قصة امير

94 4 0
                                    

"لقد وجدتك ولن اتركك ابد"
امير شاب في التاسعة عشر من عمره، يعيش حياة اعتيادية تشبه حياة اغلب
الناس في مجتمعه.. يصلي صالة سريعة.. يستمع احيانا للغناء واحيانا لا
.

ويستمع للغيبة غالبا و يستغيب احيانا
واحيانا يحترم والديه

احيانا حين يلتقي برفاقه يتبادلون الشتائم والكلمات السيئة كنوع من انواع المزاح
..
ً
والحرية، يساعد امير المحتاجين ويدرس جيدا
لكنه يتصرف بلا وعي والمختصر حكاية ذلك الشاب انه يملك قلبا طيبا
في الحياة.
ً
يملك هدفا
في يوم من الايام قررت عائلة امير السفر الى ايران لزيارة العتبات المقدسة
هناك، تحمس امير للسفر كونها المرة الاولى التي سيسافر فيها ، كان يود
الذهاب للسياحة ومشاهدة المناظر الخالبة والمدن العامرة كما سمع عنها .
ً
قرر والدا امير السفر بالسيارة، وفعلًا جاء يوم السفر وامير يزداد شوقا
ولهفة للسياحة والمتعة .
كان الطريق طويال بين العراق وايران، ما ان انقضت 24 ساعه في الطريق
هم الى اعتاب مدينة قم وبدأت الانوار تلوح
ّ
حتى وصلت السيارة التي تقل
اليهم من منارات ضريح السيدة فاطمة المعصومة عليها السالم ..
ً من تلك الرحلة، لكن ما ان رأى تلك المنارات حتى بدأ
كان امير متعبا
بالنظر اليها بتعجب وكأنه متلهف عليها ومشتاق اليها ..
فتح عينيه وركز على المنارات وبدأ قلبه ينبض بطريقة مختلفة .
كانت الساعة الرابعة فجرا ً، ما ان وصلوا وضعوا الحقائب والامتعة على
ألارض، وقرروا اداء صالة الفجر في حرم السيدة قبل الذهاب الى الفندق .
حاول امير تجاهل تلك المشاعر التي شعر بها وحّدث نفسه قائالً: سأصلي
.
ً
الفجر واذهب للنوم في الفندق ثم ابدأ جولتي السياحية غدا
وصل امير الى مكان الوضوء ليتوضأ، فشاهد طفلين صغيرين يبدو ان
احدهما له من العمر ما يقارب الـ ثالث سنوات والاخر ما يقارب الـ خمس
، انصت امير لحديثهما
سنوات، كانا جميلين جدا ديثهما، قال الاخ الكبير للصغير:
لقد وجدتك ولن اتركك بعد اليوم ابد اتوضئ امير وعندما انهى وضوؤه التفت ليخرج فلم يجد الطفلين، خرج من
مكان الوضوء وذهب الى الحرم، لكنه اندهش من سرعه الطفلين فقد اختفيا
تماما انهما من اهل ً من ذلك المكان، وما ادهشه اكثر انهما كانا يبدوان من
المدينة لكنهما يتحدثان العربية !
ً وذهب لأداء صلاة الفجر، صلى امير صلاة لم
ِيستغرق لألمر كثيرا
لكن لم يباِّل
مثلها من قبل، احس بروحانية وتوجه عجيبين، ثم وجد في نفسه طاقة
يستطيع
ألداء ركعتي زيارة السيدة معصومة عليها السالم والدخول ألداء الزيارة .
كان امير يتحرك باتجاه الضريح المقدس وقدميه تبدأ بالرتجاف وقلبه
ً مما يحدث له .
يتسارع نبضه ، كان منبهرا
وصل امير امام الشباك المبارك حيث كان عدد الزوار كبيرا جدا لدرجة انهم
يتدافعون، تقدم امير باتجاه الشباك، وفجأة فسح الجميع له المجال وامسك
بالشباك، ثم دفعه الزوار الى زاوية الشباك، والغريب انهم ظلوا يتدافعون
على الشباك تاركين مجال واسعا ألمير ولم يقترب منه احد .
امسك امير الشباك واحس بألم عجيب في قلبه، مر امامه شريط حياته،
ً من البعد عن معرفة هللا الحقة وعن طاعته! احس بندم عجيب
19عاما
وبحرارة شوق هلل ولطاعته، بدأ يبكي ويبكي ويصرخ، الهي العفو، سيدي
العفو، موالي اعتذر منك،
الهي الهي الهي
ثم بدأ ينطق كلمات: الهي عجل لوليك الفرج، الهي عجل لموالي الفرج،
موالي يا صاحب الزمان العفو، سيدي عفوك.
سيدي اعتذر على جفائي وقلة حيائي.
كان امير يبكي ويصرخ ويناجي والجميع ينظرون اليه، وكأنهم يغبطونه
على روحانيته. اما هو فكأنه التقى بإمامه الذي يعشقه في حين انه لم يكن
يعرف سوى اسم الامام الثاني عشر وحتى لم يكن يحفظ دعاء الفرج .
قضى امير ساعتين وهو مرتمي على شباك السيدة فاطمة المعصومة عليها
ً السالم. عندما خرج كان الظالم قد انجلى فالساعة ،
كانت السادسة صباحا
كان رأسه يكاد ان ينفجر من كثرة البكاء، لكن مكبرات صوت الحرم كانت
تتعالى بدعاء العهد)شهادة تعريف المنتظرين(، وقع امير على الارض انهار بالبكاء مرة أخرى، واخذ يردد عبارات العهد لمواله وكأنه يعرفه منذ
سنوات!
وهكذا كان امير طول الرحلة يلهج باسم صاحب الزمان ويدعو له، وقضى
الرحلة في اروقة حرم الامام الرضا عليه السالم، يستمع لمجالس الوعظ
والعزاء والتي كانت كلها تتحدث عن السيد صاحب الزمان، عرف امير في
هذه الرحلة الكثير من الامور عن امام زمانه ودوره في نصرته، وعزم على
ان يكون ممن يعجلون بفرج امامهم .
تحولت الرحلة من سياحة في ايران الى سياحة في عشق صاحب الزمان .
منذ تلك اللحظة اصبح امير من اصدق واقرب العشاق لصاحب الزمان،
ويلهج بذكره ويفني ايامه ولياليه لخدمته .
عاد امير الى العراق والتغيير باٍد عليه، فقد قطع عالقته برفاق السوء وغيّر
طريقة لبسه وتعامالته، واصبح لا يبارح المسجد، ويختلي في غرفته يلهج
باسم صاحب الزمان، يؤدي كل الصالحات نيابة عنه، الى ان اصبح يشار
اليه بالمهدوي.
ذاب امير بعشق سيده واصبح يتمنى ان يرى اثر خطوته، فبينما هو نائم في
احدى الليالي، واذا به يرى نفسه في حرم امير المؤمنين عليه السالم يطوف
ً ضخم الجسم جميل
حول الضريح، ثم خرج من الضريح واذا به يرى شابا
الوجه، البسمة مرتسمة على محياه، فاذا بهم يخبرونه بانه الامام الحجة.
ركض امير باتجاه الامام واذا بالامام يحتضنه، ثم وقع امير على الارض
وسجد على قدمي الامام قائالً موالي اقبلني .
ً فأ جابه الامام: لقد وجدتك ولن اتركك بعد اليوم ابدا
ً ألنه نال رضى مواله، ثم تذكر الطفلين في حضرة السيدة
استيقظ امير فرحا
معصومة عليها السالم، فانتبه الى انها كانت رحمة صاحب الزمان قد شملته
ليكون من جند الامام

يا امير المؤمنين. حيث تعيش القصص. اكتشف الآن