12/واشتعل الحب

17.6K 417 44
                                    

اليسا لست في مزاج جيد هذة الايام مع ان سير العمل في المزرعة متقدم جدآ.
انزاح عن كاهلها هم تسديد الضرائب و لم تعد مدينة للمصرف و اصبحت المزرعة الكبرى لها.
ظهر الضيق على وجهها و هي تمرر اللجام فوق راس بيبي الاسود الداكن.
اجل. الحياة جيدة و سوف تصبح افضل ان استطاعت فقط ان تتوقف عن التفكير بذلك الامير الاسباني المتفاخر البائس و بكل ما كان عليها قولة لة و لم تفعل سوف تصبح في مزاج افضل.
قادها حصانها بيبي في الصباح الباكر من احد ايام شهر آب في نزهتهما الصباحية قبل ان تبدء بالعمل. انها السادسة صباحآ و قد اصبح الجو حارآ منذ الان.
فكرت و هي تتمايل على ظهر الحصان:
-حسنآ! هذة هي تكساس.
لا بد ان الوقت ليل في مزرعة مونروي و في مقاطعة ماربيلا ايضآ. لا شك ان الطقس حار هناك لكن النسيم العليل البارد القادم من بين الاشجار الباسقة من جهة و من البحر من الجهة الاخرى يخفف الحر و يلطف الجو.
حسنآ! من الذي يهتم لذلك؟ سواء الطقس حارآ ام باردآ فهي تفضل تكساس.
الناس هنا اكثر صدقآ هذا اذا استثنت ثاديوس الذي استقبلها بالقول انة سيسعد بشراء المزرعة لا سيما انها اصبحت الان لها و هكذا ستتمكن من البدء بحياة جديدة من دون ان يزعج نفسة بان يذكر لها انة يريد بيعها الى المستثمر الجديد.
عليها ان تستثني امها ايضآ و كذلك لوسيوس. لقد كذبا عليها بأسوء طريقة يمكن تخيلها. مع انها تعترف بألم انها تتفهم ما حدث مع مرور الوقت.
سواء كان عملها خاطئآ ام صائبآ فقد كذبا عليها بسبب الحب و انظر ما الذي فعلتة هي بنفسها بسبب الحب.
لا ليس الحب! انها لم تحب لوكاس ابدآ. آة! ها هي تكذب الان ايضآ لكن عليها ان تقول لنفسها شيئآ ما لتبرر هروبها منة.
شخر بيبي و كذلك اليسا فمالت فوق رقبتة.
-انت حبي الوحيد!
همست بذلك و هما ينطلقان عبر الطريق الطويل الذي يقودهما الى المنزل.
ما الذي تراة امامها؟ انة شئ كبير و اسود يلمع تحت اشعة الشمس الحارة. اهو ثور ام الة مكسور من المزرعة المجاورة؟ ام انة حصان؟
انها شاحنة كبيرة سوداء و جديدة. و هي تقف مباشرة وسط الطريق و ذلك السائق الاحمق يقف بجانبها.
جذبت اليسا اللجام الى الوراء فشخر بيبي رافضآ ان يفسد نزهة الصباح بسبب دخيل و كذلك فكرت هي.
آة يا الهي! حتى من تلك المسافة البعيدة لا مجال لتحظئ في معرفة هوية الرجل.
تلك الوقفة الواثقة التي تقول: انا ملك هذا الكون! و ذالك الذراعان اللذان ينعقدان فوق صدرة و ذلك الراس الذي يرتفع بكبرياء.....و عاد الامير الاسباني!
فكرت انها تستطيع ان تدفعة للركض و القفز من جديد و ان تمر مباشرة امامة كما فعلت في المرة الاولى لكن الامير الاحمق المتفاخر استدار من وراء الشاحنة و وقف مباشرة امامها.
همست محدثة الحصان:
-هيا عزيزي!
دفعتة للسير ببطء و عندما وصلت امام الامير توقفت.
-هذا طريق خاص.
قال بتهذيب:
-لا انة ليس كذلك.
-هناك مزرعة واحدة في نهاية الطريق و انت شخص غير مرحب بة هناك.
-هذا لا يعني انها اصبحت ملكية خاصة.
حفر بيبي الارض امامة و رفع رأسة عاليآ.
فمالت اليسا الى الامام و همست بكلام ناعم في اذنة فهدأ على الفور.
قال الامير الاسباني:
-لديك لمسة رائعة.
لم تقل اليسا شيئآ. ايصدق ان هذا الاطراء سيحمل اي معنى لها؟
-لا سيما مع الخيول.
تورد خداها. و فكرت في عدد من الاجوبة لترد علية لكنها تجاهلتها كلها.
-ما الذي تريدة سمو الامير؟
ما الذي يريدة؟ بالطبع يعرف لوكاس ما الذي اتى بة الى هنا. اتى لكي يواجهها لكنة ما ان راى اليسا حتى لم يعد متأكدآ ما هي الغاية من مواجهتها.
لم يجب فنظرت الية ببرودة و قالت:
-لن اعيد لك صك الملكية.
-انا لا اريدة.
-اذآ ما الذي تريدة؟ قل بسرعة من فضلك فلدي عمل كثير علي القيام بة.
-سمعت انك تدربين الخيول و تتاجرين بها.
ابتسم الامير. هي تكرة تلك الابتسامة لانها مليئة بالثقة و الاعتداد بالنفس و.....
-نعم انا ادرب الخيول و اتاجر بها. ليست الخيولآ اندلسية مثل خيولك لكن هناك من يهتم بها بأكثر مما كتب في شهادة ميلاد الحصان.
انها صفعة صغيرة و هي تعلم ذلك. فخيول الامير لوكاس كلها رائعة. لقد امتطت بعضآ منها معة.
-لديك بيبي.
-بالنسبة اليك هو مجرد وحش.
ابتسم الامير من جديد. و قال:
-وحش! ربما تسرعت في الحكم علية. الان و انا القي علية نظرة اخرى يمكنني ان ارى انة حيوان جميل.
-لا تحاول معاملتي بتنازل.
-انا لا افعل ذلك. انني صادق فهو شجاع.....قوي.....و ذكي. و هذة من الصفات التي يطلبها الرجل.
تجهم وجة لوكاس و توقف عن الكلام. هل ما زالا يتحدثان عن الحصان؟ ما الذي حدث لذلك الكلام المنمق الذي اراد قولة لها؟ الم يكن ينوي ان يقول لها رأية بالمرأة التي تستغل الرجل لتحصل على ما تريدة منة.
صحيح ان عقد الاتفاق قد فسخ لكنة هو من اقترح الزواج بموجب تلك الشروط العملية. قال انهما يهتمان لبعضهما. و انهما اذا تزوجا ستنفذ بنود العقد و ستحصل اليسا على ارضها. لم يلقي اللوم عليها اذآ لتركها اياة بعد ان علمت ان لا وجود لعقد؟
لم يلقي اللوم عليها لتركها اياة بعدما علمت انة كذب؟
لم يلقي اللوم عليها بسبب اي شئ سوى.....تحطيم قلبة؟
الم تدرك ان يحبها.....بل يعبدها؟ و ان حياتة لا معنى لها بدونها؟ الا تشعر مثلة تمامآ؟
هو يعلم انها تشاركة الاحاسيس ذاتها ففي كل الاوقات الحميمة بينهما كانت تستلم لعناقة بطريقة لم يعرفها من قبل. طرق تشمل القلب و الروح و ليس الحواس فقط.
شخر الحصان بفقدان صبر و بدا ان اليسا ايضآ فقدت صبرها.
بأمكانة ان يرى بوضوح انها اكتفت من كل هذة الحماقة و هو ايضآ.....
-وداعآ سمو الامير.
وكزت بعقبي قدميها جانبي الحصان فمال لوكاس الى الامام و امسك باللجام.
-انزلي عن الحصان!
راحت تضحك و تضحك.....تبآ! لم يأت الى هنا قاطعآ هذة المسافة الطويلة لتضحك منة.
-قلت.....
-سمعت ما قلتة. و اقترح عليك ان تترك اللجام و الا ساسير مباشرة فوقك.
صرخت بقوة ما ان سحبها لوكاس عن ظهر الحصان.
-دعني! ما تظن نفسك فاعلآ؟ تبآ لك لوكاس!
-انني احمق و سأكون احمق حتى الابد و كذلك انت ان استمرينا بالكذب على انفسنا و على بعضنا البعض.
-الديك الجرأة لتتحدث عن الكذب؟
ابعدت اليسا شعرها الى الوراء و قد تلون خداها بلون وردي بينما لمعت عينيها كوميض من النار و هي تتابع:
-انت اكبر كاذب في العالم كلة.
