا مثلك تلك الليلة.. صدقيني لن أخيب أملك.. اهدئي عزيزتي ولا تفكري كثيرا.. اهدئي وحاولي أن تنامي"
شعر بجسدها يسترخي فعاد ليحملها ويضعها فوق السرير وبدأ بنزع ثيابها حتى ظلت بملابسها الداخلية.. فوقف ونزع سرواله و تمدد بجوارها وهو يعود ليضمها بين ذراعيه ولصدره ويغطي جسديهما وهو يتمتم لها:
"أجل صغيرتي.. استرخي ونامي.. وصدقيني لن أدع شيء يصيبك"
لحظات وانتظمت أنفاسها فأخذت الأفكار تعصف به..
هيرا حامل بطفله!
يا إلهي مجرد التفكير بهذا يثيره ويجعله ينتشي بدون سبب.. لقد تحققت أمنته اخيرا.. امرأته وطفله.. امرأته النارية التي احتلت كل كيانه ومازال لا يعرف كيف يصف شعوره.. فإذ كان حبا فما يشعر به كثير على كلمة حب.. إنه امتلاك.. رغبة.. مطالب.
أجل إنه حب.. اللعنة إنه يحبها!
انتفض قلبه بداخل صدره لهذا الادراك.. فشدد من احتضانه لها ووضع يده على بطنها وهو يتخيل طفله منها.. هل سيكون أحمر الشعر مثلها أم مثله؟
سيعتني بها وسيكون رجلها وسيجعلها تحبه.. واللعنة لن يدعها تخاف كما خافت قبل لحظات..
ورغم عدم معرفته بسبب خوفها ولكنه صمم أنه لن يكون ثيون اريكسون إن لم يمحوا مخاوفها واحدا تلو الاخر.. ويعلم الرب أنه صادق في وعده.
*****
استيقظت هيرا صباحا لتجد أنها ممددة بين ذراعي ثيون الذي كان يحدق بها بحنان وشيء آخر أحبته ولكنها لم تفهمه.. تنحنحت وهمست بصوت يشوبه النعاس:
"أنا... هل اصابتني الهيستيريا بالأمس؟"
أومأ مبتسما وذراعيه تحيطان بها بتملك أعجبها:
"أجل صغيرتي الرائعة.. هيستيريا فظيعة للغاية"
احمرت خجلا:
"أنا... سأفسر لك..."
قاطعها:
"لا يهمني هيرا.. صدقيني لا يهمني أن تفسري.. كل ما أريده هو أن تطمئني لي وتثقي بي.. حينها لن يهمني أي شيء آخر لأنني سأكون قد ملكت الكون"
ابتلعت لعابها للحظة تفكر ثم حدقت به وقالت:
"من الصعب أن أثق بأي أحد في هذه المرحلة.. ولكني أثق في أنك أكثر رجل مخلص عرفته حتى اللحظة.. أثق في رجولتك نحوي وحسك العالي بالمسؤولية.. وصدقني أثق أنك تريد هذا الطفل وأنا..."
شعرت به يحبس أنفاسه للحظة فتلعثمت وهي تقول:
"أريد أن أريده.. صدقني أنا لست امرأة سيئة ولكن كل شيء يجري عكس ما خططت له.. كيف سأعيله.. كيف سأعتني به.. وإن عدت لوالدي سيجبرني على التخلص منه و..."
تجمد جسده حولها وهو يعتدل ويمسك بها ليضعها فوق ساقيه بقوة.. وبذراع حولها وبيد فوق بطنها قوية حازمة حانية قال:
"استمعي إلي هيرا.. هذا الطفل لنا سويا.. أنا لست طالب دراسات عليا معدم.. بل أمتلك عملي الخاص وأموالي الخاصة.. وانحدر من عائلة عريقة لن تسمح لحفيدها أن ينشأ محتاجا.. أفهمت.. لن تحتاجي لأي أحد.. لن تضطري لتنفيذ أوامر أي أحد.. أنت ستكونين السيدة اريكسون وقريبا جدا هل فهمت؟"
اتسعت عيناها بذهول وهي تتمتم:
"ثيون أنت لا تعني..."
قاطعها:
"اللعنة بل أعني.. أنت لي امرأتي.. واللعنة هذا طفلي لن أسمح بخسارتكما هذا شيء منتهي.. سنتزوج وسنسافر لمزرعتي وفورا"!
صمتت لا تعرف ماذا تقول.. فكل جسدها وعقلها و يا للسماء قلبها أيضا أصبح خاضع لهذا الرجل.. للرجل الخطأ تماما.. الرجل الذي سيجعلها تخسر الأمان المؤقت الذي شعرت به للحظات بعيدا عن عائلتها.. ولكن رغم كل هذا ينساق جسدها للمساته المسكرة و انجذابها له.. فلم تجد بدا من أن تسند رأسها على صدره وهي تتنهد وعقلها يدور بجنون.. ماذا ستفعل؟!
*****
الفصل الخامس
شعر ثيون بجسد هيرا يتصلب حين نادت مساعدة الطبيب الذي قررا الذهاب إليه اسمها.. فشدد قبضته على يدها لتنتبه إليه ورفع راحتها يقبلها:
"لا تقلقي.. أنا معك اتفقنا؟"
أومأت تحاول الابتسام فخرجت ابتسامتها صفراء متوترة.. فضمها إليه بدون تردد وهما يدخلان لمكتب الدكتور مورتون الذي ابتسم بوداعة:
"مرحبا آنسة مورغان.. تفضلي بالجلوس"
جلست وعرف ثيون عن نفسه وهو يصافح الطبيب:
"ثيون اريكسون"
ابتسم الطبيب بفهم:
"آها.. أنت خطيب الآنسة؟"
كادت أن تهز رأسها بالنفي ولكنه سبقها مبتسما للطبيب:
"أجل.. أنا خطيبها"
تجاهل نظرة الاستهجان التي رمقته بها وتابع بكل هدوء:
"لقد أجرينا الاختبار المنزلي بالأمس وكانت النتيجة إيجابية و..."
تدخلت هيرا:
"هل هناك فرصة لأن تكون النتيجة سلبية؟!"
حدق بها بحدة ولكنها كانت تتجاهله وتنظر نحو الطبيب بأمل!!
ألهذه الدرجة لا تريد الطفل؟.. لقد كانت تفرك يديها ببعضهما البعض.. وحين حاول مد يده ليمسك بها دفعتها بعيدا بحركة حادة لفتت انتباه الطبيب الذي تنحنح محاولا لفت انتباهه:
"حسنا آنستي.. هناك دائما نسبة خطأ في الاختبارات المنزلية ولكنها ليست كبيرة.. لنقوم بفحصك ثم نحدد.. هلا صعدت للسرير"
حدقت بالسرير الطبي برعب وسألت:
"ألم نقم بإعطاء الممرضة عينة دم.. ألا تكفي هذه؟!"
ابتسم الطبيب بهدوء:
"تكفي عزيزتي.. ولكن يبدو إنكما مستعجلان لمعرفة النتيجة ولهذا فلا ضير من أن أقوم بتصوير الرحم مباشرة"
حاول ثيون طمأنتها:
"لا تقلقي عزيزتي أ..."
استدارت نحوه بحدة وعينيها تقدحان شرر وهتفت:
"توقف عن قول كل شيء سيكون على ما يرام بحق الجحيم!!"
تصلبت ملامحه وبهدوء قال للطبيب:
"هلا عذرتنا قليلا"
وقف وانحنى نحوها يحملها وهي تصرخ معترضة:
"ثيون!"
غمغم من بين أسنانه:
"توقفي عن الصراخ والعبوس كطفلة يأخذها والدها لطبيب الأسنان وتصرفي بنضج قليلا!!"
شعر بها تستكين في حضنه ولكن أنفاسها متوترة سريعة لاهثة.. اتجه نحو السرير الطبي ووضعها عليه وأغلق الستارة خلفهما مبتسما للطبيب بأدب واستدار نحوها:
"والآن.. ألم نتحدث في المنزل عن كل شيء ؟"
كتفت ذراعيها بحنق وردت:
"أنت هادئ للغاية ثيون وكأنك كل يوم تأخذ امرأة لزيارة الطبيب النسائي.. ولا تتوقف عن قول كل شيء سيكون على ما يرام.. أنا أكره هذه الكلمة!"
انحنى نحوها يستند بيديه على طرف السرير وهمس أمام شفتيها:
"إذاً سأستمر في قولها وقول العديد من الجمل التي تطمئنك ولو رغما عنك.. أخبرتك هيرا أنت امرأتي.. لي.. ملكي جسدا وقلبا وروحا.. لقد وشمتك بداخلي ووشمت نفسي بداخلك منذ تلك الليلة.. ولن اتخلى عنك أبدا"
احمرت وجنتاها وهي تقول:
"أنت تعلم أن الطبيب يمكنه سماعك أليس كذلك؟"
ابتسم بغرور وغمزها:
"أجل ولكنه من التهذيب كي يتظاهر بأنه لا يسمع"
ارتفع صوت الطبيب من خلف الستارة:
"أجل بالفعل أنا مهذب.. ولكن أرجو أن تنتهيا سريعا فهناك مواعيد غيركما"
ازداد احمرار وجنتي هيرا فهمس بجوار أذنها:
"كيف تحمرين خجلا وقد شننت حملة شرسة لإغوائي بكل وقاحة؟"
شهقت وهي تحاول الاعتراض ولكنه أخرسها بقبلة عميقة جعلت جسدها يسترخي وهو يمددها فوق السرير حتى سمع صوت الطبيب يتنحنح.. فابتعد عنها ووجدها كحبة الطماطم محمرة الوجه خجلا وهمست:
"لا أصدق إنك تتحرش بي في حجرة الطبيب!"
ابتسم بمرح وهتف الطبيب من خلفهما:
"ولا أنا أصدق أيضا آنستي.. ولكن رجال اريكسون لا يهمهم أي شيء"
سعل ثيون بخجل وهو يعود للخلف ويفتح الستارة ويقول:
"نحن جاهزان دكتور مورتون"
ابتسم الطبيب بمرح وقال:
"أنت بني تمتلك نفس وقاحة والدك جون"
كتم ثيون ضحكته والطبيب يقترب من هيرا ويساعدها كي ترفع طرف قميصها وتخفض سروالها الجينز.. فظهرت بشرة بطنها الرقيقة الناعمة وشعر ثيون حينها بجسده يشتعل وهو يتخيل طفله يقبع هناك في جسدها الرائع المكتمل الأنوثة.. فأسرع يمسك براحتها ويقبلها ويبقيها هناك عند شفتيه بينما يبدأ الطبيب فحصه وهو يركز نظراته في الشاشة أمامه فسألته هيرا:
"هل تعرف والد ثيون دكتور؟"
ابتسم وأجابها
"إنه صديقي عزيزتي.. ويمكنني إخبارك منذ الآن أن رجال اريكسون يمكن الاعتماد عليهم فهم يتمسكون بما لهم"
التقت نظراتهما في صمت وشعر ثيون بتساؤلها الصامت فانحنى يقبل جبينها ويهمس:
"أجل صغيرتي.. أنت لي"
لم تعرف هيرا كيف فهم سؤال نظراتها.. ولكن ربما يجب أن تتوقف عن طرح أي أسئلة تتعلق بثيون فقد كان يفوق كل اسئلتها وأجوبتها حتى.. قاطع حديث الطبيب أفكارها وهو يقول:
"مم حسنا آنسة مورغان.. بلا أدنى شك أنت حامل بخمسة أسابيع وهو حمل صحي لا توجد أي مشاكل والشكر للرب.. سنحاول الاستماع لضربات القلب رغم أنه من الصعب عادة سماعها إلا بعد ستة أسابيع"
لم تهتم هيرا لسماع تفسيره.. فقد تجمدت وهي تحدق بثيون وعيناها ترتعشان بخوف ورعب.. وهو يحدق بها بقوة يحاول طمأنتها.. وكادت أن تنتفض واقفة كي تهرب.. أجل تهرب.. كم تعشق فكرة الهرب الآن!
ولكن صوت غريب ارتفع بشكل خجول بطيء.. ثم تعالى في فضاء الحجرة جعلها تشهق وهي تحدق في الشاشة ثم في الطبيب و ثيون بذهول وهي تتلعثم:
"ه...ه...هذا هو؟!"
ابتسم الطبيب:
"لدينا هنا راعي بقر مثابر ذو قلب قوي"
كيف تستطيع وصف المشاعر التي غمرتها في تلك اللحظة لا تعرف.. كانت تحدق بالشاشة حيث يتراقص ضوء أبيض غريب ولمست الشاشة بهوس:
"طفلي؟!"
وصلها صوت ثيون الأجش
"طفلنا"
التفتت نحوه بحدة ولم تدرك أنها تبكي إلا حين رأت صورته مشوشة وهمست:
"أووه ثيون.. طفلنا!"
انفجرت بالبكاء فأسرع يحتضنها وهي تنتحب فوق صدره وتتمسك بقميصه.. والطبيب يمسح بطنها من أثر الجل البارد وينزل ملابسها.. فلم تشعر إلا وثيون يحملها ويتمتم للطبيب باعتذار ويخرج مسرعا.. لم تعرف كيف تحرك بها خلال العيادة المليئة بالمرضى وإلى الخارج حيث سيارته.. ولكنه همس:
"صغيرتي يجب أن أضعك في المقعد"
هزت رأسها بلا وهي تتشبث به أكثر.. فشتم وسمعته يهتف لسيارة أجرة وعادت هي لانهيارها..
طفلها.. القوي الجميل.. طفل ليلة عابرة مع أروع رجل عرفته في حياتها.. الرجل الخاطئ بكل طريقة.. والصحيح بأجمل طريقة.
شعرت به يهبط من السيارة ويتحرك بها نحو شقته إلى أن وضعها برقة فوق سريره و يتمدد بجوارها يحتضنها حتى هدأت تماما
-:" آسفة"
سألها:
"لماذا؟"
كانت تمرر يدها على بطنها وشعرت بيده فوقها:
"لأنني كنت عنيدة وأنانية.. لأنني فكرت بنفسي وكيف يمكنني الحصول على بعض المرح فقط.. شكرا لكونك مسؤول أكثر مني"
احتضنها وقال:
"شكرا لكونك في حياتي"
اشتعل جسدها لقربها منه وليده التي تمر فوق جسدها بحميمية وهمست بإغواء
"ثيون"
تمتم وهو يدفن وجهه في عنقها:
"ممم"
حاولت التحدث بثقة:
"لقد أجرينا الاختبار"
تابع تقبيله لعنقها وسأل
"و...؟"
-:"ممم ألم تشترط أن لا علاقة إلا حين نجري الاختبار؟"
كان قد بدأ ينزع ملابسها بالفعل وهو يقول:
"أنا أكثر من سعيد لتلبية طلباتك سيدتي "
وجثم فوقها وهو يبتسم بعبث:
"تعجبينني وأنت بهذه الوداعة يا نارية"
وانحنى يقبلها بشغف وقوة فتمسكت به وهي تهمس بينما تجذب شعره وتقربه منها أكثر
"ولكن لا تعتد على هذا يا راعي البقر الهمجي"
*****
دلف ثيون مبنى الجامعة وشياطين الجحيم تتقافز أمام عينيه.. فقد استيقظ ليجد نفسه وحيدا وهيرا قد تركته مجدداً.. ولكنه هذه المرة لن يتركها تتهرب منه.. لقد مضى أسبوع على معرفتهما بالحمل وقد ظن أن وضعهما قد استقر.. ولكنها تعاود التهرب من كل مواجهتهما وأي مرة يحاول الحديث عن حياتهما معا.. وكأنها تخشى الكلام عن أي مما يدور بداخلها.. ولكن هذا يكفي.. لقد جاء ليواجهها ولن يتوقف إلا وكل أوراقهما مكشوفة تماما.
ولكنه وقبل أن يدخل المبنى أوقفه نداء أنثوي.. فاستدار ليجد شيانا أمامه فتجمد في وقفته وعبس يحاول تحليل مشاعره لرؤيتها.. فقد مر شهر ونصف منذ أن اكتشف خيانتها وتركته.. ولم يقابلها أبدا منذ تلك اللحظة.
وقفت أمامه وهي تحاول الابتسام:
"مرحبا ثيون"
ببرود رد:
"ماذا تريدين شيانا؟"
تقدمت منه وأمسكت بذراعه فحدق بيدها يحلل ماذا سيشعر حين تلمسه ولكن لا شيء.. هل هذه هي حبيبة الطفولة؟.. كيف تستطيع هيرا بنظرة عين أن تشعله وتطفئه.. وكيف صديقة طفولته وخطيبته السابقة لا تشعره سوى ببعض الاشمئزاز والبرود؟!
حدق بها وهي ترفرف برموشها:
"كنت أريد الحديث معك لوحدنا قليلا"
بكل برود أمسك بيدها وسحبها من فوق ذراعه وقال:
"لا يوجد شيء لنتحدث عنه شيانا.. اعذريني لدي موعد"
واستدار وتركها متجها نحو مكتب هيرا.. ولأول مرة يشعر أن ذلك الحب الذي كان يشك به أصبح حقيقة ثابتة.. ولن يترك ناريته إلا باعتراف منها بما تشعر به نحوه ويأمل أن تبادله نفس المشاعر.
****
كانت هيرا تراقب ثيون وتلك اللعينة التي التصقت به.. لقد تعرفت عليها فقد أخبرها أنه كان خاطبا وشاهدتها في الكلية كثيرا.. ولكن لماذا تشعر كما لو أنها على وشك تمزيق وجهها.. لماذا تشعر وكأن حرائق الغيرة تأكلها وتجعلها تفكر كوحش متعطش للدماء؟!
طرقات على الباب وبشيء من الغريزة علمت أنه هو.. وما أن دخل للمكتب وأغلق الباب حتى بادرته وهي تقترب منه تحاول كبح جماح جنونها الذي يهدد بالانفجار وقالت ببرود مصطنع:
"رأيت شيانا برفقتك منذ قليل"
استند على مكتبها وكتف ذراعيه بتلك الطريقة اللعينة التي تظهر عرض صدره وقوة عضلات ذراعيه وسأل بنبرة عابثة وعينيه تلتمعان.. اللعنة عليه!:
"حسناً.. وماذا يعني هذا؟"
هزت كتفيها ولوحت بيدها تنفض خصلات شعرها النارية:
"لا شيء.. فقط كان هذا مشهدا مبتذلا بحق.. لا تنسى أنك بداخل حرم جامعي!"
ضحك بصوت عالٍ واعتدل وهو يقترب منها ببطء ما جعلها تتراجع للخلف تحاول أن تتصنع الهدوء
" :-بحق السماء ومن سيهتم.. معلوماتي تقول أن هذا مجتمع متحرر آنسة مورغان"
رفعت حاجبها ببرود وهي ترفع ذقنها وتقول:
"اذا لا مانع لديك من أن تضع يديها هكذا عليك؟"
تابع اقترابه وهو يفرك ذقنه متظاهرا بالتفكير:
"مم.. أعتقد أنها حرة بما تفعله بيديها"
لم يعد هناك شيء آخر خلفها سوى باب مكتبها فشعرت بالاختناق والمحاصرة.. عليه اللعنة بتلك اللعبة التي يلعبها معها فانفجرت به:
"ولكنها ليست حرة بوضع يديها القذرتين على أشيائي!!"
ما الذي تقوله بحق السماء؟!!!
تجمد في مكانه للحظة وحدق بها وعيناه تشتعلان حرفيا.. وصدره يعلو ويهبط بأنفاس متلاحقة وهمس بصوته العميق ولكنته الجنوبية المثيرة:
"وهل أنا أشيائك؟"
ها؟!
أطبقت شفتيها بسرعة وهي تحاول الهرب بنظراتها وأصابع يديها تتشابك.. اهدئي هيرا.. اهدئي..
رفعت رأسها تحاول المراوغة بنفس البرود والغرور وقالت:
"بحق الـ..."
كتمت جملتها وهو يقطع المسافة المتبقية بينهما حتى أصبح يحاصرها بجسده الطويل العضلي.. وبتلقائية وضعت يديها على صدره وشعرت بضربات قلبه العنيفة.. الرحمة يا إلهي!
" :-هيرا.. بدون هروب.. بدون تظاهر بأنك ملكة الجليد.. أجيبي عن السؤال اللعين!!"
رفعت رأسها بعينين متسعتين تحدق به وترى اليأس بعينيه.. من هي لتنكر كل ما يحدث بينهما.. من هي لتحاول التجمد أمام طوفان اللهيب هذا؟!
مجرد كونهما معا في مكان واحد يجعل المشاعر والأحاسيس تتطاير حرفيا في الهواء.. وتتراقص بينهما ككهرباء حسية عنيفة.
همست بخفوت
"أجل.. اللعنة عليها.. أخبرها أنك لي ملكي.. لا تضع يديها الـ..."
لم تكمل جملتها حتى فقد شتم وانحنى يمتلك شفتيها بين شفتيه بقبلة شرسة طامعة.. مسروقة من كل شيء حولهما.. قبضت يديها على قميصه وهي تتأوه بوجع حقيقي وشوق له.. لقد قاومت كثيرا وحاولت كثيرا.. ولكن فليذهب المنطق والتعقل للجحيم.. فهي وللمرة الأولى تحيا.. تحيا بحق بين ذراعيه وبحضنه وبقبلاته النارية.. و...
طرقات على الباب جعلتها تشهق فزعة وتبتعد عنه فأمسك بيديها وهمس:
"ششش اهدئي"
وضب قميصها وملابسه التي تبعثرت أثناء موجة عشقهما القصيرة.. وأخذ نفسا عميقا وأشار إليها بعد أن ابتعد عنها فهتفت:
"ادخل"
كانت مساعدة عميد الكلية وقد تلعثمت وهي ترمقهما بنظرات جعلت قلب ثيون ينقبض للحظة:
"احم.. آنسة مورغان.. العميد يطلب حضورك على الفور"
تجمدت هيرا ثم قالت بتهذيب:
"حسنا سأتبعك"
ولكن المساعدة ارتبكت وهي تقول:
"أنا أريد الحديث مع السيد اريكسون بعد إذنك"
رفعت هيرا عينيها للحظة نحو ثيون فأومأ لها أن تذهب.. ولكن قلبه كان منقبض وكأن شيء سيئ سيحدث.. وهو لا يحب هذا الشعور أبدا.
خرجت هيرا من المكتب فتقدمت نحوه المساعدة وهي تقول
"سيد اريكسون استمع إلي.. لقد أردت تحذيرك كي تتخذ الإجراءات المناسبة.. أنا صديقة بلايك شقيقك ولم أرد أن يصيبك أي أذى"
عبس ثيون وهو يقول بلهفة:
"ماذا تعنين بأذى؟"
وما قالته تاليا جعل غضبه يتضاعف وتصميم رهيب يملأه!
****
طرقت هيرا باب مكتب العميد ودخلت حين دعاها:
"مرحبا سيد ماثيوز"
ابتسم العميد ماثيوز بتوتر وهو يشير لها أن تجلس.. وهنا انتبهت أن جيف يجلس مقابل مكتب العميد فحدقت به باستغراب ولكنها جلست وهي تقول برسمية:
"لقد طلبتني سيدي"
بدأ يتحدث برسمية:
"آنسة مورغان.. لقد وردتنا معلومات مؤكدة و..."
قاطع كلامه صوت عالي فالتفتت هيرا خلفها لتقفز فزعة هي وجيف والعميد حين ضرب باب المكتب وفتح بعنف.. ليندفع ثيون لداخل المكتب وهو يهتف بغضب وعيناه تشتعلان بطريقة لأول مرة تراها:
"هيرا!!"
قفزت واقفة وهي تهتف:
"يا إلهي ماذا يحدث؟"
أما جيف فقد وقف وهو يشير نحو ثيون:
"أرأيت سيدي.. ألم أخبرك؟"
اقترب ثيون منها وأمسك بذراعها وقال بكل صرامة:
"تخبره بماذا؟"
وضغط بخفة سرية على ذراعها وهو يسأل:
"آنسة مورغان ألم تأت لتقدمي استقالتك؟"
اتسعت عينا هيرا وهي تحدق به وتهمس بذهول:
"ماذا؟!"
ولكنها انتبهت لطريقة تحديقه به وللحظة شعرت وكأنه يطلب منها أن تثق به وهذه المرة كليا.. وفي تلك اللحظة قررت.. أجل أنا أثق به.. صحيح إنني جبانة هاربة متوترة دائما.. ولكنه رجل بمعنى الكلمة ولن يؤذينني.. أنا أثق به.
