شخصاً ما

33 3 0
                                    

بعد إنفصاله عن زوجته بساعاتٍ عثر على دفتر مذكراته كتب فيه: "إلى من ستدخل على حياته من بعدي: اعلمي أنه رجل مزدوج التناقضات، هو هادئ هدوء الليل، صاخبُ كموج البحر، لونه المفضل الأسود فلا تلوني عالمه بالأخضر والاصفر، هو يكره الألوان الزاهية كثيرة الإشراقة، إنه رجل ذو رئتين سوداويتين مولع بالسجائر فلا تقنعيه بالإقلاع عن التدخين كنوع من الحب والشفقة، هو لا يكترث لشئ، تقبليه على طبيعته، مزاجه أسود اشبه برئتيه، يقلب صباحكِ إلى مأتم، لا تشاجريه مهما أستفزكِ، أحضري له قهوته السمراء بالقليل من السكر  لتزول حدة غضبه. أعترف لكِ، إنه عصبي بطباع نارية لكنه ذو قلب من جنة يغفر لكِ خطاياكِ بسرعة، في داخله لين عظيم يخفيه بقناع القسوة، أنزعي ذاك القناع من على روحه، وداعبي الطفل المخبوء بين طياته، عادة في الظهيرة بعد أن يعود من العمل يزين وجهه بالعبوس، يقطب حاجبيه، حاولي إضحاكه وأرسمي البسمة على ثغره، لا أنكرُ أن لديه ابتسامة تأسر القلوب وتسلب العقول، حرام عليه أن يدفنها، أعذريه هو فوضوي، رتبي أوراق عمله وكأنه ذاهب إلى المدرسة، يحبّ زهرة الياسمين، اعتني بها، أسقيها، وضعيها على واجهة المطبخ، لا تعبثي بعطوره وكتبه، ومذكرات ذكرياته، أتركي أشياؤه في أماكنها ولا تخلطيها بأشيائكِ، تجنبي قدر الإمكان إثارة إزعاجه. في المساء ذهنه صاف كسماء بلا غيوم، يسرح كثيراً ويحدثكِ عن أحلامه، أصغي له بجدية وإن بدت طموحاته عبثية، إذا أختلق معكِ مشكلة بدون أسباب، تأكدي أنه يواجه حزناً خانقاً، أرغميه أن يفضفض فهو لا يجيد التعبير عما يُؤلمه سوى بإصراركِ، سيرجع أحياناً ووجهه مليء بالكدمات ربما دخل في عراكٍ مع اناس لمجرد أنهم لا يروقونه فمزاجه سوداوى متقلب، عالجي خدوشه وتعودي على حالاته تلك، أحبيه كثيراً وعلميه، علميه كيف يكتسب شجاعة الاعتذار للآخرين مثلما لديه شجاعة الخطأ بحقهم، وأخبريه أنني أردتُ أن أسمع منه كلمة "آسف" عوضاً عن جملته الشهيرة "لم أقصد جرحكِ لكنكِ من أثرتِ غضبي..

حُباً عَميقـاً بلا لِقـاء .حيث تعيش القصص. اكتشف الآن