"ضحكات النسيم"
نائمة بعمق وهناك غيمة وردية حولها وتحلم حلمًا سعيدًا ولكن قطع كل تلك التخيلات صوت الرنين المزعج لتعقد حاجبيها بإنزعاج لهذا الصوت والذي لم يكن سوى صوت رنين هاتفها لتجيب على المتصل ببحة أثر النوم ولم تكن سوى والدتها بالطبع فهي الوحيدة التي ستحادثها في السابعة صباحًا!
" أيوة يا ماما خيـ..." وقبل أن تكمل جملتها قاطعها صوت والدتها الصارخ" أنتِ لسه نائمة لحد دلوقتي"
أبعدت الهاتف لتتأكد من التوقيت ورمشت بعينيها مرات عديدة ومن ثم أرجعت الهاتف نحو أذنها لتقول بحنق وتعجب" يعني هصحى سبعة الصبح يوم الجمعة لي يعني"
" عشان أخوكي احتمال يجي انهاردا"
لتمسح سلمى وجهها وقد فاض بها :
" أيوة ما يجي أعمل ايه يعني"
"أنا قولت أقولك عشان آخر مرة افتكرتيه حرامي وضربتيه بالطاسة و جهزي البيت وروقيه "
لتبعد الهاتف قليلا وأصبحت تأخذ شهقيًا وزفيرًا وردت على والدتها:
" هو جاي يخطبني مش بيته بردو أنا مالي، وبعدين عملت كده عشان خضني".
" من الآخر تظبطي المكان وتشوفيه عاوز ايه لحد ما أرجع من السفر".
ومن ثُم لم تسمع الفتاة المسكينة سوى صوت الصافرة معلنة عن انتهاء المكالمة، بحق الله هي تريد النوم في هذا الدفء لما تستيقظ السابعة صباحًا في فصل الشتاء؟
لتبدء بإزاحة الغطاء بعصبية والركل بقدميها فالهواء هي تريد النوم "تبًا لأخي" هذا ما فكرت بهِ ولكنها استيقظت هي لا بأس معها بالإستيقاظ مبكرًا ولكن لا تُحب أن يُقظها أحدهم وخاصة يوم الجمعة.
أنهت جميع أعمالها وكل شيء قد انتهى وقررت الجلوس في الشرفة في وسط نسمات الهواء الباردة ومعها كوبها المفضل ومشروبها المفضل وأقلامها
وكان الهواء يداعبها وأغمضت عينيها وابتسمت فهي تشعر بأنه يخبرها أن كل شيء سيكون على ما يُرام، وها هي الآن تجلس وهي ترسم ومندمجة مع أوراقها وألوانها بالأصح عالمها الخاص.
وبعد مرور ساعتان كانت أنهت رسمتها ورفعتها أمام وجهها بسعادة وهي فخورة بما صنعت.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
" خلاص يا ماما أنا وصلت وتحت العمارة أهو " كانت تلك الكلمات تخرج من فم " ياسين" والذي وصل لتوه لمنزلهِ أغلق المكالمة وصعد نحو شقته وقبل أن يضع المفتاح في باب الشقة تذكر ما حدث له آخر مرة ولهذا فتح الباب بهدوء وهو ينظر في أركان المنزل خوفًا من أن يسقط شيئًا ما فوق رأسه ولكن المكان كان هادئًا جدًا ولهذا دخل بكل ثقة ونادى على أخته ولكن لا رد وذهب ليبحث عنها في الشرفة وكما توقع وجدها تحتضن ورقة ما اقترب منها ونظر لها بحنان فهو اشتاق لها اشتاق لها بشدة واشتاق لمشاجرتهم سويًا ولثرثرتها حتى أنهُ اشتاق لبكائها ضحك بخفة على تذكر منظرها وهي تبكي، اقترب منها ونادى عليها وهزها بخفة حتى استيقظت.
نظرت لهُ بإبتسامة وعيون نائمة فقد ظنته حُلمًا وأن أخيها أصبح هنا لتقول بصوت ناعس:
" وحشتني أوي يا ياسين وبابا وحشني هو مجاش معاك لي؟"
صمت وهو ينظر بحزن لأخته هي تعتقد أنه حلم وتسألهُ عن والدهم ألم تتخطى بعد ولكنه هزها عندما أدرك أنها ستغفو مرة أخرى قائلا :
" اصحي يا سلمى ده مش حلم أنا جيت أهو"
لتفتح الأخرى عينيها على وسعهما وتقفز من مكانها تقرصه لتتأكد من وجوده ولكنه ضرب يديها ونهرها ولكنها لم تفعل شيء سوى أنها ارتمت بأحضانه فهي اشتاقت اشتاقت وبشدة لأخيها وهو بدوره بادلها العناق وهو يبتسم بإطمئنان وشعور دفء يتمكن منهُ.
" جبت لي اي وأنت جاي ها ها" قالتها وهي تنظر نحوه بحماس
" مجبتلكيش حاجة"
" وده لي بقى؟" قالتها وهي تضع يديها على خصرها.
ليشير عليها قائلًا: "
وأنا أجيب لشحطة زيك لي؟
لوحت بيديها وقالت بنبرة هو لم يفهمها:
" مش لو بابا كان هنا كان زماني كل يوم معايا حاجة حلوة، المهم فكك هدخل أجبلك تاكل"
وتركته وذهبت وهو نظر لأثرها بحزن هو أحضر لها الكثير من الأشياء هو فقط يناكفها كما اعتادا جلس على الكرسي بتعب ليجد رسمة أخته ملقاة أرضًا بسبب نهوضها المفاجيء التقطها ونظر لها بإنبهار فهي جميلة وبشدة ولكنه لاحظ جملة صغيرة في أعلى الورقة دقق النظر حتى قرأها
" هل ستكون النهاية كتلك الزهرة"
فهم أن تلك الزهرة هي تلك الرسمة والتي كانت عبارة عن زهرة حمراء وبها العديد من التفاصيل وبها أوراق وكأنها فروع لكنه لم يفهم أخذ صورة سريعة ليبحث عنها
" بص عملتلك أكل بيني وبينك أحلى من بتاع أمـك يا واد.."
بترت كلماتها عندما وجدته يمسك بالرسمة لتضع الطعام سريعًا وسحبت الورقة من يديه ليتفاجيء من ردة فعلها تلك ولكنه قرر التغاضي عن الأمر، وجلسا يأكلان سويًا ويتمازحان وفي الأغلب كان يستمع لحكاوي شقيقته
" مش أنا ركبت الموصلات وقلت لعمو بصوت عالي على جنب يا اسطا"
كانت تقولها بحماس جعله يبتسم على سعادة شقيقته لأنها فقط نادت على السائق.
" يوه متضحكش "
قالتها بحنق على تصرفه الذي لم يرق لها فهي غلبت خوفها ونادت على السائق
حاول الهدوء والتوقف عن الضحك قائلا:
" خلاص يا ستي ده أنتِ شاطرة جدًا خدي بقى هديتك"
وفي نهاية جملته وضع هديتين مغلفتين أمامها نظرت إليه بعدم تصديق هو أحضر لها هدية بالفعل مد يديها لتفتح التغليف عندما شجعها بعينيه على أن تنظر إلا ما بداخلها وكانت عبارة عن Note book صغيرة عليها رسوم كرتونيه تفضلها وكتاب أوبال الذي كانت تريده فهي تود شراء السلسلة بأكملها أمسكتهم بين يديها وعيونها أصبحت محاطة بغشاء رقيق من الدموع
" شكرًا أوي يا ياسين أنت أحسن أخ فالدنيا"
" حبيبة عيوني ده أنا أجبلك القمر لو عوزتي يا سلمتي"
قالها بمزاح لتبتسم بسمة جعلت قلبهُ سعيدًا لفرحة أخته.
" أنت داخل تنام صح"
" أيوة، اشمعنا"
" طب سلام يا ياسو هنزل أغيظ تيتة سعاد جارتنا" قالتها وركضت تحت صراخه بأنه لا يحب هذا الإسم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
" مش قلنا ميت مرة يا سوسو ناخد العلاج عشان الضغط؟" خرجت تلك الكلمة من فَم شاب في منتصف العشرينيات ذو وجهٍ بشوش
لترد عليه العجوز " سعاد" بقليلٍ من الإعياء
" باخده والله يا ابني"
" يبقى ممكن المشكلة في الأكل فمحتاجين نظبطه"
وعقب كلماته تلك كانت صوت الجرس يرن وكأن أحدًا ما يحتفل
لتضحك" سعاد" وتقول بطلب
" معلش يا زين يا ابني افتح دي سلمى عادي"
كانت تدق الجرس وكأنها تقرع الطبول من شدة حماستها ولكن وجدت شابًا طويلًا يقف أمامها بدلًا من الجدة سعاد
" هي فين تيتا سعاد هي حصلها حاجة " قالتها بصوت مهزوز ونبرة تدل على قرب بكائها
" الحجة سعاد... لم يكمل جملته لأنها دفعته وهرعت نحو الداخل تبحث عن رفيقتها وجدتها تجلس على كرسي وواضح عليها القليل من الإعياء نادت عليها وهي تبكي ابتسمت " سعاد" لها ومدت يديها دعوة صريحة منها لتدخل سلمى لأحضانها
" ايه يا سلمى هو أنتِ ما بتصدقي تعيطي" قالتها وهي تضحك بخفة
ردت " سلمى" بصوتٍ متحشرج من البكاء وهي تمسح دموعها:
" متضحكيش عليا ما أنا اتخضيت الله"
ضحكت بخفة وقالت:
" حقك عليا"
ونظرت للواقف وأكملت
" معلش يا زين هي حدفتك من خوفها بس"
" علفكرا أنا زقيته براحة خالص "
ضحكت عليها سعاد وابتسم هو بخفة
نظرت له سلمى وقالت بصوتٍ لم يزل منه أثر البكاء " هي مالها وحضرتك مين"
" أنا زين شغال في الصيدلية اللي تحتكم وكنت طالع أطمن عليها"
" متأكد" ناظرته بشك وهي تضم حاجبيها بشكل جعله يود الضحك
ابتسم وأجابها:
" هي كويسة محتاجه بس تظبط الأكل هكدب لي "
هزت رأسها بهدوء وسأل هو الجدة عن الأشياء المعطلة التي تريد إصلاحها فهو يأتي لمساعدتها في بعض الأحيان أخبرته هي بما يجب إصلاحه وبدأ بالمصباح الذي يوجد في الغرفة وفي نفس الوقت قالت " سلمى" بحماس:
" بصي يا سعاد ياسين جابلي اي لما رجع النهاردة شكلهم حلو أوي صح"
" تُحفة يا قلب سعاد تتهني بيهم "
" المهم يا سعاد النوت بوك دي عاوزاها تبقى مميزة لأنها من أغلى حد على قلبي فأنا مش عارفه أعملها اسكتش رسم ولا أخليها مذكرات" قالتها بحيرة جلية
وبعد دقيقة صفقت بيديها وقالت :
" لقيتها يا سوسو أنا أدمج الإتنين سوا أرسم رسمة وأعمل جملة عليها أو العكس"
نظرت لها بسعادة لسعادتها تلك وأجابتها بحماس:
" فكرة حلوة أوي، يلا اخترعي أي حاجة ووريني شطارتك"
تحمست " سلمى" للفكرة وأخذت القلم من على المنضدة وبدأت في رسم العديد من الخطوط وبعد حوالي ربع ساعة كانت انتهت.
مدت الرسمة نحوها قائلة ببعض التوتر:
" ها يا سوسو بصي كده"
" دي تُحفة يا سلمى، هتكتبي اي عليها؟"
هبطت القلم برأسها دليلا على تفكيرها ولكنها توقفت قائلة بصوت عالي " لقيتها"
راقبتها " سعاد" وهي تكتب وقد تفاجئت من هذا التعبير فقد كانت الرسمة عبارة عن شخص يمسك شاكوشا يضرب به رأسه وعنقه عبارة عن ملف زنبركي ومكتوب من الجنب بخطٍ منمق
" الندم مؤلم يجعلك تود كسر رأسك لذهاب الفرصة التي لطالما حلمت بها".
لم ترد عليها " سعاد" لتقول " سلمى" بمرح مصحوب بخيبة أمل:
" عندك حق شكلها تقرف، مش حلوة فعلا"
" هي فعلا مش حلوة، دي تجنن"
لمعت عينيها وقالت:
" بجد ولا بطبلي؟"
" محصلش، طب استني ...زين زين تعالى"
لم تفهم لما تناديه ولكنهُ أتى لتسحب منها "سعاد" النوت بوك بخفة قائلة:
" قول رأيك يا زين"
نظرت لها بعينين مفتوحتين أثر ما فعلت وقالت بلهفة:
" لا لا متبصش"
ولكن فات الآوان فهو نظر الرسمة وبعد صمتٍ قال بهدوء:
" دي روعة دي فمنتهى الجمال برافو عليكي ".
أخفضت رأسها بخجل من إجابته وقالت بصوتٍ خجل وهاديء:
"شكرا".
ابتسم لها ووجه كلامه لِـ" سعاد" : محتاجه مني حاجة تاني يا سعاد
" آه يا حبيبي معلش آخر حاجة ممكن تغير اللمبة اللي فآخر الصالة واللمبة الجديدة جمب التلفزيون اهي"
حرك رأسه بهدوء وقال:
" من عيوني يا مسكرة"
" ها بقى مش هتقوليلي ليه الرسمة دي"
نظرت لها "سلمى" بعدم فهم لتضيف " سعاد" :
" أنتِ مش بتعملي حاجة إلا وليها معنى يلا قوليلي"
" بصراحه يعني في معرض نفسي أشارك فيه خوفي منعني أعمل كده السنة اللي فاتت وحاليا هيتعمل تاني بس أنا خايفة"
ردت عليها بهدوء وهي تربت على يديها:
" من ايه يا قلبي؟"
" من الفشل ووجع الفشل الموضوع مُرهق أوي وأنا تعبت"
وقبل أن تكمل " سعاد" حديثها صدح صوت رنين هاتف "سلمى" برقم أخيها أجابت عليه وقد كان يريدها أن تصعد له ليجلسا سويًا استأذنت من
" سعاد" والتي اتفقت معها أن تحكي لها كل شيء.
وبعد رحيلها استأذن "زين" ليذهب لمنزله ولكن
" سعاد" أوقفته بكلمتها :
" بتـحبهـا؟"
نظر لها بتفاجؤ فكيف علمت بمكنون قلبه، ضحكت هي على رد فعله لتضع يدها أسفل ذقنها قائلة:
"يلا احكيلي حبتها امتى؟"
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صعدت لشقتها ونادىٰ عليها أخيها من الشرفة لتأتي إليه وهي لا تفهم ما يريد فهو هاتفها وأخبرها أنهُ يحتاج إليها في شيء مهم دلفت إلى الشرفة ليقول لها بإبتسامة" تعالي يا سلمتي عاوزك"
جلست بجانبهِ وأمامهم الطاولة عليها قهوته ومشروبها المفضل في الشتاء لبن بالمكسرات "سحلب"
" عملتلك سحلب أهو احكي يلا "
نظرت له بعدم فهم ليضيف هو قائلًا:
" أولًا عاوزة أعرف الرسمة بتاعة الوردة دي ليه وثانيًا ايه ده"
وبعد جملته رفع أمامها ورقة شبيهة لتقويم الأيام وهناك علامات اكس على كل يوم وهناك خانة فارغة مكتوبٌ بها " الآن انتهيت"
نظرت بأعين زائغة وقالت لهُ:
" جبتها منين دي؟"
" مش مهم جبتها منين الأهم ليه؟"
بدأت الدموع تهبط من عينيها ليمسك يديها ويقول
" مش هقولك متعيطيش بس احكي عشان حِملك يخف هتستريحي"
هي حقًا تريد التحدث تريد أن تخرج كل ما يؤلم قلبها أخذت نفسًا عميقًا وقالت:
" الموضوع بدأ من ساعة ثانوية عامة أنا كنت دائمًا بحس بالفشل ومن قبل ثانوية عامة بس الموضوع زاد أوي عن حده كنت دائمًا بفكر أنا فيا اي غلط وليه الخوف ده كله عرفت وقتها أنا خايفة من ايه وكان من الفشل وإني مدخلش الكلية اللي كان نفسي فيها ضغطت على نفسي ومقولتش لحد أنا عاوزة أدخل ايه حتى أنت وماما وقولت هزق نفسي بنفسي بس أنا كنت أضعف من كده وأنا بعيط كل يوم خايفة إني موصلش لأمنيتي وعشان كده حطيت أهداف تانية وفي وسط كل ده كنت عاوزة بابا يضمني ويبقى معايا عشان هو صاحبي أنت وماما كنتم مشغولين دائمًا وأنا مش بعرف أحكي وخلاص النتيجة طلعت ..
شهقت بقوة وهي تبكي ليحتضنها وهناك غلاف رقيق من الدموع يحيط عينيهِ فأكملت هي لعلها تهدأ:
" لما النتيجة طلعت حسيت إن الدنيا اسودت وإن المرة الوحيدة اللي وثقت فيها بنفسي فشلت ومش اي فشل ده فشل خلاني لحد دلوقتي حاسة بالنقص مش قادرة أخرج عشان محدش يشوفني تعبت من كتر الصراعات دي ولما جتلي الكلية اللي خلاص المفروض أدخلها مدخلتش القسم اللي عجبني حاولت أمشي الأيام بس كانت تقيلة وفكرت إني أنهي حياتي يمكن أروح لبابا بس تيتة "سعاد" عرفت بالصدفة وهديتني وخلتني أرجع للرسم تاني أما بالنسبة للوردة اسمها"زنابق العنكبوت الحمراء" وبترمز الوداع النهائي أو الفراق فرسمتها عشان كنت مضايقة شوية بس".
انتهت كل هذا دفعةً واحدة وأخيها يحتضنها وهي فقط تصرخ متألمة لتضيف:
" أنا مش ناقمة أنا بس حزينة حاسة إن قلبي متفتفت"
أخرجها من أحضانه ونظر لها وهو يقول بصوت متأثر:
" حقك على قلبي متزعليش صدقيني متعرفيش الخير فين والله ربنا يعوضك بس متفضليش مركزة وسايبة نفسك في نفس المكان وأنا فخور بيكي وكمان إنك أختي مش كلية اللي هتحدد قيمتك قيمتك أنت اللي هتحدديها بنفسك ومتشوفيش نفسك قليلة عشان أنتِ تستاهلي كل الحب ومن ناحية الشغل هحاول أنقل هنا لأجل عيونك".
مسحت دموعها بأناملها وهي تشهق بخفة أثر بكائها قائلة
" شكرًا ليك"
" أنتِ بنتي وحبيبتي وعمري ما هستنى منك شكر، وياريت يعني تيجي وتحكيلي دايمًا عشان نشيل الحمل سوا لحد ما قرة عينك ياخدك" أنهى كلماته بمزاح لتبتسم هي بسمة اطمئنان وامتنان لهذا الأخ الحنون.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مرت الأيام بسلاسة فقد بدأت " سلمى " في أن تُزهر مجددًا وكانت تعمل على لوحتها التي ستشارك بِها في المعرض لم تُخبر أخيها بشيء هي أرادت أن تريه عمليًا أنها تحاول لم يكن يعلم سوى سعاد التي شاركتها الحماس
وفي أحد المرات التي نزلت بها " سلمى" لِـسعاد كان " زين " بالأسفل أيضًا وفاجئها بقوله
" ممكن كلمتين يا آنسة سلمى"
نظرت لهُ بعدم فهم ليضيف:
" متخفيش أنا استأذنت من أستاذ ياسين أني أكلمك وكمان تيتة سعاد هتبقى معانا"
تحرك بؤبؤ عينيها هربًا من هذا ولكن نظرات " سعاد" شجعتها
ليبدأ في التحدث قائلًا
" أنا زين عندي ٣٠ سنة ومتخرج من صيدلة اسمحيلي أقولك إني أُعجبت بيكي من أول مرة شفتك فيها لما كان في أب بيصور بنته الصغيرة وأنتِ فضلتي واقفة لحد ما خلص ولاعبتي البنوتة الصغيرة حسيت وقتها بشيء غريب وبعدها كنت كل ما أشوفك أحس بإطمئنان وراحة بس استنيت لأني كنت لسه متخرجتش ومكونتش نفسي وأكيد مش هبهدلك وابتسم بخفة وهو يكمل وفرحتك لما تلاقي حاجة بدوري عليها أو لما تجيبي حاجة بتتعلق بالكرتون وتفضلي تصوريها وتعملي شير ليها أصلي كنت بايت عندك فالصفحة ها بقى رأيك اي، أنا بس سألتك قبل ما أتقدم رسمي عشان أخد الموافقة المبدئية منك"
أنهى كلماته وهي فركت يديها بتوتر قائلة:
" طب لو موافقتش"
" يبقى يؤسفني أقولك إنك كسبتي معجب هيطاردك فكل حتة"
أنهى جملته الأخيرة بجدية مضحكة لترتسم ابتسامة بسيطة على شفتيها فهي لا تنكر أنها أُعجبت بهِ فسألته بتوجس:
" طب وأحلامي هتساعدني أحققها"
" هنحققها سوا"
