1| في القاعة المهولة.

346 20 133
                                    

من النوافذ الجانبية تطِّل الشمس بخيوطٍ من ذهب، على طول الأرض الرخامية المرمرية اللامعة، حتى منتصف القاعة الكبيرة، والباقي تحوطُّه عتمة رقيقة لأن الأضواء لم تكن قد أُشعلت بعد

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.


من النوافذ الجانبية تطِّل الشمس بخيوطٍ من ذهب، على طول الأرض الرخامية المرمرية اللامعة، حتى منتصف القاعة الكبيرة، والباقي تحوطُّه عتمة رقيقة لأن الأضواء لم تكن قد أُشعلت بعد.

لا صوت بين الجدران الشاهقة عدا عن نقير قدمها على الأرض، وبعض الطيور الصغيرة المختبئة في الأشجار الشاهقة خارج النوافذ الباسقة. إما أن القاعة كانت كبيرة إلى حد أن تغريد الطيور فيها كان يندثر قبل أن يكمل دويه، أو أن حتى الطيور هنا كان لها من الرقيِّ ما يحول بينها وبين الرغبة بالغناء.

حدقت في الأرجاء مرة أخرى، ثم إلى الوقت في ساعتها مجددًا، متى ستفتح الأبواب الكبيرة تلك لتعلن عن إفراجها؟ تنهدت لتلتفت إلى المنضدة قربها، حيث صُفت ثلاثة أكواب فارغة من الشاي وأربع مغلفات حلوى مفتوحة ولم يؤكل سوى القليل منها، شعرت بالضيق وهي تنظر إل كمِّ الطعام الذي كان عليها هدره. ولكن ما الذي عليها فعله بالضبط؟ وضعه في حقيبتها وأخذه للمنزل؟ أيُ خدعة تطليها على ذاتها؟ سينتهي بها المطاف برميها حتى بالمنزل فهي لا تؤكل. ولكن ليس وكأن الأمر ذنبها في الأصل، لقد اعترضت مرارًا على عروض الطعام من الخدم الذين ظلوا يحومون حولها كالنحل، لكن جلوسها هنا طال كفاية وكان إلحاحهم مقنعًا لجعلها ترضى في نهاية المطاف، ولا دخل لها بكون طعام الأغنياء شنيعًا إلى هذا الحد. حتى الحلوى لم تكن تطاق.

كانت على شفى حفرة من الإنصياع لرغبتها الملحة بالوقوف ومغادرة المكان دون أن تكمل انتظارها، فقد سئمت تمامًا. كان المكان هادئًا إلى حدٍ خانق، وحتى انتظارها لعمتها أخذ يبدو غير مهمٍ كفاية بالمواجهة مع تكبيلات الوجوم التي أخذت تتمكن منها.

لكن وكأن القدر شاء ألا تورط ذاتها بمشكلة الهرب من هنا، انفتح الباب الخشبي العملاق للغرفة في جانب القاعة، ومنه سمعت سير الأقدام الرقيقة وطقطقة الكعب النحيل المقتربة ناحها.

تنفست الصعداء وهي تراقب عمتها تقترب ناحها بينما لا تزال تتبادل أطراف الحديث مع المرأة الشقراء من قربها. لقد بدت كلتاهما سعيدتين، ولما لا تكونان كذلك؟ لم يكن يتوجب على أي واحدة منهن الانتظار هنا وحيدة.

-لقد كان الدرس رائعًا. لم أظنَّ أني كنت سأرى ذاك التحسن في أدائه منذ اللقاء الأول، لكنك تركتني مبهورة آنسة بارك!
هذا ما قالته السيدة الحسناء بنبرتها الرخيمة الهادئة. لقد كان لديها أكثر صوت ناعم وموزون قد سمعته من قبل، صوتٌ ينسكب برقة من لسانها بالضبط مثل الرقة التي ينسكب فيها فستانها الحريري حول جسدها.

One dreamy night.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن