..النهاية..

47 17 15
                                    

بعد دقائق.. أتت ابنتي وابني.. أعدوا لي الفطور وجلسوا معي..انا سعيد بأني أملك كنز مثل أولادي..ومن ثمّ ذهبوا إلى أعمالهم بعد سؤالهم لي:ماذا احتاج؟..
(عدت للماضي..قبل حوالي العشرين سنة..استيقظ باكرا أجد زوجتي مستيقظة تعد الفطور..فألقي الصباح عليها..وأذهب لأوقظ أولادي..فأبدأ باللعب معهم واحملهم على ظهري..وبعدها نذهب لعند زوجتي التي تستقبلنا بابتسامتها المعتادة.. وعندما يحين وقت الذهاب لعملي..يركضون أولادي نحوي ويبدأون بالطلبات..ابي نحتاج اقلام..ابي نحتاج ملابس..ابي لا تنسى الحلوى..)
كيف هو حال الحياة متقلّب بين العام والآخر..
الآن أتجه نحو المقهى حيث كنا نجتمع انا واصدقائي..دخلتُ وجلستُ على الطاولة المقابلة للنافذة..اذكر اننا كنا دائما نجلس على الطاولة المقابلة للنافذة..وبينما انظر الى الفتيان والفتيات كيف يناظرون هواتفهم..ورائحة التبغ تفوح في الارجاء..تذكرت كيف كنا نلعب انا واصدقائي بأوراق اللعب ونتشاجر حول من فاز ومن خسر..اذكر وكأنه امبارحة
كانت ايام جميلة بالفعل..مليئة بالحياة..
وبعد أن شربت قهوتي..خرجت ومشيت..انظر الى الشوارع والأبنية لقد تغيّرت كثيراً..
بينما امشي وصلتُ إلى الكراج القديم.. إنه مهدّم..تذكرت عندما كانت عائلتي تودعني عندما كنت قد استُدعيت لخدمة العلم..
(كانت أمي تبكي بشدة خوفاً عليّ من ألا أعود مثل أخي..ومن ثمّ نظرتُ إلى أبي الذي كان على وشك البكاء.. فقال لي:انتبه على نفسك ولا تبخل بالدفاع عن وطنك..كن شجاع
لقد قال تلك الكلمات بصوت مبحوح..وبعدها أزلتُ نظري عنه..ولم أشعر بشيء سوى بأختي وهي تعانقني أحسست بدموعها الحارة..قالت لي بغصة:لا تنسانا ..عدْ..لا تفعل مثل أخوك..)
_اختي.. امي.. أبي..أخي العزيز.._
اشتقت لكم..ياليتني رحلت ولم ترحلوا انتم..
..
وبعد أن مشيتُ قليلاً جلستُ على مقعد موجود في الشارع..ضحكت عندما نظرت الى المدرسة وتذكرت كيف كنا نلعب بالكرة وكم وقعنا واصبنا بجروحٍ ..وفي بعض الأحيان كانت تذهب الكرة إلى منزل العجوز بجوار المدرسة ..ومن ثم يخرّبها ويحرقها..كانت لحظات سيئة..
وكنت أعمل بعد المدرسة مع أبي_كان يمنعني من العمل كثيرا_لكن كنت دائما أحب أن اساعد ابي في مصروف البيت...فنحن كنا فقراء..
..
استقمتُ لأكمل المشي..وبينما كنت أمشي إلى الطرف الآخر من الطريق..رأيت سيارة متجهة نحوي بسرعة...
..
فتحت عيناي وقد وجدت نفسي في غرفة بيضاء..نظرت حولي فوجدت اولادي.. يركضون نحوي بقلق ويسألوني إن كنت بخير..ويحمدون الله على سلامتي..ابتسمت بينما الفرحة تغمر قلبي.. دائما ما اجدهم إلى جانبي.. في كل وقت..في الفرح،الحزن،الفشل.. دائما بجانبي يحاولون فعل أي شيء أحبه.. يتحملون أي شيء يبدر مني.. عندما أكون حزين يأتي ابني ويكلمني كلام جميل ويفائلني.. عندما أكون مريض تأتي ابنتي وتعتني بي وترفع من معنوياتي..
"هذه هي الحياة مليئة بالتفاصيل..منها التفاصيل الكبيرة..تشغل تفكير معظم الناس.. إنها تفاصيل مادية..من حال وجاه وقوة..لكنها ثقيلة ستتعب منها في النهاية..
وتفاصيل صغيرة وخفيفة..ربما ابتسامه..ربما نظرة..الحياة هي ببساطة هذه التفاصيل..تفاهم الزوجين ووقوفها بجانب بعضهما..فهذا هو عمود الأسرة..الحياة هي بهذه التفاصيل الصغيرة..عندما ترى أولادك يكبرون ويكبر معهم حبك وحبهم لك ..وان تبني عائلتك بالحب..بالابتسامة..بالثقة..هو فخر بك..انت تكبر بهذه التفاصيل الصغيرة..بفخر الناس بك.. حقاً لا يهم الذهاب الى المطاعم وشراء الاشياء الفاخرة .. إنها اشياء ثقيلة لا معنى لها..لكن عندما تكون غاضب وبائس وهناك من احتواك طيلة هذه الفترة السيئة..هذا من يستحق أن تقدم له حياتك..
التفاصيل الكبيرة ثقيلة لن تسعدك بقدر أن تعرف عائلتك بالأطوار التي تمر بها..فتأخذك والدتك وتكلمك على حدى..او ربما تقبلك..او فقط تمسك بيدك..بينما أخوك يضع يده على كتفك ويخبرك أنه بجانبك..او عندما ينظر لك والدك وكأنه يقول لك : أنت قادر على تجاوز هذا الحزن..انت جدير على فعل ذلك..وفي اليوم التالي ترى بأنهم جميعاً قد حضّروا لك الاشياء التي تحبها..
سر النجاح في أي علاقة مهما كانت هي تلك التفاصيل..صغيرة خفيفة..خفيفة لكنها تبنينا و تقويّنا..صغيرة لكنها ترسم ملامح حياتنا..تبيّن لنا السعاده..وتقدّم لنا الوقت الجميل.."
{'ستون عاماً مرت..مرت لكن بسرعة.. مرت ولم أحقق ربع الذي كنت أتمناه.. لكن الآن حان الوقت لأكون ذكرى منسية..حان الوقت حتى أسلّم الراية للذين من بعدي..جيلٌ بعدَ جيل..وتمر الحياة بنفس الروتين..
ستون عاما مرت..وتغير الكثيرون..رحل أشخاص أعزاء..وحان الوقت لأكون شخص رحلَ وترك جيل جيد'}
.
.
.
.
.
.
.
*

القصص التي بعدها طويلة ومشوقة..وهذه اول ما كتبته..لكن كتبت بعدها الكثير ..مابعدها سيكون مليء بالاحداث والمشاعر..*

🎉 لقد انتهيت من قراءة ستون عاماً 🎉
ستون عاماًحيث تعيش القصص. اكتشف الآن