18

1.3K 89 107
                                    

في قصرِ عائلَةِ يانق

تحديداً، في شُرفَةٍ في الطَّابِقِ الثَّاني

يُغطِّي جزءٌ من سورِ الشُّرفَة عروقُ ورودٍ أُرجوانيَّة تمتدُّ على  أعمدّةٍ السُّورِ الرُخاميَّةٍ

يجلِسُ جونقان على واحِدٍ منَ الكراسي الموجودة في الشُّرفَة

أنزَلَ هو الكتابَ من يدِهِ ووضعَهُ على المنضدَة بجانبِهِ، ليستقيمَ بعدَها ويقترِبَ منَ السُّور

رفعَ هو نظرَهُ إلى السَّماء، كانَ قد حلَّ الليلُ بالفِعل..

ولحُسنِ حظِّهِ، قد كانَت السَّماءُ صافيَة الليلَة، فكانَ قادِراً على رؤيَةِ بعضِ النُّجوم

تنهَّدَ هو بعُمق

"جونقان" صوتٌ منَ الخلفِ ينادي باسمِهِ

التفَّ هو وابتسمَ عندَ رؤيتِهِ لوالِدتِهِ

قالتَ هي بهدوء: "كيفَ تشعُرُ الآن؟ قد مضى وقتٌ منذُ أن تحدَّثنا عنك"

أومَأ جونقان وأردَف: "أنا بخير، لا داعيِ للقلق" أنزلَ رأسَهُ لتختفيَ ابتسامتَهُ بعدها، وتُلاحِظَ والِدتَهُ كُلَّ شيء

وضعَتَ هيَ يدَها على شعر طفلِها وربَّتت على رأسِهِ بلُطف

قامَت هي بالهَمس: "عندما تشعُرُ أنَّكَ مُستعدٌّ لإخباري، سأستمِعُ لك"

أومأ هو بخفَّةٍ مُبتسماً، عالِماً أنَّهُ لن يقدِرَ على الكلامِ أبدّاً

لم يفعَل جونقان الكثيرَ في أيَّامِهِ الماضيَّة سوا أنَّهُ كانَ يجلِسُ في شُرفَةِ غُرفتِهِ كثيراً

يُحاولُ هو أن يتحسَّن، لأجلِ أن يعودَ لحياتِهِ الطَّبيعية


بعدَ أنْ خلدَ مُعظَمُ من في البلدَةِ إلى النَّوم، وبعدَ أن انطفأت مُعظَمُ أنوارِ الأرضِ وبقيَت أنوارُ السَّماء

كان هو مازالَ مُستيقظاً

واقِفاً أمامَ لوحَةٍ فارِغَة

يُفكَّر فيما عليهِ أنْ يملأها 

يبحَثُ عنْ مشاعرٍ كي يُلوِّنَها

لا يستطيعُ الوصولَ إلى فكرَةٍ واحدَةٍ صافيَة، فعقلهُ مُعكَّرُ بعضَ الشيء..

بدأَ هو في وضعِ ألوانٍ عشوائيَّةٍ، كما يشعُر..

استمرَّ في خلطِها، كانَ يشعُرُ بتحسُّنٍ تجاهَ مايقومُ بفعلِهِ إلى أن وضعَ الفرشَاةَ على اللوحَة البيضاء

هُيامٌ مُحرَّم||هيونلكسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن