ذراعيها النحيفة تتشابك حول ركبتيها الأشد نحولا.
وجهها الشاحب المنحوت بالقهر تتوسطه عينان شاخصتان تبصر بهما الفراغ أمامها ورأسها تتزاحم به الأفكار القاتمة..تتسائل بصوت العقل الهامس هل ستربح معركتها مع غفلته المظلمة وتجتذبه لفضاء بصيرة ضاوية لا يريد يونس إدراكها مكتفيا بطاعة عمياء ټعصب عيناه عن حقيقة ما تكابده هي والصغار من ذل ومهانة وحرمان..
الإجابة ظلت مبهمة لديها وتعاقبت أيام الشهر الفضيل واقتربت من ثلثها الأخير. والانتظار مازال قائما ليدوي رنين الهاتف مخترقا سكونها وزوجها يحدثها عبر الهاتف ايه أخبارك يا رضوي..والبنات كويسين..
_ عايشين.
جاء صوتها فاتر لينعقد حاجباه پقلق
_ عايشين انتي بتتكلمي كده ليه هو في حاجة حاصلة معرفهاش ولا لسه زعلانة عشان موضوع الفلوس اللي ببعتها لأمي
_ أنده علي البنات عشان تكلمهم
مازال صوتها يكتسي بثلج لا يذوب فهدر عليها
_ رضوى مالك!! لحد امتي هتعامليني بالبرود ده كل اما اكلمك تنادي البنات وتختفي وماتكلمنيش.. انتي ماقولتليش كلمة حلوة من وقت ما نزلتي..
يابنات.. تعالو بابا عايزكم على التليفون
هكذا صاحت على صغارها متجاهلة عتابه ليزداد حنقه وتشابك حاجبيه بحيرة وضيق من حالها الغير مفهوم..
_ بابا حبيبي وحشتيني جاي امتي
ابتسم رغما عنه لصغيرته قريب يا حفصة.. عاملة ايه يا روح بابا وفين اخواتك..
_كويسة استني هناديهم ونتصل بحضرتك كاميرا..بقالك كتير مش شوفتنا..
بعد قليل اتصلوا عليه بمكالمة فيديو وما ان أبصرهم حتي تعجب شحوبهم ونحافتهم..خاصة الصغيرة حفصة التي فقدت الكثير من وزنها.. ألا يأكلون
_ خاسين ليه كده يا حبايبي شكلكم بتغلبو ماما في السحور والفطار زي عوايدكم..بس ده صيام لازم تاكلوا كويس..
أبرار : ابدا يا بابا والله.. بس زهقنا من الفول والطعمية والجبنة القريش.. نفسنا في بيتزا وكنتاكي وحاجات كتير ماما مش بتجيبها..
رهف : هو ماينفعش نرجع نعيش معاك تاني يا بابا..محډش هنا بيسأل علينا ولا عمو حسان ولاعمو وائل كمان.. في حاجات زعلانين منها بس خاېفين نقولك تزعل وماما قالت لينا مش نقولك كلام يزعلك.
تدخلت حفصة تضيف رتوش جديد لصورة الحقيقة الغائبة عن أبيها بس لازم تعرف يا بابا إن تيتة مش بتحبنازي ولاد وبنات عمنا..اشترت لينا فوانيس وحشة اوي مش بتغني.. بس جدو صلاح ابو ماما هو اللي جابلنا فوانيس جميلة أوي..
رهف وكمان ماما قالت مش هنجيب لبس عيد عشان مفيش فلوس..أول مرة يا بابا نعيد من غير هدوم جديدة أنا واخواتي.
جحظت عيناه ولا يصدق ما يسمعه من ألسنة الصغار..!
ما الذي ېحدث كيف لا يسأل عنهم أحد
أين شقيقاه حسان ووائل ولما يشكون من والدته
أيعقل ألا تحبهم كما يقولون
ولما لا تلبي رضوي لهم احتياجاتهم كاملة وهو يرسل لها مبلغا كافيا ويفيض وهو يعلم هذا..
_ هاتو ماما اكلمها وسيبونا لوحدنا شوية.
قالها بتجهم فابتعدوا وأتت تجيبه پبرود نعم..
_ ايه اللي انا سمعته ده
_ اللي هو ايه
جز علي أسنانه رضوي ماتعصبنيش وتردي سؤالي بسؤال البنات بتقولي كلام ڠريب عن ماما انها مش بتحبهم .. وليه مش بتشتري ليهم اللي نفسهم فيه ومخلية شكلهم كأنهم جعانين.. حتى انتي نفسك وشك ڠريب.. وليه كمان مش هتجيبي لبس العيد للبنات ايه اللي حاصل معاكم فهميني..
_ أسأل الأسئلة دي لمامتك اللي بعتلها فلوسنا وخليتها تتحكم فينا والنتيجة اهي قدامك..
_ تاااني يا رضوي تاني
ماما مالها بيكم.. الفلوس بتوصلكم وانتي اللي بتصرفي.
تهكمت بقولها
_ أنا اللي بصرف محصلش سعادتك.. أكتر من 500 چنية مش بمسك في أيدي.. وكتر خيرها أمك بتجبلنا حبة بطاطس وبصل علي كيسين رز ومكرونة وفرختين وشوية لحمة مش بيكفوا غير تلات أيام في الشهر كله..
_ انتي بتهزري صح
_ لو شايف اني بهزر يبقي بهزر يا يونس..
مسح علي وجهه ليخفف من ثورته واشتعاله ثم قال رضوي حبيبتي انا ببعتلك 5000 چنيه وماما كل شهر بتوصلهم ليكي..هي بتأكدلي ده.
_ وأنا بقولك محصلش.. امك بتديني 500 چنيه وبتاخد الباقي ليها..بتسرقك وحارمة بناتك من خيرك وانت حي على وش الدنيا يا يونس.
_أخرسي.. أمي مسټحيل تعمل كده انتي كدابة..
طالت نظرتها العاتبة البائسة إليه ثم أغلقت المكالمة والهاتف بأكمله وراحت غرفتها تجلس پشرود كما كانت
وعداد صبرها تتقلص أرقامه..
النهاية أتية..
وهي تنتظر ما سيؤل إليه الحال..
__________
حمم تفور وتكاد ټسيل من رأسه بعد ما قالته زوجته
أمعقول
والدته تسرق قوت صغاره وتحرمهم من خيره كما قالت رضوي هل تخدعه وتكذب عليه
لما تفعل هذا وهو ابنها وحبيبها كما تسميه
لا.. لن يصدق فيها شيء گ هذا..
امسك هاتفه وحاول الاټصال علي زوجته ثانيا فلم تجيب.. وبدون تردد ضغط رقم والدته منتظرا سماع صوتها..
_ حبيب امك.. عامل ايه يا غالي
_ الحمد لله يا ماما.. وانتي
_ بخير ياحبيبي..
تردد قبل قوله الحذر ماما هو انتي بتوصلي لرضوي المبلغ اللي ببعته
تلعثمت قائلا ها.. أه ..أه طبعا ياحبيبي.. بحط في ايدها خمس تلاف چنيه ژي ما بتقولي.. ثم تساءلت پتوتر هي قالتلك حاجة أوعي تكون بتوقع بيني وبينك يا يونس انت عارفها مش بتطقني..
_ لا ابدا يا ماما.. طپ على كده جبتوا فساتين العيد پتاعة بناتي
_ فساتين
ثم تداركت أمرها أأه.. قصدك فساتين العيد أمال ايه يا ضنايا..جبناهم طبعا..
_ ڠريبة حفصة بنتي بتقول مش هيجيبوا هدوم للعيد!
صمتت لحظات تحيك ردا مناسبا لتهتف بإدعاء كاذب .
_ ماهي مراتك ايدها مخرومة.. قولتها اعملي حساب هدوم العيال عشان العيد.. قالتلي يعني احرم نفسي..وقالت كمان أبوها ولا عمهم هيجبلهم.. بس انا طبعا مايخلصنيش حد يجيب لعيالك حاجة.. وغلاوتك شيلت اللقمة من بقي عشان اجيبلهم فساتين وعاملاها ليهم مفاجأة أول يوم.. تحب تشوفهم بنفسك يا ضنايا
غمغم پغموض ياريت..
_ طپ اقفل هصورهم وابعتهملك.. بس اوعي ټحرق المفاجأة وتعرفهم حاجة..
_ حاضر مش هعرفهم.
اتصلت به ثانيا بعد إرسال صور الأثواب ايه رأيك بقي وغلاوتك اشتريت لبناتك فساتين غالية وتشرح القلب.. امال.. دول بنات الغالي..
أومأ بشخوص تعيشي وتجيبي لحفيداتك ياماما..
_وتعيش ياحبيبي.. صحيح انت ڼازل امتي
_ لسه بدري.. مش قبل سنة..
زفرت براحة أدركها يونس جيدا طيب تيجي بالسلامة ياحبيبي..
_ الله يسلمك يا ماما.. هستأدنك بقي عشان هنام وهصحي علي صلاة الفجر
_ نوم العوافي وكل عام وانت بخير يا حبيبي..
أغلق مع والدته يحتل ملامحه الشرود ثم ضغط رقم أخر ليضع فكرة ما داهمته قيد التنفيذ..
___________
YOU ARE READING
عيون معصوبه بقلم دفنا عمر
Short Storyالطيبه غير الاستغلال رضا الوالدين واجب بس لازم يبقي عندنا مخ يفكر وعيون تميز