الفصل الثاني

66 11 5
                                    

ترجّلت هانا من الحافلة في المنطقة ذاتها ولكن هذهِ المرة لم ينطلق جهاز الإنذار، لابد أن روبرت ضابط الشرطة قد أضاف هذه المنطقة من ضمن المناطق المُباح لها زيارتها ولكن مازال عليها جلب عقدٍ وظيفي، لذا هي كانت تفكّر في إقتراح عرضٍ مُغرٍ لدانييل.

دخلت هانا للمطعم وراحت عيناها تبحثان عنه وسط الزبائن، لتجدهُ يقف مُتكئٍا بظهرهِ على منضدة الحلويات يُراقب كُل شيء.
فتقدمت لينظر لها قائلاً: "في الوقت تمامًا، إتبعيني."
"أنا لم.." كانت هانا ستُجادله ولكنهُ مضى في طريقه بالفعل متوقعًا منها أن تتبعه لذا تبعته.

صعدَ كلاهما للأعلى ليفتح لها باب مكتبه ويدخل كليهما.

"أحمِل لكَ عرضًا." قالت هي بسُرعة حتى لا يُقاطعها كما حدث في الأسفل.

جلسَ دانييل أمام مكتبه ثم أشار لها بالجلوس كذلك.

قالت هانا: "ماقولكَ لو أدفع لكَ أنا المال مُقابل أن تُعطيني عقدًا وظيفيًا وتتظاهر أمام الضابط أني بالفعل أعملُ لديك؟"

كانت هانا تتوقع أن يوافق دانييل على العرض ولكنهُ فاجأها بقوله: "لا أريد المال، أريد موظفًا."

"لِماذا تصّرُ بهذا الشكل؟" سألت هانا ليُجيبها هو بسؤالٍ آخر: "لماذا ترفضين العمل بهذه الشدّة؟"

"العمل في مطعم يعني وجود الكثير من الأشخاص، ولا أحب البشر حقًا.." ردّت هانا بصراحة.

كانَ دانييل متوقعًا إجابة كهذه نظرًا لكونها دخلت السجن بسبب قطة، هذا إن كانت هانا صادقة فيما تقول.
فمّد يدهُ لأحد الأدراج وهو يسأل: "ماهو مقاسك؟"
عقدَت هانا حاجبيها ليرمي لها دانييل بكيسٍ بلاستيكي بداخله ثياب ثم يقول: "جرّبيه، هذا الزيّ الرسمي."
كانت هانا ستتحدث لولا أن أضاف دانييل: "يجب أن تكوني ممتنة أن فرصة كهذهِ أُتيحت لك، والأمرُ برُمّتهِ مسألة وقت وستُغادرين."

كانت هانا ستُجادل كعادتها ولكن ماقالهُ دانييل منطقيًا نوعًا ما..
فالعقد بينها وبين مركز الشرطة ينصّ على أن تحصل على وظيفة لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر، لذا هي يمكنها التحمّل لمدة ثلاثة أشهر ثم الرّحيل، وبهذا لن يتبقى لها أية نقاط ضعفٍ حتى يستطيع دانييل الإمساك بها.. ثمّ أنهُ فعلاً يقوم بمعروفٍ لها نظرًا لعدم وجود أشخاص قد يقبلون بها وهي قد خرجت من السجن منذ فترة ليست بالطويلة، صحيح هي مازلت لا تعلم ما الذي قد يستفيده دانييل من توظيفها، ولماذا هو ليس خائفًا منها برُغم علمهِ بسجلّها.. ألا يُشكك بها أنها قد تكون فعلاً قاتلة متسلسلة ومع ذلك لا يُبالي؟

ولكن مهما كانت أسباب دانييل هذا ليسَ من شأنها، قررت هانا التركيز على مصالحها الشخصية والإنتهاء من هذا الأمر بأسرع مايُمكن لذا حملَت زيّها وتوجهت نحو دورة المياه.

خرجت هانا من دورة المياه وهي متفاجئة كيف اختار دانييل مقاسها جيدًا وهي لم تخبرهُ بِه، ولكن كلاهما على قدرٍ جيد من الغرابة لذا هذا عادل نوعًا ما.
أخيرًا هبَطت السلالم للدور الأرضي لتجد دانييل ينتظرها ويمدّ لها يده بقائمة الطعام قائلاً: "احفظي هذهِ جيدًا."
ثم التفت ونادى: "نآيثن."
تقدّم نآيثن وبرُغم مظهرهِ الجاد إلا أنهُ كانَ مُبتسمًا.
بدأ دانييل يقول: "هذهِ هانا، موظفة جديدة ولم يسبِق لها العمل في مطعم."
ثم التفت نحو هانا وأضاف: "نآيثن مسؤول الطاقم، سيُشرِف على تدريبك. حظًا موفقًا."

ثم مضى نحو السلالم تاركًا كليهما يقفانِ بغرابة ليضحك نآيثن قائلاً: "لديه الكثيرُ في ذهنه لا تهتمّي." ثم أضاف: "ولكني سُرِرتُ بمعرفتك."
ردّت لهُ هانا الإبتسامة ومدّت يدها لمُصافحته: "تسرّني معرفتك كذلك."

سحَب نايثن قائمة الطعام من بين يديها وبدأ يشرح لها الأطباق بينما كانت هانا تحاول جهدها التركيز في كمية المعلومات التي انهالت عليها للتو.

ومابين عصيرٍ مسكوب وطبقٍ مكسور تمكنت هانا من الإنتهاء من ساعات عملها التي شعرت وكأنها اخذت دهرًا طويلاً.
وبينما كانت تضعُ مئزرها جانبًا وتحاول لملمة بعثرة شعرها في ذيل حصان رأت دانييل يهبِط السلالِم وعلى وجهه علامات الإرهاق.

"ظننتكَ رحلت باكرًا." قالت هانا وقد انتفض دانييل لحديثها فهو لم يلاحظ وجودها حتى.
"كان لدي الكثير لأفعله." تمتم هو بينما فركَ عينيه.
"رائع، أيُمكنكَ إيصالي للمنزل في طريقك؟" طلبت هانا ببساطة ليستغرب دانييل فأضافت: "بما انكَ جعلتني أعمَل لوقتٍ متأخر فقد رحلت آخر حافلة منذ نصف ساعة."

تنهدَ دانييل ثم صمت للحظة وقال: "لا مشكلة. ولكن ابتداءًا من الغد يمكنك الرحيل مبكرًا للحاق بالحافلة."
"يالكَ مِن نبيل." ردّت هانا بنبرة ساخرة ولم يكن لدانييل الطاقة الكافية للرد لذا اكتفى بالصمت ومضى لسيارته ينتظرها بينما جمعت أشياءها ولحقت بِه.

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Apr 24 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

رَبِيع الثّلج حيث تعيش القصص. اكتشف الآن