*ليلة الوحوش*

45 6 2
                                    

كانت الساعة تقترب من منتصف الليل في "أفق الأسرار"، المدينة التي تعيش بين ثنايا الزمان والمكان، حيث تتعانق الأساطير مع الواقع. الهواء كان يحمل نسمات باردة تخترق العظام، والسماء ملبدة بغيوم داكنة تحجب ضوء القمر.

كانت تقف على شرفتها ونسمات الهواء تداعب خصلات شعرها الذي تلون بلون دفئ الشمس ، تتأمل الغابة السوداء التي تمتد أمامها. كانت تعلم أن الغابة تخفي في جوفها أكثر من مجرد أشجار وظلال، فهي موطن للمخلوقات التي لا تجرؤ حتى الأحلام على تصورها. كما كانت تحكي لها جدتها عن تلك المخلوقات في صغرها وعندما تنتهي جدتها من سرد قصتها كان يعتلي قلبها شعور الرغبه القويه للذهاب الى هناك وكانها تنتمي الى ذلك المكان...قطع شرودها صوت طرقات الباب الخشبي خلفها لتسمح للشخص القامع خلف الباب بالدخول ...دارت بجزعها لترى من الطارق.. فتاه تملك عيون وكأن يقمع بداخلهما بحار العالم وجعلت شعرها الثلجي مرفوعاً لأعلى برطبة بسيطه وفستان نوم بسيطا اخذت تحدق للتي بجوار الشرفه لوهله ثم قطعت الصمت قائله بنبرة مستغربه،" لما لم تخلدي للنوم بعد ,ليانا؟!" استدارت ليانا للشرفه مجددا،"لا اعرف لم يسيطر عليا النوم بعد" تنهدت القامعه امام الباب واكملت،"حسنا خذي قسطاً من الراحه جيدا غدا لدينا يوم شاق للغايه وان احتجتي شيئاً اعلميني" ثم استدارت واغلقت الباب بهدوء
ظلت ليانا شارده في تلك الغابه السوداء...وبعد شرود طويل تنهدت بتعب ثم اغلقت الشرفه بهدوء واتجهت الى السرير ترتمي في احضانه معبره عن استسلامها لظلامها وقبل ان ينطبق جفنيها
فجأة، قطع صوت عواء مخيف الصمت المطبق. كان الصوت يحمل معه وجعاً وغضباً لا يمكن للكلمات وصفه. شعرت ليانا بقشعريرة تسري في جسدها، لكنها لم تتراجع. بدلاً من ذلك،استقامت بجزعها و أمسكت بشالها وخرجت من منزلها بهدوء وثبات وانطلقت نحو الغابة، مدفوعة بحدس لا يمكن تجاهله.

كانت خطواتها سريعة وهادئة، تتبع الصوت الذي يقودها إلى أعماق الغابة. وهناك، في مكان يبدو كأنه لم يطأه إنسان من قبل، ظلت تنظر يمينا ويسارا لا احد غير الظلام يحيط بها..بدء الخوف يعلو قلبها وهو يمتزج بالقلق استدارت لتتخذ طريقها الى منزلها مره اخرى ولكن بمجرد ان خطت خطوتها الاولى حتى تجمدت مكانها حيث تسلل الى اذنها صوت الاعشاب تتكسر خلفها ممزوجه بخطى اقدام هادئه وقريبه للغايه منها استدارت منفزعه اتسعت عيناها بصدمه لتجد ما لم تراه من قبل اعين تتوهج بلون اللهب كان مخلوقاً يشبه الذئب، لكنه كان يقف على قدمين

قبل أن تستطيع التفكير في الهروب، انقض عليها ذلك الكائن مما جعل توازنها يختل وتسقط ارضاً وذلك الكائن يعتليها اغلقت عينيها بقوه كان يفصل بين فمه ووجها إنشناً واحداً مرت بضعة لحظات وهي لازالت مغمضه عينيها لكن لم تُؤكل من قِبل ذاك الكائن حتى هي لم تشعر بأي الم في كافة أنحاء جسدها هل ماتت وهي الان في العالم الاخر....بدأت بفتح عينيها ببطئ لتجد ظلام مره اخرى انها لا تزال في الغابه استقامت بجزعها العلوى لتجد ان ذلك الكائن ملقى امامها واحشائه بجانبه وضعت يديها على ثغرها في محاوله لكتم الشهقه التي خرجت منها واعينها تتلألأ بالدموع التي اجتمعت في عينيها وفي لحظه استيعاب وجدت انه يوجد شخص امامها رفعت عينيها ببطئ وهي تتفحصه بدئاً من قدمه كان يرتدي معطفاً أسود يتمايل مع الريح، وعيناه السوداوين تخترقان الظلام.

لم تكن ليانا قادرة على رؤية وجه القابع امامها بوضوح، لكنها شعرت بقوة تنبعث منه، قوة تفوق كل ما عرفته. وقبل أن تتمكن من نطق كلمة واحدة، اختفى في لمح البصر كالبرق تاركاً خلفه اثار الرياح القويه في الظلال كما لو أنه لم يكن هناك من الأساس.

اخذت ليانا طريقها إلى منزلها مسرعه قبل حدوث شئ اخر والأسئلة تتزاحم في رأسها. من هو؟ وكيف له أن يمتلك مثل هذه القوة؟ ولماذا شعرت بأن هناك رابطاً غامضاً به؟
وبعد فترة من الزمن كانت تقف امام باب منزلها رفعت يدها باتجاه المقبض ولكن اتسعت عينيها بصدمه وانتفض جسدها الى الخلف عندما اقتربت يدها من مقبض الباب وحدثت شرارة من الكهرباء بين يديها والمقبض والذي جعل باب المنزل ينفتح من تلقاء نفسه اخذت ليانا خطوه الى امام داخل منزلها ببطئ وهي تقول بصوت خافت" أندريا....أندريا هل انت مستيقظه " اغلقت باب المنزل جيداً خلفها وصعدت الى حجرتها بثبات حتى لا تستيقظ أندريا
ارتمت على فراشها وهي تسترجع الأحداث التي حدث من قليل وكانت في حالة من الصدمه كل هذا لم يعد خيال او قصه من القصص التي كانت تحكيها جدتها في الماضي لا بل واقع....وبعد صراع استسلمت لجفنيها لتسمح لهم بالانغلاق وتسبح في ظلامها مثل كل ليله.......
المكان مضئ للغايه كل شئ باللون الابيض واشخاص باجنحه بيضاء وثياب بيضاء ايضا من هنا وهناك فجأه ساد الصمت لم اعد اسمع اي شئ عندما ابصرت عيناي الواقفيين امامي رجل بشعر بني وأعين تمتزج في الوانها بين لون السماء والشمس يحتضن امرأه ذات شعر فحمي مثل خاصتي واعين تلونت بلون الاشجار في فصل الربيع وكلاهما كان يمدان لي يديهما
صدح صوت بداخل عقلي"امي....ابي" وكأن العالم قد توقف من حولي .


*انتهى *.

Shadows Of Eternal Strings || ظلال الأوتار الأبديه حيث تعيش القصص. اكتشف الآن