_ بـيـت الـذكريـات.

57 9 14
                                    

- بعد أربع سنوات-

ثلاثة

ستة

عشرة.

عشر خصلات قد تساقطت اليوم من شعره أسحم اللون فبات خفيفاً رغم طوله، جنباً إلى جفونه المتوشحة بالأسود و عيونه المتعبة، تغيرت معالمه المشرقة كالغداة و أضحت كئيبة مرعبة كـ مشرد أو سكير مهمل.

عض روين على شفته بحنق و أبتعد من مرأته إلى نافذته ذات القضبان السميكة، حدق من هناك بأصداقائه الأربعة يلاعبون شقيقه بمرح، يتبارزون بالسيوف الخشبية و ضحكاتهم تحتضن أرجاء القصر.

لم يستطع سماع أحاديثهم فغرفته الأن تقع في العلية المرعبة في البرج الشمالي و الذي لا يزورها سوى الخدم و الأطباء من حين إلى حين.

في غرفة بسيطة بها سرير يرقد بجانب النافذة، مكتبة كبيرة تملى الجدارين وطاولة قراءة_ لم يستعملها_ قربها،بساط مزرقش بالأزرق الملكي و ستائر بذات اللون.

لم يكرهها رغم بشعة ذكرياته فيها.

كذلك لم يغضب لما ألم به.

لم يكره أستغنى أصحابه له.
لم يبغض روين رميه في أبعد زواية قصر الزمرد و هجر الجميع له.
لم يكره عدم السماح له بأكمال دروس المبارزة أو ركوب الخيل، أو حتى تكبيل حريته تماماً.

لكن …

الشيء الوحيد الذي كرهه روين حقاً..
هو خسارة منصب ولي العهد ومنحه لأخيه الأصغر.

فتلك قد كانت القشة الأخيرة ، الشيء الذي كرس وقته وجهده لأجله و فضله على سائر الأمور، قد أخذ منه وقدم على طبق من ذهب لمن لا يستحقه.

أكتفى من النظر لهم و أتجه إلى رف الكُتب من يساره ينتشل كتاب بعشوائية ليقرأه.

" همف! حمقى بلا فائدة!أنهم لا يطقنون الأساسيات حتى،انى لهم أن يكون حماة المملكة؟ و آنجيليو؟ ياله من ولي عهد محترف يخسر قبل أن يحرك نصله،أراهن ان غيلان ستسقط بسببهم".

مسح على سيفه المخبأة عن الأعين يتذكر تدريباته و مهاراته ثم تحدث بفخر.
" كنت لأحطمنهم دون تكبد عناء! فحتى خسارة العرش لم تؤثر على حقيقة كونِ أفضل مبارز! ".

_____________

دخل رجلنا ملثمان إلى الحانة و وقفة يبحثان عن مجلس لحديثهم الهام، لم تبقى سوى طاولة تحتضن الزاوية قرب مخزن المشروبات، أتجها إليها على عجل و قد تفادى السكارة و بائعة الهوى بصعوبة.

جلسة قبالة بعض وقد أنبأ النادل بمطالبهم، أزاح الرجل الأطول عن لثامه وهبط برأسه للخلف بتعب،قلده رفيقه غير أنه ترك قناعه، جاء الندل بعد ثوينات و أعقب كؤوس الشراب جنباً إلى طبق بط مشوي وغادر.

هسهس الطويل في حنق.

" تباً، لقد تعبت من الميسر، كم بقي للوصول لمملكة غيلان؟ سايمون؟ ".

أنزل  رأسه وراح يسأل صاحب القناع سايمون و الذي كان يتحقق من خناجره، أخرج سايمون خنجراً صغيراً و أخذ يقطع فخذ البطة على مهل، نظر الرجل إلى رفيقه الشارد، فلمح الأمتعاض و الحقد مكبوت في زرقاويه الداكنة.

"  ما يقارب ثلاثة أيام فقط، سيتعين علينا المشي ليومين ونصف بلاتوقف لذا لا تتذمر، سيدريك".

نظر إليه بحدة وقد طعن البطة حتى أهتزت الطاولة بقوة، بلع سيدريك و أبتسم ببلاهة يبعد شعره الناري من أمام وجهه، اخذ الكأس و شربها دفعة واحدة تحت نظارات سايمون المشمئزة.

أنزل الكوب الفارغ و استند على قبضته ينظر بملل للكأس.
" حسنا فهمت لكن... انه فقط حتى أنت تكره هذا النوع من الأوامر صح؟ كان بأمكانهم إرسال شولي أو ألبرت وحتى إيجكيل لكنهم أخترونا لتحمل الإثم".

تنهد سايمون ينزل قناعه لتظهر ندبة قديمة قرب ثغره، تناول الفخذ بنهم يتذوق التوابل والبهارات اللذيذة بسعادة، صوب زرقاواه لطعامه ولم يلقي بلمحة على سيدريك الصابر على صمته.

ليكون صادقاً،هذا المهمة هراء شامل، ليست هراء لسهولة مثلاً أنما لأهميت تنفيذها و إكالها لمبتدئين مثلهم، خصوصاً و أن المستهدف ذو مكانة عالي أو كان كذلك.

لعق أنامله بتلذذ ومسح ثغره بظهر يده، تناول الكأس ينظر لـ سيدريك بجدية.
" أتفق معك ورغم ذلك علينا التنفيذ على أكمل وجه فمهما كانت المهمة فهي لا تزال في نطاق عملنا".

قبض بقوة على مسكة الكأس فتشققت قليلاً.
" علينا التأكد من ذبح ابن الشيطان مهما حصل".

الفصل الثاني || إنتهى.

لـيـلـة شـتـويـة. حيث تعيش القصص. اكتشف الآن