نطقها بنبرة جعلتها تشعر بالإطمئنان نحوه
" طيب بس لو هتيجي استنى لما ماما تيجي من السفر"
أضاف بنبرة مستنكرة جعلتها تضحك
" لو هاجي اي ده أنا خلاص لزقت"
انتهى اليوم بسعادة غامرة على قلبها فيبدو أنها ستزهر حقًاـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أتى يوم المعرض وكانت متوترة وبشدة ودقات قلبها عالية أتى أخيها وسعاد معها ليطمأنوها
" ها سلمتي جاهزة" قالها ببعض المرح يشوبه الحنان
" خايفة" قالتها بخوف وتوتر
ليمسك يديها " اهدي أنتِ عملتي اللي عليكي وبعدين بنتي أحلى واشطر واحدة فالدنيا"
أتت لها سعاد واحتضنتها قائلة:
" متقلقيش يا قلبي وحتى لو مكسبتيش بس كسبتي تجربة جديدة وبعدين حابة أشكرك على كل حاجه فالوقت اللي كانت فيه بدون أولاد وزوج كنتِ حياة"
كلماتهم هدأتها وأحست أنها أخذت جرعة من الشجاعة والطاقة
وقفت مكانها وبدأ الحكام يرون اللوحات حتى انتهوا وحان وقت إعلان النتيجة أغمضت عينيها وتنفست ببطء وفي لحظة فتح عينيها كان يقف أمامها مبتسمًا مشجعًا لها وكان عيونهُ تنطق بالفخر ثانية وثانيتين وثلاثة وأُعلن عن الفائز بصوت المعلق قائلًا" أولًا نحب نشكر كل المشاركين وكلكم رسماتكم كانت جميلة وبشدة ولكن يجب اختيار أحد المتسابقين ونأمل منكم المشاركة مرةً أخرى والآن نعلن عن الفائز بالمركز الأول
"سـلمـى ماجـد المُحمدي"
صاح أخيها بفرحة واحتضنها لتبدأ هي فالبكاء فَرحة فهي لم تتخيل هذا أن تفوز وبالمركز الأول أيضًا ناداها المعلق لتلقي كلمة أمسكت الميكروفون وبدأت فالتحدث" السلام عليكم أنا سلمى ماجد بنت جبانة وخايفة بتخاف من كل شيء حرفيًا واللي كانت مترددة تاخد خطوة زي دي من الخوف بس الخوف مش هيعمل حاجة غير إن هو يخليني أندم وعشان كده حبيت لوحتي تعبر عن الخوف والندم عشان تكون مُساعدة لأي حد "
صفق لها الجميع فقد كانت رسمتها عبارة عن شخص جالس يضم ركبتيه ويحاوطها بيديه وحوله هالة باللون الأسود ومن فوق الهالة الكثير من الورود والأوراق المتطايرة وهناك فتحة صغيرة من هذه الهالة يدخل منها هذه الأزهار والأوراق
سألها أحد الحكام عن سبب اختيارها للزهور خاصة
" عشان نُزهِر من جديد"
" وأنا عايز أبقى معاكي من أول خطوة تقبلي تتجوزيني يا زهرتي؟"
صُدمت هي فقط صُـدمت لم تتوقع أبدًا أن يتقدم لها هكذا أبدًا ومعه هذه الأزهار الرائعة نظرت نحو أخيها لتتفاجيء بوالدتها بجانب أخيها تبتسم لها وهي تشجعها وكذلك أخيها
ليقترب منها " زين "حتى أصبح أمامها وقال" أتقبلين يا زهرة العمر أن نستأنس ببعضنا وأن نصبح سويًا إلا مالا نهاية"
هزت رأسها بقوة وبعدين مترقرتين ليصيح هو عاليًا " وافقت خلاص وافقت يا ياسين وافقت يا حج"
ضحك والده على هذا المعتوه وتأكد " ياسين "من حبه فهو من اتفق معهُ على هذا ليسعد شقيقته ويكون سببًا في وجودها مع من أحبت ومن أحبها
وقف هناك بجانبها وهو يبتسم بملأ شدقتيه وقال بصوتٍ
خفيض:-
" ايكــادولـي يا زهـرة العُمر"#لِسلمى هاني
#يُتبع
أنت تقرأ
حكاوي الأيـام
Fiction généraleهي قصص رُبما تكون واقعية، أو واقعية ممزوجة ببعض الخيال ولكن الأهم المحاولة...المحاولة في فَهم نفسك والمحاولة في الهدوء وحل المعضلات هُنا قد تجد جزءًا منك!