فرَاشَـة سَـودَاء

35.4K 893 562
                                    


اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.


.
.
.
.

‎الحَياة لا تَعود القَهقَرى ولا تمنَحنَا من الفُرَص ما يُغنِينَا عن الحَذر والتَّبصّر من العَواقب، في المُقابل هي منحتني جَميع العَوامل لأتَحجَّر. لمَّا كَانت طينتِي لينَّة في طَور الصَّقل أرسَلت عَليهَا ريحًا صَرصَر من الألمِ والحرمَان وحَفرت فيَّ بأظَافرِ القَهر والظُّلم حَتَّى رَسخت فيّ ندوبهَا وعرضت في متحَف عُهر الزمان مع من سبَقوني من المُعذَّبين في الأرضِ وقد شَابتني عَاهات دائمَة في شخصيتي لا تَزولُ 

‎حَتَّى وإن حَاولَ أحَدهم إصلاحي فسينتَهي به الأمرُ بكَسرِي 

‎استفقت من نومِي صَبَاحًا وبَرَحت سَريرِي المَركُونَ في زَاوِيَة الغُرفَة، بصيصٌ خَفيف من النُّور يَشوبُ ظَلامَ الغُرفَة دَاكِنَة الأرجَاءِ، ألقيتُ نَظْرَة عَلى الخَارجِ فإذا بالسَّمَاء تَلتحفُ بنقَاب من السحبِ التِّي حَجبت الشَّمسَ عن الأنظَار. أحدُ أكثرِ العَوامل التِّي تُميّز لندن، غَادَرتُ حُجرتِي وبحثتُ في الشُّقَّة الصَّغيرة عن وَالدَتِي آملَة أنَّهَا قد عَادت أخيرًا لكنَّنِي كنتُ مخطِئَة. لا اثَر لهَا هنَا وصدى صوتِي الذي ينَادي بأمِّي رَاحَ هبَاءً، تَنَهَّدتُ بيأسٍ وسَارعتُ بتَغيير مَلابِسي إلى سروال أَسودَ ضيِّق يتَغَمَّد سَاقايَ مع نُدوب فاضحَة عَلى مُستَوى الفخذَينِ وقَميصٍ بأَكمام طَويلَة، يَاقَة صوفيَّة تحتضِنُ رقبتِي وتَقيني قَرَّ الشتَاء القَارس ومن ثمَّ غَادرتُ هذا الجُحرَ المُقرفَ وحَثثتُ الخُطَى كي أبتَعدَ عن الحيِّ الذي أقطنُ به قدر المُستِطاع، المكَانُ هنَاك مُلتَقى لسَقْط المتَاعِ ومُستنقَعٌ يزخَرُ بالجَرَاثيمِ الفتَّاكَة ....

‎دَسستُ سمَّاعتيّ في أذنَي وصخبَت بمُوسيقى الرُّوك التِّي عَزلتنِي عن العَالم الخَارجيّ من حَولي، طَوال الطَّرِيق لم تتَزحزح عينَايَ عن الأرضِ ولم ينقَطع عَقلي عن التَّفكير، هنَاك عديد الأمورِ التِّي تَشغَل بَالِي ...

‎لمَّا وَصلتُ إلَى مُجَمَّع سكَنِيّ يضمُّ عَديد المَباني الفخمَة تَوقَّفتُ عندَ احدِهَا أنتظِر رفيقَ دربِي وصدِيقي الوَحيد، جَمَعتنَا الأقدَار قبلَ ثمَانِي سنَوَات بعد أن تَنَصَّلت من كلِّ البَشَر وفقدت الأمَل من وجودِ شخصٍ تَختَفِي فيه الصفَّات المتَشابهَة لدَى الجَميع والتِّي تنَفّرني منهم. 

SCULPT ME |JJKحيث تعيش القصص. اكتشف الآن