الفصل الثاني المتمردون

261 10 3
                                    

السلام عليكم حابه أنوه عن شيء صغير
ناس منكم سالتني على جروبات الفيس هو اي الفكرة العامه للرواية ؟!
طبعا مش هطول بس الحلو بقى انك انت اللي هتستنتج اي هي الفكرة العامه بعد كل فصل بتقراه وهتفهم انا عاوزه اوصلك اي بس خليك متابع معايا، مش بس عشان تعرف الفكرة لا عشان الأحداث هتنقلك حته تانيه وده مش لأنها روايتي لا ده عشان مبذول فيها مجهود جبار وقيم العمل ده نقاد من دار نشر عصير الكتب نفسها المهم بردو عشان اكون رديت على اسئلتكم حتى ولو بشكل مختصر فالفكرة السياسية هي انتقاد العادات والتقاليد الاجتماعية اللي بتأخر التقدم والازدهار في المجتمعات وكمان نقد سياسي لسياسة العالم كله مش مقصود منها دولة معينه بعينها ولا شخص بعينه. مش بقولك الموضوع كبير، بس طبعا مش حرماكم من المشاهد الرومانسيه و الكوميديه بالإضافة إلى الدارما أكيد. من الاخر تقدر تقول رواية شاملة كذا لون
وأي اسئله تانيه في التعليقات او الجروبات هرد عليكم.
جاهز؟ يلا نبدأ

اجتمع الأمراء مع الحامي في قصر الملكة مريَم، وأخذ يحاورهم فيما اتفق فيه معها، وبعدما حضر الجميع والتزموا الصمت هتف الحامي : ما مشكلتكم في تولي مريَم المُلك ؟
رد أحد الأمراء: إذا كانت الرجال عُدمت عندنا، نولي امرأه من بيننا .
رد آخر: الأمير فهد أفضل وأحق حتى لا تكون مملكتنا سيرة على كل لسان.
رد الحامي :عظيم. ولكنكم تعلمون أن الأمير فهد غير قادر على تولي الملك و الكأس لا يفارق يده و النساء لا يغادرن غرفته.. كما أنه عاشقًا للميسر. أشعر أنكم تتمنون أن ينال منا المتمردون .
رد أحدهم: فالنتشاور فيما بيننا.. وليكن الملك أمير منا إذا كان الملك غير مؤهل وأخته امرأة لأن هذا الذي يحدث لا يجوز .
رد الآخر: نعم أتفق و جميعنا يتفق
أجاب الحامي: هل هذا آخر رد لديكم ؟ 
أجابوا : نعم
نهض الحامي ونادى يا حراس... أتوا قائلين سمعًا وطاعةً وأخذوا يمسكون بالأمراء لكي يلقونهم  في السجن، والأمراء لم يصدقوا ما فعلوه ويصرخون :والإله الأعظم لتندموا على فعلتكم هذه .. وبعد أن رحلوا مع الحراس إلى حيث السجن .
حدث الحامي  نفسه قائلًا بصوت مسموع: حفظك  الإله يا مريَم أينما كنتِ ووفقك  لما أردتِ يا ابنتي، أتمنى أن ترجعي على خير، أخشى عليكِ من المتمردين ولكن لِما فعلتِ؟
                     ********
ذهب الماجد إلى غرفة  سيمران وجلس أمامها في هدوء وقال : هل تأذن لي ملكتي ؟
ردت : إن لم آذن لك لمَن آذن ؟
أجاب : الحمد للإله على كسب كل هذه الثقة يا مولاتي، بالطبع كما جلالتك تعرفين أن الحكم الذي  صدر على ميرا كان قاسيًا للغاية وأنا أريد أن ..
_ لا تكمل، فأنا أعرف ماذا تريد أن تطلب مني ولكنني حاولت معه و رفض أن يسمعني حتى. ولكن أعدك أنني سأحاول مرة أخرى.
_  أتمنى، لأنها قضت ثلاثة أسابيع في السجن دون أن أراها أنا ولا حتى أمها وأنا على يقين أن حالها أصبح سيئًا الآن . اطلبي منه أن يشفع لها و يخرجها، تكفي الأيام التي عاشتها في السجن . 
_  حسنًا أعدك سأفعل. اقترب موعد رجوعه وعندما يأتي سأتحدث معه، وهيا أخرج من هنا فورًا قبل أن يأتي و يراك .
_أمر جلالتك ولكن ... كنت أود أن أقول لكِ أنني اشتقت إليك ِ كثيرًا
_ ماذا تقول ؟
_ آسف آسف نسيت أنني قد وعدتك بألا أفعل ذلك مرة أخرى حتى أستطيع أن أنساكِ ولكن أنا على يقين أنكِ لم تنسيني أبدًا مثلما لا أقدر على نسيانك و ...
وهنا قاطعه دخول سليم المفاجئ حيث دخل قبل أن تأذن له أمه وعندما رآه صاح في غضب : أنت! ماذا تفعل هنا في غرفة الملكة الخاصة ؟
أصاب الماجد التوتر الشديد و أجاب والخوف قد بدى على وجه قليلًا: لا شيء كنت فقط أخبرها بأن جلالتك كدت أن تصل حتى تستعد ونحن جاهزين بالفعل بأفضل وليمة وأحسن استقبال يليق بسيادتكم . أعتقد أن جلالتك قد رأيته عندما دخلت القصر مباشرة. 
اقترب منه سليم وقال له  محذرًا: هذه آخر مرة أرى فيها وجهك داخل غرفة الملكة أسمعت ؟؟؟
_ بالطبع سمعت أمرك مولاي. 
ذهب الماجد، واقترب سليم من والدته فاحتضنته قبل أن ينطق بكلمة واحدة وقالت: ماذا حدث، أخبرني
أجاب : كل شيء على ما يرام النصر لنا، فقد هزمت جاكوب أمام الجميع ووضعته في موقف حرج أمام الأمراء و الجيش ولقنته درسًا لن ينساه أبدًا بالإضافة إلى أنني أخذت ابنته الأميرة سارا هدية انتصاري عليه .
_ هل أسرتها ؟
_لا، كانت أشبه بمساومة حيث أخبرني أنه إذا انتصرت عليه سآخذ ابنته هدية وأنا انتصرت بالفعل وأخذتها وهي حاليًا في غرفتي، جئت لكي تطمئني عليّ و أخبرك بأنني سآكل مع الأميرة اليوم في غرفتي.
_ هل ستتزوج بها ؟
_ أيعقل ؟ فقد أعطاني إياها والدها هدية منه لي و نظر إليها على أنها سلعة وقام ببيعها لي دون مقابل هل سأعززها أنا واجعلها زوجتي ووالدها قلل من قيمتها ؟! حتى أنها لم تكف لحظة واحدة عن البكاء هي لا تصدق أنها أصبحت مجرد جارية عندي و تحت أمري بعدما كانت أميرة ... أطرقت الملكة وهتفت مستفسرة: لقد ساومك على ابنته وأنت على أي شيء قد ساومته؟
صمت سليم وفرك لحيته ثم رد فجأة: ساومته على روحي يا غالية
_ اااااه، حسنًا
_ المهم الآن أنا ....
قاطعه شخص ما يطرق باب الغرفة وسمع صوت الحارس يقول : هل يأذن لي مولاي ؟
_ ادخل
دخل الحارس وقال:  لقد فقدت ميرا وعيها ووقعت مغشيًا عليها في السجن بعدما أضربت عن الطعام لمدة أربع أيام هل يسمح لنا الملك أن نقوم بإخراجها من السجن و ندعو الطبيب ؟
أسرعت الملكة سيمران قائلة: بالطبع أخرجها و ادعو الطبيب ماذا تنتظر؟
هيا تحرك...ذهب الحارس .
أكلمت الملكة حديثها وهي  تلوم على ما حدث وهتفت: أغبياء قاموا بتركها دون طعام لمدة أربع أيام والآن يسألني ماذا أفعل، أحمق .
نظر إليها سليم وقال في هدوء: أريد فقط أن أعرف حكاية الماجد وابنته معكِ حتى يرتاح قلبي.
_ لا شيء ولكنهما من خدمي المفضلين و يفعلان ما يُؤمران، أنا أثق بالماجد و أسرته، دعك من هذا.. هيا اذهب إلى جميلتك الجديدة، تنتظرك في الغرفة، وبدل ملابسك و ارتاح قليلًا فقد لقيت سفرًا طويلًا .أستأذنك سأذهب أنا. 
انصرفت الملكة، وفكر سليم مرة أخرى فيما فعلته ميرا وعمّ قاله الحارس ثم ذهب ودخل غرفة نومه وعندما دخل وجد سارا تجلس على السرير وتضع يديها على خديها، وقد ضمت ساقيها إلى صدرها، وأحاطتهما بذراعيها في وضعية كئيبة وتبكي عيناها الجميلتان، اقترب منها سليم وقال برفق : لماذا تبكين ؟ هل أنا من قمت ببيعك ؟ أنا أخذتكِ وعززتكِ بعدما باعكِ والدك لي، لقد سمح لي بأن آخذك دون أن أكتالكِ بالذهب، وأنا أستطيع أن أقتلك الآن أو أهينك.. أنتِ داخل مملكتي و قصري وليس هذا فقط بل داخل غرفتي تجلسين على سريري. ويمكنني أن أفعل بكِ ما أريده ولكنني لن أفعل هذا.. كل ما هو مطلوب منكِ أن تنفذي ما أطلب، ولا ترفضي لي شيء وإذا فعلتِ فاعلمي أنكِ أميرة كما كنتِ اتفقنا ؟
أجابت والدموع تملأ عيناها في صوت متهدج: هل استطيع أن أرحل و تعفو عني سمعت أن أفضل العفو هو العفو عند المقدرة وأنا سأكون ممنونة لك، شاكرة فضلك هذا طيلة عمري وأعدك لن ارجع إلى أبي ولكن أطلق سراحي فضلًا .
ظهر على وجه بعض علامات الغضب وعدم الرضا عمّ يسمعه وقال لها ومازال محافظًا على هدوء صوته : أتمنى ألا أسمع منكِ هذا الكلام مرة أخرى، لا أحب أن أجعلك تري غضبي لأنه لن يعجبك فاسمعي كلامي وحسب، ولا تضيفي شيئًا بعده، حسنًا؟.. حسنًا، هيا قومي واغسلي وجهك والآن ستأتي إليكِ خادمتي لكي تختار لكِ الملابس التي سترتدينها لأنهن يعلمن ماذا يحب ملكهن.. شيء آخر أنا أكره النكد و البكاء طوال الوقت لذلك تجنبي فعل هذا أمامي لأنكِ لستِ طفلة وأنا لا أعذبك.. كفي عن البكاء .
انصرف سليم وظلت هي تبكي حتى اجهشت عيناها بالبكاء ودخلت إليها صافية ووجدتها هكذا قالت لها صافية في رفق :
_ الملك هنا يفعل ما يريد لا يستطيع أحد أن يقول له لا لذلك فإن البكاء لن يفيد بشيء بل على النقيض سيغضب الملك منكِ، وربما يضعكِ في السجن وأعتقد أنكِ أميرة ابنة ملوك و يظهر الترف عليكِ أقصد أنكِ لن تتحملي عذاب السجن أو المكوث فيه دقيقة واحدة، اسمعي الكلام واجعليه يحبك، ويرغب في الزواج منكِ. قد علمت ما فعله والدك بكِ ولهذا أعتقد أنكِ لا تفكرين في العودة إليه مرة أخرى وعليه اعتبري أن هذا القصر بيتك وذلك الملك زوجك وأنا على يقين أنكِ قريبًا ستحبين الملك و يحبك وسيتزوج منكِ رسمي أمام الجميع .. ولكن الآن قومي و البسي هذا قبل أن يأتي و يغضب منّا، أنا لا أتحمل غضب الملك فضلًا لا تتمني لي ذلك.
أطرقت سارا وازاحت دموع عيناها وهتفت: هكذا رأيك ؟
_ نعم  بالطبع وهذا رأي أي شخص عاقل، واسعي حتى تصبحي ملكة هذا القصر.
_ هل سأقدر ؟
_ أي امرأة  ذكية قادرة على فعل أي شيء تبغاه، وعندما تصبحين الملكة ستري بنفسك .
أسلمت سارا نفسها للوضع الذي أجبرت عليه مثلها كمثل أي امرأة ليس لها خيار في الحياة.. لم تسع جاهدة ولم تفعل أي شيء، وغلبها الخوف وسيطر عليها،  فاختارت الحل الأسهل وبالفعل غسلت وجهها ووضعت مكياجها وارتدت ما نصحته بها صافية وتهيأت للملك .
                          *********
اتجه الملك ناحية غرفة ميرا فوجدها مستلقية على سريرها ومعها والدها ووالدتها يطمئنان عليها، نظر إليهم سليم وقال : اخرجا أنتما الاثنان من هنا .
أجاب الماجد: جلالتك هي مريضة جدًا ولن تتحمل السجن مرة أخرى حاليًا، أيمكن أن تسمح لها بأن تظل خارجه حتى تتعافى فضلًا؟
كرر سليم : اخرجا
خرج الاثنان مجبران، اقترب سليم وجلس بجوارها على السرير، ولمس بيده شعرها، وأخذ يدقق في ملامح وجهها. فتحت ميرا عيناها ببطء شديد فوجدته، فأغمضتهما  تارة أخرى، همس الملك في أذنها وقال: إلى متى ستهربين مني ؟! في النهاية لن يكسر عنادك و كبريائك غيري يا ميرا .
لم تعطِ لكلامه أهمية ولم تفتح عيناها، قبّل الملك رأسها ثم قال: سأعود إليكِ عندما تكونين في حال أفضل. 
ثم انصرف، وعندما خرج فتحت عيناها وأخذت تمسح رأسها كأنها تزيل القبلة من عليها وهي تسبه في سرها وتقول: أتمنى من الإله أن أبقى  مريضة طوال عمري حتى  لا أرى وجهك. أو أموت لكي  أخرج من هنا حتى وإذا كنت سأخرج إلى قبري .
                       *********
وعندما ذهب الملك لسارا وجدها قد تهيأت، فدخل الغرفة وابتسمت له ابتسامة خفيفة ثم قالت :هيت لك أيها الملك،
ابتسم سليم واقترب منها وحدث ما حدث..
ويبدو أن سارا قد أحبته بمرور الوقت حتى ولو كان قليلًا لأنها كانت تراه كما خدعها، حاميها من أبيها الذي باعها له.
                         *******
في اليوم التالي استيقظت ميرا وشعرت بالتحسن  وخرجت إلى الحديقة  -ولم تنس السترة التي لابد منها - حتى تستنشق الهواء فمنذ متى وهي سجينة حبيسة لا ترى النور ولا تستنشق الهواء الطلق الذي هو مِلك للجميع، وأثناء وقوفها أتى إليها أحد الخدم يُدعَى ( ثابت )، واقترب منها وقال مبتسمًا: كيف حالك يا ميرا ؟
أجابت : أنا بخير وأفضل بكثير.
رد : وماذا حدث لكي تشعري بالتحسن ؟ هل حصلتِ على حريتك ؟
_ لا ولكن على الأقل خرجت من السجن قبل انتهاء مدة الحكم بأسبوع.
هتف ثابت في تعجب: أين الإنجاز في ذلك ؟
_ إذا أردت أن تغير شيء فلن يتغير من محاولة واحدة بل بعدة محاولات، أقصد أنني  اليوم قد تحايلت على عقاب الملك وخرجت قبل المدة المحددة. مرة تلو الأخرى سأحصل على حريتي المنشودة. 
ابتسم ثابت وهتف: هل تعلمي أنني أحترم رأيك وتفكيرك؟ كنت أفكر مثلك تمامًا، كنت أود أن أخرج من هذا القصر وأعيش مثل البقية، ولكن فكرة التغيير نفسها ليست سهلة ومخيفة أيضًا، أي أخاف أن أتخذ هذه الخطوة وأندم، بمعنى أنا لا أحب التعب. أشعر أنني إذا خرجت من هذا القصر سأتعب كثيرًا.. الخلاصة ليس من السهل أن يتم أتخاذ قرار يُبنى عليه حياة لدى البعض . 
_  أفهمك ولكن أنت هنا تعمل كخادم أنت لست أمير هنا حتى تكون مترف أنت هنا من أجل العمل والخدمة و ستظل طيلة حياتك تخدم الملك وستموت وأنت خادم، أين أنت ؟ أين حياتك ؟ ما هي الرسالة التي خلقت من أجلها ؟
هزّ كتفيه في بلاهة: هذا مجرد عمل
_ بالنسبة لك فهو كذلك مجرد عمل، لأنك تستطيع أن  تخرج من القصر في الوقت الذي تحبه. أما أنا فلا يجوز لي أن أخرج من هنا إلا لقبري هذا ليس عمل بل عبادة، أشعر كأنني راهبة في أحد المعابد، لم أختر هذه الحياة ولا أعلم لماذا أعاقب عليها!! الإنسان مخير لا مسير بالإضافة إلى أن الفرق الجوهري بين المرأة والرجل أخذ طابعه منذ بدء الخليقة .
_ لا أحد مخير إذا الأسياد والطاغية كسليم أراد شيئًا فلا رأي لأحد بعده وإلا كان مصيره السجن مثلما حدث معكِ.
هزت كتفيها في جدية: السجن أحب إليّ من الحرية المزيفة.
ضحك وقال: أنتِ مازلتِ مُصرة.. لاحظت أنكِ تمتلكين تفكير مختلف عن الباقيات هنا
_ و سأسعى حتى أصل إلى اليوم الذي سأرحل فيه من هنا. وسيأتي حتمًا سيأتي ..وما المشكلة إذا كنت أفكر بطريقة مختلفة؟ عندما يفكر الجميع بالطريقة ذاتها فهذا يعني أن لا أحد يفكر..
_ أتمنى لكِ كل التوفيق.
_ شكرًا، سأذهب أنا الآن قبل أن يأتي و يراني معك و يقوم بسجني مرة أخرى وأنا أحتاج أن أفكر أكثر حتى أصل إلى هدفي أنا ليس لديّ أي وقت لعقوباته الفارغة تلك .
_ تفضلي
انصرفت ميرا وثابت ينظر إليها وشرد قليلًا غارقًا في أفكاره يحدث نفسه:
_ كم عظيمة تلك الفتاة  التي لا تريد أن تصبح آلة مسخرة في يد مالكها.
ولم يكن تفكيره كباقي الخدم أو بمعنى أدق كوالدها  الذي يرى أن تحررها من ذلك القصر اللعين ومن وليها جريمة ارتكبتها حتى وإن لم تنفذها فمجرد التفكير في التحرر حرام !
إذًا ثابت سيبادر بالتغيير مثلها وقرر أن يساعدها بل ويتزوج منها إذ أعجبته. فهو يرى أنها من حقها أن تختار زوجها وليس بالضرورة أن يكون الملك سليم؛ لأنها من جواريه كما حفظوه عن أجدادهم تحت مُسمى  (العادات والتقاليد) .
                         ********
وصلت الملكة مريم إلى المكان الذي يسكن به المتمردين بعد أسبوع  من سفرها ومعها خيلها كانا يسيران وحدهما وسط الغابات قاصدين ذلك المكان البعيد المتطرف عن الممالك حيث يسكن المتمردون، وإذا أمعنا النظر سنجد أن المكان الذي يسكنه المتمردون مختلفًا تمامًا عن الممالك التي يسكن بها الآخرون  حيث تغلبه الأشجار الكثيفة والجبال المنحدرة والطرق الشاقة، يمكن أن نقول أنهم يعيشون بعيدًا تمامًا عن قلب الممالك حيث الأشجار المثمرة والاراضي الزراعية والبيوت المعمورة .
عندما وصلت الملكة إلى ذلك المكان أخبرت حراس الحدود أنها قادمة لكي تتحدث مع كبيرهم في أمر مهم يخص أراضيهم أي أنها آتية وتحمل أخبار تهمهم وعندما سألوها مَن تكون ؟ أجابت أنها قادمة من المملكة الشرقية رافضة للملكية هاربة إليهم وتتمنى أن يضموها ويحموها من الملكة الجديدة وراغبة في الانضمام إليهم كمتمردة.
وبعد حوار استمر كثيرًا بينها وبين الحراس حصلت أخيرًا على مرادها وبالفعل إذن لها الحراس أن تدخل لكي تقابل كبيرهم.
دخلت مريَم دولتهم المستقلة وأثناء سيرها كانت تمعن النظر في كل شيء تقابله هناك حيث لاحظت اختلاف الملابس ولكنها لم تلاحظ اختلاف اللغة لأنها كانت تعتقد أن المتمردين هم قوم مختلفون عنهم تمامًا.
الناس يتحدثون بلغة الممالك ولكنها لاحظت اختلاف اللهجات، وهذه هي المرة الأولى التي تجد فيها مريم أشخاص يرتدون ملابس غريبة بعض الشيء عما اعتادت أن تراه. ففي مملكتها لا ترى أشخاص يرتدون بمثل هذه الملابس وتجد فتيات لا يلبسن سترة أثناء سيرهن في الشارع  كما في المملكة  وأخيرًا قبل وصولها إلى القائد سمعت بعض الشباب يتحدثون بلهجتها  ولكن لا يرتدون الملابس التي قد عرفتها عن شباب مملكتها، ولكي تزيل الشك استغنت عن ملابسها كملكة وارتدت كفتيات مملكتها أي (ملابس العامة) ولم تكن مريَم من الفتيات الآتي يضعن سترة على رأسهن  أيضًا ولكن في مملكتها كانت لا تتجرأ على ألا ترتديها؛ خوفًا على سمعتها كملكة ولكن هنا في دولة المتمردين الجميع يفعل ما يريد. لا ترى أحد أثناء سيره ينظر إلى غيره فالذي لاحظته أن الجميع يسير في طريقه ينظر أمامه فقط كأنه لا يريد أن يهدر وقته بالنظر على أفعال الآخرين، على عكس مملكتها يكاد المرء يصطدم بأي شيء أمامه  حتى لا يفوته شخص يسير دون النظر إليه والتعليق عليه. كل هذه المقارنات قد شغلت عقلها ولكن لم تعطِ إليها الكثير من الاهتمام لأنها لم تفهمها ولم تراها من قبل فقد حكمت عليها بالعبث .
وها قد وصلت إلى قائدهم التي وجدته يسكن في منزل بسيط ليس له حاشية ولا هو بالطاغية فمَن أطلق عليه متمرد وبأي حق ؟
حيث تأكدت من ذلك عندما وجدته يحاور ويشاور الناس الذين يجلسون بجواره دون وجود مسافة تذكر، فوجدت أكتافهم  في أكتاف بعضهم البعض لا يفصلهم مركز أو سلطة أو حتى لقب ها هو القائد يجلس كما يجلس الناس، فتخيلت مريَم أنها عندما تصل ستعرفه نعم؛ لأنه القائد فمن المؤكد ستعرفه ولكن عندما دخلت حدث عكس ما توقعته فنظرت إلى جميع الجالسين فلم تعرفه!  فسألت أين القائد؟
أجاب: لا يوجد قائد بل هو متحدث باسم الناس الذين اختاروه وأعطوه كامل ثقتهم حتي يعبر عن مطالبهم وفي الحقيقة لا يوجد أساس لهذا الاسم ( قائد )، بل القائد الحقيقي هو الذي يُلبي احتياجات منتخبيه .
اندهشت مريم مما سمعته وشل تفكيرها فما الإجابة الآن؟  ثم قالت والدهشة لم تفارقها: عظيم، إذًا أود أن أتحدث مع من تثقون به .  
رد : أنا مَن يثقون به فقولي لي  مَن أنتِ ومِن أين جئتِ؟
_  أراك تتحدث كأهل دانتا، هل أنت دنتوي ؟
_ نعم واللغة لن تضيف كثيرًا؛ لأنكم  حرفتموها ثم نسيتموها حتى تضيع الهُوية فيضيع الناس وتفعل كما تريد الملكية.
حكّت ذقنها وهتفت:  أشعر أنك فيلسوف أنا لا أفهمك لا تتحدث هكذا فضلًا
_ أستطيع التواصل بلغتك ولكن قولي لي مِن أي مملكة أنتِ ؟
أطرقت مريم بعدما تعثرت الحروف بين شفتيها، ثم هتفت مستدركة: أي لغة ؟ إن لغة العالم واحدة ... ولكن لا بأس أنا من مملكة الشرق واسمها المعروف اوسوي ولكن هل يوجد أي اختلاف ؟
_ نعم لكي أرى لأي درجة من الإهدار قد وصلتم.
_ إهدار ؟ كيف ؟ لا، بالطبع لا، المملكة أكثر نظامًا من هنا لا يستطيع أي شخص أن يفعل ما يريد تحت مسمى الحرية وإلا أصبحت فوضى .
ابتسم وقال في هدوء: أستطيع الآن أن أتحدث معكِ بلهجتك لأنكِ  من الشعب الذي  فقد هويته فنسيّ حريته فأصبح عبيدًا تحت رحمة ملك إنسان مثله..دعك من ذلك كله فيما بعد ستفهمينني، أود أن أعرف ما هي الظروف التي جلبتك إلى هنا ولماذا تركتِ الملكية ؟
_إن الملكة الجديدة امرأة ولما شعرت أن المملكة تضيع، فكرت في أن أهرب إلى الحرية التي تتحدثون عنها .
_ وما المشكلة إذا كانت الملكة امرأة ؟
_ هل ترى أنه عاديًا ؟
هتف في لا مبالاة: أنا أرى  أن إلغاء الملكية كلها أمرًا عاديًا .
ضحكت و أكملت: هذا مستحيل، وأعتقد أن عددكم قليل جدًا لذلك لن تستطيعوا أن تغيروا العالم وما عرفناه من عادات وتقاليد منذ بدء الخليقة.
_ العالم  قابل للتغير لا شيء يظل ثابتًا،  العالم متغير و متحرك، وإذا كان عددنا اليوم قليل غدًا سيصبح كثير سيستغرق الأمر طويلًا ولكنه  سيتحقق مثله كأي مرحلة تطور تحدث لأي مجتمع..يمكن أن تكون عملية التطور  بطيئة  أو سريعة حسب درجة تعلم وفهم المجتمع وانفتاحه وانغلاقه وعليه يجب أن يكون هناك أوائل قد سبقوا و بادروا بالتغيير .
صمتت قليلًا وكأنها تستوعب ما قاله ثم تحدثت: دعك من ذلك كله  أنا لا أريد أن أعرف مستقبل العالم الآن، أنا فقط جئت  لمساعدة .
_ عظيم، وكيف نساعدك ؟
_ ألستم تحاربون الملكية و تتمنون أن يتم إلغاؤها ؟ أنا أيضًا مثلكم أنا ضد الملكية وضد الملكة الجديدة لأنها ضعيفة والملك سليم  والملك جاكوب هم ملوك أقوياء أشداء يسعون إلى ضم باقي الممالك وأعتقد أنهم إذا فعلوا ذلك لأصبح الأمر صعب عليكم أكثر .
_ وهل الحل عندكِ ؟
_ نعم ، أنا أعرف طريق يساعدكم لدخول مملكة اوسوي مملكتي  ومن هناك تستطيعون محاربة  سليم و جاكوب
_  هكذا يجب علينا أن نحارب ملكة اوسوي نفسها أولًا.
_ لقد هربت الملكة. هربت خوفًا منهما وإذا أردت أن تتأكد من كلامي تأكد ولكن ما وصلني أنها هربت فعلًا وأن المملكة في حالة فوضى، يجب أن تستغلوا الفرصة قبل رجوعها أو قبل أن يتدخل أي أحد. ولتصبح اوسوي أول مملكة تحصلون  عليها ومن هناك تحاربون جاكوب و سليم.. ماذا قلت؟
صمت قليلًا لكي يفكر وهو يفرك لحيته وقال: دعيني أفكر وأعمل دراستي مع جميع الأهالي لكي أعرف رأيهم و أتأكد من أن الملكة بالفعل ليست هناك لأنني أخاف أن يكون فخ نصب لنا، ومن هنا إلى حتى أنتهي ستظلين معنا وإذا اخترنا الحرب ستأتي معنا حتى تخبرينا بذلك الطريق الذي قلتِ عنه .
_ حسنًا ولكن أتمنى أن يتم كل ذلك سريعًا قبل عودة الملكة أو حدوث أي محاولة لضم و غزو المملكة . نسيت أن أسألك ما اسمك ؟
_ فارس و أنتِ؟
أطرقت ثم تمتمت: منى، ثم تحدث بنبرة أعلى : منى... هل تعلم يا فارس لماذا يطلقون عليك أنت وغيرك مِمَن يعيشون هنا اسم متمرد ؟
_ نعم، لأنني ضد الملكية، وأود أن أرى العالم موحد يحكمه شخص واحد نختاره جميعًا عن طريق الانتخاب. ليس له سلطان علينا؛ لأن الملوك يزعمون أن المملكة ملكهم و ملك أبنائهم، حق مكتسب ونحن عبيد عندهم لذلك تركت أرضي، ولكنني اقسمت أنني سأعود لها و النصر.. لذلك أنا متمرد .
_  هل هذه فقط طلباتك ؟ 
_ نعم، ولكنني متأكد أن كل شعوب الممالك يكرهوننا و يروا أننا رمزًا للخراب والدمار وعدم الأمان ( الإرهاب) وهذا ما فهموه وعرفوه عن طريق الملوك، فهم يعتقدون أن الملك هو الذي يحميهم  وإقالته أو الوقوف ضده مرتبط بخراب المملكة !
_ مِن أي مملكة أنت كنت؟
_ أنا كنت ومازلت من مملكة دانتا الجنوبية كما قلت لكِ ولكن عندما حاولت أن أقول لا للملك العباس و اعترضت  على سياسته ومن حقي أن  أختار، حكم عليّ بالإعدام لذلك هربت ولكني أقسمت أنني سأحرر دانتا وغيرها من أيديهم .
_ لاحظت اختلاف اللهجات هنا والملابس أيضًا لماذا  ؟
_ لأن هذا  المكان يجمع  أي شخص  نبيل وله صوت لذلك ستجدين الناس هنا من مختلف الأجناس والممالك. كل منا يتحدث بلهجته ولكننا أجمعنا واتفقنا جميعًا على شيء واحد ألا وهي إلغاء الملكية. الملبس  والمظهر ليس هو اهتمامنا، أنتِ  حرة في مظهرك . أضيئت دولتي بوجودك يا منى و أهلًا بكِ  في المنبع الأول لحركة الأحرار؛ لأن  المتمردين  في الحقيقة هما الملوك..
والجدير بالذكر أن فارس لم يعرف أن منى هي نفسها ملكة اوسوي والسبب في ذلك هو أن لا أحد يعرف وجه الملكة سوى الأمراء والوزراء والملوك الأخر أمّا العامة، والأشخاص في الخارج لا يعرفون كيف تبدو.
                          ********
خرجت الأميرة سارا من غرفتها وأخذت تتفتل داخل القصر ساعيةً في معرفة كل ما يدور داخله حيث رأت أنها أصبحت ملكته الجديدة فلم يكن أمامها سوى الجاريات فذهبت إلى إحداهن وجلست بجوارها وعندما رأتها الفتاة همت بالوقوف احترامًا لها وانحنت أمامها وهتفت في سرور: الملكة بنفسها في غرفتي ؟ لا أصدق عيناي، لم يحدث هذا من قبل.. ابتسمت لها سارا وقالت : و سأكون هنا دائمًا إذا أخبرتيني بكل شيء يحدث.
_ أنا خادمتك و تحت أمرك ِ، فقط أخبريني ما الذي تودين معرفته ؟
ابتسمت سارا وردت: أشعر أنني ارتحت للحديث معك. 
_  أنا التي أشعر بفرحة لم أشعر بها من قبل. أنا في قمة سعادتي .
_ وأنا أيضًا، أخبريني هل أنتِ من الخادمات أم الجاريات بالنسبة للملك ؟
أجابت في خيبة أمل: أنا من الخادمات وكنت أتمنى أن أكون من جواري الملك.
_ ولماذا لم تكنِ واحدة منهن ؟
_ الملك سليم مختلف تمامًا عن والده هو لا يحب أن يعاشر أي سيدة هو فقط يختار الأجمل من بيننا والتي أعجبته تاركًا الباقيات. وبعدما كنت أعتقد أنني جميلة ولم يخترني شعرت أنني قبيحة.
_  فهمت ولكن لا تقولي أنكِ قبيحة هو فقط لديه ذوق يختلف عن غيره .. يمكن أن يعجب بكِ أحد الخدم.. و مَن  الجارية  الأقرب إلى قلبه ؟
_ لا يوجد أي شخص قريب من الملك لأنه يمكن أن ينقلب على أي شخص في أي وقت، وأنا أرى أن ذلك هو الأفضل لأن ملكنا فارس شجاع ليس لديه وقت للحب. ومن الضروري أيضًا أن يكون حريصًا طوال الوقت ولا يثق في أحد.
_ عظيم أفهم من كلامك أن جميع الجاريات لا يحبهن الملك ويرى أن ذلك إهدار للوقت ؟
_ وهو كذلك ولكن .. نحن هنا عندما نجلس مع بعضنا البعض نفكر من هي التي يمكن أن تلفت انتباه الملك حتى أجمعنا أنها ميرا لأنها جميلة جدًا و مختلفة عنا و منذ فترة ارتكبت خطأ شنيع وكان من الواجب أن يحكم عليها الملك بحكم أصعب من الذي قد حكمه عليها وعندما مرضت قام بزيارتها في غرفتها على الرغم من أن ذلك غريب على الملك. لم يكن قد فعله من قبل .
همت سارا التي تسربت الغيرة إلى قلبها بالرد: وهل هي من جواريه ؟
_ حتى الآن لا، لأنها قد بلغت منذ فترة قصيرة.. ربما تقترب من الخامسة عشرة من عمرها الآن أو السادسة عشرة. لا أعلم. لذلك كان الملك يراها صغيرة وكان يكتفي بخدمتها له، أما الآن فأعتقد أن تفكيره تجاهها قد تغير وكما ذكرت لجلالتك أنها جميلة ولديها جسد متناسق و بالتأكيد ستعجبه. 
صمتت سارا قليلًا لأنها شعرت بأن الغيرة قد تمكنت منها عندما أخبرتها الخادمة عن ميرا ولكنها حاولت أن تداري غيرتها و ردت : عظيم ، هل يمكن أن تخبريني بمكان غرفتها ؟
_  أمرك يا مولاتي تعالي معي.
اتجهت معها سارا  إلى حيث  الغرفة التي بها  ميرا وأشارت الخادمة إليها وعندما وصلا انصرفت الخادمة بينما سارا فتحت الباب لكي تدخل فلم تجد أحدًا في الغرفة ولا حتى ميرا نفسها، فأخذت تسأل الحارس أين هي؟
فأجاب : لا أعرف ولكن ربما أن تكون في الحديقة .
ردت سارا : حسنًا سأذهب أنا إلى غرفتي وأنت أبحث عنها و أخبرها بأنني أريدها، هيا تحرك الآن. 
_ أمر مولاتي.
ذهبت سارا ودخلت الغرفة وهي الآن في انتظار مجيء ميرا فماذا تريد يا ترى ؟      

وبس كده متنساش تقولي رأيك            

عصور العبث{مكتملة الجزء الاول}حيث تعيش القصص. اكتشف الآن