والتفتت للعميد وبكل هدوء:
"أجل سيد ماثيوز.. لقد حضرت لأخبرك أنني سأقدم استقالتي وأرجوا أن تقبلها"
تلعثم العميد وهو يحدق بجيف وبهيرا وثيون فهتف جيف:
"سيدي لا يمكنك السماح بهذا!!"
ولكن ثيون تقدم وهو يقول:
"سيدي أنت حر بطريقة تصرفك.. وأنا وعائلتي أحرار بسحب دعمنا للجامعة كذلك"
أطرق العميد ثم قال بحزم:
"لقد قبلت استقالتك آنسة مورغان"
لم ينتظر ثيون حتى.. فسحبها وهو يخرج مسرعا فهتفت به حين خرجا من المكتب:
"توقف ثيون وأفهمني ماذا يحدث؟!"
اتجه نحو مكتبها وأمسك بحقيبتها وحقيبة حاسوبها الشخصي وهو يقول:
"لقد وشى بك الوغد الآخر.. يبدو أنه رآنا حين خرجنا من عيادة الطبيب وتبعنا وكان يراقبنا طوال الاسبوع الماضي.. وكان من المقرر عرضك للتحقيق والطرد وأنا كذلك.. ولكنك باستقالتك سبقتهم ولن تذكر القضية في ملفك "
شهقت:
"ماذا؟!"
ولكنه لم يمهلها أي فرصة فتوقف والتفت اليها وهو يقول:
"هيرا.. كان الأمر سيدمر أي مستقبل مهني لديك وأنا أعلم مدى تمسكك باستقلالك.. ولهذا تصرفت بهذه الطريق لـ..."
قاطعته وهي تلتصق به:
"أنا أثق بك"
تجمد وهو يرمش للحظة وسأل:
"ماذا؟"
ابتسمت برقة وعيناها تترقرق بالدموع:
"أنا أثق بك ثيون.. أثق بك لدرجة إنني سأتبعك لآخر الدنيا"
ورفعت نفسها على أطراف أصابعها وقبلت شفتيه وهي تضيف:
"أنا أثق بأنني لك وأنك لي"
ابتسم بسعادة حقيقية ثم قال بحزم:
"إذا.. اتبعيني!"
وخرج من مكتبها والمبنى.. وفي منتصف الحديقة التابعة للكلية حيث أغلب الطلبة والموظفين احتضنها وجذبها إليه بحميمية وامتلك شفتيها بقبلة عميقة أودعها كل حبه وعشقه ورغبته بها.. وكأنه يعلن للجميع أنها له وأنه لم يعد يهتم بأي شيء.
وحين ابتعد عنها وجدها تحدق به بوجنتين ورديتين ونظرة ممتلئة بالدموع.. فطبع قبلة على جبينها وهو يقول:
"ستتبعينني؟"
أومأت
"لآخر الدنيا"
فأخذ بيدها وخرج من الجامعة ومنها نحو منزلها وقد اتخذ قراره وانتهى الأمر.
*****
حين حل المساء قام بركن سيارته أمام الجناح الخاص به في مزرعة عائلته والتفت لهيرا وهو يقول مستفهما:
"لقد كنت صامتة جوال الطريق؟"
حدقت به
"ثيون لا تفهمني خطأ.. ولكن من الطبيعي أن أشعر بالقلق من مقابلة والديك"
أمسك بيدها ورفعها نحو شفتيه:
"أعرف عزيزتي ولكن هذا هو التصرف الصحيح.. طوال الفترة الماضية كنت أشعر كما لو كنت منافقا.. أنا رجل مباشر هيرا.. كان من المفترض أن أعلن عن علاقتنا منذ عرفنا بأمر الطفل"
أطرقت للحظة ثم قالت:
"أعلم أنك تحملتني أنا وترددي كثيرا.. ولكن أنا لست مستقرة كي أعدك بشيء ثيون.. كل ما أعدك به أنني أثق بك"
ابتسم:
"وأنا سأكتفي بهذا"
وهبط من السيارة وفتح بابها وهو يمسك بيدها ويتجهان سويا للمنزل الرئيسي.. وهناك قابلت جون وسارة والدي ثيون واللذان كانا بشوشين معها.. وحين علما بحملها وعلاقتها بثيون كان من الواضح إنهم أصبحوا يعدونها فردا من العائلة بالفعل وهذا أخافها.. ولكن ثيون كان بقربها طوال الوقت حتى حين ظهر شقيقه الأكبر بلايك والذي كان يحدق بها بنظرات قاتمة غريبة.. وتعامل معها ببرود جعلها تتباعد وتقترب من ثيون:
"ثيون أنا متعبة هلا دللتني على حجرتي؟"
أحاط كتفيها بذراعه وهو يعتذر من عائلته:
"سنذهب لجناحنا الآن أمي.. هيرا متعبة من الطريق"
وما أن أصبحا بمفردهما حتى انفجرت هيرا:
"شقيقك يكرهني!"
استهجن:
"ماذا.. وكيف علمت هذا؟"!
توترت وهي تتحرك تذرع الحجرة:
"أجل.. لقد كان يعاملني ببرود.. وهناك شيء في نظراته غريب وكأنه... وكأنه يعلم شيء ما"
اقترب منها ودلك كتفيها:
"هيرا لماذا تقولين هذا؟"
تنهدت بيأس وهي تشعر أنه لابد من إخباره بكل شيء فقد حان الوقت:
"ثيون.. يجب أن نتحدث"
وجلست على السرير وهي تتنهد وتفرك يديها بقلق.. ولكنه لم يجلس بجوارها بل جلس أمامها وركع وهو يمسك يديها ويحدق بها:
"هيرا استمعي إلي.. أنا أحبك بكل ما حدث سابقا وما سيحدث تاليا:
تلعثمت تنظر اليه فابتسم لها بطريقته الصبيانية الرائعة المذيبة للأعصاب.. ولم تعرف كيف تبدأ فقررت البدء مباشرة بما تعرفه:
"لقد جئت لأوستن هاربة من زفافي"
لم يعلق فقط حدق بها وشد على يديها فأكملت:
"كان الزواج صفقة عملية بين والدي بينديكت أندرسون وأحد أصدقاءنا دايمون بافيت.. ولكني هربت من الكنيسة يوم الزفاف وجئت إلى هنا كي أقابل رجل كنت أظن أنني أحبه لأجده يعلن خطوبته.. وفقط كان يستغلني كفتاة مجتمع ساذجة.. هه كان يريد ممول غبي يثق فيه.. تلك الليلة التي قابلتك بها هي ليلة معرفتي بحقيقته"
غمغم بهدوء
"جيف.. أليس كذلك؟"
هزت رأسها وتابعت:
"أنا كنت عبارة عن فوضى ثيون بدون عائلة بدون استقرار.. لا أعرف ماذا يخبئ لي القدر.. وفي لحظة تهور قابلتك.. وفي لحظة جنون قررت العبث وأحببت الشعور الذي يجمعنا.. وكنت أظن أنني بهذا الشكل أكون مغامرة وشقية وأحطم قيودي بأكملها.. ولكن الطفل ليس مغامرة وأنت ممم... أنت رجل شريف ثيون.. أمامك مستقبل كدت أن أدمره بسبب ماضيّ وعلاقتنا"
انتصب واقفا ثم جلس بجوارها وهو يسأل:
"هل انتهيت؟"
ابتلعت لعابها وأومأت:
"أجل"
أمسك بوجهها بين يديه وقربها منه وقبلها برقة أذابت قلبها وجلبت الدموع لعينيها ثم ابتعد ليقول
"كنت أعلم أن هناك سر خلفك ولكني كنت أنتظر أن تثقي بي كفاية كي تخبريني.. هيرا أنا لا يهمني ماضيك.. لا يهمني سبب رحيلك.. كل ما يهمني بهم أنهما سبب لقائي بك.. وصدقيني كان هذا أفضل شيء في حياتي.. أنت هيرا والطفل وكيف نحن معا.. أخبرتك أنك امرأتي ولكني لم أخبرك أنني أحبك بطفل أو بدون طفل لم أكن لأتركك تفلتين من يدي.. أما مستقبلي فلا تقلقي عليه.. دعيني أحميك واعتني بك هيرا.. دعيني أكون رجلك"
سالت الدموع من عينيها بغزارة وهي ترتمي في حضنه فقال وهو يحتضنها:
"لماذا البكاء الان؟"
ردت بنحيب
"لا أعلم"
ثم تابعت بحنق:
"ماذا يحدث لي لكي أبكي.. أقسم ثيون أن الدموع تنهمر من عينيّ بغزارة لم أكن أعلمها"
ابتسم ثيون وهو يقول بحنو:
"أعتقد أن هذه هرمونات الحمل صغيرتي"
هزت رأسها بسخط:
"أجل لقد أصبحت كثيرة البكاء وسمينة للغاية.. حتى صدري أصبح متصلبا ويؤلمني أحيانا.. تبا ثيون أنا أتحول لشيء مثير للشفقة!"
أبعدها عن حضنه وهو يحدق بها ويظهر على وجهه الجدية التامة:
"ماذا قلت بشأن صدرك؟"
بسخط:
"طفلك وهرمونات الحمل يعبثان بجسدي.. إن صدري متضخم ويؤلمني!!"
تظاهر بالتفكير:
"مممم هذا أمر يستدعي فحوصات ضرورية"
اتسعت عيناها وهتفت:
"هل سنعود للدكتور مورتون؟!"
تسللت يديه أسفل قميصها حتى أخذ يداعب صدرها وهو يقول:
"بل دكتور اريكسون في خدمتك سيدتي وجاهز للفحص السريع.. فأمر كهذا لا يمكن السكوت عنه"
ضحكت بمرح حين أدركت ماي نويه وهي تتلوى بين ذراعيه:
"ثيوون!"
انحنى فوقها وهو يهمس أمام شفتيها:
"أعشق ضحكتك هيرا.. أعظم مكافأة لي هي ضحكتك وسعادتك"
وانحنى يقبلها ويعمق قبلته بينما يديه تنزعان ملابسها برقة و حملها ليضعها في منتصف السرير ويمحو بقبلاته ومداعباته كل أثر لحزنها.. وهناك بصدره شيء يتضخم لمرآها عارية في سريره ومزرعته وطفله بداخلها.. يا إلهي كم هو محظوظ لعين.. وسيحافظ عليها مهما كلفه الأمر.
*****
بعد مرور يومين.. توجهت هيرا للبيت الرئيسي صباحا بعد أن وجدت ملاحظة من ثيون بأنه تركها لتنام وترتاح.. وحين تستيقظ ستجده في المنزل الكبير.. ولكنها حين وصلت بادرتها سارة بود:
"صباح الخير عزيزتي.. لقد خرج ثيون لكي يتابع شأن ما في مزرعة الخيل.. ولكنه أوصاني أن أهتم بك وأدللك حتى يعود"
وغمزت لها فاحمرت وجنتي هيرا خجلا لتأخرها في النوم لهذه الساعة.. ولكنها أخذت وقتها في التفكير في كل ما حدث.. واتخذت قرارا بأنها ستتواصل مع والدها وتخبره كل ما حدث.. فهو مهما حدث سيكون جد ابنها ولن تبدأ حياتها مع ثيون بأي أشباح من الماضي.
اعتذرت من سارة واتجهت نحو المكتب الجانبي وهي تخرج هاتفها وتطلب رقم والدها.. وحين سمعت صوته همست بتردد:
"أبي؟!"
فرد متلهفا:
"هيرا صغيرتي.. أخبريني هل اختطفك ذلك الفظ.. هل آذاك؟"
ماذا؟!!
":-أبي أنا بخير.. أنا لا أعلم عم تتحدث؟"
ارتفع صوته أكثر:
"لقد هاتفني جيف وأخبرني أن شابا فظا خطفك من الجامعة وأجبرك أن تقدمي استقالتك.. وأخبرني كل شيء.. لو أنك أخبرتني هيرا كنت لأستمع اليك كنت لـ..."
قاطعته:
"لا والدي.. لم تكن لتفعل.. كنت لتنفي جيف في آخر الدنيا بعلاقاتك وتقيدني أكثر وأكثر.. ثم إن ثيون لم يختطفني أنا من ذهبت معه بإرادتي.. إنه حبيبي وأنا... أنا حامل بطفله أبي"
صرخ بها بغضب:
"لن أعترف به.. تخلصي منه أو افعلي ما تريدين.. لم أعد اهتم كما يبدو أنك لم تعودي تهتمين!"
وأغلق الهاتف في وجهها فانهارت تجلس فوق مقعد جانبي تحدق أمامها بذهول.. ألهذه الدرجة وصلت الحقارة بجيف.. يهاتف والدها.. و والدها.. كيف تهون عليه بهذه الطريقة؟!
صوت سعال خفيف أيقظها من صدمتها.. لتلتف بسرعة وتجد بلايك المرعب يحدق بها بعينيه الخضراوين الفاتحتين بطريقة مرعبة فتلعثمت:
"ك... كنت أهاتف والدي "
تقدم لداخل المكتب وهو يقول:
"أجل أخبرتني والدتي.. من الجيد أن ثيون ليس هنا فأنا أريد أن أتحدث معك لوحدنا"
لم تعرف لماذا شعرت بالرعب ولكنها أومأت.. فاقترب منها وهو يقول:
"لقد أتت شيانا هذا الصباح وبعثتها لمزرعة الخيول حيث ثيون.. لقد أخبرتني بكل ما حدث وكيف يغامر ثيون بدراسته لأجلك.. اعتقد أنك لو تحبينه كما يبدو عليك لما أردت هذا له أليس كذلك؟"
فغرت فاهها بذهول ولكنه استطرد:
"حين قابلك ثيون كان قد انفصل لتوه عن حب حياته.. شيانا التي يحبها منذ المدرسة وخطبها وكانا يخططان لزفافهما بعد مناقشة أطروحته.. ولكن كل هذا ذهب ادراج الرياح بما حدث معك.. نعم أعلم أن الطفل مهم.. ولكن يجب أن تعلمي أن ثيون رجل شريف سيفعل أي شيء ويضحي ولو بمستقبله لأجل طفله ولأجل حسه بالمسؤولية"
اكتسحتها البرودة من رأسها حتى أخمص قدميها وهي تسأل:
"ماذا تريد أن تقول بلايك؟"
بصرامة قال:
"أريد أن تفكري جيدا قبل أن تدمري مصير ثيون.. فهذه العائلة تعتمد عليه ليكون وريثها وواجهتها"
وقفت بهدوء وهي تقول بصوت جمعت به كل تربيتها الصارمة
"أشكر صراحتك بلايك.. ولكن ما يحدث بيني وبين ثيون هو شأننا الخاص!"
وبكل هدوء خرجت وأسرعت خطاها نحو جناحهما وهي تشعر كما لو ضربتها سيارة مسرعة.. الألم يغمر جسدها بأكمله.. يا إلهي ماذا تفعل.. تدمر حياة الرجل الذي كان شريف معها وتحمل المسؤولية ووقف بجوارها.. تدمر حياة الرجل الذي استيقظت اليوم موقنة بأنها تحبه بل تعشقه حد الجنون؟
التفتت في طريقها نحو مزرعة الخيل حيث يكون.. وفي لحظ جنون دخلت الجناح وأخذت مفاتيح سيارته وخرجت مسرعة ركبتها وقادتها هاربة نحو المدينة.. تاركة خلفها قلبها محطم في مزرعة اريكسون.
*****
الفصل السادس
هبطت من سيارة ثيون وهي تحاول مسح دموعها وكلمات والدها التي صرخ بها بالأمس تتردد بداخل عقلها:
"لن أعترف به.. تخلصي منه أو افعلي ما تريدين.. لم أعد اهتم كما يبدو أنك لم تعودي تهتمين!"
يا إلهي من كم القسوة التي حملتها كلماته.. يا إلهي كم القهر الذي تشعر به وكأن كل هدفها وفائدتها في الحياة تتلخص في كونها تتحضر لتكون زوجة تقليدية مهذبة مثل والدتها وجدتها.. لتكون ابنة مثالية.. دمية خزفية.
لقد تمنت للحظة أن يختلف رده.. وتخيلت أنه سيعتذر عن إجبارها على الزواج من دايمون و عن تسببه بهربها.. ولكن للأسف مازال كما هو صارم قاسي.
كل الضربات وجهت لها.. من كلام والدها لصراحة بلايك المؤلمة.. لقد ظلت تقود هائمة في الطرقات طوال اليوم والليلة وقد وصلت لقرارها اخيرا.
كانت تتجه نحو المنزل والأفكار تعصف برأسها حين اصطدمت بأحدهم.. فرفعت رأسها لتجد جيف يحدق بها.. فعبست في وجهه وصرخت تفرغ غضبها عليه وعلى نفسها لأنها في مرة فكرت به كرجل حتى:
"ماذا تريد أيها الوغد.. هل ارتحت؟!.. لقد حققت آمالك كلها.. حطمت حياتي وتسببت بخسارتي لعملي وفوق كل هذا تذهب من ورائي لتخبر والدي .. يا لوقاحتك لتظهر الآن!!"
حاول الاقتراب منها ولكنها دفعته فتحدث بتوسل:
"أرجوك هيرا دعينا نتحدث فقط.. أنا لم أضمر خيانتك.. فقط دعيني أشرح لك ما حدث أنا أدين لك بهذا"
هتفت به وهي تضع يدها على بطنها وكأنما تحمي طفلها من المشاعر السلبية التي تجيش بداخلها:
"لا تدين لي بأي شيء جيف.. لا شيء بيننا من الأساس لتدين لي!!"
اقترب منها وهو يقول:
"أنا أحبك هيرا أقسم.. ولكني فقدت الأمل أن تمتلكي الحرية الكافية لكي تكوني لي فاكتفيت بصداقتك البعيدة.. لهذا تقدمت لناتالي لقد كانت بديلا مناسبا.. أما أنت فـ..."
دفعته:
"أنا لن أقبل بأن أكون مع رجل يجد أنه من السهل أن يستبدلني!!"
هز رأسه:
"لا.. لا.. لم أقصد هذا.. اسمعيني والدك لن يرضى بهذا الوضع.. أنا أريد أن أساعدك.. سنتزوج ونتخلص من هذا الط..."
دوى صوت صفعتها عاليا فوق وجهه وكادت أن تتابع ضربها له.. ولكن عاصفة بشرية مرت من جوارها انقضت عليه.. كان ثيون الذي اندفع بكل قوته وغضبه الهادر يكيل اللكمات لجيف وهو يهتف:
"أقسم بكل ما هو مقدس أيها الوغد.. إن رأيتك على بعد خمسين قدما من امرأتي وطفلي سأقتلك.. أتفهم؟.. سأقتلك والقانون سيكون في صفي!!"
حاولت أن تسحبه ولكنه راوغها وظل يضرب جيف حتى صرخت متألمة:
"اااه ثيون!!"
فتوقف والتفت لها بسرعة وركض نحوها وأمسكها:
"ماذا.. هل أنت بخير هل الطفل بخير؟!"
تمسكت بذراعيه وهي تقول:
"نحن بخير.. ولكن توقف عن ضربه لأجلي"
حدق بها يستوعب للحظات إنها بخير فعلا ولم يصبها ضرر.. فيعلم الرب أنه حين شاهدها تدفع اللعين البغيض ذاك فقد عقله وظن أنه يؤذيها.. وحين سمعه يقول تخلصي من الطفل فقد كل تعقله.. التفت للخلف ليجد جيف يركض هاربا.. فكاد يلحق به ولكنها سحبته من كم قميصه:
"توقف ثيون أرجوك!"
التفت إليها وهتف بها:
"لماذا اختفيت بهذا الشكل؟!"
تلعثمت ولم تعلم أتخبره عن مكالمة والدها أو معرفتها بتطورات ما حدث في نيويورك.. أو شعورها بالحرمان الذي تضاعف حين شاهدت مدى ترابط عائلته.. وكيف ستدمر هي وطفلها مستقبله.. ولكنها اختارت الطريق الأسهل:
"لقد سئمت ثيون.. لقد مللت المزرعة والريف وعائلتك وكل شيء مثالي لعين.. أنا لست فتاة جنوبية ريفية مثالية كي ترضى بحياتك.. ابحث لك عن فتاة تناسبك صغيرة لا تقيد مستقبلك.. أنا لا أريدك"
أمسك بمرفقها يقربها منه وهو يقول بحدة:
"انت لا تعنين هذا.. أعلم أن الحياة في المزرعة مختلفة عما اعتدته ولكن..."
يا إلهي إن هذا يقتلها:
"قلت لا أريدك ثيون.. لقد انتهت متعتي معك.. لم أعد أشعر بأي شيء تجاهك"
أمسك بجسدها يلصقه به.. فتمسك بتعاليم تربيتها الجامدة وتصلبت لتصبح كلوح جليد بين ذراعيه وهي بداخلها تكاد تذوب ألما.
" :-أنت تكذبين.. قولي أنك لا تريدين هذا.. قولي أنك لا تحبين هذا!!"
تجمدت بين ذراعيه ورفعت رأسها وعيناها الخضراوين يرسمان اللامبالاة كعادتها القديمة:
"لا أريدك أترى؟"
اتسعت عيناه ذهولا للحظة.. فاستغلت هي الامر لتبتعد وتحتضن جسدها فهمس:
"وطفلنا؟"
برسمية مصطنعة
"لا تقلق.. أنا أريد هذا الطفل ولن أمنعك من رؤيته.. سنتشارك في تربيته ولن أحرمك منه.. ولكن أنا وأنت انتهينا ثيون"
كان يحدق بها ويرمش غير مستوعب لما تقوله.. فتحركت بصعوبة بعيدا عنه حتى باب منزلها.. هيا هيرا.. تقدمي خطوتين فقط ثم ابكي كما تريدين.
فتحت باب منزلها ثم همست له:
"وداعا ثيون"!
*******
مر أسبوعين.. أسبوعان لعينان منذ أن انفصلت عنه هيرا.. لم يذق طعم الراحة فيهما ولم تمر لحظة واحدة بدون أن يفكر بها.. رائحتها تحيط به في كل مكان في شقته.. بعض قطع ملابسها هنا وهناك ملقاة بفوضوية رائعة حطمت قلبه.
إنه يكاد يجن.. كلما فكر في الوقت الذي قضياه في المزرعة لا يجد شيئا يدل على كرهها لها بالعكس.. لقد كانت منطلقة سعيدة حتى ظهور شيانا.. يا إلهي شيانا.. لماذا لم يفكر بهذا؟!
لقد ظهرت فجأة.. ومن بعد رحيلها انقلب كل شيء حتى بلايك أصبح متباعد وصارم مع هيرا.
أمسك بمفاتيح سيارته وخرج من شقته بسرعة وهو يكاد يقفز ومنها لسيارته.. وبصرير حاد انطلق بها نحو شقة شيانا وهو يطلب رقم بلايك على الهاتف.. وما أن أجابه حتى باشره بالصراخ: "بلااايك.. ماذا حدث بين شيانا وهيرا؟"!
":-مرحبا بك أيضا شقيقي"
صرخ بغضب:
"اذهب إلى الجحيم بلايك.. أنت تعلم ماذا حدث.. لقد أصبحت متباعدا وصارما مع هيرا منذ رحيل شيانا.. فماذا حدث أخبرني عليك اللعنة!!"
ارتفع صراخ شقيقه:
"أتدافع عنها وهي من تسببت في فسخ خطوبتك من شيانا بالنوم معك وحملها لطفلك.. بل وكانت تعلم أنك طالبها واستمرت بفعلتها؟.. إنها تهدد مستقبلك وكل ما سعيت إليه ثيون.. توقف عن كونك مثالي و..."
يا إلهي!!.. صرخ بشقيقه بغضب:
"بل توقف أنت عن كونك حقير وغد وشكاك.. شيانا خانتني قبل لقائي بهيرا بأسبوع كامل.. ولم نكن نعرف بعضنا حين أقمنا علاقة.. بل لم تكن قد قبلت في الكلية كمدرسة بعد.. شيانا من رمت خاتمها في وجهي.. ولكن الآن وحين علمت بأن أخرى تنافسها أرادت زرع السموم بينكم وبينها.. يا إلهي بلايك ماذا فعلت يا تعس ماذا فعلت؟!"
وأغلق الهاتف في وجه بلايك الذي جلس مصدوما يحدق في مكتبه في المزرعة بذهول وهو يتمتم:
"اللعنة!"
أما ثيون فقد غير اتجاه طريقه فلا فائدة من زيارة شيانا الآن وقد علم كل شيء.. ولكنه سيواجهها يوما ما.. أما الآن فيجب أن يذهب لهيرا كي يوضح لها الحقيقة ويحاول كسبها.
