أدعى إلينا روز ، فتاة تبلغ من العمر 15، توفي والدي و انا ابلغ السنتين ، و قد أخبرتني أمي أنه كان قائد عصابة و توفي بسبب طلقة نار أصابته عند تنفيذه أحد عمليات بيع المخدرات ، و أننا كنا أكثر أغنياء المدينة ، لم أهتم كثيرا بقصة موته رغم أن أمي كانت تذرف الدموع دوما حين تذكرها له ، لا تقولوا أنني قاسية فأنا لا أذكر عنه سوى بعض المشاهد ، و لكن أتذكر جيدا إهداءه لي تلك القلادة الذهبية التي تحمل صورتي أنا و هو و أمي ، لقد كنت صغيرة و كان يحملني على كتفيه ، يبدو أنه كان حنونا ، بعد تركه لنا تبدلت حياتنا كليا ، فقد عملت والدتي كخادمة في أحد البيوت الغنية و قد كانت تكسب قوتا ممتازا ، و لكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن فقد مرضت هي الأخرى بذلك المرض الخبيث عندما بلغت سن 14 ، قال الطبيب أنها كانت مريضة منذ زمن و أن حالتها خطيرة و يتوجب عليها اجراء العملية ، و لكن للأسف لم نكن نملك المبلغ المطلوب ، و بهذا لا زمت أمي الفراش لمدة سنة كاملة ، أما أنا فقد قسمت وقتي بين الدراسة التي أردت تركها و لم أفعل بسبب إصرار أمي ، و بين بيع أرغفة الخبز في الشارع لأجلب ما نقتات به و ما يتبقى من المال أشتريه دواء لأمي التي هي آخر سند لي في هته الحياة ، فقد تبرأ جدي من والدتي لأنها تزوجت برجل عصابة ، و أنا لا أعرف عن عائلة ريد أي شيئ ، أما عن عائلة والدي فقد أخبرتني أمي أنه ترعرع في دار الأيتام ، على أي حال فقد نظمت وقتي ، أستيقظ باكرا أحضر الفطور لوالدتي ، و إن تبقى منه شيئ آكله ، أذهب للمدرسة ، فرغم تلك الظروف لقد كنت متفوقة و مجتهدة و دائما ما تثني علي المعلمات ، لم أكتسب أصدقاء فمن ذا الذي يريد مصادقة فقيرة مهووسة الروايات ، دائما ما كنت أتعرض للتنمر ، و لكني واجهتهم و أبديت عدم اهتمامي بهم ، حتى أخلو لنفسي في حمام الفتيات و أطلق لدموعي العنان لتصبح شلال ، ثم أتناسى الأمر و أعود للبيت ، لأجد والدتي تنتظر ، أقبلها و بعدها أذهب لعملي و الذي يتجلى في تنظيف أواني أحد المطاعم و عند انتهائي ، أشتري بالنقود التي جنيتها الدقيق ، و أذهب لصنع أرغفة الخبز التي عند انتهائي أبيعها في الشارع ، ثم أشتري دواء أمي و أعود للمنزل لأحضر وجبة العشاء و بعد تأكدي من نوم والدتي أذهب لغرفتي الصغيرة ، أرتاح ثم أجتمع مع رواياتي التي أجد فيها هروبا من الواقع الذي أعيشه ، أتخيل نفسي بطلة كل قصة أقرؤها ، و أحس نفسي أحيانا أعاني من مرض نفسي ، ثم أنفض تلك الفكرة من رأسي و أخلد للنوم تلك الساعات القليلة ، ليتكرر يومي بتفاصيله المملة ، أحيانا أو دائما ما أتمنى أن أعيش قصة مثيرة تخلدها الكتب ، كتلك الروايات التي أقرؤها ، أو أن أكون أحد أبطالها ، فخيالي واسع بالطبع نظرا لفتاة في سني ، على أي حال لم أصف نفسي ، أنا فتاة جميلة فعيناي مميزتان جدا ، دائما ما أسمع إعجاب صاحب المطعم الذي أعمل به بعيناي أو أحد المشترين ، وقد قالت أمي أنني ورثتهما عن والدي، أما عن وجهي فهو دائري كالقمر ، وقوامي الممشوق الذي أعتني به بالرغم من قلة ما آكله، بشرتي بيضاء ناصعة ، أنا جميلة بحق ، و لن أسمي هذا تكبرا فلو ولدت في عائلة غنية لأعتني بمظهري كما يجب لنلت شهادة أجمل الفتيات في سن الزهور ، و لكن رغم فقري فلم أهمل مظهري أبدا ، دائما ما أسرح شعري المتفحم الذي يصل لخصري بطريقة جميلة ، و أغسل ثيابي ، فأرتديها نظيفة و كأنها جديدة ، لم تسلم من اهتراء قماشها، فتلك الفساتين هدية من المتبرعين، لذا لا بد أن تكون من أرخص الأقمشة.
_مرت الأيام كلها متشابهة ، إلى أن جاء يوم استلامي شهادة نهاية المرحلة المتوسطة بعد عناء الدراسة الذي عانيته ، كنت أول شخص في مدرستي ، هذا ما أخبرتني به المعلمة ليلة أمس ، لذا استيقظت باكرا و حضرت الافطار ثم ذهبت الى أمي ، وجدتها مستيقظة ، قالت لي بصوتها المرهق "عزيزتي الينا ، انا فرحة بك أشد الفرح ، و الآن تأكدت أنك فتاة أستطيع الاعتماد عليها ، و بهذا يمكنني أن أموت مطمئنة على مصيرك " قلت و دموعي لم تفارقني منذ بداية أمي في حديثها"لا تقولي هذا أرجوك ، لن تموتي ، بل سوف أكبر و أعيش أنا و أنت الحياة التي تمنيناها ، أرجوك أمي أنت سندي الأخير في هذه الحياة لا تتركيني أرجوك " " لا تبكي طفلتي الجميلة ، فالموت مصير كل انسان ، ثم لابد من أن تكوني سعيدة فاليوم هو مهم جدا بالنسبة لك ، أنا أرغب بشدة في رؤية شهادتك جميلتي " " حسنا أمي ولكن عديني بعدم تكريرك لمثل هذه المسألة " قالت والدتي مراوغة" هيا أيتها الجميلة حضري نفسك كي لا تتأخري " ثم أضافت بلهجة مازحة لم تخلو من الإعياء" أظن أنني سوف أرى سندريلا أمامي " " أمي سندريلا شقراء و ثوبها أزرق ، أما شعري فأسود و سوف أرتدي فستانا....أي فستان سأرتدي ؟!" قلتها بلهجة غريبة و ملامح وجهي أغرب مما أثار ضحك أمي ، فرحت كثيرا فهي لم تضحك منذ زمن فشاركتها الضحك ، و بعدها قامت من مكانها فساعدتها و عند وقوفها توجهت نحو الخزانة و أخرجت فستانا أزرق جميلا يشبه فستان الأغنياء ، و بعدها أخرجت قلادة على شكل قلب و أعطتها لي قائلة "عزيزتي إلينا ، هذه القلادة أول هدية أعطاها لي أبي عندما كنت في عمر السنة أما هذا الفستان فهو هدية والدي لعيد ميلادي عندما كنت في سنك ، اعتني بهما جيدا و لا تفكري في تركهما مهما حصل " احتضنت أمي من شدة فرحتي و خرجت أهرول الى غرفتي ، ارتديت الفستان لقد كان في نفس قامتي تماما و كأنه مصنوع خصيصا لي ، ثم وضعت القلادة التي تلائم الثوب تماما و التي استقرت بجانب قلادة والدي لتصبح عندي اثنتان وعدت صاحباها بأن لا أنزعهما أبدا ، سرحت شعري على شكل ذيل حصان تاركة بعض الخصلات تنسدل من الأمام في شكل حريري ، ثم ألقيت نظرة أخيرة على المرآة و اتجهت لغرفة أمي و التي كانت تنتضرني بفارغ الصبر ، لأرى علامات الاعجاب في عينيها ، وبعدها قالت بصوت يكاد يختنق من البكاء " اه أميرتي الصغيرة ، عديني أن تكوني دائما قوية و أن لا تستسلمي "
فأجبتها بتلقائية جاهلة سبب بكاءها" أعدك أمي......أعدك"
ثم خرجت من المنزل مترددة بعض الشئ و لكن استجمعت شجاعتي و توجهت إلى المدرسة ، وقد رأيت بعض نظرات الاعجاب من أعين زملائي ، الى أن اتجهت إلي أحد الفتيات ثم قالت بلهجة ساخرة "من أين سرقت هذا الثوب أيتها المتسولة ، ثم سحبت عقد أمي بعنف من رقبتي ليسقط أرضا بعد أن فتح ذاك القلب ليضهر صورة أمي و صورة
شخص آخر على الأرجح هو والدها ، حملت الفتاة العقد ثم نظرت للصورة لتتسع عيناها قائلة ، "انها قلادة السيدة ريد ازالين ، من أين حصلت عليها "، دفعت الفتاة في عنف ثم أخذت القلادة و قلت" انها قلادة أمي و لا يهمك من أين حصلت عليها " ثم تركتها و انفردت في الزاوية وحيدة ، بالطبع لم تصدق الفتاة كلامي و نعتتني بالكاذبة لم أبدي اهتمامي بتلك اللعينة ، أعدت القلادة الى رقبتي ، عند استلامي
شهادتي اتجهت نحو المنزل أقفز من الفرح و متحمسة لأري أمي شهادتي التي كانت تنتظرها أكثر مني ، و عند وصولي لباب المنزل تفاجأت من عدد الناس الذين أمام الباب ، هل أتوا لتهنأتي ، و لكني لاحظت شيئا غريبا ، أعين مشفقة و حزينة لحالتي .
أنت تقرأ
مأساتي الجميلة
Romanceلطالما عانيت من الصعوبات و لازلت أعاني................ لكن هناك فرق هذه المرة شعور طريف يداعبني............... نسيم عطر أشمه كلما اقتربت منه........... فياترى هل ستتغير حياتي.......... و هل سينتهي عذابي رواية مزيج من الخيال و الواقع نقشت بأحرف من ذه...