الفصل الحادى والعشرون

339 17 0
                                    

سديم الباروك
الفصل الحادي والعشرون

بعد أن تحرر داغر من قبضة سديم وسحرها قذفته بصاعقة مغنطيسية نحو الجدار المقابل، يرتطم جسده به بعنف يحدث المثل لها.
إنتفض جسده يتحوّل الى ذئبه في الحال، يشعر به يصارع التحرر غاضباً هائجاً هدفه سديم، يرى الأخيرة تتململ بضعف ووهن، إذ يبدو أن السحر الذي إستعملته عليه إستهلك كل طاقتها،
لا يصدّق ما أقدمت على فعله،
لا يصدّق قسوتها وعدم رحمتها،
لا يصدق أنّه خسرها الى الأبد........

إعتدلت سديم بجسدها تعاني من وهنٍ يكبّل حركتها، فتحت أجفانها بعد معاناة ترى محيطها بنظرات مشوّشة، تشاهد ذئب داغر يقترب منها بخطوات متربصّة، ملامحه متكرمشة غاضبة، أنيابه بارزة، وعينيه تبثّان قسوة أجفلتها.

إستقامت بجلستها تترقّب خطواته،
تشعر بقلبها يتمزّق، وروحها تتملّع، وأنفاسها تتحشرج،
كأنّ هناك شيئاً بداخلها يحاول الإنفصال عنها، التحرر منها،
ماذا فعلت! ما الذي أقدمت على فعله؟

رفعت كفّيها المرتعشين نصب عينيها تتأمّل راحتيها بغرابة، وكأنّ هناك إنساناً غريباً كان يسكنهما والآن رحل عنها، كأنّ الظلمة التي كانت تحاول السيطرة عليها غادرتها، تشعر بالنور يتسلل اليها من جديد.

شهقت رافعة بصرها تتعانق نظراتها مع نظرات ذئب داغر الذي أصبح قبالتها تماماً، غامت مقلتيها بالدمع هامسة بشفتين مرتعشتين«ماذا فعلت؟ ماذا حصل؟»

زمجر ذئب داغر بوجهها رافضاً الإقتراب، رافضاً تلبية إستجدائها له بمواساتها، فتراجعت تضم جسدها بذراعيها، تدرك بأنّه لن يغفر لها فعلتها تلك
« أنا أسفة؟»
همست في ذات اللحظة التي زجر بوجهها يصمتها، يرمقها بنظرات قاسية لم تعهدها منه من قبل، قائمتيه الأماميّتين تقاومان ضدّ رغبته، تقاومان الإنقضاض عليها وتمزيق حنجرتها، تراجع خطوتين ورفع عنقه نحو الأعلى يعوي، يصدح عوائه في الأصداء، يتبعه مباشرة عواء قطيعه يكسرون سكون الليل وظلمته.          

***********************************************
   
بعد أن إنتهت نوبة الألم التي إجتاحت جسده على غفلة منه فتح فادي مقلتيه يشاهد محيطه يتراقص من حوله، واجداً نفسه محاطاً بالمشعوذين، يعود لذاكرته معركته مع الوحش الذي هاجمهما هو وجوان في الغابة، التفت يمينه يفتّش عنها فوجدها تمسك بكفّه والدموع تسبح بمقلتيها، حدّقت به بذعر أجفله، رفعت بصرها تتفقد ما إذ إنتبه له الآخرين تصيح به في ذات اللحظة التي قبض فيها لؤي على عنقها يحبس عنها الهواء.
« تحوّل الى ذئبك»

وإنتفض فادي يتحوّل، تحوّل يعاني صعوبة بالغة في التواصل مع ذئبه، أمرٌ لم يحصل له من قبل مثيراً هذا الأمر جزعه.
ماذا يحصل معه؟ 
ماذا يعقل أنّهم فعلوا به؟

سديم الباروك لكاتبة أمل القادرىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن