الطنطل وأبي

41 4 5
                                    

في مطلع السنة السابقة تدهورت صحة ابي الذي يبلغ من العمر ثمانية و ثمانين آنذاك وقع الاختيار علي من بين اخوتي على ان ارعاه .

في كل مرة كان يخبرني بقصة من ماضيه، طفولته التي قضاها في مناطق بغداد العريقة، مغامراته مع اصدقائة في مراهقة.

و شبابه الذي لم يحوي على العديد من الفصول السعيدة نتيجة الحروب الذي اضطر دخولها .

كنت انصت له بينما اعطيه الادوية و الطعام انا أصغر أخوتي و اخواتي السبعة لذا لم اقضي الكثير من الوقت معه حين ولدت لم ارى هذا الرجل كأي شخصا اخر سوى والدي الصارم فقط حين مرض رأ يت الجانب الخفي من شخصيته الرقيقة .

بمرور الوقت أصبحت حالته تتدهور شيئا فشيئا أجتمعت العائلة في المنزل اخوتي الثلاثة و عائلاتهم ، أخواتي الثلاثة و عائلاتهم ، تحسبا لأسوء لم يعجبني يوما الازدحام لذا حين يصبح الامر فوضويا فوق مستوى تحملي اهرب لغرفة والدي حيث اجلس على الكرسي القريب لفراشه رغم انه قد نسي العديد من الوجوه في هذه الحالة حتى اعز أطفاله سُورى اختي الكبرى إلا انه يبتسم لي دوما حين ادخل الغرفة مرحبا بي .

(ها أنت ذا بهجت)

يسمني بأسماء زملائة في العسكرية او اصدقاء طفولته كل يوم اسم الا انه كان يطلق علية اسم بهجت في كثير من الاوقات

( انا مالك سيدي) اخبرنا طبيبه بأنه لا يتذكرنا ك (أولاده) لا اناديه بأبي أخترت بأن أناديه بسيدي كما كان يفعل الجنود سابقا فهو يناسب ظابط أسبق.

( هل أخبرتك يا بهجت عن اليوم الذي قابلت به الطنطل )
مالك: لا سيدي لم تخبرني *إنها المرة المئة التي اسمع بها هذا القصة*
سرد :
في أحد الايام و كما افعل دائما كنت اوصل عشاء والدي لمكان عمله إلا ان تلك الليلة كانت قاسية البرد والظلام 
و المطر المنهمر جعل الأجواء مهيبة أكثر قد اخبرت والدتي بأنني لا أرغب بالذهاب تلك الليلة إلا انها ضربتني على كتفي و امرتني بأن اصبح رجلا و اخرج لهناك و هذا جرح غروري كطفل في العاشرة من عمري ما دعاني للخروج لكي ترى بأنني رجل يعتمد عليه ،كنت اواجه الصعاب بعبور المنطقة التي أسكن فيها لان الشارع غير معبد و المطر يجعل من عجلات دراجتي تنزلق لم يأخذ الامر طويلا إلا ان وقعت من الدراجه و انسكب طعام والدي
أتعرف ما الغريب في الامر يا بهجت
مالك: ما هو ؟
أنني كنت خائفا من ابي اكثر من الظلام و المطر تبعها بضحكة مزجت بالسعال .
حين نهضت و انا احاول مسح التراب الذي تحول الى طين نتيجة الرطوبه على سترتي و بينما احاول لملمت شتات دراجتي و الطعام على الارض لاحظت شخصا يقف امامي بابتسامة مريبة في ذالك الوقت كنت اعلم بوجود عدة مخلوقات كانت والدتي دوما تحذرنا منها ، عرفت أي نوع هو من المخلوقات رجل طويل ينظر إلي بإبتسامة عريضة مريبة أنه الطنطل !.
ما زال جسدي يرتعش حين اذكره قشعريرة سرت في كامل جسدي بينما أتمسك بمقبض دراجتي على الارض توقف المطر الان لم يسمع سوى أنفاسي المرتجفة،
و انا انتظر هجومه لا اعلم بالضبط طبيعة الهجوم هل سيلتهمني ، يقطعني، يخفيني عن العالم لدرجة ان لا احد سيجدني بعدها.
(أيها الطفل إلى اين انت متجه)
قال هذا بإبتسامه التي لم تفارق ثغره لم تكن تلك الأبتسامة ! .
توقف عن الكلام و هو يستذكر بمرارة سعل قليلا و قال لي كما يفعل دائما
(سأغفوا قليلا يا بهجت أيقظني حين يبدأ دوري للمراقبة)

الطنطل و ابيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن