أرض الشباب الدائم

18 2 0
                                    


في يوم من الأيام في سنه من السنين كان في بلد مش مهم إسمها تقع في قارة أفريقيا ، كان جميع سكانها يظلون شباباً مهما مرت بيهم السنين وكبروا! هتلاقي الأب ذو الخمسين عاماً في نفس شباب وحيوية إبنه الشاب الي عمره عشرين عاماً شكلا وعافية ! ، نفس نضارة وصحة الوجه ، اشتهرت هذه البلده بين جيرانها من البلاد بأسم " أرض الشباب الدائم" .
كان يجئ إليها الجميع من كل أنحاء العالم ليشاهدوا أهلها وكل ما يعيش فيها، فحتى الحيوانات والطيور تتمتع بالشباب الدائم، ولأن لها طبيعه ساحره ومناظر خلابه جعلتها مقصد لكل الزائرين المهتمين بالجمال.
كل يوم كانت تستقبل البلد العديد من الباحثين والسائحين المهتمين بمعرفة سر هذه البلده العجيب! فعلى مر أكثر من مائة عام جميع أجيالها فضلوا شباب وصحتهم جيده لحد ما ماتوا ، ده غير كمان أنهم كانوا بيعيشوا لاعمار كبيره .
عجائب البلده دي منتهتش لحد كده ، لأ كمان اكتشف سكانها أنهم عند سفرهم من بلدهم لاي مكان تاني بيتحولوا فجأة لسنهم الحقيقي وتبان عليهم تجاعيد وعلامات الزمن!! الأمر زاد من شهرتهم اكتر بين البلدان المجاوره ولبلاد كتير بعيده كمان.
وصل صيت وشهرة هذه البلد إلى باحث مشهور في علم البشريات مشهور فى بلد كبيرة في قارة آسيا ، إسمه البروفيسور "سامي" ، و ازداد فضوله لما سمع عن البلد دي وعن شعبها ونظراً لتفوقه في علم البشريات قرر أنه يسافر للبلد دي ويبحث عن سر شباب أهلها الدائم.
وصل البروفيسور سامي الي البلد المحظوظه واستأجر منزل كبير في وسط البلده عشان يجري تجاربه وأبحاثه لحد ما يوصل لسر أهل البلد دي.
كان البروفيسور كل يوم يتجول في البلد منذ الصباح وحتى المساء ، يذهب هنا وهناك يسمع من جميع السكان حكايات وروايات عن سر شبابهم ، ولكل واحد منهم حكايه مختلفه ، مفيش اتنين أجمعوا علي حكايه واحده.
وفي صباح يوم ما ذاع البروفيسور في البلد أنه رصد مكافأة كبيره لأي شخص سوف يرشده لمنزل أقدم سكان هذه البلده وأكبرهم عمرا، وبعد يومين جاء شخص من سكان البلده ليخبر بروفيسور سامي عن منزل العم "عواد" أكبر سكان البلده واقدمهم حيث تخطي عمره المائة عام.
وفي صباح يوم ما خرج سامي قاصد منزل العم "عواد" ليطرح عليه أسئلة كتير هتفيده في أبحاثه عن البلده .
طرق سامي منزل العم عواد ، العم عواد: من بالباب ؟ البروفيسور: أنا غريب أريد التحدث معك، فتح العم عواد الباب وقال: مرحبا بك تفضل.
دخل سامي الي منزل العم عواد وجلس وظل ينظر إليه باستغراب وقال: عجيب؟ رد العم عواد : ايه هو العجيب ؟! سامي: لقد عرفت ان عمرك تخطي المائة عام لكن ما اراه امامي شاب في الثلاثين من عمره؟!!!، رد العم عواد: لقد قولت أنك غريب ، لذلك انت لا تعرف طبيعية سكان هذه البلده الكل هنا شباب ! الجميع لا يكبر! رد سامي: لقد سمعت بذلك وهذا ما جاء بي لبلدكم ، انا باحث في علم البشريات واريد ان اعرف سر بلدتكم العجيب؟! رد العم عواد: وماذا تريد مني؟ سامي : اريدك ان تساعدني، انا اعلم انك اقدم سكان البلده واكيد لديك الكثير من المعلومات التي ستساعدني؟ ما رأيك سأعرض عليك صفقه ، انت تحكي لي وأنا اعطيك ما تريد من الاموال؟( العم عواد كان معروف عنه انه بيحب المال جدا اكتر من اي شئ في الدنيا) ، العم عواد : كم ستعطيني؟ سامي: اعطيك الي تطلبه، العم عواد : حسنا اتفقنا.
بدأ العم عواد يحكي لسامي : كنت صغير في سن الخمس سنوات لكن فاكر كل الحكايات الي كنت بسمعها عن البلده، القصه الحقيقيه ترجع لقبل ما اولد بسنوات كثيره ، القصه كانت بتقول : ان كان في بنت جميله جداً غايه في الحسن ، إبنة أكبر تجار البلده ، اسمها "دنيا" فتاه عشرينيه ، كانت كل يوم تستيقظ مبكرا وتذهب إلي ضفة النهر وتجلس لساعات تصطاد من النهر ، كان كل سكان البلده مفتونين بجمالها ويفضلوا يراقبوها وهي بتصطاد ليتأملوا جمالها الرائع.
كان كل يوم والدها يرفض العرسان المتقدمين للزواج منها ، لأنه كان عايز يجوزها أغنى رجل في العالم .
وفي يوم من الأيام وأثناء جلوسها علي ضفة النهر تصطاد مر أمامها رجل كبير في السن تجاوز التسعين من عمره، اعجب بها وفتن بجمالها ، حاول التقرب منها والكلام معها لكنها صدته ورفضت الكلام معه، لكن من كتر جمالها قرر انه لازم يعرف هي مين ويتزوجها، هذا الرجل كان من أغني الرجال في بلده التي تبعد عن بلدتنا بكثير جدا وجاء الي بلدتنا للتنزه والتمتع بمناظر البلد الخلابه والمشهورة بها.
وصل الرجل الي والد دنيا وطلب منه أن يتزوجها ولأنه عرف أنه من أغني الرجال وافق علي زواجه من بنته متجاهلا سنه الكبير واتفقا ان الزواج يكون بنهايه الاسبوع في حفل كبير يحضره جميع أغنياء العالم ، وبالفعل تم الزواج رغم عن رفض دنيا لهذه الزيجه.
ظلت دنيا تعيش مع ذلك الرجل العجوز رغم عنها طوال عشرين عاماً فقد اشتري لها قصرا كبيراً في بلدتها وعاشا فيه لكنها كانت تكرهه كثيرا واستمر كرهها له بل وازداد بمرور الأعوام.
في يوم من الأيام استيقظت دنيا "وكانت قد بلغت الاربعين من عمرها" وجدت بجوارها ورقه وحقنه فارغه مسكت الورقه لتقرأ ما فيها : عزيزتي دنيا أعرف أنك تكرهيني وعيشتي معي طوال العشرين عاما الماضيين رغما عنك ، كنت اتمني ان تحبيني في يوم من الأيام لكني ادركت مؤخرا أن الربيع والخريف لا يمكن ان يلتقيان ابدأ ، لذلك اردت ان اكفر عن ذنبي معك واعوضك ما فاتك من حياة الشباب ، لقد منحتك الشباب الدائم ، ففي هذه الحقنه خلاصه ثمانون عاما من البحث والدراسه ومعجزات اكتشفتها لا يعرفها أحد أعطيتها لك وهي اغلي ما املك كنت سأبيعها بمبلغ مالي لايمكنك عده ،أرجوكي سامحيني وادعي لي، انت الآن حره تزوجي بمن تريدين وتحبي وعيشي ما فاتك .
نهضت دنيا مسرعه تنظر الي المرآة لتجد نفسها قد رجعت بالعمر الي سن العشرين ، جريت تبحث عن زوجها لكنها لم تجده في القصر ، سالت الجميع عنه لكن لا يعرف احد اين ذهب.
مرت شهور وتزوجت دنيا بشاب جميل أحبته واحبها كثيراً ، وانجبا الكثير من الأبناء ، لكن الغريب في الأمر أن دنيا لم تكبر بالفعل ظلت شباباً هي وكل ذريتها ، إلي ان ماتت ، وكانت قد اوصت قبل موتها ان تدفن في النهر الذي طالما جلست علي ضفته تصطاد ، بالفعل دفنت فيه ، ومن يومها كل أجيال البلده أصبحوا شباباً إلي ان يأتي وقت موتهم.
سامي حسنا اشكرك تفضل هذا هو المال الذي وعدتك به.
خرج بروفيسور سامي من منزل العم عواد متجه لبيته ليبدأ في دراسة الوضع ودراسه ما سمعه من العم عواد.
فكر سامي فأخذ عينه دم من بعض سكان البلده لدراستها، تقدم الكثير من سكان البلده لتبرع بالدم للبروفيسور مقابل مبلغ من المال.
