الفصل الثاني

828 29 0
                                    

عندما استيقظت سولي من غفلتها وجدت شخص يجلس إلى جانبها وتؤى غير موجودة، ولكن مهلًا لحظة إنه كان نفس الرجل الذي كان ينظر إليها قبل أن تغفو! هكذا كانت تقول لنفسها فاعتدلت في جلستها وأخذت تعدل من هيئتها وشعرت بحرج شديد لمجرد التفكير إنه كان ينظر لها أثناء نومها، فسألته :
ـ أين صديقتي التي كانت تجلس هنا؟ ولم أنت جالس مكانها؟!
قال الرجل : صديقتك أخذت مكاني فهي كانت تريد تبديل المقاعد
ثم أشار إلى حيث تجلس تؤى؛ فرأتها سولي تجلس إلى جانب ذلك الشاب الأسمر  الذي كانت تتحدث عنه من قبل، وقد بدت تؤى سعيدة ومنهمكة في الحديث معه للغاية، وعلى مايبدو أن ذلك الشاب يتحدث العربية وبطلاقة، ثم أخذت سولي تحدث نفسها وتقول : تبديل مقاعد !  هل نحن على طائرة أم ماذا؟
ثم فوجئت بهذا الرجل يقول لها : حسام حسن
ـ أفندم!
ـ اسمي حسام حسن، وأنتِ ما اسمكِ؟
أرادت ألا ترد عليه ولكن شعرت بالوقاحة من ذلك التصرف فقالت: سولي سليم
ـ غير معقول! سولي سليم الكاتبة؟!
ـ هل تعرفني؟
ـ نعم بالتأكيد، فقد قرأت لكِ رواية بأجزائها الثلاثة، وبحثت عن بقية أعمالك ولم أجد لكِ شيئًا آخر
ـ هذا لأنني لم أنشر غيرها
ـ خسارة كبيرة، ولكن لماذا لم تكتبي غيرها؟ فأنتِ موهوبة جدًا
ـ هذه قصة تطول شرحها
ـ هل من الممكن أن تخبرينني بها؟ فنحن أمامنا رحلة طويلة ولا يوجد ما نفعله سوى التحدث
تضايقت سولي من فضوله وقالت :
ـ أود أن أحتفظ بها لنفسي
شعر حسام بالحرج وقال :
ـ حسنًا كما تشائين.
ساد الصمت بينهما ثم أخذت سولي تنظر إلى تؤى وتحسدها على بساطتها وعفويتها، فهي لا تفكر في الأمور كثيرًا قبل أن تفعلها  وبالتالى فهي لا تجهد عقلها في التفكير، فما تريده تفعله على الفور، ولكن ذلك لم يمنع من وقوعها في مشاكل كثيرة، ثم بعد وقوعها في كل مشكلة تجري على سولي بعدها  تستغيث بها وتقول لها: انجدينى انقذينى أنا في ورطة.
وكم من مرات كثيرة وقفت سولي إلى جانب صديقتها؛ لأنها تهتم لأمرها كثيرًا وتعتبرها بمثابة أختها التي لطالما تمنتها، أما عن نفسها فلا يوجد أحد يفعل ذلك معها ويهتم لأمرها، ولم تشعر سولي بنفسها وهي تزفر بتلك التنهيدة الحارة بقوة فنظر إليها حسام وهم أن يقول لها شيئًا، لكنها أخذت تنظر إلى النافذة لتتجنبه تمامًا، ولا حظ هو ذلك فآثر الصمت.
بعد تناول سولي لمشروب دافىء لاحظت محاولة حسام النظر إلى يديها بفضول؛ ليعرف ما إن كانت مرتبطة أم لا؟
حاولت تجاهله بالنظر إلى الناحية الأخرى، ولكنها شعرت به ينظر لها ولا يخفض بصره عنها، فقالت:
ـ هل هناك شيء؟
ـ ماذا؟
ـ أنا لاحظت أنك تنظر إليّ، فهل هناك شيء؟
تردد قليلًا ثم قال: في الحقيقة.. أنا..
اندهشت من تردده فقالت: ماذا تريد أن تقول؟
ـ لون عينيكِ مُحير كثيرًا، هل هي زرقاء كلون السماء أم رمادي؟
صدمتها جملته وتعجبت من جرأته وقالت:
ـ أنت شخص جريء حقًا!
ـ لمَ؟ وهل أخطأت لصراحتي معكِ؟
ـ أنا أتعجب من جرأتك في الحديث معي هكذا، ونحن قد تعرفنا على بعضنا للتو
ـ في الحقيقة أنا لم أكن اتغزل بكِ، أنا كنت فقط أتامل لون عينيكِ لأنها في الحقيقة..
ـ أرجوك كفى، فأنا متعبة وأريد أن استريح قليلًا
ـ وأنا آسف لازعاجكِ.
بعدها حاولت سولي تجاهله تمامًا، وأخذت تنظر من خلال النافذة لتفادي الحديث معه أو النظر إليه.
***

ذات الثوب الأزرق حيث تعيش القصص. اكتشف الآن