صندوق العجايب

49 1 0
                                    

في إحدى البنايات السكنية في تلك المدينة الساحرة التي أشبه أن تكون خيال بالطبع عروس البحر المتوسط كانت قابعة على فراشها حيث استيقظت للتلو من نومها فهي لا تكاد تصدق أنها وأخيرا أصبحت فتاه جامعية لتفتح عينيها على صوت ببغائها يثرثر
روان : وأخيراً
لتنتفض عن فراشها وتأخذ حماماً بارداً وترتدي تلك الملابس التي قامت بتحضيرها ليلة أمس قبل أن تصر عليها والدتها بالنوم كي تستطيع أن تواصل يومها الدراسي الأول بنشاط وكانت مكونة من كنزة قطنية صيفية من اللون الابيض كتب عليها جملة باللغة الإنجليزية وبنطلون قماشي من اللون البيج الفاتح به حزام ربطته على هيئة "فيونكة " وجعلت شعرها الكستنائي على هيئة زيل حصان
روان : صباح الخير يا جنجومي ... كان نفسي تبقى معايا النهاردة بس no problem هاجي هحكيلك على كل حاجة
يقطع الحديث طرقات على الباب تبعها دلوف والدتها
والدتها : يلا يا رونة هتتأ..... لم تكمل جملتها لتري ابنتها قد استيقظت وبدلت ملابسها وأصبحت كما يقولون "بدر في ليلة تمامه " لتتمتم والدتها ببعض الآيات من القرآن الكريم والأدعية
روان : مش للدرجة دي يا ماما
والدتها : بس يا بت ايش فهمك انتي ... وبعدين يلا الفطار جاهز
روان : حاضر يا ماما
والدتها : بسرعة علشان متأخريش ابوكي على الشغل
روان : هجيب الشنطة وجاية
لتخرج والدتها لتتم ما كانت تفعله في المطبخ
وتذهب روان وتحضر حقيبتها الموجودة على مكتبها الأبيض نفسه اللون الذي طغى على غرفتها متداخلا مع اللون الوردي الفاتح كما حال معظم غرف الفتيات .... وأخرجت "دفتر ملاحظات" وفتحته وكتبت في أول صفحة به تاريخ اليوم وعبارة " هذا أول يوم لي كفتاة جامعية ... توكلنا على الله "
ووضعته في حقيبتها وأخدتها لتخرج من غرفتها متوجهة إلى طاولة الطعام
روان وهي تقبل والدها : صباح الخير يا والدي العزيز
والدها : صباح الخير يا حبيبتي ... يلا افطري بسرعة علشان ننزل
روان : حاضر يا بابا
وبعدما أن انتهى الجميع من الطعام ذهبت روان لترتدي حذاءها الرياضي الذي يتلون بلون البنطال متداخلا مع اللون الابيض حتى اتت والدتها بصندوقي طعام
والدتها : يلا يا رورو خدي العلبة دي فيها أكلك و ادي دي يا محمد علبتك
روان : lunch box ايه يا ماما اللي هأخده معايا في الجامعة ده
والدتها : لا انا مش هيخيل عليا حاجات العيال بتاعة مش بناخد اكل معانا الجامعة ده اومال اسيبك تأكلي اكل من برة مش عارفين مصدره ايه
تدخل والدها قائلاً : صدقيني مش هتقدري عليها خدي العلبة وانتي ساكتة ... بقالها عشرين سنة من ساعة ما اتجوزنا وانا باخد علبتي من غير اعتراض خدي علبتك وما تنهديش علشان كده كده مش هتسيبك غير لما تأخديها ... وبعدين احنا متأخرين يلا
لتأخذ روان صندوقها وتشكر والدتها وتهبط مع والدها من البناية ويستقلا سيارة والدها الخاصة ويتوجوا نحو الجامعه وبعد فترة ليست طويلة وقفت السيارة أمام إحدى البنايات الرائعة حقاً ومثبت عليها لوحة " كلية العلوم جامعة الإسكندرية"
قال والدها : يلا يا حبيبتي احنا وصلنا
ثم مد يده في جيب بنطاله وأخرج محفظة نقوده وأخرج بعض الورقات النقدية وأعطاها لابنته وتمنى لها يوم دراسي موفق وودعها
نزلت من السيارة وكادت أن تدلف إلى كليتها إلا أن رجل يرتدي زي رسمي منعها يبدو وكأنه أحد أفراد الأمن
الحارس : يا أنسة أشوف الكارنيه بعد اذنك
روان : بس أنا دفعة أولى لسه مش معايا كارنيه
الحارس : طيب البطاقة الشخصية
روان : حاضر
وأخرجت من حقيبتها تلك "البطاقة الشخصية "
أعدها إليها الحارس و سمح لها بالدخول : اتفضلي
لتأخذها وتعيدها للحقيبة : شكرا
ودلفت إلى كليتها تلك التي كانت أحد أهدافها فعلى الرغم من حصولها على "مجموع " يمكن أن يدخلها "كلية الطب" إلا أنها عشقت "كلية العلوم " ومجالاتها حيث غضبت والدتها لقرارها هذا إلا أنها بعد فترة من اقناعات زوجها وافقت ولما لا فهي بنتهما الوحيدة وهم حريصين كل الحرص على جعلها سعيدة ولا زالت تتذكر الجملة التي قالها والدها "مادام بتحبيها ادخليها وإن شاء الله أنا متأكد أنك مش هتخذلينا "
دار في بالها كل ذلك وهي تتأمل مدخل الكلية حقا كم هو رائع ولكن بسبب شرودها كانت قد اصطدمت بأحدهم كان شاباً في نهاية العشرينات وكان حقا فاتناً بعيناه تلك التي تشكلت من تداخل اللون العسلي والأخضر وشعره الاسود ولكن ماهذا يبدو عليه شخصا مهما يرتدي حلة من اللون الاسود بأسفلها قميص ابيض
روان : متأسفة جدا بجد انا مكنش قصدي
:ولا يهمك عادي ... دفعة أولى
امأت دون رد
: عادي جدا ده طبيعي انك تبقي كده اول يوم متقلقيش بس اهم حاجة خدي بالك مش كل مرة هتلاقي ناس محترمة زيي
وتركها بكل غرور ورحل
روان : يعني اول شخص أقابله فيكي يطلع نرجسي ربنا يستر في الجاي
لتذهب إلى " اتحاد الطلبة " وتستفسر عن المدرج الذي يعقد به محاضرة الفرقة الأولى ودلها أحدهم على تلك القاعة فذهبت تبعا لارشاداته لتجد الطلبة بدأوا في التجمع في القاعة تشعر بالوحدة ... بل تفتكها ولكنها قررت تجاهل ذلك الشعور والذهاب إلى المدرج لتجلس وبعد عشر دقائق بدلف شاب وسيم إلى القاعة ما أن دلفت حتى اتجهت الأنظار إليه فقام بتقديم نفسه :انا دكتور أدهم الصياد دكتور الـ chemistry اللي هكون معاكم وطبعا هيبقى فيه سكاشن مع دكتور ابراهيم ودكتور مروة ودكتور كاترين ودكتور اسماعيل وبالنسبة للجدول هتعرفوه على جروب الدفعة
دققت روان في الدكتور ما هذا ؟! أليس هذا الشاب الجميل هو ذلك "النرجسي" نفسه حقا صدق من قال " الدنيا دوارة ومصر اوضة و صالة "

ألف ليلة وليلة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن