شبه ثكلى

54 8 10
                                    

خضّ يدهُ جاعلًا ما بداخلها يرتج ويتصادم ببعضهِ البعض، وعلت ثَغرهُ ابتسامةً متحمسة بينما يُحدق بكوبِ القهوة الموضوع أمامهُ، وفُكرهّ منشغلٌ بعالمٍ آخر، لا بالتدقيق بالكوب كما يتضح لِمن قد يراه بوضعهِ هذا. 

نهضَ شابكًا يداهُ خلفَ ظهرهِ، ومتخذٍ خطواتهُ جيئًا وذهابًا بخطواتٍ معدودة، بينما يَتفكر في أيِّ كتابِ سيعمل عليهِ هذهِ المرة. 

«أظن أن الوقتَ حان؟» 

تساءلَ بصوتٍ شُبهِ خافتٍ، ونَقلَ بصرهُ لحيث الساعة الجدارية المعلقة، ثم صَفقَ يديهِ ببعضهما ناسيًا أنّ أحدهما تَحتضن النَّرد، ليتأوه متألمًا لضربِ حافة النَّرد راحة يدهِ الأخرى بقوةٍ، وراحَ يلعنُ تحتَ أنفاسهِ، وتلفظ قائلًا:-

«كانَ عليَّ أنّ أنتبه!» 

أخذَ يدلك راحة يدهِ المتضررة قَبلَ أن يسحب أنفاسهِ بقوةٍ، والحماس يقتلهُ ليتعرف على الكتاب مِنْ مكتبتهِ السرية بَعدَ رميهِ للنرد وحصولهِ على الرقم. 

خضّ النّرد جيّدًا بيدهِ، وتقدم نَحوَ الطاولة بَعدَ أنّ أبتعد عنها قليلًا، وأبعدَ كوب القهوة ليفسح مكانٍ جيّد للنرد، ثُم رماهُ على الطاولةِ، وراحت أنظارهُ تراقب أحجار النَّرد وهي تتحرج على الطاولة بتعمنٍ، ولمعة الحماس لا زالت تَسكن عيناهُ. 

استقر أحد أحجار النَّرد على رقمِ ستة، والآخر على رقمِ خمسة، بينما الثالث على رقمِ اثنان ليكون بذلك المجموع ثلاثة عشر. 

«ثلاثة عشر.» 

همهم بَعدَ ذكرهِ للرقم الذي ظَهر وحكَ ذقنهُ لبعض الوقت، متفكرًا بأيِّ فئة يضم الرقم ثلاثة عشر، وأيِّ روايةٍ عليهِ أنّ ينقد هذهِ المرة، متناسيًا أن الجواب لأسئلتهِ هذهِ يقبع في مكتبتهِ السرية بالفعل! 

زَمَّ على شفتيهِ وأغلق عيناهُ بقوةٍ صافعًا جبينهُ، بينما يتمتم متذمرًا من غباءهِ:

«يا ذكي المكتبة! المكتبة فيها الكتاب بالرقم المحدد!» 

ضَحكَ بعدها على نفسهِ لبعض الوقت، وأتخذَ خطواتهِ لحيثُ مكتبتهِ السرية، ولكن قطع طريقهُ عائدًا بسرعةٍ لحيث الطاولة ليلتقط أحجار النَّرد بإحدى يديهِ، وكوب القهوة بيدهِ الأخرى ويتحدث مخاطبًا النَّرد بنبرة فكاهية بعض الشيء:

«لن أتركك هنا لتختفي مجددًا.» 

وشقَّ ثغرهُ ابتسامةً مرحة على حديثهِ مع النَّرد، وأتجه مباشرةً لحيث مكتبتهُ السرية. 

دَلفَ المكتبة وأتَجهً مباشرةً لحيث الرفوف المصفوفة عليها الكُتب، وراحَ يحدق باحثًا عن رقم الكتاب ضمن مجموعات الفئات. سقط عينهُ على الكتاب يقع ضِمن مجموعة الفئة الاجتماعية، فمدَ يدهُ ساحبًا إياهُ ومطلعًا على عنوانهِ بحماسٍ شديد. 

خلف باب الرداءةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن