اسكريبت التنمر (حازم خالد)

115 12 3
                                    

*سكريبت عن التنمر*

<<أسرعي يا أمي.. سأتأخر عن حصتي الأولى..>>
قالها ماجد وهو عاري الجذع.. ينتظر أمه حتى ترتّق له ثقب في قميصه المهترئ المليء بالمناطق البالية..
وفي جهد واضح على ملامح أمه وبيد مرتعشة.. رفعت القميص عالياََ معلنة عن انتهائها.. قذفته في وجه ماجد ضاحكة.. وقالت:
<<عد مسرعاََ يا بني.. سأنتظرك حتى تأتي ونأكل الغداء سوياََ..>>
ارتدى ماجد قميصه ثم دلف ناحية الباب.. ولفّ جذعه وهو يركض خارجاََ؛ حتى يرسل لها قبلة طائرة من فمه على كفه.. ومن بعدها صاح:
<<وداعاً..>>

في فناء المدرسة.. أثناء الاستراحة.. الأطفال يلعبون ويضحكون.. وماجد يبحث عن مقعد حتى يأكل فطوره؛ اقترب منه مجموعه من الطلاب.. ومن بينهم تقدم أحمد صاحب الأنف الأكبر.. وقال في سخرية:
<<أوه، انظروا إلى ماجد.. يبدو كأنه أخذ ملابسه من سلة القمامة..>>
تابعت ليلى، وهي تستهزأ ضاحكة:
<<نعم، ربما يجب أن نجمع له بعض النقود ليشتري ملابس جديدة..>>
كلمات كالحجارة انهالت على ماجد.. مؤلمة أكثر من الرجم ذاته.. لا يعلم ما الغرض من كل هذا.. لا يعلم ما ذنبه من الفقر الذي يعيشه.. ما الذنب الذي اقترفه حتى يفقد ابيه.. لمَ هو بالذات.. حاول أن يظل قوياََ وهو ينظر إليهم بعين تحجب الدموع.. تهانف قليلا ثم أردف:
<<هل الملابس هي التي تحدد كيف نعامل الآخرين.. أنتم مجرد رعاع.. لا تفهمون..>>
هو لا يعلم معنى كلمة رعاع.. ولكنه يعرف أنها تقال لمن يمثلون موقفهم هذا، ويلفظون الألفاظ السيئة..
صُدموا جميعاََ من ذمه عليهم.. فغضب أحمد وقال في امتعاض:
<<سأعلمك كيف تجرؤ يا قمامة على هذا!! >>
ثم أمسك بياقة قميصه، وقذفه بعيداََ.. حتى هوى أرضاََ، وفتق قميصه من جديد..
تعالت ضحكات البعض.. والبعض الآخر يشاهد في صمت وذهول من الموقف..
<<كفى! ليس من العدل أن تسخروا من ماجد بسبب ملابسه. الجميع يستحق الاحترام.>>
قالتها مريم وهي تُصمت الجميع وتحاول أن تُنهض ماجد..
اقترب أستاذهم من الحشد وقال:
<<ماذا يحدث هنا!! >>
بعد أن حكت مريم للأستاذ كل ما حدث.. قال:
<<ألا تعلمون أن كلماتكم تلك؛ ممكن أن تؤثر على نفسيّة صديقكم.. وتجعله يكره المدرسة ويكره الأصدقاء ويكره أن يتعامل مع أي شخص في العموم.. (يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم).. أتفهمون معنى الآية.. عليكم أن تحترموا أصدقائكم وتتعاطفوا معهم.. ولا تحكموا بالمظاهر..>>
صمت الجميع وهم يفكرون في كلمات معلمهم..
تقدم أحمد بخطوات بطيئة و صغيرة نحو ماجد، متجنبًا النظر إليه متمتمًا بينما ينظر للحائط ببعض الخجل من ترديد الكلمة التي لم يتلفظ بها من قبل :
<<أنا آسف على ما حدث سابقاََ.. لدينا فريق كرة قدم خاص بي.. هل تريد أن تنضم؟ >>
مد أحمد يده ليصافحه ماجد
ابتسمت مريم، ثم قالت:
<< وبعد الدوام تعالَ معي يا ماجد.. إن أبي خياطاََ.. وهو قادر على أن يجعل قميصك كقمصان حديثة الموضة..>>
نظر إليها ماجد في دهشة فضحك.. وما رأوه يضحك حتى ضحكوا بدورهم.. وماجد بات الآن لديه أصدقاء يلهو معهم، ولا يبالوا بمظهره.. بل وجدانه وقلبه..

"حازم خالد"

فريق الدعم♡

اسكريبتات رشحلي روايةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن