الفصل الأول

2.1K 178 100
                                    

الفصل الأول :

عام ١٨٩٠م، في احدى الممالك الكبيرة التي لطالما عُرفت بازدهارها والعدل فيها لولا الانتكاسة التي أصابتها مؤخرًا على يد الملك الذي لم يكن يستحق مُلكها؛ مملكة الناصرية.

تحديدًا في سجن القصر الملكي، ظل قلبها يضيق كلما مرت الدقائق وهي حبيسة ذلك السجن المظلم الذي يتخلله ضوء النهار الخافت ليتركها في اشتياق وحسرة لحرية بدت لها بعيدة المنال.
سمعت صوت الباب يُفتح ببطء وكأنه يتحالف مع الشخص الداخل ليجعل المشهد اكثر ترقبًا واثارة و... خوف!

سمعت صوت الحارس يهتف بصوتٍ أجش:
-دستور... جلالة الملك سيف الدين الناصر.

هبت ناهضة بسرعة وهي تنفض فستانها الذي صار مهترئ تشوبه الشوائب وتحني رأسها كعلامة على الاحترام، وابتلعت ريقها في ترقب وهي تلمحه يدخل، شامخًا رأسه وعباءة المُلك تزده هيبة ووقار عما رأته مسبقًا خارج المملكة بملابس بسيطة، ملامح قمحاوية وسيمة وصلبة غير مقروءة، وجسد رجولي عريض يحتويه ثوبه الطويل الأسود المطرز، عيناه سوداء حالكة ذات نظرة غامضة مخيفة نوعًا ما..

مشطها ببطء بنظرته الغامضة التي جعلت معدتها تتلوى توترًا، بدءًا من فستانها الأزرق البسيط الرقيق منقوش بالورود التي تليق بنعومة صاحبته، ضيق من الأعلى عند الصدر والخصر وواسع بالأسفل.

خرج صوته الخشن عميق وهو يتمتم بإسمها ببطء:
-سلسبيل.

رفعت رأسها التي كانت مُطرقة لتبتعد خصلاتها البنية الناعمة كاشفة عن زرقة عينيها اللامعة ترقبًا وقلقًا.
فأكمل بنفس النبرة:
-اسمك سلسبيل أليس كذلك؟

هزت رأسها مؤكدة وداخلها يتساءل... هل نسي أسمها بتلك السرعة؟ ثم أتى صوت من داخلها ساخرًا منها؛ لم تكوني بتلك الأهمية ليظل متذكرًا اسمك من دون كل جواريه اللاتي تتمنين نظرة منه!

استجمعت شجاعتها أخيرًا لتهتف بهدوء:
-هل لي أن أعلم سبب القبض عليّ واحضاري لهنا مولاي؟

رفع حاجبه الأيسر ساخرًا:
-أ ولا تعلمين؟

-لا، لا أعلم.
رددتها وهي تنفي برأسها والتوتر يشتد فتكًا بأحشائها، فسقط قناع السخرية عن وجهه لتشتد ملامحه بصرامة مُخيفة وهو يهدر بصوتٍ خشن قاسٍ ولكنه هادئ:
-اتفاقنا كان واضحًا، لا أحد يعلم عما طلبت منكِ فعله، وتنسي أنكِ رأيتني يومًا وتنالين حريتك في المقابل.

سارعت بالقول بصوت شاحب إلى حدٍ ما:
-وهذا ما حـ........

قاطعها بصوت حاد كالسيف:
-لا، لم يحدث، والدك عقد اتفاقًا مع الوزير توفيق ليخبره كل ما حدث بأدق التفاصيل، بل ويحضروكِ كشاهدة طمعًا بالأموال.

شحبت ملامحها البيضاء وانسحبت الدماء منها تمامًا، وصارت دقات قلبها في تزايد فزع، خاصةً حين اقترب منها خطوة وهو يتشدق بلهجة قاطعة قاسية تُنذر بالكثير:
-وهذه خيانة، وأنا لا أتساهل مع الخونة.

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Feb 06 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

رواية " عن المُلك والهوى " بقلم/ رحمة سيد (متوقفة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن