١| حـادث

188 24 136
                                    

«ليس بالضرورة أن يكون الموت هو النهاية.»

أصوات صافرات الإسعاف ملأت حي إيستفورد الغربي أثناء ليله الكاحل، واجتماع حشد من الناس حول جسد مُلقى على بركة من دماء طازجة لم يزد الحدث إلّا سوءًا، كثرت كلمات التعاطف على المتوفاة وكيف وافتها المنية قبل أن ترى العالم، قصتنا لم تكن هنا بدايتها.

في نهاية حي إيستفورد المشهور بظلامه لزيادة أعداد الوفيّات فيه، يعتكف منزل بسيط البنية من طابقين يحتضن عائلة تتجهز لميلاد ابنتهم الثامن عشر، امتلأ المنزل وخارجه بأوراق الزينة، ورائحة الكعك المنسي وسط حرارة النار العالية التي استطاعت الوصول إلى نهاية الشارع باستثناء حواس أصحاب المنزل، صخب لركض ثلاثة أشخاص من الطابق الثاني إلى المطبخ في نهاية الطابق الأول يرافقه صراخ شابة: «أمّي، الكعكة تحترق!»

كان ذلك صوت صاحبة عيد الميلاد بينما تلتقط قماشة تعطيها لوالدتها التي استخدمتها لإنقاذ الكعكة ثم أطفأت النار، تجمعت أنظار ثلاثة اشخاص بين تقاسيم طبقة من الكعك المحترق، فينطق صوت رجولي مستفهم: «هل هي حية أيسل؟»

أومأت ابنته أيسل بابتسامة حاولت جعلها حزينة: «لا أعتقد ذلك.»

تبادل الثلاثة نظرات متحسرة حتى صدح صوت ضحكاتهم العالية، هتفت الأم بينما تنقل الكعكة إلى طبق أخر: « لا أستطيع تخيل ذاتي تتناول هذا الشيء جورج.»

بادلها زوجها الرد بموافقة فتجذب انتباههما ابنتهما أيسل وهي تحمل بين يدها أدوات تزيين الكعكة.

«هيا! يكفي أن نزينها.»

حاولت استمالتهما بأعين تلمع برجاء.

امتداد ذراعي والدتها لالتقاط الأدوات منها أعلن نجاحها، شرعت والدتها في وضع الطبقة الأولى ذات اللون الأبيض على الكعكة مخفية الجريمة التي اقترفوها بها، وينتشل جورج أحد أقلام الزينة فيتساءل: «هل نكتب عليها مبارك قبولك في جامعة أحلامك أيسل؟ 

رمقته زوجته باستنكار ظهر في عقدة حاجبيها تنفي: «لا بالطبع! إنه مولد ابنتنا أولًا.»

عقب جملتها سحبت قلم الزينة من جورج ثم استرسلت حديثها: «يجب كتابة عيد مولد ثامن عشر سعيد.»

خرج صوت جورج يعترض: «لكنها قُبلت في الجامعة التي تريدها أخيرًا اليوم بل في التخصص الذي تريده... لحظة!»

لمعت عيناه فجأة يليها هتافه بنبرة متحمسة أكثر: «هل نكتب عيد مولد سعيد ابنتنا العازفة الرائعة؟»

«لا سنكتفي بالإحتفال بعيد مولدها وغدًا سنحتفل بقبولها.»

«لا أتوق تحمل كعكة محترقة أخرى» تذمر جورج بملامح مجعدة عَبرت عن معاناته.

مرة أخرىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن