الفصل 39

1.1K 70 27
                                    

الفصل 39
 للذئاب وجوه أخرى 5

 بقلم نورا محمد علي

  الزمن عبارة عن نقاط متتالية الى ما لا نهاية ولكن في احد هذه النقاط قد يتوقف الزمن، قد تقف الدنيا امام نقطة واحدة لا تستطيع أن تتحرك من مكانك، لا تستطيع ان تتجاوزها أو تتركها..

لكن ما جذبه من بحر الأمواج الذي يتخبط فيها، هو  نظرة عين أمه التي كانت تحمل الكثير من  التساؤل والإجابات في نفس الوقت، ولكنها لم تقوى على أن تنبث حرفا واحدا، وهي تستجمع نفسها تتحرك إلى سيارتها والصدمة تغلف روحها، وهي لا تتوقع ان هذا تربيتها، هذا هو من تثق فيه وتقف أمام العالم تتباهى بأخلاقه التي في لحظة انهارت،  كما أنهار هو، خطواتها الى السيارة كانت تعني انها تتالم دونا صوتا، ولن تستطيع ان تنطق..

  كل خطوة كانت تخطيها إلى سيارتها جعلته ينتفض يدفع تلك التي تتقوقع بين ذراعيه، كأنه مكانها الطبيعي وهو ينظر لها بحدة وغضب، ولكن قبل ان يتكلم او ينكرها  ، كانت اللحظة التي وصلت فيها صديقتها باولا، وهي تقول:

_ هيا بنا ليزا  لقد عطلنا الرحلة بما فيه الكفاية، والآن يمكننا ان نذهب وإن كان هو من حكيت لي عنه فلقد عرفت مكانه،  يمكنك ان تأخذي رقم هاتفه لتتصلي به لاحقا.  
اما هو لم يعطيها الوقت لتتكلم أو لتسأل وهو يتحرك إلى سيارته كأنه سهم انطلق من عقاله، لم يوقفه شيئا وهو يقود سيارته بسرعة ليتبع سيارة  أمه التي تقودها  بسرعة على غير العادة وكأنها فقدت السيطرة على عقلها، حتى وصلت الى وجهتها.. بينما هو يتبعها..

لم تنتبه له ولا لسيارته بل كانت تنظر أمامه وهي ترى ذلك المشهد يعاد أمام عينيها، صورة  ليزا وهي تتعلق في عنق ابنها تنثر القبلات على وجهها ورغم انه ادعى الجمود إلا أنها تعرف جيدا أنه كان ينتفض..

فهو صورة من زوجها، الذي تعرف جيدا انه يستطيع التحكم في نفسه حتى لو كان قلبه يرتجف ،  وحتى لو لم يكن كوالده، هذه إحدى التدريبات التي يخضع لها الضباط في القطاع،  فهم لا يفقدون الوعي أن تناولوا الكحول، ولا ينقادون لـ غرائزهم حتى لو شعروا باستثارة حقيقية يستطيعون السيطرة وإظهار الهدوء والبرود.. 

أم هي لن يستطع خداعها لهذا تشعر أن عقلها مشتتا وقلبها منفض، رافضا للتصديقي أن ذلك قد حدث، أما هو يسأل نفسه للمرة المائة هل تورط الى هذه الدرجة، هو يذكر جيدا ان ذلك لم يحدث أنه لم يختلي بها بتلك الطريقة انما بينهم لم يصل الى هذه الدرجة فكيف حملت منه؟ كما تدعي! لكنه لم يعد يفكر في شيء من هذا، كل ما يفكر فيه ان يلحق والدته، التي كانت الدموع تنسب على وجهها وقلبها يرتجف ينتفض وهي تفور..تثور ولا تعرف ماذا عليها أن تفعل بالتحديد؟ ولكن مواجهته بها في هذه اللحظة قد تكون خطا لا يغتفر، قد تكون سببا لأن تفعل شيء لم تفعله من قبل! 

لذئاب وجوه  اخري  5حيث تعيش القصص. اكتشف الآن