ماذا لو عاد 💜

289 35 16
                                    

ماذا لو عاد 💜

قال لي أحدهم ذات مرة إنني قبيحة، فردت عليه أمي وقالت: إنها ليست بقبيحة. تبسمت في ذلك الأوان، لكن تلاشت تلك الابتسامة عندما أكملت حديثها وقالت بقسوة: ليست قبيحة الوجه والمظهر فقط، بل أيضًا قبيحة من الداخل.

من ذلك الوقت علمت أنها لا تعرفني جيدًا، أو ربما لا تحبني من الأساس، لكن لماذا؟ هل يوجد أم لا تحب أطفالها؟

نعم، يوجد الكثير منهن في عالمنا من يتركن أبنائهم في دور الأيتام، ومن لا تتركهم، لكن يصبحون سجناء داخل غرفهم، يستمعون إلى الأحاديث المؤلمة عنهم. ليست الأمهات فقط، فهناك بعض الآباء أيضًا. لماذا يصبحون بهذه القسوة؟ لماذا يفكر كل منهم أن هذه هي الطريقة الصحيحة لإصلاح أطفالهم، وهم لا يعلمون أنهم يخرجون جيلًا كاملًا يحمل العديد من الأمراض النفسية والصحية؟

من أنت؟

مد يده بالمصافحة، نظرت إلى يده ثم قلت له: لا أصافح الرجال.

تراجع بحرج ثم قال: "حربي" اسمي "حربي".

- "ريحانة" هذا اسمي، هل أنت منقذي؟
- لا أعلم، ربما تكونين "أنتِ دواءً لي!"
- من أين أتيت؟
- من عالم آخر مليء بأشياء لا تصلح للعيش فيه.
- لماذا؟
- لا أستطيع التفوه بذلك. هل يمكنك المجيء معي إلى ذلك العالم؟
- هل يمكنك الجلوس معي هنا داخل عالمي؟
- في الحقيقة، العالمان متشابهان بشكل كبير. أنتِ تعانين من والدتك وأنا أعاني من كل شيء. "أنا لست سوى نفسياً".

- ومن قال ذلك؟
- عالمي.
- "يبدو أن عالمك أشد قسوة من عالمي".
- لا يمكننا تغيير ذلك، لكن يمكننا الذهاب إلى عالم آخر من صنعنا.
- سوف يشكل ذلك العديد من الأمراض النفسية.
- لقد قلت لك للتو إنه حدث بالفعل. أنا أتعايش داخل تلك العوالم الزائفة.
- كيف؟
- لا أعلم، يجب علي الرحيل الآن "ريحانة".
رددها وكأنه يريد الاحتفاظ بها داخل ذاكرته قبل الاستيقاظ.

استيقظ من عالمه الزائف وهو يضع يده على رأسه ثم قال: أستغفر الله العظيم وأتوب إليه.

نهض وذهب إلى المرحاض وعاد إلى غرفته، وقد اتخذ القرار وقال: "مفيش فايدة من الهروب، كده كده هرجع من تاني." أخذ بعض الأدوية ثم ذهب إلى عمله.
************************
في عالم آخر كانت تنظر إليه بهيام. 
_ ماذا تفعلين "ريحانة"؟ 
_ لا أفعل شيئًا، فقط أنظر إلى الطبيعة الخلابة. 
_ أنتِ تعلمين جيدًا أن ما تفعلينه الآن خاطئ وأيضا خطر. 
_ لا أستطيع أن أبتعد عنه، فقد أحببته بشدة. 
_ لقد كنتِ ترفضين كثيرًا أن تصبحي من الجن العاشق، فماذا الآن؟! 
_ لست جنًا عاشقًا، أتفهمين؟ 
_ حسنًا، ابتعدي عنه إذا كنتِ تحبينه حقًا. 
_ حسنًا، سأفعل ذلك. 
********************************
تفتكر "حربي" عايش؟ 
عايش يا بابا، ما تقلقش. 
أنت بتشوفه يا "يوسف"؟ 
بشوفه وعارف مكانه "حربي" أحسن بكتير وهو هناك. 
للدرجة دي شايف أن البيت عبارة عن جحيم؟ 
من يوم خروج "حربي" منه وأنا شايفه جحيم. أنا خسرت في الأول "حربي"، ودلوقتي أمي في جحيم أكتر من كده. 
صدقني، أنا مليش ذنب في موت أمك. 
مش شرط، أنت قتلتها من زمان أوي يا "أبو حربي". 
تركه وذهب ليجلس الأب في حزن شديد، فابنه الصغير يلومه على كل شيء يحدث معهم. حسنًا، هو أخطأ في الماضي، لكن ما شأن هذا بذاك؟
****************************
عم صبحي

_ تعالي يا "حربي"
_ أحم، أنا كنت جاي أسلم عليك قبل ما أمشي
_ هتروح فين يا ابني؟
_ هرجع البيت، أمي وحشتني أوي، هروح أطمن عليها
_ بس هترجع تاني؟
_ أكيد. احتضنه "عم صبحي" ثم ذهب "حربي العامري" إلى منزله، جحيم طفولته.

صعد إلى المبنى المتواجد به منزلهم، وقلبه يخفق بشدة. لماذا يلازمه شعور غريب، شعور الفقد؟ هل أمي بخير أم ماذا؟

وقف أمام الباب ثم أخذ نفسًا عميقًا، ثم دق الباب عدة مرات متتالية.

فتح له والده وهو يظنه "يوسف"، فتح الباب دون أن ينظر إلى الطارق.

ليقول "حربي" بحرج: أحم، عامل إيه؟

التف والده لينظر إليه بفرحة من عودته، ليحتضنه لأول مرة منذ ولادته، ثم قال: "حربي"، أنت رجعت بجد ولا جالي تهيؤات؟ ظل يتحسس وجهه عدة مرات ليتأكد أنه يقف أمامه.

_ ماما فين؟ 
_ ابتلع غصة ثم قال: خايف تقول إني السبب زي أخوك. 
_ وقف بخوف وهو يقول: ماما حصل لها حاجة؟ 
وضع رأسه بين يديه ثم قال: العزاء كان امبارح. 

هل فقد أمه التي لم يرها منذ سبع سنوات؟ هل كان قاسياً لهذا الحد؟ وقع أرضاً يبكي نادماً على تركه لها، لكن هل ينفع الندم بعد فوات الأوان؟ هل يعود المتوفي ثانية؟ إذا ندمت أو إذا بكيت، عمره بأكمله لن يعود مرة ثانية. 

جلس الأب بجواره وهو يضع يده على مقدمة رأسه ثم قال: مش هترجع مهما ندمت يا "حربي"، ادع لها تعرف أن العياط والزعل بيعذب الميت. 

احتضن والده وظل يبكي حتى غفى في نوم عميق هروباً من الواقع، من حقيقة أغلبنا يعيشها! 

رحم الله أمواتنا جميعاً ❤️
***************************

"ريحانة" ماذا تفعلين؟ 
_ يجب علي أن أكون بجواره وهو في هذه الحالة. 
_ بلا، يجب عليك تركه والرحيل بعيدًا. 
_ "ريحانة" لا تستطيع ترك "حربي" مهما حدث، سأظل بجواره. 
_ لقد تحولتِ حقًا، إنك بشعة يا "ريحانة". 
_ نعم، لقد تحولت إلى جن عاشق وعاشق بجنون يا "ريحانة"، لا أستطيع تركه وسوف أقتل أي فتاة تحاول الاقتراب منه. 
_ انتهت صداقتنا يا "ريحانة"، لا يمكن للخير والشر أن يجتمعا. 

يتبع. 

رأيكم، بتمنى ألقى تفاعل على البارت.

#صفاء_احمد_سليمان

متلازمة جوسكا حيث تعيش القصص. اكتشف الآن