1-بداية عقدة الخطيئة

62 2 1
                                    

لطالما أحببت الأطفال رغم عدم تعلقهم الشديد بي..لكن براعم خالتي كانوا استثناءً، لا أعلم ماذا ميزني بالنسبة لهم لتلك الدرجة لكنهم كانوا مهووسين بي و بصحبتي رغم صغر سنهم إلا أنهم كانوا يغارون من صديقتي علي ومن علاقاتي الجيدة مع كبار السن..كم احببتهم..كان "الثلاثي المرح" يتكون من طفلة بلغت السابعة من عمرها و توأم رغم اختلاف جنسيهما، كان عيد ميلادهم الرابع بالتاسع من سبتمبر..

وأخيرا بعد طول انتظار اتى يومي المفضل في السنة.. عيد ميلاد هذين الشقيين الذان يتوقان شوقا لرؤية المفاجأة التي احضرها لهما كل سنة رغم بساطتها، لا أعلم كيف ربتهم خالتي ليكونوا بذلك القدر من التواضع رغم الغنى الذي كانت عائلتهم عليه.

إنها الظهيرة..انتظر و التوأم أبي ليخرج من المصنع الذي يعمل فيه، لكنه تأخر جدا.. جدا.. آلمتني ساقاي من الوقوف تحت تلك الشمس الساطعة وكأنها شمس يوليو بعز الصبح..فقررت الدخول ممسكة بالاطفال بكلتا يداي مشكلين حلقة بشرية نسميها "قطار الحلوين" كي أقنعهم بأن من يفلت من يدي فهو قبيح ومن يمشي معي بكل هدوء فهو فتى صالح و أنا احبه.. لكن ما جهلته هو أن ذلك كان أسوأ قرار اتخذته بحياتي.

دخلنا المصنع سويا وكان خاليا من البشر تماما وكانت معظم الابواب مفتوحة لأن أبي كان المكلف بغلقها لكنني جهلت مكانه مما دفعني للبحث عليه عبر تكرار إسمه مرارا وتكرارا في كل تلك الغرف والزوايا، ولأنني كنت حمقاء مغفلة وجاهلة قررت بكل غباء ان أفلت الأطفال من قبضتي وادعهم في احد الغرف كي أكمل بحثي في الطابق الثاني بسرعة..بحثت فيه ولم أجد فيه شيئا، لكن فور نزولي للأدراج لمحت الصورة التي لم انسها أبدًا ولا لثانية..كان حسام داخل اكبر طاحونة حديدية بالمصنع.. نسيت لقد كان مصنع لحم يصدر اللحم المرحي للبقر والأغنام..يصرخ بأعلى صوته الباكي يترجى مني ان أخرجه لأنني كنت قادرة بكل بساطة أن أمد يدي واحلمه بذراعي لأخرجه،لكن ماذا تتوقع مني؟
كنت خائفة كأم على فلذة كبدها أن ترحى كما يرحى لحم البهائم، ارتعد.. هلعا من أن تشتغل تلك الطاحونة اللعينة خصيصًا ان أبي لم يقم بإكمال مهامه ولا أثر له ولا على أعماله نظرا لباب غرفة الطاحونة، فلمحت فجأة زر تشغيل وايقاف شامل على حائط نهاية الأدراج فأنزلت تلك حديدة بكل ثقة وحدث مالم ولن أتقبل مهما عشت..

إنقلب ذلك المكان النظيف اللامع وتلك الأجهزة القاتلة الصامتة بجدرانها الرمادية إلى ملجأ أشبه بمعتقلي جواسيس الحرب.. كانت مجزرة.. انتفضت دماء حسام بعد تقطعه لأشلاء على يد تلك السكاكين الضخمة الكبيرة وصرخاته الأخيرة جراء فقدانه لأعضائه واحدًا تلو الآخر لا تزال ترافقني اينما ذهبت.. كان يصرخ من شدة الألم ولأن بطلته خذلت توقعاته بإنقاذه من قاع طاحونة حديدية

تعافيWhere stories live. Discover now