*صدى الصمت*

10 3 0
                                    


_*ليانا*_

بعد يوم طويل وشاق، مليء بالتحديات والمواقف المرهقة، وجدت نفسي أخيرًا أمام باب غرفتي. كانت يداي ترتجف قليلاً وهي تدور المفتاح في القفل، أشعر بالوحدة التي تنتظرني خلفه. دفعت الباب برفق، وأغلقته خلفي بصمت، كأني أودع العالم الخارجي ومشاكله. الظلام كان يلف الغرفة، لكني لم أبحث عن الضوء، فقد كنت أعرف كل زاوية فيها كما أعرف نفسي.

تقدمت بخطوات متعبة نحو الحمام، أشعر بكل عضلة في جسدي تصرخ من التعب. أشعلت الأنوار وبدأت بإعداد حمام دافئ لنفسي. فتحت صنبور الماء وأضفت بضع قطرات من زيت اللافندر العطري، وأنا أراقب البخار يتصاعد ببطء، يملأ الغرفة برائحة تبعث على الاسترخاء. تخليت عن ملابسي وغمرت نفسي في الماء الدافئ، أشعر بكل هم يذوب ويتلاشى مع البخار.

بعد أن انتهيت من حمامي، لففت جسدي بروب ناعم وخرجت إلى غرفتي مرة أخرى. اخترت ثياب النوم بعناية، تلك التي تشعرني بالراحة والدفء. وبمجرد أن استلقيت على فراشي، شعرت بالإرهاق يغزو كل خلية في جسدي. لم أستطع مقاومة النوم الذي بدأ يداعب جفوني، وسرعان ما استسلمت له، وأنا أغرق في بحر من الأحلام.

كانت الأجواء غامضة وملبدة بالظلال. رأيت نفسي مقيدة بسلاسل ثقيلة إلى عمود في وسط غرفة مظلمة، رفعت رأسي ببطء في محاولة لفهم أين أنا لأجد أمامي شخصًا جالسًا يرتدي رداءً أسود كالليل. كان يبدو كما لو أنه مصنوع من الظلام نفسه، وعيناه التي تلونت بياضهما بالأسود وتتوهجان بالأحمر في منتصفهما في العتمة... كان يمسك بطفل بريء بين يديه الشبيهتين بيدي وحش، وأظافره الطويلة السوداء تلمع في الظلام. نظرت حولي بصدمة، وشعرت بالرعب يتسلل إلى قلبي فجأة عندما التقت عيناي بعيني الشخص الغامض الذي أمامي. ضحكة مستهزئة ومرعبة خرجت منه، قائلًا بصوت غامض: "لا تحاولي يا عزيزتي، لن تستطيعي إنقاذهم." وفي منتصف كلماته أرجع بنظره إلى ذاك الطفل القابع بين يديه.

وفي لحظة مفاجئة، أطلق... أطلق الطفل من يديه، الذي بدأ يسقط في هاوية عميقة، وصوت بكائه يخفت شيئًا فشيئًا حتى ساد الصمت. انطلقت صرخة شديدة مني حتى شعرت أن أحبالي الصوتية تتمزق كما أني حاولت أن أتجه بجسدي ناحية الطفل في محاولة بائسة مني لإمساكه لولا قيودي التي منعتني. شعرت بالعجز والألم، كنت في حالة من الصدمة.

استيقظت من حلمي وأنا أتصبب عرقًا، وأحاول جمع شتات أفكاري. كان حلقي جافًا، والشمس قد أشرقت، ملقية بأشعتها الذهبية داخل الغرفة. ارتديت معطفي ونزلت إلى المطبخ بحثًا عن الماء لأروي عطشي. كنت أنظر في أنحاء المنزل حيث وجدت أن أندريا لم تستيقظ بعد، فشربت بعض الماء وأنا أحاول استعادة توازني النفسي.

وبعد لحظات قليلة سمعت صوت خطوات لألتفت خلفي لأجد أندريا بعيون منتفخة وشعر مبعثر دلالة على استيقاظها للتو قائلة بصوت ناعس: "ليانا، هل أنتِ بخير؟ سمعتكِ تصرخين الليلة الماضية."

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Mar 29 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

Shadows Of Eternal Strings || ظلال الأوتار الأبديه حيث تعيش القصص. اكتشف الآن