01 - القسيس -

294 28 33
                                    

آمين

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

آمين

...................................................

بين جدران الكنيسة العتيقة التي تزينها الرسومات المقدسة، يلف الليل ستائره السوداء حول المبنى. في غرفة خاصة تقع خلف المذبح الرئيسي، كانت الظلال تتراقص تحت ضوء الشموع الخافتة، مخلِّفة جواً من الرهبة والغموض.

وقف القس هناك، يرتدي ثوبه الأسود الطويل، يحيط به الصمت الذي يثقل الأجواء. كانت عيناه الصغيره الباردة تتلألآن تحت ضوء الشموع، تمثلان تمازجاً غريباً بين الرحمة والقسوة. في يده اليمنى، كان يمسك بسكين حاد، يتوهج نصله تحت الضوء الخافت، في حين أن يده اليسرى كانت تثبت الشخص الملقى على الأرض، الذي كانت عيناه مفتوحتين على مصراعيهما، مليئتين بالخوف والرعب.

بهدوء غريب، رفع القس السكين عالياً، وبدأ يردد كلمات صلاة بلغة قديمة، صوتها يتردد في الغرفة وكأنه صوت أصداء من العصور الغابرة. كانت كلماته خافتة ومليئة بالهيبة، وكأنها جزء من طقوس مقدسة.

ثم، وبحركة سريعة وباردة، هبطت السكين مخترقة جسد الضحية. كان الصوت المكتوم للطعن يملأ الغرفة، بينما ارتعشت الضحية للحظة قبل أن تستسلم تماماً لصمت الموت. استمر القس في صلاته، عينيه مغلقتين، وكأنه في حالة من النشوة الروحية، غير مكترث بالدم الذي بدأ يتسرب على الأرضية الحجرية الباردة.

بعد لحظات من الصمت، رفع القس رأسه، وأخذ نفساً عميقاً. وضع السكين بجانب الجثة بلطف، وكأنها قطعة أثرية مقدسة، ثم جثا على ركبتيه بجانب الجثة. وضع يديه المتلطختين بالدماء على صدره وانحنى بجبهته نحو الأرض، مغلقاً عينيه في خشوع.

بدأ يردد صلاة العفو، طالباً من الرب المغفرة والتوجيه. كانت كلماته مزيجاً من الحزن والتوبة، وكأنها اعتراف بجريمة تقود إلى تطهير روحي. بقي على هذه الحال، يصلي فوق الجثة بصوت خافت ومليء بالإيمان، بينما كانت الشموع تواصل رقصها البطيء على إيقاع الرياح التي تتسلل من نوافذ الكنيسة المتهالكة.

في تلك اللحظة، كان القس يبدو ككائن مزدوج، يمزج بين النور والظلام، بين القداسة والخطيئة. وفي صمته وصلاته، كان يبدو وكأنه يحاول إيقاف الزمن، محاولاً إيجاد السلام في عالم مزقه صراع الأضداد.

 آمين: قسيس الشيطانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن