بداية المُعاناة

30 5 2
                                    

منزل يقطن فيه شخصان، حياتهم سعيدة للغاية كأي شريكي حياة، رغم مرض الزوج آخر الأيام إلا أنها كانت تعتني به وترفه عنه وسط أجواء الربيع الدافئة، تتنزه معه بين الحين والآخر، في آخر اسبوعين اشتد مرضه واخذت إجازة من عملها وأغلقت المحل الخاص بِهما وسخرت كل حواسها ووقتها للعناية به.

-اسمع، من الجيد أن الغُِرفة مُطلة على الحديقة ولا مباني حولها

رد الآخر: لِمَ؟

-حتى تتأمل السماء والطبيعة حولك

-معكِ حق، اخبار المحل؟

-اغلقته مؤقتا

-ألم أُخبركِ بألا تفعلي ذلك؟

-بلى، لكن لا استطيع تركك هكذا

-حسنٌ ما باليد حيلة، هاتِ الكراسة وعلبة الرصاص (يقصد الأقلام).

-والمسدس أيضًا!

-كو، أنتِ تفهمين ما أقصد لِذا كفي عن العبث بالكلام

-ألا أمزح معكَ يا سيد ليونارد ثقيل الدم!؟

-دمكِ ثقيل أكثر مني يا سيدة هاناكو!

تملقا بعضهما بنظرات احتقار وانفجرا بالضحك بعدها، وبالفعل احضرت الكُراسة وعلبة أقلام الرصاص وبدأ الآخر بالرسم وهي تنظر إلى أسلوب رسمه كعادتها، أشار لها بأن تأتِ إلى السرير فهو مريح لها أكثر، ظل الوضع على حاله إلى أن شعر بثقل في كتفه فعلم أنَّها نامت.

مر الوقت إلى أن أتت الساعة الثانية ظهرًا، استيقظت فزِعة لأنه من المفترض أن يكون الغداء جاهزًا لهما، لكن هُنالك شيء أهم من الطعام! أدوية مريضها الذي بجانبها، صرخت إلى أن صفعها قائلا: كفاكِ صراخًا! أنسيتِ شيئا؟

ردت عليه بقلق: أجل، أدويتك!

-ما من داعٍ لهذا القلق الكثير لأنني أخذته.

-ويح لك لقد اخفتني!

-آسف آسف.

قطع حديثهما صوت قرقرة بطنها، أخبرها أنه سيعد لهما الطعام هذه المرة، باتت الثرثارة تتحدث وهو يستمع لقصصها المثيرة للاهتمام.

مضت الأيام وفي كل يوم تزداد حالته سوءًا، بعد اسبوع من حديثهما ذاك وفي ليلة الخامس عشر من مايو، استيقظ بسبب شعوره بالاختناق، انتابته نوبة سُعال مدة ربع ساعة إلى أن نطقت قائلة: أأنتَ بخير؟

-أجل.

-أنت تكذب! لقد استيقظت على صوت سُعالكَ يا أهوج

-ما من داعٍ للقلق، من المفترض أنَّكِ اعتدتِ على هذا.

-لكن...

-ماذا؟

-اااءء

وبلا سابق إنذار، أخذها إلى حُضنه وبدأت تبكي، بعد فترة قالت: أنا سعيدة لأنَّكَ معي.

ذبُــــولحيث تعيش القصص. اكتشف الآن