"سيُحكَم عليه بالسجن ثلاثون عاماً ، مع الأشغال الشاقة لمخالفته القوانين المشروعة، وتحديه للسلطات. رفعت الجلسة."
دوى صوت المطرقة بحسمٍ وإقرار، لينهي فصول هذه القضية التي أثارت الكثير من الجدل.
ونهض القاضي بعضمته من مقعده الباذخ المزين بالتفاصيل الدقيقة، تعلوه ملامح الجدية، بينما مساعدوه ذوي العباءات الطويلة وقفوا خلفه باحترام، مكونين هالة من الهيبة والسلطة. شق طريقه ببطء بين الحشود التي بدأت في التفرق، متسربلة بالصمت والترقب...
في هذه الأثناء، بدأت الجموع الحاضرة، من مشاهدين وشهود، في إخلاء القاعة الخشبية الضخمة. كانت الأرضية تصدر أزيزًا خفيفًا تحت وطأة الأقدام، بينما تدور الأحاديث بين الحاضرين حول ما جرى. معظمهم بدا راضيًا بالقرار العادل الذي أصدره القاضي المخضرم؛ شعور عام بالرضا عن النهاية التي رأوا أن المجرم إستحقها ..
وصاحب هذه التهمة، فقد جلس منكسرًا، يضع ثقل رأسه المثقل بين كفيه المرتعشتين اللتين باتتا مبللتين بالعرق. توتره كان واضحًا، والخوف الذي اجتاح قلبه لم يترك له فرصة لالتقاط أنفاسه. كان نحيبه الخافت يملأ أجواء القاعة، تلك التي باتت أكثر برودة ووحشة، وهو يسمع الحكم الذي سيسلبه أغلى ما يملكه: الحرية.
فمًا أَقبَح ،و كم هو مرير أن يُسلب الإنسان حريته، تلك النعمة التي تجعله قادرًا على الحياة بكرامة و تميزه كإنسان عن باقي سائر المخلوقات الآخرى . لكنه إستحقه .،الآن يدفع ثمن أفعاله، ليصبح درسًا لكل من يراه و عبرة لكل الناس من حوله .
فقد كان فعله حيواني ،جريمة لا تمت للإنسانية بصلة، وكأنها جاءت من أعماق وحشية لا تعرف الرحمة.
الندم كان يعتصر قلبه و ينهش بدنه ببطء، كما يلتهم اللهب الخشب. ضميره كان يجلده بلا رحمة، يزيد من ضيمه ، وهو يتمنى لو يعود به الزمن للوراء ،ليصحح ما ارتكبه من أخطاء فادحة. لكن كما يقول المثل، "ما فات مات و تمنيه من سابع مستحيلات"، فالأماني بالعودة إلى الماضي لا مكان لها في عالم الواقع.
و رجال الأمن، بأسلحتهم التي تلمع حول خصورهم، التفوا حوله بحيطة و حذر شديد. ليقتادوه إلى زنزانته المظلمة التي ستحتضن أيامه المقبلة، تلك الزنزانة التي ستقضي على ما تبقى من شعور بالحرية الذي كان يملكه، ليعيش في ظلام ما صنعته يداه. و يمنع من حريته التي حرمها بيديه بفساده.
هكذا تسير الحياة في أروقة القضاء؛ المجرم يُعاقب، والمظلوم يُنصف، و العدالة تسير وفق القانون ..،
أنت تقرأ
《Can You Be my lawyer 》
Mystery / Thrillerفي غياهب عالم مترف بالفساد والأسرار الدفينة، تتقاطع دروب محامية تسعى للعدالة مع رجل أرستقراطي غامض يخفي وراء قناعه الذهبي عالماً مظلماً،حالكاً ، قدر لهما الصراع في ميدان لا يرحم الضعفاء ، تتفجر الأسرار ويتحول الصراع إلى لعبة حياة أو موت. فهل سينتص...