كانت هناك نظرات استياء من بعض مرتادي تلك المجالس لاني كنت اتحدث بلغة الكفار حسب وجهة نظرهم ولم يكونوا يخفون ذلك الاستياء بتنبيه ابي و كأني على وشك الانحراف والخروج عن الطريق المستقيم، لكن والله الحمد ابي لم يكن من الناس اللذين يحاربون ما يجهلون او في مبادئهم يجاملون، وقد رباني على ذلك لذلك تجاهل تلك التعليقات ولم يلقي لها بالا.
في غضون اشهر تعلمت العربية من خلال الممارسة والاستماع لكني لم انس لغتي الاولى وكنت مشتاقا جدا لسماع وممارسة تلك اللغة التي عشت معها ومن خلالها ايام طفولتي الجميلة. كانت اولى وسائل عودتي لذلك العالم الذي اشتقت اليه هي من خلال مشاهدة قناة ارامكو والتي كانت مخصصة لموظفي شركة الزيت العربية الامريكية والتي سميت فيها بعد بشركة الزيت السعودية ARAMCO فقد كانت تبث من الظهران في المنطقة الشرقية وموجهة للامريكان والاجانب كنوع من العلاج لحنينهم للوطن... كنت من ضمن من حنوا وتابعوا تلك القناة.
كانت تلك القناة نافذة اطل منها كل يوم على عالمي اللذي خرجت منه دون سابق انذار، كنت اتابعها حتى تغلق في الليل... وكأن بعودتي من الخارج ل « وطني » توقفت عملية تثبيت تلك الثقافة في عقلي و تم استئناف التثبيت بعد متابعتي للقناة وبرامجها المتمحورة حول ثقافتي الاولى.
لم انجذب يوما للثقافة المحلية ليس كرها لها او تكبرا عليها لكن كان الامر اشبه بالغريزة الملحة تجاه الثقافة الاخرى، تماما مثل الطفل اللذي اكتشف بعدما عاش وتربى عند امه حتى وصل للخامسة من عمره انه متبنى وان امه الحقيقية التي انجبته قادمة لاخذه من احضان امه الاولى فبدأ بالبكاك لفراق من ربته في الصغر ليس كرها لامه الحقيقية او البيولوجية بل ارتباطا بامه التي ربته احتضنته وكانت معه في خطواته الاولى في هذه الدنيا.
كانت برامج قناة ارامكو مثل البوم الصور لتلك الام التي ربتني والتي انتزعت من صدرها بعدما ألفتها وارتبطت بها عاطفيا وعقليا. كنت اتصفح ذلك الالبوم كل يوم وانا اشتاق لرؤياها حتى ولو كانت تلك الام غير مسلمة وترتدي الصليب، لذلك لا يفهمني الكثير من الناس اليوم عندما ادافع عن امي الاولى او ثقافتي الاولى ان صح التعبير والتي يصفونها ب الفسق والفجور في كل مناسبة... فمن منا يرضي ان تسب امه امامه ويقف ساكتا و ساكنا وهو يسمع من يتهمها ب ابشع التهم و الاوصاف وان كان بعضها صحيحا؟ لذلك كنت ادافع عنها في الكثير من النقاشات بالرغم من الاوصاف التي ٱلصقت بي ل قيامي بذلك.
____________________
«انتهى»
376 كلمة