٠٨ | الفَجرُ والقَمَر ودانيَال

71 13 4
                                    


أتَت هذِهِ المرَّة مُبكِّرًا عمَّا قَبل، إنبَثَق الفَجر ولكِن لَم تَزرَق السَّمَاء بَعد، القَمَر وَضوئِه يدَاعِبَان بحرِهمَا، مُنتَبِهَة ومُبصِرة الى مَا امَامهَا تِلكَ المَرَّة، علَى يَمِينُهَا مِصبَاحٌ بِشمعَةٍ دَاخِلُه، وعلَى سَاقَيهَا تَسنِد كُرَّاسِهَا الَّذِي بَدَأت تَرسُم فِيه قَمَرٌ مُتبَسِّم و بَحرٌ إكتَسَى بدَجَى اللَّيل، بدُون غفَلَت تمَامًا عمَّا يوجَد دَاخل عقلِهَا، وكَأن عقلُهَا مُنصَب فِي فكرَة انَّهَا تُرِيد ان تُرِي الرَسمَة الى دَانيَال، وأن يتَحدَثُوا عَنهَا مَعًا، وأن يُثنِي علَيهَا.

كَان المَوجِ يُلَاعِب قَدمَاهَا بينَ الحيِن والآخَر، ولَايزَال كَذَلِك حتَّى إزرَقَّت السَمَاء، وَلَمحَت طَيفًا أبيَض مِن بعِيد، يقتَرِب ويقتَرِب لتتضِح ملَامحُه، دَانيَال ومعهُ كرَّاسِ رَسمٍ أيضًا، كِلَاهُمَا تبَسَّم بمُجَرَّد رؤيَة أحَدِهِم الآخَر، أخَذ مجلِسًا بجَانِبهَا ولَاحَظ المِصبَاح الذِّي مَازَال مُشتعِلًا ليستَبطِن انَّهَا كَانَت هُنَا لِفترَةٍ ليسَت بقصِيرَة، ليأخُذَه ويُطفِئهُ ومِن ثُم أخَذ يَنظُر فِي كرَّاسِهَا "رسمة أخاذة، وهادئة أيضًا، خالية من إزعاجه" إبتَسَم فِي وجهِهَا ثُمَّ إستَطرَد "بدأ يفقد السيطرة شيئًا فشيئًا، عملٌ جيد فلونه" ليُرتَّب على رأسِهَا بخِفَّة، جَاعِلًا منهَا طفلَةً صغِيرَة سعِيدَة بإنجَازِهَا، ويَاليَتهُ يعلَم انَّهُ السَبب الأكبَر فِيه.

"ارى أنك تهوى الرسم أيضًا" قَالَت مشِيرَة الى كُرَّاسِه، ليُومِأ لَهَا، "خطر لي أن نرسم معًا" توقَّف لثَانِيةٍ ثمَّ إستَطرَد "ثم نري أحدنا الأخر ماذا رسمنا" لِتومِأ الأخرَى إيجَابًا بِحمَاس، ثُمَّ قَام بالعَدِّ الى ثَلاثَة وبَدَأ كِلاهمَا بالرَّسم وتَلطِيخ اصَابِعهمَا بقَلَم الفَحم.

إنتَهَت هِيَ اوَّلًا ولَاحظَت انَّهُ لَم يَنتهِي بَعد، انتَظَرتهُ ولَم تُرِد أن تستَرق النَّظر الى رَسمتِه-رغمَ فضُولِهَا- حتَّى يُنهِيهَا، وحِينَمَا فَعَل قَالَت "إنه دوري، سأعد الى ثلاثة أولًا هذه المره"

الساعة الزرقاء | The Blue Hourحيث تعيش القصص. اكتشف الآن