"لَقد أذنبَ أيوب"
1
دَخل الغرفة وهو يلفظ أنفاسه بصعوبة، وجدها تقبع أمامه وتنظر له بذهول، وتتفحص ثيابه الغير مُهندمة وهُناك بقايا دماء على وجهه:
_مالك يا نوح!
نظر لها بلهفة وجذبها بين ذراعيه يضمها بخوفٍ:
_إنتِ مش هتسيبيني صح؟ مش هتبعدي عني!
نظرت لعيناه بحيرة:
_فيك ايه بس؟
_ أنا قتلت.
خطوة واحدة للخلف وهي تنظر لحالته المزرية بصدمة!
______________
عودة بالأحداث
مُنذ ستة أشهر.
نظرت من نافذة مكتبها وتنهدت بعُمق، انتبهت إلى صوت أحدهن تستأذن بالدخول فهتفت بنبرة هادئة:
_ادخلي يا مريم.
دلفت المُمرضة "مريم" بابتسامة بشوشة وهي تثرثر كعادتها:
_صباح الخير يا دكتور، عرفتِ الجديد؟
ابتسمت "سيليا" وهي تُحرك رأسها بمعنى لا فائدة :
_إرغي يا مريم إرغي.
اتسعت ابتسامة "مريم" وهي تبدأ حديثها:
_في دكتور جراحة جديد جه ومعانا هنا في نفس الدور.
نظرت لها الأخرى وهي لا تفهم مقصدها:
_وبعدين، وماله ما يجي.
_مش قصدي يا دكتورة، هو شكلُه مُريب كده كأنه طالع من فيلم رعب ولا بيضحك ولا بيتكلم معانا زي الدكاترة الجُداد؛ عشان يتعرف علينا، عنده وشوم كتير باينة من رقبته وإيده، الصراحة مش مرتاحة.
اقتربت منها "سيليا" بنصفها العلوي وهي تتحدث بخفوت وكأن أحدهم يراقبها:
_قوليلي يا مريم إنتِ من امتى ارتاحتي لحد جديد معانا؟
أخذت تُفكر حتى نظرت لها أخيرًا بحرج فتنحنحت قائلة:
_ولا مرة الصراحة.
ابتسمت الأخرى ووضعت كوب القهوة على طاولة مكتبها المستطيلة:
_روحي يا مريم على شغلك، روحي ربنا يصلح حالك.
قبل خروج "مريم" نادتها سريعًا:
_مريم ابعتيلي الدكتور الجديد ده.
أومأت الأخرى بهدوء وهي تذهب بخُطى سريعة نحو غُرفة الكشف الخاصة بالطبيب المُريب.
_______________
_يا أستاذ يعني أعملك ايه! حضرتك جاي مستشفى خاصة ومش عايز تدفع قبل العملية بتاعة المدام بتاعتك!
عقد الرجل يداه أمام صدره قائلًا:
_يا دكتور الأهم من الشغل ظبط الشغل، يعني نشوف لو خفت هدفعلكم الفلوس.
دلفت مريم مكتب الطبيب "نوح" فوجدت المشادة التي بينه هو ورجل بصحبة زوجته.
صاحت بغضب وصوتٍ حاد:
_يا أستاذ خد بنتك وامشي من هِنا، دي مستشفى محترمة!
_لا محترمة ولا نيلة، بعدين دي مراتي مش بنتي سلامة النظر.
عقدت حاجبيها وتحدثت بحدة وهي تُشير إلى الباب:
_يبقى اتفضل إنت ومراتك وكفاية إزعاج، شوفلك مستشفى محترمة أكتر مننا.
أنت تقرأ
لَقد أذنبَ أيوب
عشوائيجَميع الطُرق مُؤلمة، ولكن عيناك هي مَن تَبث الطمئنينة بداخلي حتى وإن كنتُ كفيفًا، حتى وإن كنت العدو اللدود لزوجي♡
