قصة رشا

125 4 0
                                    

في أربعينية الامام الحسين - عليه السالم - حيث تكرم علينا المولى ابو عبد
هللا بدعوة منه للتطوع في خدمة زواره، ألتحقنا للتطوع في المفرزة الطبية
داخل الحرم المطهر.
ليلة الجمعة كان واجبنا يبدأ الساعة الواحدة بعد منتصف الليل ، قرأنا دعاء
كميل في الصحن المطهر فتأخرنا عن موعد الواجب، ذهبنا أنا وصديقتي
للمكان المناط بنا، فوجدنا المكان مستوفي بالطبيبات ورمقنا بنظرة أخرى
مكان توزيع الماء وهو بالقرب من المفرزة فوجدناه هو اآلخر مستوفي ..
فهمست لصديقتي " دعينا نذهب لمكان فيه نقص بالمتطوعات وبحاجة لنا
أفضل من البقاء هنا "
ذهبنا إلى باب الرأس وكان بالجهة المقابلة حاجز للرجال ، نرى من خالله
دخول المواكب منظر مهيب جدا ، بقينا في باب الرأس نتطلع والقلوب تكاد
تخرج من موضعها لهول المطلع ، وقفنا في الباب تارة ننظم حركة خروج
الزائرات وتارة نجلس ونقرأ أدعية وتارة نتأمل في منظر الزائرين وأين يا
ترى صاحب الزمان منهم ؟!
فجأة خرجت إحدى المتطوعات وتمسك بيدها طفلة ال تتجاوز التاسعة ،
عيناها مغرورقة بالدموع، حائرة ال تدري ماذا سيكون حالها ، فنادت
المتطوعة بصوت عال على الزائرات ، )طفلة ضائعة من منكن ضيعت
أبنتها (؟!
ال مجيب!
أدخلوها للضريح وجعلوها تتصفح وجوه الزائرات علها تجد وجه أمها ..
لكن من دون جدوى أيضا
أخذت الطفلة من المتطوعة سألتها عن أسمها فقالت رشا - على ما أظن - ،
ماذا حصل معك يا رشا ؟
ـ أتيت أنا ووالدتي وجدتي مشيا على األقدام من محافظة واسط، وأثناء
الدخول ضيعت أمي وجدتي ، تتكلم والعبرة تخنقها بالكاد الكلمات تخرج
منها،ال تبكي يا حبيبتي سنجد أهلك بأذن هللا كوني واثقة..بقيت واقفة معها خارج باب الرأس ، ما أن نظرت إليها حتى تقطع قلبي
حزنا وشفقة عليها فوجهها البريء وتقاسيمها الصغيرة توجب على قلبك أن
يذعن حزنا وشفقة عليها ، عدت بها الى داخل الضريح لتتصفح أوجه
الزائرات فلعل أمها تبحث عنها هنا لكن لم تجد لها أي أثر..
فجأة خطرت ببالي فكرة ) أوليس اإلمام صاحب الزمان عجل هللا فرجه معنا
ويسمعنا فلماذا النطلب منه التدخل إليجاد أهل هذه الطفلة ! حتما هو سيتكفل
بذلك(
فقلت لها
حبيبتي رشا أنت تريدين إيجاد أمك أليس كذلك؟
أجابت وهي تنظر إلي بنظرة علقت فيها كل أمالها علي
-نعم، حقا شعرت بمسؤولية كبيرة حينها ..
فقلت لها حبيبتي هنالك شخصا ال يرد أحد، هو يسمعنا ويرانا، ويحبنا كثيرا،
لكن اعيننا الملوثة بالذنوب ال تراه، إسمه اإلمام المهدي صاحب الزمان،
حدثيه اآلن بقلبك وقولي له " سيدي رجع لي أمي " وهو سيتكفل األمر.
فطأطأت برأسها مرددة بصوت خافت يدوي مع نبضات قلبها المضطرب
وعينيها الدامعتين " سيدي رجع لي أمي .. "
فكرت بيني وبين نفسي أن آخذها لمكان استراحتنا لترتاح فلقد تعبت من
البحث والبكاء، وغدا صباحا مؤكد إن األمر سيحل إلنه وكل للصاحب عجل
هللا فرجه، ال أذكر إنني أستنجدته مرة وتركني فكيف بهذه الطفلة البريئة !
لم أكمل حديث نفسي إال وأمسكت رشا بيدي بكل قوتها، وتردد من هنا من
هنا!!!
ماذا حصل يا رشا ؟!
المكان مكتظ بالزائرين وال يمكننا التدافع معهم إلى أين تريدين ؟!
قالت أمي من هنا!
صدقا!! هل حقا ما تقولينه!
يداها كانت تجرني بقوة بإتجاه باب السدرة .
إجتزنا الساللم والطريق ينفرج من أمامنا ورشا هي من تقودنا فما إن وصلنا
لمقدمة الباب لم نجد أثرا ألمها ..
فرأيت كهال كبيرا - أحد المتطوعين - واقفا في باب السدرةسالم عليكم يا عم، هذه طفلة ضاعت عن أهلها وبحثنا عنهم ولم نجد لهم أثرا
..
أخبر الرجل مسؤول باب السدرة، فقال لنا المسؤول " الطفلة ستكون
بحوزتنا والمهمة علينا مهمتكم اآلن انتهت .."
أعتصر قلبي كيف سأترك رشا دونما أعرف ما الذي سيحصل لها !
فجأة ظهر شاب -وهو أحد المتطوعين أيضا -، وقال للرجل الكبير يا حاج
لقد رأيت هذه الطفلة في الصباح مع جدتها وأمها وهذا مكانهم، فذهبنا
لمكانهم وفعال وجدنا حقائبهم في نفس المكان .
هنا تفاجئ الحاج قال ما الذي يحدث!!
كيف هذا الشاب تذكرهم؟! رغم هذه االعداد المهولة من الزائرين !!
ما هذه الكرامة !!
أنا هنا لم أتمالك نفسي ودموعي بدأت تتكلم.
فقلت له يا عم هذه ألطاف صاحب الزمان عجل هللا فرجه، مجرد ما
استنجدت الطفلة بصاحب الزمان أخذ بيدها، وأنا على يقين جعلها ترى شيئا
كظل أمها فأمسكت بيدي بشدة وجرتني لهنا.
فأندهش الحاج وسلم على اإلمام صاحب الزمان .
ألتفت إلى رشا..
رشا حبيبتي تعرفين من دلك على أمك؟
إنه اإلمام المهدي الذي استنجدتي به قبل لحظات ..
رشا حبيبتي من هو؟
رشا والفرحة بدت ترتسم على محياها اإلمام المهدي ..
-حبيبتي ال تنسيه تكلمي معه دائما، عاهديه أن تكوني كما يريد، كي يعجل
هللا لنا ظهوره. أتفقنا؟
-نعم.
أرجوا فعال أن ال تنساه وأتمنى أن ألتقي بها مجددا .
اإلمام جدا قريب منا جدا ولكن نحن البعيدون المغيبون عنه، حينما يواجهكم
أي خطب توجهوا بكلكم لحضرة الصاحب ال ألحد غيره .
وستدهشون من فيض لطفه وحنانه.

يا امير المؤمنين. حيث تعيش القصص. اكتشف الآن