الندم

292 13 50
                                    

« أريدك أن تذهب إلى إنجلترا، لأجلي بني »

إِسْتَطْرَدَ فاه الرجل الذي يبدو من سَمْته أنه على عتبة خمسينات، بأسارير مطلعه منفرجة بإنفتاح و تجاعيده منكمشة بتعب على حواف أعينه سماوية ذابلة بهلك حزن متعاظم جوف روحه واهنة، أصابع يده مُنْطَوِية بدهر الحياة تتلاحم مع بعضها في إرتباك و خجل كان يعتريه

« إنك تشتتني أكثر من قبل، لم أعتقد أنك أردت رؤيتي لأجل هذا، كيف تستطيع أن تقول لي هذا في وجهي، لا بل كيف تطلب مني هكذا طلب، ألا يؤنبك ضميرك تجاهها، تجاهي؟»

إنحدرت مقلتي الرجل نحو سطح طاولة لحائية بخِزْي من ذاته و إستيحاء من إبنه، و همّت طبول عَتَبٌ و مَلاَمَة تقرع على أركان دواخله بتَثْرِيب و تعنيف

و بنبرة غلفها أسى و خَدَر نبس بهسيس خافت « إجعل من صخرة التي تثقل كاهلي أن تخف بني »

« و ماذا عن صخرتي و ماذا عن صخرتها ؟»

خور جسده و ذل ملامحه قد كبل لسانه بلجام كبحه من أن ينطق كلمة قد توجس في عمق إبنه الشفقة و الحنان تجاهه، فلبت صامتا دون أن يردف حرفا، لقد شعر بذلك التلبد الذي غلف قلب إبنه ناحيته فباتت الصخرة موضوعة على كتفه أكثر ثقلا و مشدة

و على مر برهة من زمن قد أفصح لسانه في بعثرة من كلمات ركاكة « هل ستظل تعاقبني بخطأ لم أقصد إقترافه، الصفح و الغفران من سمات الرجل الشهم، و لا ضير في مسامحة و طي صفحة متجعدة »

« هناك أخطاء لا تقبل الصفح و الغفران، لن أنسى ما حييت ما فعلته بنا و كيف دمرتها و دمرتني، لقد هدمت سقف بيتنا لكن أعدنا بناءه بدونك لذا لا تطلبني مجدداً »

أنارت عيونه بدموع حسرة و نَدَامَة و قبضت أصابعه تنغرس في راحة يده بفتور نابسا « لقد أخطأت في حقك، لكن لم أخطأ بحقها هي، دمرتُ سقف بيتك لكن لم أمسس سقف بيتها »

فضرب راؤول بيده على سطح طاولة بإهتياج قائلا بصخب « إنها لا تزال تتألم لحد هذه اللحظة بسببك كيف تجرأ و تخبرني أنك لم تدمرها »

« راؤول بني، أرجوك لا داعي لفتح صفحات ماضي، ساعدني إبني أنا أتوسل لك لا أريد موت و لازال عجاج أفكاري ناحيتها يعصف بعقلي بكل ثانية من يوم »

لأجليOù les histoires vivent. Découvrez maintenant