في قلب مدينة متزاحمة بالحركة والصخب، كانت سارة تعيش حياة منفردة في شقتها الصغيرة المظلمة. لم تكن تملك سوى نافذة صغيرة تطل على فناء داخلي، حيث لم يكن هناك سوى بعض الأشجار الباسقة وقطعة صغيرة من السماء تشق طريقها خجولة بين المباني الشاهقة.
كانت سارة تعمل بدوام كامل في مكتب هادئ، حيث لم تكن هناك أي صلة اجتماعية تقريبًا. كانت أيامها تمر كالظلال، بينما تعمل بجد لتأمين لقمة عيشها اليومية. لم تكن لديها أصدقاء حقيقيين، ولا أسرة قريبة، إنما كانت وحدها في هذا العالم الواقعي البارد.
في كل مساء، تعود سارة إلى شقتها المظلمة، تسكب نفسها على الأريكة الصغيرة في زاوية الغرفة، وتستسلم لعالمها الصغير من الكتب والموسيقى. كانت تجلس هناك لساعات طويلة، تحاول الهروب من واقعها المؤلم إلى عوالم الخيال والأحلام.
وهكذا، بدأت قصة حياتها الوحيدة في بحر الصمت، بين جدران ضيقة لا تعرف سوى صدى صوتها الخافت وأفكارها العميقة.