لقد غلفت نفسها بالبرودة وعادت لقوقعتها الزجاجية كي تحميه.. إنها تظن بهذا الشكل إنها تحميه؟!.. يا لك من غبية هيرا!
ضرب بيده على مقود السيارة وكأنه يحاول استعجالها أكثر.. وما أن وصل لمنزل هيرا حتى قفز منها ليتوقف جامدا.. فأمام عينيه كانت هيرا تتحدث مع رجل كبير في السن يبدو عليه الثراء واضحا ويقفان أمام سيارة ليموزين فارهة سوداء.. إنه والدها.. أجل لقد شاهد صوره حين بحث عنه.. هو وذلك الناعم خطيبها السابق.. شماليان حقيران يريدان خطف امرأته!
وبدون تفكير اندفع صارخا:
"هاااي أنت!!"
التفت كلاهما.. وحينها لاحظ ملامح حبيبته النارية وقد بدا عليها النحول.. فتقطع قلبه لما فعلته بهما هذه المدة ولكن ليس الآن فلديه مواجهه ليقوم بها.. أمسك بذراع هيرا وسحبها لتبقى خلفه ووقف بطوله الفارع أمام بينديكت أندرسون.. لورد الاعلام.. الملياردير النيويوركي.. وبكل كبرياء وتشديد على لكنته الجنوبية وكأن أجداده كلهم تجسدت أرواحهم بداخله وقال بغرور:
"سيد أندرسون.. أعرفك بنفسي.. أنا ثيون إريكسون وريث شركات اريكسون للبترول.. وصاحب شركة تي أي المعروفة للتجارة العامة.. أعتقد أن رجلا مثلك لابد يعرف هذه الأسماء جيدا.. أنا والد طفل ابنتك وحبيبها وخطيبها وسأكون زوجها!"
سمع شهقتها فالتفت يضغط على يدها وهو يستدرك بحنان:
"لو سمحت لي فقط"
واستدار يتابع بنفس الكبرياء:
"لا يهمني من أنت وما تملك ومن أين أتيت.. لا يهمني شريكك الذي تنوي تزويجه لهيرا وكأنها عذراء من العصور الوسطى.. واللعنة لا يهمني أبدا رأيك في كل علاقتنا!"
وأكمل بتهديد وهو يقترب منه:
"ولكني أهتم لأشيائي فقط.. وهيرا والطفل لي.. امرأتي وطفلي.. وسأكون ملعونا لو سمحت لشمالي وضيع أن يحرمني منهما.. هذه تكساس سيدي أرض الرجال والانتقام.. هل فهمت قصدي؟"!
اعترضت هيرا:
"ثيوون"
ولكن والدها ابتسم ببطء ثم حدق بها وهو يقول:
"لا عليك.. سأرحل الآن ولكني مطمئن "
ثم حدق بثيون بتعال فرد ثيون بنفس النظرة حتى استدار بينديكت وهو يهز رأسه باستهجان قائلا:
"جنوبي متعنت!"
فرد ثيون:
"شمالي وقح!"
وما أن غادر والدها بسيارته حتى التفت لها وهتف:
"إلى متى كنت ستكذبين؟!!"
تلعثمت وهي تحيط جسدها بيديها فانتبه لنحولها وبروز بطنها الصغير.. فتأوه قلبه ألما و اقترب منها ثم قال:
"إلى متى ستتظاهرين بكرهي.. أتظنين أن بلايك يعرف مصلحتي أكثر مني.. أتظنين أنك بهذا الشكل تدافعين عن مستقبلي.. مستقبلي بدون المرأة التي أحب وأعشق؟"
وتابع يهدر بغضب متزايد:
"إن كنت تظنين أن شيانا بخيانتها حطمت قلبي فلم تعرفي ماذا فعل بي هروبك وظني أنك ستختفين بهذا الشكل.. لم أعرف معنى وجع القلب إلا معك وبك.. لم أخف من خسارة الحب إلا معك.. لم أكن في حياتي مرعوبا من فقدان شيء إلا أنت.. فتوقفي عن المقارنة.. توقفي بحق السماء.. بطفل أو بدون طفل لقد ملكتني قلبا وجسدا وروحا!!"
حدقت به بانبهار وهي تشعر بقلبها يكاد يقفز من بين ضلوعها وهمست:
"ثيون!"
أصبحت لهجته خشنة ولكنته الجنوبية واضحة:
"إن كنت تظنين أنني سأتركك تذهبين لذلك الناعم دايمون أو المحتال جيف فأنت تحلمين.. أتفهمين.. أنت امرأتي.. لي.. ملكي.. تملكيني كلي وأملكك كلك هل تفهمين هذا.. هل يستوعب عقلك المضطرب هذا؟!!"
كان غاضبا ثائرا ومثيرا كالجحيم فاقتربت منه:
"حسنا"
فتابع:
"لا يهمني من يكون والدك.. ولا يهمني من يكون خطيبك.. أنت امرأتي.. واللعنة على الجحيم نحن في تكساس اللعينة.. أتفهمين.. لا شمالي يتعدى على نسائنا ولا أرضنا.. وأنت هيرا أرضي لن تغادريني لا أنا ولا ابننا.. لن نسمح لك.. ما يعدك به سأعطيك ضعفه.. بل أضعافه و..."
هجمت عليه ورمت نفسها فوقه تكتم صراخه بشفتيها تقبله فصمت.. ثم أخذ زمام القبلة ثائرا ومقتحما وهو يزمجر بحنق.. فأحاطت عنقه بذراعيها حتى شعرت بجسده يسترخي تحت تأثير لمساتها.. فابتعدت مسافة همسة وتمتمت:
"قلت حسنا.. موافقة أنا لك وأنت لي.. لا شيء في هذه الدنيا يساوي حبك وقلبك وطفلنا.. والدي كان هنا فقط كي يمد جسور المصالحة بيننا وقد ندم على ما قاله سابقا.. أما دايمون فقد استقر في زواجه مع المجنونة سيلي ويبدو أنهما واقعين في حب بعضهما البعض بجنون كما يقول والدي.. أترى حبي كل الأقدار كانت تضعني في طريقك.. كل شيء في هذا الكون قد ترتب كي يجعلني أقابلك وأعشقك.. وأحمل طفلك وأتزوجك.. وأكون امرأتك وأنت رجلي"
كان يحدق بها بعينين متسعتين وذهوله يوازي توتره.. فأشفقت عليه وعادت لتقبله بحنان ثم أخذت تمطر وجهه بقبلاتها وهي تهمس بين كل قبلة وقبلة:
"أحبك ثيون اريكسون.. أحبك وسأتزوجك.. أحبك يا راعي البقر الخاص بي ورجلي المغوي والمثير"
ويبدو أنه أفاق من ذهول اعترافها فصرخ وهو يحملها ويدور بها:
"هيرااا!!"
فضحكت وهي تضم رأسه لصدرها وتشعر كما لو أنها ستنفجر من السعادة.. سعادة بحبيبها الرائع الذي تمسك بها بكل عيوبها ومشاكلها وتقلبات مزاجها.. رجلها وزوجها ووالد طفلها. سعادة مؤكد ستكون أبدية.
*****
الخاتمة
في مناقشة ثيون لرسالته.. جلست هيرا في المقاعد المخصصة للحاضرين وبجوارها والدة ثيون ووالده.. امتدت يدها تتحسس بطنها المنفوخة وعينيها لا تغادر حبيبها الذي يعتلي منصة القاعة يناقش ويتحدث بلباقة مستقبِلاً أسئلة اللجنة بوجهه المبتسم وعينيه الذكيتين.
"هذا والدك يا صغيري.. انظر كم هو جميل "
حدثت طفلها بصوت منخفض فأتتها ركلته داخلها مسببة ألم سرى بكامل جسدها.. تأوهت عاقدة حاجبيها وعاد الألم من جديد.
"عزيزتي هل أنت بخير ؟"
قالت سارة شاعرة بالقلق فطمأنتها هيرا بابتسامة قائلة:
"بخير لا تقلقي.. إنه فقط مشاغب مثل أحدهم "
و ضحكت وهي تعود بعينيها لثيون الذي نظر لها وكأنه أحس بألمها.. فغمزت له بتشجيع ضاحكة وعينيها لم تغفل عن تلك المحاضرة الشقراء التي تجلس ضمن اللجنة وعينيها تأكل حبيبها ووالد طفلها.. ستقتلها بعد أن تنتهي المناقشة!!
" اااااه!!"
تألمت بصوت منخفض ما أن شعرت بالألم يضربها من جديد بقوة أكبر.. التفت والدتها ووالدها بالقانون نحوها بسرعة فتمتمت بصوت متألم
"إنه أتٍ.. أقسم أنه سيأتي الأن!"
"ماذاا .. الآن و هناا ؟!! " قال جون بتعجب
" حبيبتي اهدئي وقولي لي بماذا تشعرين؟ "
تحدثت سارة وهي تحاول أن تخفض صوتها كي لا ينتبه أحدٌ لهم:
" أشعر بألم ألم متواصل كان يحدث معي منذ ساعات ولكنه الآن أقوى بكثي.... ااااه ثيووون " صرخت مع تجدد موجة من الألم فعم الصمت بالمكان.. ونظر لها ثيون مصدوما متسمرا ً مكانه فقالت صارخة به :
" تحررك يا ثيووون إنه قااادم.. اترك العصور الوسطى اللعينة وتعاال هنا ااااه"!!
صرخت مجددا فبدأ الجميع يتجمع حولها.. وهنا أدرك ثيون ما يحدث فقفز من المنصة راكضا نحوها يبعدهم عنها حتى وصل لها وقلبه يعصف داخله بقوة:
" هيرا حبيبتي هل أنت بخير؟! "
" :-مااذااا.. ما هذا السؤال الغبي؟!.. أقووول لك إنني ألدد اااخ!!"
تمسكت بياقته و صرخت به:
"خدني للمستشفى حالاااا ثيون.. أرجوك أفق من حالة الذهول هذه!! "
زاد التجمع أكثر حتى أن اللجنة تقدمت منهم.. وتلك الشقراء اقتربت منها بكامل جاذبيتها و أنوثتها ووضعت يدها على كتف ثيون قائلة:
" طفلك لا يحبك ثيون.. يبدو أنه يحب افساد اللحظات المهمة "
اشتعلت النيران داخل عيني هيرا.. فمدت يدها و سحبت كم قميص تلك الشقراء ممثلة موجة ألم غير حقيقية :
" اااه ثيووون!!"
فوقعت الأخرى على حافة الكرسي ثم أرضا متألمة.
" :- يا مجنونة ماذا فعلت؟! "
" :-سأقتلها ثيون.. أبعدهااا من هنا وإلا سأجذب شعرها واقتلعه من جذووره اااه"
أسرع ثيون يحملها بين ذراعيه وهو يتمتم لها:
"اهدئي عزيزتي.. كل شيء على ما يرام"
صرخت به:
"اللعنة عليك وعلى جملتك هذه.. أتعلم.. اللعنة عليك وعلى فتيان اريكسون جميعا.. واللعنة عليك لجعلي أشتم كثيرا.. بالله عليك أنا فتاة مهذبة ااااااه"!!
صرخ جون مسرعا:
"لقد أحضرت السيارة ثيون أسرع"!
فانطلق ثيون بحمله الثمين وهو يهدئها:
"ششش تنفسي عزيزتي تنفسي!"
أخذت تنفث الهواء بانتظام حتى جلس في السيارة وهي في حضنه.. وبسرعة أنطلق والده يقود نحو المستشفى.. وما أن وصلوا حتى أسرع فريق من التمريض لهم يحضرون كرسيا متحركا لها.. وتحدث أحدهم وهو يحدق في ثوب التخرج الذي يرتديه ثيون:
"مبروك.. يبدو أنهما مناسبتين سعيدتين في يوم واحد"
لم يلتفت له ثيون الذي كان يمسك بيد هيرا التي كانت تتألم وتشد على يده فصرخ:
"ألا يمكنكم فعل شيء لألمها؟"
ابتسم الممرض بسماجة ثم قال:
"اووه عزيزي إن شقيقتك في وضع طبيعي هذا الألم ...
صرخت هيرا بغضب وهي تقف وتحاول القفز على الممرض:
"من تعني بشقيقته أيها السمين البغيض.. إنه زوجييي!!"
كان ثيون يحيط بخصرها ويحملها حرفيا وهو يصرخ:
"زوجك الذي سيصبح زوجك المتوفى إذا لم تهدئي فلا أستطيع حملك طوال الوقت!"
صرخت به وهي تبكي بانهيار:
"أتعني أنني سمينة؟!"
ركع أمامها:
"لا.. لا حبي.. أنتِ جميلة وفاتنة ومثيرة للغاية.. أعتقد أن ليلة أمس أكبر دليل على إنني صادق"
صرخت:
"ااااه تبا لك ولليلة أمس ولكل الليالي هذا كله بسببك.. أجل أنت السبب.. لقد جعلتني حامل بطفلك السمين هذا!!"
اقتربوا من حجرة الولادة حيث وقف طبيبها مبتسما وقال:
"لماذا الصراخ سيدة اريكسون.. كل شيء سيكون على.."
أوقفه ثيون وهو يرفع يده:
"إياك دكتور مورتون.. إياك.. إنها تكره هذه الجملة وستتحول حين تسمعها!!"
ابتسم الطبيب بينما تأوهت هيرا هذه المرة بألم شديد وهي تضغط على يد ثيون وتصرخ:
"ثيووون أنا أموووت!!"
بسرعة تم نقلها للسرير.. ووقف ثيون بجوارها يمسك يدها والطبيب يجهزها للولادة.. وفي تلك اللحظة حدق ثيون بها.. بشعرها الناري المتناثر بفوضى والغارق في العرق.. ووجهها الشاحب المنكمش من الألم وهي تنفخ الهواء كما يأمرها الطبيب وتشد على يده.. يا إلهي.. امرأته الخيالية.. أسطورته الرائعة التي تتحداه وتقويه وتدعمه وتثير جنونه.. الفاتنة حتى وهي على كرسي الولادة تتحمل آلامها بكل شجاعة.. يا إلهي كم يحبها.. وهمس:
"أحبك هيرا.. أحبك"
حدقت به وهي تبكي:
"وأنا أحب... ااااه اللعنة عليك ثيووون!!"
وارتفع صراخ رفيع عالٍ لكتلة حمراء رفعها الطبيب وهو يبتسم بفخر قائلا:
"قولوا مرحبا لجوناه اريكسون"
وخلال لحظات كانت الممرضة تنظف وجهه وتلفه بغطاء وتضعه فوق صدر هيرا التي أخذت تبكي و همست:
"هااي جونااه أنا مامي.. وهذا الذي يبكي هو بابا"
هنا انتبه ثيون أن عيناه امتلأتا بالدموع.. فمسحهما بفخر ذكوري و لمس وجنة صغيره وقبل جبين هيرا بقوة ثم قال:
"لا تصدقها جوناه.. نحن رجال اريكسون لا نبكي"
ثم حدق بهيرا وهو يقبل وجهها كله ويتمتم:
"شكرا شكرا شكرا!"
فابتسمت له وقال بدون تصديق:
"طفلنا ثيون.. طفلنا!!"
لم يجد كلمات ليعبر بها فاكتفى بهزة من رأسه وضباب الدموع يغشى عينيه بتأثر.. اللعنة يبدو أن فتيان اريكسون يبكون بعد كل شيء.
**
بعد لحظات خرج ثيون من الحجرة وهو يحمل اللفة السمينة ويقدمها لعائلته:
"أقدم لكم جوناه بلايك اريكسون.. أول حفيد لعائلتنا"
هلل الجميع بفرح واقتربوا يتناوبون على حمل الطفل حتى حان دور بلايك الذي حمله فقال ثيون:
"قابل عرابك جوناه"
رفع بلايك عينيه بذهول ممزوج بالامتنان لشقيقه وهمس:
"شكرا.. سأكون أكثر من فخور بهذه المهمة"
وخفض بصره يحدق بالعينين المنتفختين والفم الصغير للغاية وهو يكاد ينفجر ألما.. فلن يكون له طفل خاص به أبدا.. ولكنه سيكون العم المثالي أجل.. همس للطفل:
"سأكون عمك الرائع الذي يلبي طلباتك المنحرفة كلها يا فتى.. وسأكون صديقك وناصحك"
ابتسم ثيون لشقيقه ولعائلته التي تحيط بالطفل.. وامرأته التي تنام بالداخل مرهقة وشجاعة ورائعة.. وشعر حينها إنه امتلك الكون كله.. امتلك سعادة أبدية كاملة بدأت بإغواء غير مشروع.
*****************