Part: 2

19 5 1
                                    

بيرلينا:

هرولت أمي الى المطبخ بعدما سمعت صوت تكسّر الزجاج،ولكنني بقيتُ جالسة مكاني ألتهم فطائري بنهم وأرتشف كل حين من كوب الحليب.

لم أقلق لانني اعلم أن ذلك الغيور فعل هذا عمداً لكي تجري أمي له بقلق وتتوقف عن اهتمامها بي بشكل مبالغ، حتى انا احيانا أتفاجئ من كمية الاهتمام والحب الذي تغدقني أمي به.

انا أحب كيف تعاملني وكأنني جوهرة نادرة أو زجاجة هشة قابلة للكسر فتهتم بي بشكل مفرط يجعلني أثق بنفسي، لكنني اشعر احيانا أن هذا كلّه مزيف، حياتي، عائلتي، آيزاك، ضحكي الهستيري معه، أشعر وكأنني داخل مسرحية وانا أحد شخصياتها أسير وفق نص كُتِبَ لي فيه جميع خطواتي، أنفاسي ورمشاتي، ولكن أيادي عائلتي الحنونة تنتشلني من أعماق هذا الهاجس المخيف.

استقمتُ أحمل بيداي الطبق والكأس الفارغان متجهةً نحو المطبخ وانا ادندن بلحن اغنية لم احفظ كلماتها، ولكن خطواتي توقفت للهمسات التي تدور بين أمي وآيزاك ولم تفتني نظرات آيزاك المرتجفة والقلقة تجاه أمي وتمتمته بكلمات لها جعلت جسدها ينقبض، وحينها أردفت أمي كلاماً بصوت خافت وأجارت وجهها نحوي وقد سقطت عيناها علي وأقلقتني تلك العبرات المتجمعة في مقلتيها الواسعتين وانقبض قلبي لمجرد فكرة أنها تبكي.

فتفوهتُ "ما الذي يحدثُ هنا؟"

كانت خصلات شعري الفوضوية تحجب عينايعنهما، فلم يستطيعا تحليل موقفي ولكن آيزاك انتفض واقفا واتجه نحي بخطات واسعة ويديه قد تسللت لتمسك بوجنتاي

"بيرلينا"
ألقى باسمي على مسمعي وهو ينظر الى منتصف عيناي بعيناه الخائرة
"ما الذي كنتما تتحدثان عنه ولا تريدانني معرفته.... أهو بشأن دراستي؟"
تسائلتُ وانا أوجه حدقتاي العشبيتان صوب والدتي التي ماتزال جاثية على الارض ترسل لي نظرات قلقة ولكن يدا آيزاك اللتان تحركتا تزيحان خصلات شعري عن عيوني جعلت من أنظاري تعود ناحيته بصمت.

"نعم، كنت أقنع أمي بشأن دراستك ولكن... كما تعرفين رأي والدتنا لا يتغير ولو بعد ألف سنة" قال بمزاح يشوبه بعض القلق وأضاف
"انسي الأمر ولا تعكري مزاجكِ... هل نصنع لكِ المزيد من الفطائر؟... اخبريني"
حركتُ رأسي نافيةً وانا أتجه صوب طاولة المطبخ أضع الطبق والكأس عليها وأجثو بجانب والدتي على الارض
" أمي... لا تقلقي... لقد أزلت الفكرة من رأسي... انا لا أريد عصيانك بأي شكل من الأشكال... لقد وعدتك أن اكون ابنة بارّة وهذا ماسيحصل... يمكنني التعلم بالمنزل"

انهيت كلامي وانا أمدُّ يداي لكي التقط قطع الزجاج جميعها قبل ان اضعها في سلة المهملات، وعندما التففت شعرت بيدي امي تطوقني بقوة ولم ابخل عليها ومددت يداي مطوقة اياها وانا ارخي راسي على كتفها الذي لم ينحني يوما، ورأيت نظرات آيزاك نحونا.

Between the mazes of love حيث تعيش القصص. اكتشف الآن