الفصل الرابع
دلف هارون الى حجرة المكتب الخاصة بعدنان ليقول عدنان على الفور:
عملت ايه؟قال هارون:
كل شئ تمام..مروان مطلعش سهل ابدا..دماغ شياطين.زفر عدنان قائلا:
طمنتنى ..أنا كنت لآخر لحظة مقلق منه وحاسس بالغدر..كدة بقى أقدر أدخل معاه الصفقة وأنا مطمن.ثم مالبث ان انتابه القلق وهو يرى ملامح هارون التى تخبره بأن هناك خطبا ما ليقول بتوجس:
فيه ايه ياهارون ..اتكلم؟قال هارون بتردد:
البت اللى اسمها زينة دى.وصمت ليستحثه عدنان قائلا :
مالها؟؟ ..منشفة راسها ومش راضية تروح زي كل مرة..ليشير بيده بلا مبالاة قائلا:
بسيطة..هددوها بابنها.هز هارون رأسه نفيا وهو يقول فى تردد :
مش هينفع..لإنها..لإنها هربت من البيت.وقف عدنان وضرب المكتب بقبضته قائلا فى غضب:
انت بتقول ايه؟ازاى هربت ؟والحراس الحمير دول كانوا فين؟قال هارون:
الحراس كان كل تركيزهم مع مروان فياض.. واكيد هى استغلت الوضع النهاردة وهربت.قال عدنان فى غضب:
أغبيا...الحراس يتغيروا والبت دى تلاقيهالى ياهارون..مش عدنان المسيرى اللى بت زى دى تغفله وتهرب من بيته..مفهوم؟اومأ هارون برأسه..ليتجه بعدها للخارج فى صمت يتابعه عدنان بعينين امتلأتا شرا لتليق ملامحه حقا باسمه والذى عرف به ..ملامح الشيطان.
********************
تأملت زينة حجرتها والتى منحها اياها مروان هي وصغيرها ثم ذهب بسرعة البرق دون كلمة ..كانت الحجرة صغيرة ولكنها رقيقة التصميم ودافئة ..أفضل بكثير من حجرتها فى جحر الشيطان عدنان..والتى كانت رطبة وباردة ..ولطالما سببت لها ولطفلها نزلات البرد..ضمت جسدها بيديها وهى تتذكر تلك الليالى التى كانت تضم فيها طفلها إليها بشدة وتدلك جسده بقوة كى تمنحه دفئا..الآن هو ينعم بالدفئ داخل تلك الحجرة الجميلة ..نظرت الى ملامحه النائمة بحنان واقتربت منه تجلس بجواره على السرير تمرر يدها فى خصلات شعره السوداء الناعمة..تتساءل حقا..هل استطاعت الهروب به من هذا الجحيم ؟وهل ستنعم يوما بالأمان؟فرغم هروبها لن تستطيع ان تقول أنها بأمان الآن..لا ليس بعد..لن تحصل على الأمان كاملا سوى بابتعادها عن مروان..فهو خطر كبير عليها..ربما أخطر من عدنان وهارون..فهى معهم تخاطر بالكثير ولكن مع مروان تخاطر بأغلى وأهم ما لديها ..ابنها ....وقلبهاذلك القلب الخائن والذى مازال متعلقا به رغم تخليه عنها بالماضى..نهضت تقترب من النافذة لتفتحها وتأخذ نفسا عميقا..تتذكر ذلك الماضى البعيد حين كانت تلك الجميلة البريئة ..فبعد وفاة والدتها وطردها من منزلها لتأخرها فى دفع الإيجار أشفق عليها عم سالم البواب وقد كان جارهم بالسكن..و أحضرها الى عائلة فياض لتعمل عندهم كخادمة ..من اول يوم لها تعلق قلبها الغض بابن العائلة الوحيد..ذلك الشاب الوسيم القوى..و الحنون..لاحظت منه أيضا اعجابا متبادلا يظهر فى نظراته اليها..وتعاطفه معها ضد تصرفات زوجة أبيه القاسية تجاهها..ورغم الفرق الشاسع بينهما إلا ان ذلك الحب ولد بينهما ونما فى قلبيهما ..تظهر شراراته المشتعلة كلما اقتربا من بعضهما البعض..حتى كان ذلك اليوم الذى تشاجر فيه مع أبيه بسبب تصرفات زوجة أبيه الشريرة..ليخرج من المنزل غاضبا ويتأخر فى العودة..انتظرته زينة كثيرا وقد انتابها القلق عليه..ليعود مترنحا..يبدوا على غير عادته ..لتوقن انه أسرف بالشرب..أسرعت اليه تسنده ليبتسم لها ابتسامة أشعلت قلبها عشقا..فبادلته ابتسامته..كاد ان يتحدث لتشير له بالصمت حتى لا يوقظ احدا .. وصلا الى حجرة مروان لتضعه برفق على سريره ثم خلعت عنه حذائه و دثرته بحنان لتجده يمسك بذراعها يجبرها على الاستلقاء بجواره يخبرها بمكنون قلبه وعشق قاومه وأخفاه كثيرا ..لم تصدق أذنيها وهى تستمع الى كلمات لطالما انتظرتها..لتفيق على قبلاته المتناثرة على عنقها يقول مابين القبلة والقبلة كلمات عشق سحرتها..حاولت المقاومة ولكنها فى النهاية استسلمت لقبلته التى أعجزتها عن الكلام تماما تلاها العديد من القبلات التى غيبت عقلها وسحرت قلبها لتستسلم لعشق اجتاحها..وعندما أفاقت من ثورة مشاعرهم القوية..بكيت بشدة ليضمها اليه بندم على مافعله وهو تحت تأثير الشراب.. يخبرها بأنه سيتزوجها ..وبالفعل فى اليوم التالى..تزوجها ولكن عرفيا مخبرا إياها أنها مسألة وقت يمهد فيه لأباه رغبته بالزواج بها..بعيدا عن تلك العقربة سوزى..زوجة ابيه التى ستعارض ذلك الزواج وبشدة..كانت كل ليلة بعد نوم الجميع تتسلل الى حجرته لتقضى معه ليلة من العشق يحملها فيها مروان الى السماء لتعود بعد ذلك الى أرض الواقع..تعمل كخادمة لديهم..تنتظر اليوم الذى يخبر فيه مروان أباه بقصتهما لتكلل قصتهما بتلك النهاية السعيدة ويخرج زواجهما من الظلمات الى النور..كم كانت واهمة..فبين ليلة وضحاها اختفى مروان..علمت انه تشاجر مع والده مجددا وسافر للخارج دون وداع..دون كلمة..تركها لمصير مجهول..فوجدت نفسها فجأة تباع الى ذلك العدنان..تذوق العذاب كل يوم فى بيته..تباع كل فترة لرجل لليلة واحدة..وكأنها فتاة من فتيات الشوارع..وكل ذنبها أنها قد وقعت بالحب ..وياليتها لم تقع بالحب..بل ياليتها ما جاءت الى منزل عائلة فياض وياليتها لم ترى مروان ولم تعرفه مطلقا.