في يَومٍ غائِم ١

39 1 0
                                    

تزاحمت في مساء هذا اليوم تلك الغيوم الرمادية الكثيفه في صفحة السماء السوداء، لتُعلن غداً ان نهاراً ممطراً جديداً سيحلُّ على أرجاء مدينة واشنطن.
كان الجوّ بارداً جداً لدرجة ان برودته كانت تلسعني قليلاً، آه يبدوا أنه يومٌ رآئع! مهلاً رائع؟ أعني تباً، آمل الّا تأتيني الأعمال الشاقة هطولاً هذا اليوم.

حسناً، أنتهت إستراحتي القصيرة واتى وقت النوم، لم يتسنّى لي شرب كوب قهوةٍ في هذا اليوم الرائع! يا الهى، ان الاعمال في هذه الفترة تتساقط عليّ هطولاً كالأمطار، أتمنى ان أوّفق في هذا.

سرتُ مطوّلاً للوصول الى مسكَني لأرى ماثيو يحدّق بي ملوحاً لي بيده اليُمنه، قائلاً بصراخ: ارام! أين كنت يا صاح، ألن نشاهد فلماً هذا المساء؟ ثم حدق الى قهوتي سارعتُ بخطايّ نحوه "كنت أريد ان اشتري بعض القهوة لكلينا، لكنني لم أستطع فبالكاد أنهيت خاصتي فالمقهى كما تعلم مُزدحم حدّ المَوت" قلتها له تزامناً مع انخلاع معطفي المُبلل بقطراتٍ من المطر الخفيف.
"آه هل هذا ما حدث حقاً؟ أم انكَ لا تريد أهدار نقودك على شراء كوب واحد من القهوة لأجلي؛" تغيرت نبرته الطبيعية الى نبرةٍ حادة بعض الشي، حسناً لقد شعرت بالخوف قليلاً، فماثيو عند غضبه لا يمزح أبداً! ألتفت للجهة الأخرى ببطئ قائلاً "هيا الى النوم، لدينا يوم حافل غداً كما تعلم." قلت له "ألن نشاهد فلماً؟" أعطاني نظرةً سريعة ثم ذهب دون أيّ أجابةٍ عن سؤالي.
حسناً، أدركت انني أزعجته بعض الشيء! لكنني سأعوضه غداً بلا شك. 

منذُ صباح اليَوم ذهبتُ الى مكتبي مستعجلاً لتأخري عن العمل بسبب سهري في الليلة الماضيه، لم أستطع النوم بسبب القهوة التي أرتشفتها في الليلة الماضيه، وصراصير الليل كانت تأخذ دوراً كبيراً بأبقائي مستيقظاً، وماثيو الأحمق لم يُكلف نفسه بإيقاظي حتى!
اعدتّ كوبَين من القهوة لي وله، دخلت الى مكتبه فقلت له بنبرة غاضبه بعض الشيء: "لما لم توقظني؟ كدت ان اتأخر أكثر بسببك" نظر لي بطرف عينيه فقال: "اه لا شأن لي بك بعد الان يا ارام، دبر نفسك"
- اهذا بسبب قهوة البارحه؟ تمالك نفسك يا رجل أأنت حساسٌ لهذه الدرجه بسبب كوب قهوه؟
قلتها بنبرةٍ ساخره لأحاول تغيير الموضوع.
كالعاده، انا أتكلم وهو يلعب دور الأصم لا يصغي إليّ حتى، "لا بأس، سأتغاضى عن هذا يا ماثيو".
أكملت عملي في مكتبي الكبير وكنت منشغلاً بتلك المجموعة الكبيرة من الاوراق المتزاحمه على مكتبي بفوضويه، أتى مساعدي إيثان ليسألني ان كنت بحاجة الى المساعدة.
"سيدي المحقق، هل تحتاج شيئاً ما؟" نظرت الى إيثان نظرةً عابره الى وجهه الحزين ثم أعدت النظر الى أوراقي، قلت له بهدوء "لا، لا احتاج أيّ مساعدةٍ الآن يا إيثان، يمكنك الرحيل".

رحل إيثان واقفل الباب وراءه، ثمّ عدت للوراء بالكرسيّ متعباً، ياله من يومٍ ممل! اليس هناك أيّ شيء جديد اليوم؟.

بينما كنت أنهي جملتي دخل ماثيو حُجرة مكتبي بطريقة فظيعة ومفاجئة، قد أثار ذلك غضبي بعض الشيء؛ " ارام، وصلتني الان اوراق قضية قتل عائله كامله في منزلٍ في القرية المجاورة شروق هذا اليوم" ثمّ أقفل الباب بلطف وقال جادّاً "انا أعتذر بسبب دخولي المفاجئ، لكن هذا مستعجل!"
اه كيف ذلك؟ للتو أنهيت جملتي بتمنييّ أن يحدث أي شيء شيّق في هذا اليوم، وها قد أتى، نحن عادةً تصلنا القضايا بعد مرور شهر، لكننا أنهينا قضية أختفاء جثة كانت ملقاه في الغابة لتونا منذ ثلاثة أيام فقط!، امر مريب.
- ماثيو، إذهب وجهز فريق التفتيش وايضاً السيارة بجانب مركز التحقيق، سنذهب الى تلك القرية الان وحالاً.

خرج ماثيو قائلاً لفريق التفتيش بصَوتٍ عالٍ بأن يجهزوا العربه ومعدات التفتيش لأننا سنذهب هذا اليوم الى تلك القرية، وأمّا أنا جلستُ متأملاً..
قضية؟ عائله كامله؟ من يكون؟.
شعرت بالأستياء عند قرائتي ملف الجريمه. 
كان ذلك غريباً، فلم يتسنّى لي يوماً أن أذهب في تحقيق قضية في قرية ريفيه كهذه! المُسماه بـ'فيرمونت' الهادئه.
لطالما كانت في المدن، وليس في قُرى مهجوره كتلك.

حسناً!
وفعلاً بعد ساعتينِ ونصف من الآن جُهّزت السياره، لقد توقعت هذا، بالطبع من جهز كل هذا هو ماثيو كما طلبتُ منه بهذه السرعه، هذا مؤكد! ياله من شخص عبقري، يجهز ما أقوله له بسرعه فائقه.
أنطلقنا الى مكان الحادثه، حدثني ماثيو في السياره عن المواضيع الّتي أُرسِلت له عن طريق فريق التفتيش، فهُم ذهبوا قبلنا بساعه كما أعلم.

قال لي ماثيو بأن العائله مكوّنه من أم وأب وثلاثة أبناء، فتاتَين وفتى.
كان الفتى يبلغ الثانيةَ عشره من عمره، أما الفتاة فتبلغ السادِسه، والفتاة الكبرى تبلغ السادسةَ عشر، يالعديم الرحمه من قد يقتل طفلَين كالوردِ في هذا العمر! وفي مكانٍ موحشٍ كتلك القرية الصغيره.

وقيل أن الجثث مختفيه تماماً، أيّ ان الأدله كما وردَ في الرساله كانت في مرج المنزل، اما بقية الجثث فهيَ في مكانٍ مجهول، لم يتم تحديد موقعهم بالضبط، لكن هذا كل ما نعرفه.
غفوت في منتصف الطريق، فكان الطريق طويلاً ومتعِباً، أستيقظت على ضرب ماثيو لكتفي "إستيقظ ارام، لقد وصلنا بالفعل"
فتحت عينايّ وقمت بالتثاؤب بملَل وحدقت به سائلاً إن كنا قد وصلنا؟ مهلاً لقد وصلنا بالفعل!
عندما أستيقظت أول مافكرت به هو الشطائر، فأنا لم اتناول الفطور هذا اليوم.

نزلتُ من السيارة ورأيت امامي قريةً كبيرة كتلك الّتي نراها في التلفاز؛ كان ذلك أشبهَ بالحُلم!

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Jun 17 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

جَرِيمة في الشُروق حيث تعيش القصص. اكتشف الآن