الجُزء الاول

256 3 0
                                    

#انا_قتيل_وراضي_بالمصيبة
-
جالس قدام النار الشابه ،وأصوات الذيابه تترنن بمسامعه ومااختفت ..،
لكن بلحظه ترنن بمسامعه غير نسناس الهوا وصدى الذيابه ،صوت مرّه تصرخ بأحدى الخيام .
فز وأول من طرى بباله حرمه عمه المتوفي ،اللي كانت حامل منه وتوفى بشهرها الرابع .
ترك اللي وراه وجرى نادى المّولده : يا عمه غزيل عمتي دلال بتولد ،صراخها مد الدِيَره .
لبست العمه غزيل شيلتها : امش امش ياقايد .
مشى قدامها بخطوات متسارعة ،وهي وراها تلحق اللي تطلب النجدة منها قبل تموت .
وصلت وقدر الله انها ماتلحقها حيه .
جابت البنـت اللي عيونهـا سهوم لقلوب العرب .
ركعت ولاحظت الورقهَ البيضاء اللي محتواها يكون كمسمى وصيه .
" بنتي بين عيون قايد ،وصيتي له "
لفت وناظرت البـاب وهي تخبي الورقهَ بجيب قميصها ،وقامـت بيدينها البنيه .
طلعـت له ومدت له البنيه اللي ماكان يصدر منها لأصوت ولاحركه : هذي البنيه ياقايد ،وامها في ذمه الله .
قايد ناظرها من هول صدمته : ماتوا ؟!
العمه غزيل اللي كانت معروفه بالديَره ،معروفه انها تولد الحريم في بيوتهن : اَي بالله ،عظم الله أجرك.
ناظرها ببهات ولف معطيها ظهره يخبر جده اللي كان ينتظر حفيد من بعده ،يجدد فرحته ،والحين تجدد حزنه لكنه مؤمن بالله والفقد له الامل يجيه حفيد .
-
مرت السنين وبنهار مرور ٩سنوات ،مشت وهي حافيه على السجادة اللي كانت من صنع امهَا .
جدايلها منفردا على كتوفهـا ،وعيونها الناعسه وجنود رموشها تليّن الصخر .
وقفت والقميص الواسع يلتهم بجسدها الصغير : يمه .
لفت نظرها لها وبحنان : هلا ياتوق ،بلاك
ناظرت توق عيون امهـا الداعجه : ابدعج عيوني مثلك ،ابي مكحله .
امهـا اللي كانت منشغله بالسجاد وعقُد الصوف : ان الله احيانا ياتوق ،لاتتأخرين عن مدرستك ياتوق .
طلعـت من البـاب تحت أنظار امهـا واستودعتها الله بقلبها ،طلعـت للمدرسه مشي لكونها مي بعيده عنها .
مشت انظارهَا حولها ،ولفت تتأكد ان امهـا دخلت للبيت تكمل شغل السجادات اللي أهملتها بسببه.
انسحبت من الوسط لورا جدار بعيد عن الأنظار ،ابتسمـت من شافته ينتظرها .
مسكـت ظفايرها وهي تلعب فيها : عّلمت امـي عن المكحلة ،ابي ادعج عيوني مثلهـا .
نزل لمستواها وباس عيونهـا : كم مره اقولها لك ياتوق ،وشوله المكحلة والله خلق طرفك كحيل يابنيه.
توق ناظرتـه وهي تنسحب من عنده بهدوء وتركض ماسكه جدايلها للمدرسه .
-
بالظهريه ،متربعه بوسط السجادة على الارض وهي تنتظر الغداء .
مدت  وحطت الصحن فوقه بصمت ،وتوق اللي كانت جاهله نظرات امهـا وصمتها الغير بعادته ،وركزت بالأكل .
ام توق ناظرتها شلون تاكل بشراسه وتملى يدهـا الصغيره وترميها بفمها بجوع : علامك ياتوق ،تقال ماشفتي خير ،انتبهـي لاتغصين.
بلعـت لقمتها واخذت نفس بقوه ،وبأبتسامه : تجيبين لي مكحله مثلك صحيح..؟
ام توق بصبر وحابسه غضبها : بأذنه ياتوق بس بغيت اقلك ان مارح أجيبه لك الا اذا عالمتيني بالعلم الصحيح ..!
توق تعدلت بجلستها : وشو يمه !
ام توق بقلب ينكوى بكل لحظه وهي تبي تعرف أجابت بنتها : وينك عن المدرسه ياتوق ،بكل نهار هالتلفون مايسكت ،بنتك متأخره وراها؟
توق تغيرت ملامحها والخوف دب بقلبها : يمه ،تراني ماروح مكان العب من البنيات مثلي .
ام توق صغرت عيونهـا ومسكت إذن توق اللي تبلغ من عمرها ٩سنوات : وشوله المكحلة اجل ..؟
لمت نفسها وبضحكه : اصير مثلك عيوني حلوه!
-
الصباحية وكعادتها ،تسرق النظر لأمها وهي تصنع السجادة ،وتراودها اسئله اكبر من عمرها بكثير ..!
هل ممكن مستقبلها بيكون مثل كبيره السن اللي تجعد وجههـا بخطوط السنين اللي عاشتها على سجاجيد ..؟
تكبر وتصير مثل سوات امهـا ،تسوي سجاجيد ..؟
وبكل مره اثناء سرق النظر على سواه امهـا ،يداعب مسامعها صوتهـا : المدرسه ياتوق ..!
تاخذ نفس وتفارق المكان اللي تحس بأنتماء له الى مدرسه ضجيج فقط ..
طلعـت تمشي على رجيلاتها ،وكل ماتوصل لموقعها تتلفت حولينها وبذات لباب بيتهم تتطمن ان مو ممكن امهـا تشوفها .
انسحب جسمهـا الصغير لوراء الجدار كالعاده ،تتبادل حديثها السري وراء جدار شاهد .
دب بقلبه الرعب ووقف ماسك توق بيده ،كانت علامه الغضب حاجب عيونهـا عن النظر ،والصدمه صدمه عقلها عن اللي شافه بعيونها .
مسكـت يد توق وفلتتها بعصبيـه من يده : ربيتك على كذا يابنت ،شغلك بالبيت .
رفعت نظرها وبصراخ : ونت شغلك عند الشداد ان ماوصله العلم ماني بنت ابوي .
تنهـد بقله حيله وهو يهز رجله بتوتـر ،شاف كيف توق انسحبت من يدينه ومن بين احضانه الى عذاب امهـا ،لرحمه ربها .
بلع ريقه على فضيحته ،ومن الأكيد ان ام توق ماتسكت عنه ابد .
-
العصريه ،يخدم ابوه وجده بعدم وجود عمانه .
يخدم بصمت وقلبـه ينتظر المصيبة اللي طيرت النوم من عيونـه .
اهمس جده الشداد وبيده المسبحه : ارتح ياقايد .
حـس ان قلبه توقف عن النبض ،حـس بالجلد اللي لسى ماجاه :سم ياجدي.
جلس بجانب ابوه بصمت ،ورأسه نازل وخوف يرفع نظره لجَده وابوه .
محمد وهو يلعب بالمسبحه وينشد ابوه الشداد : وش السواه معه يايبه ..؟
الشداد بحَده يخاطب فيها قايد : إرفع راسك .
رفع راسـه بسرعـه ونظره مستقيم وبلع ريقه من سمع جده يكمل كلامه : تبيهَا ولا النيه لعب ..!
محمد بأعتراض احتد صوتـه : ياطويل العمر ،ذَا بيصك الَـ ٢٠ تزوجه وحده ماتعرف بالدنيا شي ،توها بعمر الَـ ٩ .!!
الشداد بصبر وتحكم : بلاك انت ..؟
محمد بهدوء : العذر والسموحه منك !
لف الشداد لَـ قايد : ماقلت لي ياقايد ؟
لف نظره من ابوه لجَده ،ورجـع نظره لأبوه : اَي بالله
-
بعيد عن الدِيَره ،بمكه بوسط الشارع ،واقف بسيارته داخل زحمه السيارات .
تنتقل عينه على الورقهَ وعلى الطريق ،اجتاز عمر كبير بدون امـه .
تاركها عشان يرفع راسهـا ،وهو عارف ان الم الفقد اللي يحس فيه مايتقارن أبد بشعور فقدان الأم ولدها .
وبكل مره جملته اللي صبرته سنين فراق هي "عشان ارفع راس امـي "كانت الجمله كفيله تغير مشاعر الفقد لحماس عشان بس يشاهد فرحتها ..!
دخـل قاعته للاختبار ،وهو متوكل على ربه .
-
نرجع الدِيَره ،بغرفه خوات يمتد فيها الطوالي ،وصندوق الحديد الصغير اللي مقفل بقفل بجنب طوالي شام .
طلعـت اخت شام المُلقبه بأسم "سمراء" منسوب للون بشرتها الأسمر الفاتح ،غير عن شام شديده البياض من الحمام -الله يكرمكم- ملتهم جسدها قميصها الواسع .
من يشوفهم يقال انهم مهم خوات ،لكن الخلق بيد خالقهم .
تنهدت سمراء اللي تكبر اختها بأربع سنوات : الله يثبت عقل هالبنت المصفوقة .
اخذت شيلتها السوداء وطلعـت للسطح ،وصرخت بصوتهـا : جاك خضر اللي مابيرحمك لانتِ ولا هو .
اخذت الظرف منه ونزلت من السّلم بفزع وهي تشد على شيلتها والظرف اللي بيدهـا : وينه ابوي وينه؟
سمراء سحبتها من عضدهـا : تعالي ياقليله الأدب ،لو ابوي طب عليكم فجـأه احمدي ربي ساتره عليكم .
شام المُراهقه صاحبه ١٤سنه من عمرها : لاتنسين ان ابوي يعرف بعلاقتنا وجاء خطبني من ابوي بعد لكنه ابوي تعذر بدراستي اللي مادرا اني انفصلت منها ،هو مايهمه احنا ياسمراء يهمه نفسه وفلوسه بس .
لاتنسين انه كمان سد رزقك مع..!
قاطعتها سمراء وهي تصفعها على خدها : شام..!

أنا قتيل وراضي بالمصيبة !حيث تعيش القصص. اكتشف الآن