الفصل الثالث

17 3 0
                                    

#رواية_خُذ_ بيدي
                                      (٣)

بعد خروجه من المسجد صباح اليوم وبعد أن أدى صلاة الإستخارة التي دعى الله فيها كثيراً أن ييسرها له إن كانت خيراً له أو أن يصرفها عنه إن كانت شراً له ... لم يذهب إلى المنزل كعادته وهو حتماً لا يدري لماذا ... قادته قدماه وهو لا يعلم إلى أين سيذهب فقط يريد أن يفكر في الأمر .. لا ينكر شعور الراحة الذي غزى قلبه بالكامل بمجرد أن أنهى صلاته .. لم ينتبه إلى المسافة التي سارها بقدميه ... تسلطت أشعة الشمس على وجهه لتبرز حبات العرق على جبينه وعندما شعر بالتعب توجه ناحية الظل ليجلس على صخرة كبيرة بعض الشيء يأخذ قسطاً من الراحة ... بينما هو جالس لفتت نظره فتاة صغيرة خرجت من أحد المنازل المتهالكة في تلك المنطقة ترتسم إبتسامة كبيرة على ثغرها ... ركضت ناحية إحدى السيارات ... عقد حاجبيه باستغراب وهو يراها تصعد على السيارة .. للحظة شعر بالخوف على تلك الطفلة ودارت بعض الأفكار السيئة حول رأسه ... ربما سيتم خطفها ... عند تلك النقطة نهض من مكانه حتى كاد يلحق بيها ولكنه توقف عندما رأى والدتها تخرج خلفها .. نفس الإبتسامة تزين شفتيها ... خالطت فرحتها ملامح الهم التي تجلت على وجهها ... تابعهم بعينيه .. رأى الصغيرة وهي تنزل من السيارة أولاً تحمل بعض الألعاب في يديها والكثير من الحلوى ... تقدم إلى الأمام قليلاً ... رأى الصغيرة عن قرب أكثر ... طفلة صغيرة جميلة سعيدة بما تحمله من ألعاب وحلوى لقد نالت الدنيا وما عليها .. رُسِمت إبتسامة على شفتيه لتزول تدريجياً بعد أن أتاه صوت والدة الطفلة وهي تلقي الشُكر على هذا الشخص الذي اتضح له أنها فتاة :
" شكراً جزيلاً ليكِ يا بنتي .. ربنا يديك لمن يرضيك وما يحرمك من فضله يارب العالمين ... يسعدك ويحفظك ويرزقك ولد الحلال ويوفقك يا فريدة "

هنا توقف العالم عن الدوران مثل توقف عقله عن الإستيعاب تماماً ... شعر أنه فقد المنطق وهو يفكر أنها هي .. نفس الشخص .. لا لا يمكن لا ... هز رأسه ينفض تلك الأفكار عن رأسه ... يكفي ما قاله والدها عنها قبل فترة قصيرة بالتأكيد لم تتجاوز النصف ساعة بعد ... ما قاله والدها الآن جعله يرسم أسوأ الأفكار عنها في عقله لتلك الدرجة التي دفعته ليتأكد إن كانت هي أم لا ... عندما تحركت السيارة وذهبت المرأة وابنتها ناحية منزلهم ذهب خلفهما بسرعة .. رأى ما تحمله المرأة من أكياس ثقيلة فكانت فرصة له ليستقل هذا الموقف منه يساعدها فعلياً ومنه يسألها بطريقة غير مباشرة عنها .. وقف أمامها ليهتف بهدوء :
" ممكن أساعدك يا خالتي ؟ "

شعر بها .. مرتبكة قليلاً .. تخشى أن يسرق رزقها الذي جاءها ليطمئنها من فوره :
" حوصلهم ليك باب البيت بس ولو حسيتي إني حمشي كدا ولا كدا جنبك الناس بتقدري تصرخي هههه "

" طيب يا ولدي شكراً ليك "

" العفو يا خالتي .. تابع .. ممكن اسألك ؟!.. دي منو يا خالة ماشاء الله ظاهر عليها بت ناس .. كل مرة بتجي هنا ؟! "

خُذ بيديحيث تعيش القصص. اكتشف الآن