وضعها لوكاس على قديمها و هو يقول:
-اعترف بذلك. كان علي اخبارك الحقيقة و بأن العقد اصبح ملغي و لا مفاعيل لة لكن.....
-لكن انت دائمآ تحصل على ما تريد. اردت زوجة و انا كنت في متناول يدك.
-لا يمكن ان تصدقي ذلك حقآ.
المشكلة انها فعلآ لا تصدق ذلك. فهذا هو الشئ الوحيد الذي لم تتمكن من ايجاد اجابة منطقية لة. ان اراد لوكاس رييز زوجة فهناك المئات من النساء اللواتي يتسطيع الاختيار بينهن و هذا ما يبقيها مستقيظة الليالي لتفكر بذلك السؤال.
-و لماذا اذآ ابقيت الحقيقة سرآ عني؟
تنفس لوكاس بعمق و احتفظ بالهواء داخل صدرة ثم زفرة بهدوء. انة رجل بائس يماطل مضيعآ الوقت و هو يعلم ان علية ايجاد طريقة ليقول ما علية قولة من دون ان يبوح بكل شئ.
لم يشعر مرة بحياتة ان عرضة للسقوط و الضعف كما هو الان.
-أرأيت؟ لا يمكنك ان تعطي أي سب أخر لأنك لا تملك سببآ اخر.
فكرت الامر و وجدت ان الوقت حان كي تتزوج و هذة هي هذة الانثى البسيطة السهلة الاذعان.
ابتسم لوكاس:
-انت بسيطة وسهلة الاذعان؟ انت عزيزتي؟
-مهما يكن. كنت متوفرة و انت.....
-و أنا.....
تابع و قد نسي ان البوح بكل شئ قد يكون خطرآ علية:
-و أنا.....
امسك بوجهها و ادارة الية ثم حدق في عينيها و هو يتابع:
-اغرمت بك بجنون.
فتحت اليسا فمها ثم اغلقتة. أنة أمر مدهش! لأول مرة في حياتة يقول شيئآ لا تستطيع ليسا الرد علية و مهاجمتة.
-لم تبدين مندهشة هكذا عزيزتي؟
اصبح صوتة ناعمآ كالحرير و كذلك لمسة يدة و هو يتابع:
-ألم تدركي مطلقآ ما الذي يحدث لي؟
يا الهي! ما هذا التكبر و العجرفة!
-هل كان علي ان أدرك ما الذي يحدث معك؟
اجاب بنعومة:
-احبك....اعبدك.....ليسا. كنت جبانآ و لم اعترف بذلك حتى لنفسي. تمسكت بذلك العقد و بالشرط المستحيل لأحتفظ بك.
شعرت اليسا ان عينيها تمتلأن بالدموع. لن تدع ذلك يحدث ابدآ. لن تدع الامير يراها تبكي لأنة سيكتشف الحقيقة سيدرك أنها أحبتة و أنها لم تتوقف مطلقآ عن حبة.
ابتلعت غصة بصعوبة و قالت:
-و.....أهذا كل شئ؟ انت تحبني و من المفترض ان أقول: هذا رائع أنني أسامحك على كذبك علي لأنني احبك ايضآ؟
ابتسم و قال:
-و هل تفعلين؟
-أأسامحك؟
-هل تحبينني؟
تجمد الوقت و العالم و الكون كلة في تلك اللحظة. نظرت اليسا الى عيني اميرها الاسباني الذهبتين.....اميرها! و تركت كل الحب الذي يختنزنة قلبها و اعماقها ينطلق حرآ.
قالت:
-نعم. اة! نعم لوكاس. احبك احبك.
ضمها الية فرفعت ذراعيها و لفتهما حول عنقة. عانقها لوكاس بحرارة و عمق و اراد ان يستمر عناقهما الى الابد. لكن الحصان صهل و تقدم الى الامام ليدفع بأنفة الاسود الطويل كتف لوكاس.
ضحك لوكاس قائلآ:
-انة يغار.
ابتسمت اليسا و قالت:
-لدية كل الحق بأن يفعل.
شد لوكاس ذراعية حولها و قال:
-أليسا مونترو ماكدونوف هل تشرفينني بأن تصبحي زوجتي؟
الدموع التي حبستها اليسا طويلآ انهمرت اخيرآ من عينيها المشتعلتين.
قالت:
-سأكون فخورآ جدآ بالزواج بك سمو الامير.
عانقها لوكاس من جديد. ثم امتطى الحصان و جذب خطيبتة لتصعد وراءة و انطلقا ببطء في ذلك الصباح الجميل الدافئ من ايام تكساس.

*****

اعترف كل من حضر الزفاف بأن حفلة زواجهما خيالية.
اقيم الاحتفال في مقاطعة رييز في ماربيلا على سفح تلة تشرف على البحر.
بدت العروس فاتنة الجمال و هي ترتدي فستانآ طويلآ من الدانتيل الابيض. مع ان الفستان جديد لكن الخمار الرقيق هو الخمار نفسة الذي وضعتة جدة العريس في يوم زفافها.
بدا العريس وسيمآ جدآ ببذلتة السوداء الرسمية اما اشبيني العريس و قد اصر العريس. ان يكونا اثنين فبدوا وسيمين ايضآ في بذلتيهما الرسمية.
تعالت اصداء الموسيقى في كل مكان و قدم الكثير من الشراب الفاخر و القرديس و شرائح من السمك. عزفت موسيقى الفلامنغو و الحان على آلات رباعية الاوتار و قدمت فرقة موسيقية مشهورة الحان الروك و بعد فترة طويلة بدأت بعزف الحان قديمة رومانسية. نهض فليكس عن كرسية المتحرك و رقص مع العروس.
اخيرآ انسحب العروسان خلسة. و حمل العريس عروسة عبر الدرج الى غرفة نومة التي اصبحت الان غرفة نومها. عانقها بنعومة و همس بأسمها ثم خرج الى الشرفة بعد ان شعر بالتوتر كأي رجل سيقيم علاقة حب للمرة الأولى مع عروسة.
امصيا الاشهر القليلة الماضية بعيدآ عن ان اية علاقة حميمة بينهما. و هي ثلاثة اشهر أذا احتسبنا الوقت الذي امضياة مفترقين. و منذ ان تصالحا اكتفى لوكاس بمعانقتها برقة بعض عناقات خفيفة او بطبع قبلات لطيفة على يديها كلما كانا معآ. اراد ان ينتظر ليلة زفافهما ليحظة بعروسة العذراء الرائعة بجدارة.
عندما اصبحت بمفردها نزعت اليسا ثياب العروس الفاخرة و ارتدت ثوبآ رقيقآ من الحرير الابيض اللون صنع يدويآ كانت دولوريس قد اهدتة لها.
اشرق وجهها بالسعادة و الفرح عندما نظرت الى صورتها في المرآة.
استدار لوكاس عندما تلفظت بأسمة. شعر بقلبة يخفق بشدة ما أن رأى زوجتة الجميلة.
قال:
-احبك من كل قلبي.
اقتربت اليسا منة فضمها الى صدرة و عانقها قبل ان يحملها بين ذراعية الى سريرهما حيث الوسائد البيضاء و غطاء السرير مليئة بأوراق الورد الاحمر.
امسكت ليسا بيدة عندما اصبح قربها في السرير و قالت:
-نعم هذة ليلتنا الأولى كزوج و زوجة لكنها ليست ليلتنا الأولى معآ. اتذكر اميري الغالي تلك الليلة التي غفونا فيها من دون ان ندرك أننا ننام على سرير واحد؟
همس و هو يعانقها:
-لن أنسى ذلك مطلقآ غاليتي.
ثم تابع متأثرآ:
-كانت تلك المرة الأولى التي أرى فيها امرأة لا تحاول ايقاعي في شباكها. أدركت أنك فتاة بريئة مع أنني حاولت اقناع نفسي بعكس ذلك.
أحقآ؟ و هل تريد ان تتأكد بنفسك الأن؟
أمتلأت عينا لوكاس بسحر خاص و هو ينظر أليها ما جعل الحذر يتسلل ألى حواسها و يملؤها بهجة ثم ضم اميرتة بين ذراعية و عانقها. في تلك أللحظة بالذات اشتعلت السماء بالألعاب النارية فملأت الأضواء السماء و أشتعل الحب في سريرهما.
**********
النهاية

روايات احلام/ عبير: امرأه للبيعحيث تعيش القصص. اكتشف الآن