ظل سامي يبحث ويدرس ويربط الأحداث والأفكار ببعضها لعله يصل للسبب، ويسأل نفسه : اذا كان الرجل العجوز أعطي الحقنه لدنيا فقط فلماذا كل سكان البلده يتمتعون بنفس الميزه؟!!! أخذ يفكر ويفكر إلي ان تذكر قول العم عواد بأن دنيا أوصت ان "تدفن في النهر"!!!! وجدتها!!!
خرج البروفيسور سامي مسرعاً متجها نحو النهر واخذ عينه من ماء النهر وعاد لمنزله ليختبرها.
بعد أيام من البحث والدراسه توصل البروفيسور سامي إلي وجود تركيبه معينه في مياه النهر موجوده أيضا في عينات الدماء التي جمعها من بعض السكان!!!
سامي : وجدتها!!! لقد تحللت جزيئات جسد دنيا واتحدت مع مياه النهر فكل من يشرب من هذا النهر سوف يظل شباب دائما ، ولذلك من يغادر البلده يعود إلى سنه الحقيقي لأنه لا يشرب من نفس الماء، فاستمرار الشرب منها هو ما يحافظ علي الشباب.
أنتهي بروفيسور سامي من بحثه وعرف سر البلده وأعلن للعالم كله والمهتمين بأمر هذه البلده اكتشافه، ازداد عدد الزوار للبلده، الجميع قادم ليشرب من ماء ذلك النهر ليحظي بالشباب الدائم ، ازدحمت البلده وازداد الإقبال علي زيارة النهر والشرب منه.
في يوما ما إجتمع البروفيسور سامي بعدد من مسؤولين البلده يقترح عليهم مشروعاً مربحا سيجني لهم المزيد من الاموال، وهو أن يقوموا بتعبئة مياه النهر وبيعها لجميع انحاء العالم لكل محبي الجمال والشباب ، وافق الجميع واقترحوا تعيين مسؤل عن جمع الأموال مقابل بيع المياه وأن يتم تقسيم هذا المال علي سكان البلده بالتساوي.
مرت شهور وشهور وجني اهل البلده أموال طائلة من بيع مياه النهر ، فالجميع يريد ان يظل شباب ، لقد تخلت جميع النساء بالعالم عن مساحيق التجميل و صبغات الشعر فلم يعد حاجه اليها بعد الآن ، وسكان البلده اصبحوا جميعاً أغنياء الكل اصبح يملك الشباب والجمال والمال ما الطف من ذلك قد فازوا بنعيم الدنيا كله.
أستمر اهل البلده في بيع مياه النهر أعوام وأعوام ، وربحوا الكثير من الأموال إلي ان استيقظوا يوماً علي كارثه!!!!!!! لقد جفت مياه النهر!!!! الجميع عاد الي سنه الحقيقي !!!ماذا حدث ؟! صحيح كما قالو قديما "خذ من التل يختل" لقد نسي اهل البلده حاجتهم للمياه وتذكروا حاجتهم للمال فقط.!!!
اجتمع بعض اهل البلده مع البروفيسور سامي الذي ظل مقيم بالبلده بعد اكتشافه المذهل، ليناقشوا معه الوضع الحالي وما يمكن فعله ، فالأمر لم يعد بحثهم عن الشباب فقط لكن عن الحياة نفسها فبدون الماء سيهلك الجميع بشر وزرع وحيوانات.
تتطوع البروفيسور سامي لمساعدتهم وأخبرهم أنه يعرف بلده مجاورة لهم بها انهار عديده ، سيقوم بشراء المياه اللازمه منها ولكن عليهم جمع الأموال لدفع ثمنها.
بالفعل قام الجميع بالتبرع بأمواله لشراء الماء اللازم للحياه.
جمع البروفيسور الاموال من اهل البلده ،اموال طائله لا حصر لها وغادر البلده قاصداً شراء الماء اللازم.
مر اسبوع، اثنان ،ثلاثه ،شهر ولم يعد بروفيسور سامي بحث اهل البلده عنه لم يجدوا له أثر في اي بلد مجاوره ولا بعيده لقد اختفي الي الأبد. لقد خسر اهل البلده كل شئ المال والشباب بل والحياه أيضا.
هلك من في البلد جميعا البشر والشجر والطيور والحيوانات الجميع هلك وبعد أن كانت البلده مزارا سياحياً يشتهر بالمناظر الخلابة والجمال والشباب أصبح صحراء جرداء لا زرع فيها ولا ماء ولا بشر ، وبعد ان كان يطلق عليها "أرض الشباب الدائم " أصبح أسمها " ارض الطمع الذي قل ما جمع" .

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Nov 30, 2023 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

أرض الشباب الدائم حيث تعيش القصص. اكتشف الآن