إنفصام ٢/١

8 0 0
                                    

كَتَبْتُ الشِّعْرَ فِيْ حَرْفٍ
بِقَلْبٍ كُنْتُ أَحْبِسُهُ

تَلَاشَىْ الْحَرْفُ مِنْ حُزْنٍ
فَصِرْتُ الْلَوْعَ أَكْتُمُهُ

فَهَاجَ الْمَوْجُ فِيْ صَدْرِيْ
وَنَارُ الْبَرْقِ تَضْرِبُهُ

وَصَوْتُ الْخَوْفِ قَدْ صَاحَ
لِدَمْعٍ فَاضَ أَنْزَلَهُ

بِصَمْتٍ قَامِعٍ جَاءَ
بِشَكْلٍ لَسْتُ أُدْرِكُهُ

فَسَدَّ الْفَاهَ وَالسُّبُلَ
عَنِ التَّعْبِيْرِ شَرَّدَهُ

فَمَا أَدْرِيْ بِمَا أَهْذِيْ
لَحَالِيْ لَسْتُ أَعْلَمُهُ

جُنُوْنٌ حَلَّ أَرَّقَنِيْ
بِصَوْتٍ كَيْفَ أَنْقُلُهُ؟

وَهَذَا الصَّوْتُ يُزْعِجُنِيْ
وَضِحْكُ الدَّمْعِ مَنْطِقُهُ

أَرَاكَ الْيَوْمَ مُنْفَرِدًا !
سَرَابٌ أَنْتَ تَأْمَلُهُ !

جَرَحْتَ الْخَلْقَ وَا أَسَفِيْ
لَوَحْشٌ أَنْتَ قَدْ سَفِهُوْا

فَكَمْ دَمْعًا تُرَىْ انْسُكِبَا
بِحُمْقٍ مِنْكَ تَفْعَلُهُ

وَكَمْ قَلْبًا قَدِ انْكَسَرَا
بِكُفْرٍ أَنْتَ تُنْكِرُهُ

فَوَا عَجَبًا أَرَىْ عَجَبًا !
اَفِيْكَ الْخَيْرُ تَحْسَبُهُ ؟

أُحِبُ أَرَاكَ تَرْتَجِفُ
فَأَخْرِجْ مَا تُخَبِّئُهُ

أَجَبْتُ بِصَوْتِ مُرْتَعِدٍ
نَطَقْتُ الْعُذْرَ تَعْلَمُهُ

وَذَنْبِيْ فِيْهِمُ اغْتُفِرَا
فَقَلْبِيْ كَيْفَ تَعْذِلُهُ ؟

فَقَالَ بِضِحْكَةٍ يَسْخَرْ
أَهَذَا الْقَوْلُ تُؤْمِنُهُ؟

لِنُشْعِلْ شَمْعَ مَا سَلَفَ
فَدَمْعٌ مِنْكَ أَعْشَقُهُ

فَذِيْ أُخْتٌ لَهَا كَسْرٌ
وَذَاكَ الشَّخْصُ تُبْغِضُهُ

وَذِيْ أَخْتٌ بِكَ اسْتَنَدَتْ
وَكَيْفَ الْهَجْرُ تَفْهَمُهُ

أُحِبُّ الدَّمْعَ يَا فَيْصَلْ
أَنِيْنٌ مِنْكَ أَرْغَبُهُ

وَأُخْتُ الطَّعْنِ تَعْرِفُهَا
صُرَاخُ الْلُؤْمِ تَذْكُرُهُ؟

وَكَمْ شَخْصًا سَأَذْكُرُهُ
خِتَامُ الْأَمْرِ أَرْقُبُهُ

كَذَاكَ السَّاعِ قَدْ صَدَقَ
بِلُؤْمٍ رُحْتَ تَرْفُضُهُ

وَقَوْلٌ جَاءَ تَقْبَلُهُ
وَعَكْسُ الْأَمْرِ تَفْعَلُهُ

تُؤَنِّبُ كُلَّ نَابِضَةٍ
بِخُبْثٍ كَيْفَ تَحْبِكُهُ ؟

وَحُزْنُكَ جَاءَ يَحْتَضِنُكْ
فَكُلَّ الْخَلْقِ تَجْهَلُهُ

أَرَاكَ خَمَدْتَ هَلْ أَصْمُتْ؟
لَضَعْفُكَ لَسْتُ أَتْرُكُهُ

وَذَنْبٌ مِنْكَ فِيْ حُبٍّ
أَقَذْفٌ مِنْكَ تَقْذِفُهُ ؟

كَسَرْتَ الْقَلْبَ أَبْدَعْتَ
بِقُبْحٍ فِيْكَ تَطْعَنُهُ

جَرَحْتَ الْحُبَّ يَا فَيْصَلْ
وَقَوْلٌ مِنْكَ خَلَّدَهُ

ظَلَمْتَ النَّاسَ مَرَّاتٍ
أَهَذَا الظُّلْمُ تَجْحَدُهُ؟

أَرَاكَ هَدَأْتَ يَا فَيْصَلْ !
كَئِيْبًا صَرْتُ أَحْبَذُهُ

سَأَبْقَىْ فِيْكَ يَا حُبِّيْ
وَقَلْبًا ذَا أُعَذِّبُهُ

وَكَأْسِيْ هَاكَ إِمْلَأْهُ
بِدَمْعٍ مِنْكَ أَشْرَبُهُ

فَيَا سَعْدِيْ أَرَىْ حُزْنَكْ
وَقَلْبِيْ مِنْكَ أُمْتِعُهُ

فَتَاةٌ فِيْكَ صَنِّفْنِيْ
قَرِيْنًا أَنْتَ تَكْرَهُهُ

سَأَعْشَقُ فِيْكَ بَلْ أَهْوَىْ
دَلَالِيْ أَنْتَ تَمْلِكُهُ

بِحُضْنِيْ دَائِمًا تَغْفُوْ
وَإِنِّيْ فِيْكَ قَدْ أَسْهُوْ

فَيَا طِفْلِيْ سَأُخْبِرُكَ
بِأَمْرٍ ذَا تُطَبِّقُهُ

فَلَا شَخْصًا سَتَجْرَحُهُ
وَلَا دَمْعًا سَتُنْزِفُهُ

وَلَا لُؤْمًا تَطِيْشُ بِهِ
وَلَا قَلْبًا سَتُؤْلِمُهُ

فَيَسْلَمُ كُلُّ ذِيْ نَبْضٍ
وَمَا ضُرٌّ سَتَرْصُدُهُ

لِتَكْتُمْ مِنْكَ ذَا حُزْنًا
وَغَيْرِيْ لَسْتَ تُخْبِرُهُ

وَعَامِلْ كُلَّ مَنْ تَلْقَىْ
بِبَسْمِ الْكَتْمِ تَعْرِفُهُ

بِخَيْرٍ أَنْتَ عِنْدَهُمُ
وَعِنْدِيْ السِّرُّ أَحْفَظُهُ

فَوَحْدِيْ مَنْ سَتَسْمَعُكَ
وَذَا قَوْلِيْ تُصَدِّقُهُ

وَحُبٌّ فِيْكَ عَنْ طَفْلَةْ
سَأَبْقَىْ مَعْكَ أَدْعَمُهُ

عِنَادٌ عَنْكَ أَبْعِدْهُ
وَلِيْ دَمْعٌ تُسَلِّمُهُ

إنفصام حيث تعيش القصص. اكتشف الآن