١

24 2 0
                                    

في الساعة السادسة وقبل ان تبدأ الساعات بالرن حتى، يودع القمر سمائه حزينا ويتركها تنتظر الشمس. بدأت الغيوم بالرعيد، بل وبدأت بهطل مطرها بغزارة.
أعلن اليوم نفسه كيوم عزاء لسكان مدينته، لنخب عزيزتنا...

انعطفت العربة الى اليسار عند اشارة المرور. لتكملا طريقهما الذي يقارب ١٥ ساعة! الطريق طويل كاف لفتح جراح لم تلتحم بعد. فهاهي الآن فتحت فيلم الوداع مرة أخرى في سينما عقلها، كانت متكأة على النافذة تفكر...

بعد كل هذه الذكريات التي صنعتها اليوم مع صديقاتها اتت الحظة الغير منتظرة.
نظرت الى اعين صديقتها، ليلي بيث، كانت تلمع كعادتها. حاولت صوفيا بكل ما لديها حبس دومعها. فحضنتها بايدي مرتجفة. ونظرت الى الاخرى،فيفيانا، حضنتها بسرعة لكي لا تخونها اعينها. هكذا تبادلو الاحضان ثم خرجت.

سرعان ما لمست قدمها خارج الباب هطلت الامطار المالحة...
بكت بحرقة هذه المرة. خرجت الاثنتين خلفها وما ان رأوها تشهق في منتصف الطريق بكوا ايضا؛ كأن لا رجوع، أبدا...
وبدأ الشتاء بالفعل...
و هكذا طوال الطريق وهي تعيد الشريط وتحييه بالدموع. حتى ادركت انهم وأخيرا وصلوا الى قرب النفق.
إذاً فاقتربنا، قالت بنفسها.
نظرت ولآخر مرة الى المدينة وأضوائها قبل النزول الى النفق؛ كان المنظر مغبش لم تعي هل هو من الامطار ام من دموعها. وفي آخر لحظات نظرت الى المدينة وهي تودع من بقي خلفها وسكن قلبها،ومن ثم ظلام. فجوة ظلام داخل هذه الروح وأضواء خافتة على جانبي الطريق.

كانتا كل الطريق تحضنا صمتهما، وتحاولا تهدأت العاصفة داخلهما.

ركنت الام العربة في محطة الوقود ليستريحا. دخلت صوفيا الى المتجر مُسرعة الى الحمام لكي لا ترى لوحة تتمنى ان تكون فيها..
نظرت الى المرآة وتأملت وجهها؛ اعتلا الحزن ملامحها والسواد لطخ اسفل عينيها. كانت وكأنها تودّ ان تتعرف على نفسها، تتحسس خدودها وترمش اكثر من مرة،لا جدوى... اصبحت شبحا لا تعرفه...

~~~

وجه نظر صوفيا:

"صوفيا عزيزتي هيا بقي القليل. انهضي ورتبي امورك ريثما نصل."

فتحت أعيني بعد ان أجبت ب حسنا فلم يسبقني النوم طيلة الطريق.


نظرت الى الطريق، بدت الأشجار كأنها تحضن طريقنا؛ كترحيب لنا؟ نعم لما لا الطبيعة دوما ما كانت بهذه اللطافة. حتى ان الاوراق بدت كانها ترقص  على لحن البومة والغربان.
كأنه لحن موت روحي و ولادة وحش الوحدة بجانبي...

توقفت العربة امام منزل قديم الطراز. كنت ارسمه كبيت قديم حيطانه متآكلة؛ وحديقته كمقبرة. لكنه كان بخير الى حد ما. اقصد انظرو الى الزهور في كل مكان؛ تبدو الحديقة كانها متجر زهور اكثر من كونها حديقة...
  *صوت طرق*

" عزيزتي هيا. سأذهب الى العم اندرس لإحضار المفاتيح اولاً، لنذهب سويا..."

اظن من نظراتها كانت تنتظر خروجي وانا شاردة.

  "أنا متعبة أمي. سأنتظرك هنا." 

قلت بصوت خفيف لعلها تقبل. وبالفعل هاهي ذاهبة بعد ان هزت رأسها مشتكيتاً مني.
نزلت بالفعل وها أنا اتصفح المكان، غريب امي لم تقفل باب العربة كعادتها...
كان المنظر خلاب، وهذا الشيئ الوحيد التي كنت انتظره.
صوت الأعشاش تهتز والريح يصفر جعلني كالسكارا اغمض اعيني واتمشى بثقل؛ حتى سُمعَ صوت غراب. خرعت عندما سمعته، كان قويا؛ جعل لحن الحياة كصوت سكرة موت...
بدأت اتلفت حولي لعلي اراه في هذه الظلمة، حتى ظهر وبدأ الطيران فالسماء. اعيُني بدأت باتباعه وهو يدور هكذا فوق رأسي. فلونه الاسود الكاحل مع ضوء القمر جعلني اشعر بالدوار تماما كالتنويم المغناطسي.
لم يطل الوقوف فأتت امي.

                              ----
تطاير الغبار من على الاريكة بعد ان رمينا انفسنا.
أشعر وكأني في أواخر ايامي والحياة تريد أن تودعني بجعلي أعيش كل الأحاسيس معا. رغم تعبي وحزنيَ الذي يسيطرني الا ان الخوف أسكت كل ضلع يصرخ بي. خوف لا أعلم سببه، أقسم أن أمي شعرت  به أيضا فلهذا قررت النوم بجانبي اليوم.

...يَتبع...

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Apr 21 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

نَعِيقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن