كان والده ممسكًا بيده الصغيرة يجره معه إلى محل البقالة في حين كان يردد طلبه دون هوادة أو رحمة فعقله الصغير لا يفهم مآسي الكبير
بينما كان والده يتحدث إلى صاحب البقالة التفتت زمرديتاه إلى ما بجانب البقالة ليجد شحاذ عجوز رث الملابس متجهم الأسارير يرتعش جسده بسبب ما تراكم عليه من ثلج ، تكشف وجنتاه الضعيفتان عما فعلته به الحياة و سوادها بالنسبة له
شكر والده صاحب البقالة و دفع الحساب ، ثم أخذ ينحني بظهره ليصل إلى مستوي أبنه و يعطيه حلواه المفضلة ، و لكن ما أن ألتقط غادته حتي أفلت قبضة يد أباه تحت صدمة الأخير ، و مشي بخطوات متمايلة نحو الشحاذ بينما الأب يتبعه في خوفٍ عليه
في النهاية وصل الي الشحاذ لينبس بإستغراب غراب نم عن براءته
" يا عم ، هل أنت مسكين ؟! "
رمقه الشحاذ بطرف عينه و أطبق عليه الصمت ، و لكنه أكتفي بالايماء برأسه
نظر إلى والده الذي أمسك بيده في توتر خائف من أن يفلتها مجددًا ، ثم إلى مصاصته الوردية الغالية ثم إلى الشحاذ
نظر عدة مرات تارة إلى المصاصة و تارة إلى الشحاذ و كأنه يفكر فيما سيفعله و قد خالجه التردد
في النهاية وضع المصاصة في يد الشحاذ بإبتسامة واسعة ثم راح يقول بفرح
" أنها لك يا عم ، أنت تحتاجها أكثر مني "
و سرعان ما حثه والده على الذهاب ، فذهب الطفل و هو يلوح بيده إلى الشحاذ ، بينما الأخير إختفي وسط الضباب و الثلج المتهدج
إرتسمت إبتسامة صغيرة علي وجه الشحاذ
____________________