الفصل الخامس

457 23 0
                                    

عندما وصلت سولي وأكرم إلى المطعم وجدا الاثنان تؤى وعباد هناك فانضما إليهما وتناولوا الفطور معهم، ثم استأذن منهم أكرم وقام ليفعل شيئًا، فمالت تؤى على أذن سولي وقالت :
ـ أين كنتِ ؟ لقد قلقت عليكِ كثيرًا، فأنا عندما عدت بالأمس عصرًا وجدتك نائمة، وما أقلقني أنكِ ظللتِ هكذا لفترة طويلة فقلقت عليكِ وحاولت إيقاظك ولكنك لم تستجيبين، ماذا يحدث معكِ؟ هل كنتِ متعبة لهذه الدرجة؟
- نعم لقد كنت متعبة وخلدت إلى النوم، وعندما استيقظت فجر اليوم اندهشت حقًا كيف نمت كل تلك الساعات؟!
- وكيف التقيتِ بحسام؟
ـ في بادىء الأمر هو اسمه ليس حسام إنه يُدعى أكرم، لقد كان سوء فهم فقط، ثانيًا أنا في ورطة حقيقية
- أي ورطة ؟
- أكرم عرِف عني كل شيء، فأنا لم أكن أعلم أنه حقيقي
ـ أنا لا أفهم شيئًا مما تقولين ماذا تعني بحقيقي؟!
أنتِ حقًا لستِ على طبيعتك هذه الأيام!
قالت سولي : أنا لم أعد أفهم شيئًا أنا الأخرى، أنا استيقظت فجر اليوم وذهبت للجلوس على البحر وانضم هو إليّ، وقد ظننت أنني اتخيل ذلك، فبُحت له بتفاصيل كثيرة عن حياتي والغريب أنني شعرت بالإرتياح بعدها، ولكن عندما تأكدت من أنني لا أتخيل شعرت بالخجل من نفسي فتلك ليست من عادتي، كيف أثق في شخص غريب عني؟ وأنا لا أعرف عنه سوى اسمه الأول فقط
ـ هذا ليس بغريب، فأنا مثلًا وثقت في عباد سريعًا وارتحت له منذ القاء الأول
ـ ولكن هذا ليس من شيمي أنا ثم...
لم تكمل سولي حديثها فقد جاء أكرم ومعه أحد العاملين في الفندق يحمل معه حلوى الآيس كريم والتي كانت رائحتها مميزة جدًا خاصًة لسولي بنكهة القهوة الفرنسية التي تعشقها كثيرًا، ثم جلس أكرم أمامها وقال :
ـ لقد تطفلت على مطبخهم بالأمس، وأشرفت بنفسي على صنعه لكِ، وبنفس الطريقة التي أخبرتني بها كما كانت تصنعه والدتك، أتمنى أن ينول إعجابك حقًا
لم تصدق سولي ما يحدث ونظرت إلى تؤى غير مصدقة والتي قد تأثرت هي الأخرى بالموقف وقالت لها :
ـ كم أنتِ محظوظة ياسولي
أكرم : آنسة سلوان هيا تذوقيه، أرجو أن ينول إعجابك
أخذت سولي تفكر هل ناداها الآن بسلوان بالفعل؟! وهل فعل ذلك من أجلها، هل يهتم بأمرها؟!  كل هذا كانت تفكر فيه وهي تتناول الآيس كريم وقد تأكدت تمامًا أنها لا تتخيل ذلك، فهذا حقيقي وهذا المذاق تذوقته من قبل من يد والدتها وهي صغيرة وكأنها عادت بالزمن إلى الوراء تختبر نفس السعادة والفرح والتي كانت تشعر بهما وقتها.
ثم مالت على أذن تؤى وقالت :
ـ أخبرينني بأنني لا أحلم
تؤى : لا تحلمين، إلا إذا كنا كلنا معكِ في نفس الحلم
ابتسمت سولي بامتنان وقالت لأكرم :
ـ شكرًا لك هذه لفتة جميلة منك، لا أعرف حقًا كيف أشكرك
أكرم : أنا لم أفعل شيئًا يُذكر
تذوقت منه تؤى هي الأخرى، وقد أعجبها هي أيضا وقالت :
ـ إنه جميل بالفعل، لماذا لم تأكل منه يا أستاذ أكرم وأنت من قمت بإعداده
أكرم : أنا لا أحب القهوة الفرنسية مع الأسف
قالت سولي : حقًا! خسارة لقد فاتك الكثير
أكرم : لن يفوتني شيء بعد ذلك، يبدو أنني سأحبها قريبًا
ابتسمت له سولي وخفضت بصرها في خجل
قال عباد : إنه لذيذ بالفعل، حسنًا إن كانت هذه مفاجأة الأستاذ أكرم فإليكم مفاجأتي أنا؛ فقد حضرت لكم جولة في الجزيرة ستنول إعجابكم بإذن الله، ما رأيكم؟
تؤى : أنا موافقة بالطبع
أكرم: و أنا أيضًا موافق، وأنتِ يا آنسة سلوان ما رأيك؟
شعرت سولي براحة كبيرة عندما ناداها باسمها الحقيقي، وقالت دون تفكير : موافقة.
كانت جولة سياحية رائعة بدايتها كانت في المتحف الوطني الذى يحتوي على مجموعة مميزة من القطع الأثرية التي تعكس تاريخ المالديف ثم مسجد الجمعة القديم الذي يعد من أقدم المساجد في المالديف، ويتميز ببناؤه الجميل بالزخارف الفريدة ثم قصر (أوتيموغاندوفارو) بتصميمه الرائع  وبعد ذلك اكتفوا جميعًا بتلك الجولة وقد وعدوا عباد أن يكملوها في يوم آخر، ثم عاد الجميع إلى الفندق وودع عباد تؤى التي كانت سعيدة وفخورة به للغاية.
***
جلست سولي في غرفتها، وقد كانت شاردة فرأتها تؤى كذلك فقالت لها : أكرم هذا شاب رائع بحق
سولي : ربما
ـ ربما! هذه الكلمة لاتوفيه حقه ألم تري كيف كان يعاملك؟
ـ رأيت، ولكنني لم أتعود أن أثق في الناس بهذه السرعة، فأنا أعرفه منذ أيام فقط ولا أريد أن يتطور الأمر إلى ..
سكتت سولي ولم تستطع أن تقولها، فهي بحياتها كلها لم تختبر ذلك الشعور من قبل، ومافعله والدها معها جعلها تخشى أن تخوض تلك التجربة.
قالت تؤى وقد شعرت بما يدور بخلدها:
ـ إلى ماذا ياسولي؟ كفاكِ تعقيدات وحاولي أن تعيشي حياتك ببساطة كما تحبين دون قيود، يكفي مامضى من عمرك.
التزمت سولي الصمت ففي  تلك المرة تؤى كانت محقة تمامًا فهي يجب أن تتحرر من قيودها، وها هي  قد بدأت في ذلك بالفعل بالتحرر من ذلك البرج الذي سُجنت فيه لسنين طويلة ولن تشعر بتأنيب الضمير بعد اليوم.

ذات الثوب الأزرق حيث تعيش القصص. اكتشف الآن